قوارب الأوفشور السريعة.. سباقات التناغم والسرعة
بتحديد مسار بحري للتسابق يجب على الجميع اتباعه، تنفذ سباقات القوارب السريعة الأوفشور من نقطة إلى نقطة، في منافسات تملؤها الإثارة والمغامرة والتحدي.
وبما أنّ الانعطاف في البحر الواسع يتم حول نقطة حددت مسبقًا من قبل المنظمين، تولد هنا أولى عناصر الإثارة في السباق، إذ يجب على قائدي كل قارب الحرص على الوصول للنقطة الواجب الانعطاف حولها، دون وجود أي قارب يبحر أمامهما.
لأنه من الصعب الإبحار وسط الأمواج التي يولدها القارب الأمامي من جهة، كما يصعب التحكم بشكلٍ مباشر بالقارب، ويتوجب التخطيط لأي حركة يقررها القائدان قبل وقت معيّن، كون استجابة القارب لأي معطى قيادي تحتاج إلى بعض الوقت، لتنفيذه فوق المياه.
لماذا لا يوجد قائد واحد لقارب الأوفشور؟
كما لاحظت عزيزي القارئ، ذكرنا عبارة "قائدي القارب" وليس قائدًا واحدًا، والسبب أنّ قارب الأوفشور يحتاج إلى قائد يتحكم بمقود التوجيه، فيما يتولى قائد آخر التحكم بالمحرك من خلال مقبض ضخ الوقود، وتغيير زاوية المراوح التي تدفع القارب في المياه.
وهنا يبرز عنصر آخر لتميز هذا النوع من السباقات، من خلال التحدي الذي تولده ضرورة تناغم قائدي القارب مع بعضهما، إذ يجب على من يتحكم بمقبض التسارع أن يعرف بشكلٍ تلقائي ما يحتاج إليه من يتحكم بالمقود، والعكس صحيح.
لكن الإثارة لا تتوقف هنا، إذ تُعتبر سباقات الفئة "1 Class 1"، من أروع رياضات المحركات البحرية.
كما أن القوارب مصنوعة بالعادة من مادة ألياف الكربون الأخف من الألومنيوم والأكثر صلابة من الفولاذ، تحتوي على محركين داخليين مزدوجين بقوة 1100 حصان، ويمكن أن تصل سرعتها إلى ما يزيد على 257 كلم/س، علمًا أنّ جميع القوارب محدّدة بوزن لا يقل عن 4950 كلغ.
اقرأ أيضًا: يخت Le Mans.. رفاهية تلامس الخيال
نشأة سباقات الأوفشور
خضعت رياضة سباقات القوارب السريعة لتغييرات عديدة منذ أول انطلاق لها عام 1887 في مدينة نيس بفرنسا، عبر سباق نظمه نادي باريس للإبحار.
من ثمّ سباقان، الأول بطول 100 كلم في ميولان على نهر السين نظمه نادي بويسي للإبحار، وسباق بطول 370 كلم من باريس إلى تروفيل.
لكن أول سباق دولي للقوارب السريعة معترف به رسميًّا بطول 35 كلم من كاليه بفرنسا إلى دوفر بإنجلترا.
سباقات القوارب السريعة في العصر الحديث
في العصر الحديث، بدأت سباقات القوارب السريعة في 6 مايو 1956 مع أول نسخة لسباق ميامي ناساو الشهير، الذي يؤدي في النهاية إلى تقديم كأس سام غريفيث التذكاري وبطولة العالم، التي أقرها الاتحاد الدولي عام 1964.
ومن 1964 إلى 1976، حُدِّد بطل العالم من خلال النقاط المكتسبة من سباقات متعددة، أُقيمت في أماكن مختلفة من العالم.
ومن عام 1977 إلى 1991، اُختير بطل العالم الفائز خلال سلسلة من السباقات في حدثٍ واحد نهاية العام، ثم عادت بطولة العالم إلى شكلها متعدد السباقات مرة أخرى عام 1992.
واعتبارًا من عام 2019، تُعقد سباقات الفئة 1 المعتمدة من الاتحاد الدولي بواسطة قوارب "باور بوت بي 1"، تحت تسمية "كلاس وان يو أس أي"، حيث يتسابق القارب الذي يعتمد جسم كاتماران مزدوج الغاطس بمحركات "مركوري"، تتألف من ثماني أسطوانات، مع شاحن هواء توربو تولد قوة 1100 حصان، مقابل قوة غير محدودة للقوارب، التي تعتمد جسمًا أحادي الغاطس.
نجاحات عربية مع فريق فيكتوري الإماراتي
فريق "فيكتوري" الإماراتي هو المدافع الحالي عن لقب البطولة، بعدما أبصر النور لأول مرة في سباقات القوارب السريعة عام 1986.
ومنذ 1990 بدأ الفريق بناء قوارب خاصة به، وخلال الجولتين الأخيرتين من الموسم الافتتاحي لبطولة الفئة 1 عام 1992، حقق الفريق النصر الأول، وانتهى بالمركز الأول والثاني في كل السباقات.
واستمر في الفوز باللقب في الموسم التالي.
اقرأ أيضًا: «قوارب الهيدروبلاين».. «أكثر بكثير» من مجرد مراكب في المياه
فاز الفريق منذ ذلك الحين بـ14 بطولة عالم، 8 بطولات أوروبية، 7 بطولات في الشرق الأوسط و5 ألقاب في المركز الأول، ما يجعله أحد أنجح الفرق في سباقات القوارب السريعة.
وخلال الفترة من 1999 إلى 2012، كان فيكتوري تحت إدارة جيانفرانكو فينتوريلي، وهو مسؤول تنفيذي سابق في شركات "لامبورغيني" و"فيراري" و"كرايسلر".
خلال فترة ولايته، انتقل الفريق إلى مرافق خاصة به تبلغ مساحتها 15 ألف متر، ما أتاح تكثيف القدرات التصنيعية والهندسية والتشغيلية واللوجستية لدعم أنشطة السباقات والأنشطة التجارية.
وحاليًا، يبني الفريق قواربه الخاصة بمرافقه، كما أنّ معظم الفرق تستخدم القوارب التي يبنيها فريق فيكتوري.