لقاحات السرطان.. أمل جديد يلوح في الأفق
تجاوز عدد المُصابين الجدد بالسرطان 1.9 مليون مع بدء عام 2023، كما تزداد مُعدَّلات الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 3% سنويًّا، ولا تزال الأبحاث والاختبارات جارية على قدمٍ وساق؛ للوصول إلى أفضل السبل للوقاية من السرطان، قبل أن يبدأ وينتشر ويغدو من الصعب اقتلاعه.
وفي هذا السياق جرى ابتكار لقاحات السرطان المُعزِّزة لمناعة الجسم، فهل تضع هذه اللقاحات حدًّا لهذا الكابوس المخيف؟
ما هو لقاح السرطان؟
اللقاحات عبارة عن أدوية تدعم الجسم في مجابهة الأمراض، إذ تُدرِّب الجهاز المناعي على إيجاد الميكروبات، والخلايا الضارة، والقضاء عليها دون تراخٍ.
يتلقَّى البعض لقاحات وقائية قد تمنع الإصابة ببعض الأمراض مدى الحياة، وتقتصر هذه اللقاحات على مكافحة الفيروسات، أو بعض أنواع البكتيريا.
كذلك فإنَّ للسرطان لقاحات، إمَّا وقائية تمنع وقوع السرطان، أو علاجية تُسهِم في التعامل مع السرطان حال الإصابة به.
اللقاحات الواقية من السرطان
لقاحات يتلقَّاها الشخص السليم؛ للوقاية من أنواعٍ مُعيَّنة من السرطان، إذ تستهدف اللقاحاتُ الفيروسات المُسبِّبة للسرطان، ومِنْ ثَمَّ فنجاح عمل هذه اللقاحات مُقيَّد بخُلوّ المرء من عدوى الفيروس المُستهدَف.
لقاح التهاب الكبد الوبائي
يعدُّ لقاح التهاب الكبد ب (Hepatitis B Vaccine) أحد الأمثلة على هذا النوع من اللقاحات.
تبدأ القصة بمهاجمة فيروس التهاب الكبد ب لخلايا الكبد، وقد تستمر العدوى بهذا الفيروس فترةً قصيرةً لا تتجاوز عِدَّة أسابيع، بينما يُعانِي البعض عدوى مزمنة بسبب هذا الفيروس.
قد يُؤدِّي استمرار عدوى فيروس التهاب الكبد ب في الجسم إلى تليُّف الكبد، أو سرطان الكبد، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ تلقِّي لقاح التهاب الكبد ب يحمي من سرطان الكبد عبر مجابهة الفيروس ابتداءً.
اقرأ أيضًا: سرطان الحلق.. هل هو بداية لنوع آخر من السرطان؟
لقاحات السرطان العلاجية
تحتوي الخلايا السرطانية على سطحها "أنتيجينات"، وهي عبارة عن بروتينات تتعرَّف عليها الخلايا المناعية؛ للتعامل مع هذه الخلايا الضارة، لكن عادةً لا تحتوي الخلايا المناعية على مُستقبِلات قادرة على الارتباط ببعض الخلايا السرطانية، ما يُؤدِّي إلى تفاقم السرطان.
تُساعِد لقاحات السرطان الخلايا المناعية على إيجاد الخلايا السرطانية، والارتباط بها، ومِنْ ثَمَّ القضاء عليها.
من أمثلة لقاحات السرطان العلاجية التي سمحت بها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ما يلي:
● لقاح بي سي جي (BCG)، أو المعروف بلقاح السُل لعلاج المراحل الباكرة من سرطان المثانة.
● لقاح (Provenge) لعلاج سرطان البروستاتا.
● لقاح (Imlygic) للورم الميلانيني.
كيف تُعالِج اللقاحات السرطان؟
كما ذكرنا سلفًا، تُهاجِم الخلايا المناعية أنتيجينات الخلايا السرطانية - إِنْ تعرَّفت عليها - ما يُضفِي للخلايا المناعية ذاكرة لمهاجمة هذه الأنتيجينات حال ظهورها في الجسم مُجددًا.
تُعزِّز لقاحات السرطان قدرة مناعة الجسم في تدمير الخلايا السرطانية، إذ تحتوي الخلايا السرطانية على جزيئات لا توجد في الخلايا السليمة.
عند الحصول على لقاح السرطان، فإنَّ هذه الجزيئات تعمل كأنتيجينات، ومِنْ ثَمَّ تتعرَّف الخلايا المناعية على الخلايا السرطانية، وتبدأ القضاء عليها.
تُخصَّص بعض لقاحات السرطان، بمعنى أنَّها تُصنَع خصيصًا لشخصٍ واحد، وذلك بعد الحصول على عينةٍ من الورم الذي يُعانِيه هذا الشخص؛ لإنتاج لقاحٍ مناسبٍ له.
البعض الآخر من لقاحات السرطان ليست مُخصَّصة، أو مقتصرة على أشخاصٍ بأعينهم، بل تمتد لاستهداف أنتيجينات الخلايا السرطانية، طالما وُجِد نوع السرطان المُستهدَف.
اقرأ أيضًا: سرطان الدم .. عندما تصبح عناصر المقاومة هي بيت الداء!
الآثار الجانبية
قد تُسبِّب لقاحات السرطان أعراضًا مشابهة لأعراض الأنفلونزا، مثل:
● ارتفاع درجة الحرارة.
● القشعريرة.
● الضعف.
● الدوخة.
● الغثيان، أو القيء.
● آلام المفاصل، والعضلات.
● الإرهاق.
● الصداع.
● صعوبة التنفُّس.
● ارتفاع، أو هبوط ضغط الدم.
ربَّما تختلف الآثار الجانبية أيضًا بحسب نوع اللقاح المُستخدَم، ومِنْ ثَمَّ ينبغي استشارة الطبيب لمعرفة مخاطر اللقاح، وطريقة التعامل المُناسِبة مع الأعراض الطارئة.
التحديات التي تواجه اللقاحات
تُواجِه لقاحات السرطان بعض العقبات، والتحدِّيات، فليس هناك لقاحات كثيرة لعلاج السرطان، ولعلَّ ذلك يعود إلى طبيعة السرطان الشرسة، إذ:
● تُثبِّط الخلايا السرطانية المناعة: لا ينشأ السرطان عادةً إلَّا في غياب المناعة، أو ضعفها، وقد خلص بعض الباحثين إلى استخدام مواد مساعدة في اللقاحات؛ للتغلُّب على هذه المشكلة.
● تنشأ الخلايا السرطانية من الخلايا السليمة: ليس السرطان مماثلًا للعدوى، إذ العدوى تأتي من مصدرٍ خارجيٍ غالبًا، أمَّا السرطان، فأصله خلية طبيعية بالجسم قد خرجت عن السيطرة، وبدأت في الانقسام، والتضاعف بلا حساب، ومِنْ ثَمَّ فقد لا تبدو الخلايا السرطانية خطرة بالنسبة لمناعة الجسم.
● بعض السرطانات خطيرة: قد تبلغ بعض أنواع السرطان أحجامًا كبيرة، أو تصل إلى مراحل متقدمة، وفي هذه الحالة، فإنَّ اللقاحات وحدها غير كافيةٍ قطعًا في العلاج.
● كبار السن مناعتهم أضعف: قد لا تكون أجسامهم قادرة على إنشاء ردِّ فعلٍ مناعي قوي تجاه الخلايا السرطانية بعد الحصول على اللقاح، ما يُضعِف أثر اللقاح.
يعتقد الباحثون، لأجل هذه الأسباب، أنَّ لقاحات السرطان العلاجية لها الأفضلية في علاج الأورام الصغيرة، أو السرطانات في مراحلها الباكرة.
التجارب الحالية
اللقاحات السرطانية أو العلاج المناعي مجالٌ جديد في علاج السرطان، ومِنْ ثَمَّ فما زالت تُجرَى التجارب والأبحاث؛ للحصول على لقاحاتٍ قادرةٍ على علاج:
● سرطان الرئة.
● أورام المخ.
● سرطان البنكرياس.
● سرطان القولون.
● سرطان الكلى.
● سرطان الدم.