وسط تحديات كبيرة.. هل يمكن للطيران الخاص أن يحافظ على نموه السريع؟
تحديات عديدة يواجهها قطاع الطيران الخاص، لا سيما بعد فترة الازدهار التي عاشها خلال الفترة الماضية، ورغم جائحة كورونا، فالآمال متعلقة الآن بواقع أكثر إشراقًا لهذا القطاع مستقبلاً.
شهد قطاع الطيران الخاص على مدار السنوات الثلاثة الماضية حالة من الرواج الكبير، ويكفي معرفة أن العام 2021 شهد إقلاع 3.3 مليون رحلة طيران خاصة في جميع أنحاء العالم.
وهذا العدد من الرحلات هو أكبر عدد تشهده الصناعة حتى الآن، وهو أعلى بنسبة 7 % من فترة ازدهار الصناعة السابقة خلال عام 2019. حتى في ذروة جائحة كورونا، شهد الطيران الخاص طلبًا مستدامًا، بينما شهد باقي قطاع السفر والسياحة حالة واضحة من التراجع.
ومع هذا، فقد بدأت تبرز بعض المخاوف حول ما ينتظر تلك الصناعة في المستقبل، وما إن كانت ستصير ضحية لنجاحها السابق أم لا؟ ولعل الواقع يقول إن هذا الاهتمام المتزايد الآن بمجال الطيران الخاص تسبب في خلق ضغوط لا تبدو الصناعة مستعدة لها في الوقت الراهن.
وإذا لم يتم اتخاذ خطوات وإجراءات تعني بتخفيف تلك الضغوط قريبًا، فقد يبدأ التزايد المستمر على الطلبات في إحداث تصدعات يصعب التعافي منها، ما قد يكلف الصناعة النمو الذي عملت من أجله.
مشاكل التصنيع
يتسبب النقص الحاصل في المعادن الخام والأجزاء والمكونات الإلكترونية في تأخير التصنيع في جميع المجالات، إذ يواجه كل قطاع مرتبط بالتكنولوجيا العديد من المشاكل في سلسلة التوريد.
ويمكن استشعار هذا الخلل بشكل مضاعف في مجال الطيران الخاص، بالتزامن مع انخفاض المعروض وحدوث زيادة على الطلب. وما يُفاقِم المشكلة هو حالة الضبابية الراهنة على الصعيد الاقتصادي، إذ لا يرغب كثير من الموردين في الاحتفاظ بمخزون كبير للغاية في آن واحد تحسبًا لحدوث ركود، ما يؤدي لمزيد من التأخير والاختناقات بطول سلسلة التوريد.
وفي ظل التنافس بين أصحاب الطائرات الخاصة والمؤجرين للحصول على مخزون طائرات جديد، سيكافح مشغلو الطائرات قريبًا لإضافة طائرات جديدة إلى قائمتهم لتلبية تدفق الطلبات على رحلات الطيران، بحسب تقرير نشر مؤخرًا في مجلة «Luxury Travel» المختصة بالسفر.
اقرأ أيضًا:الطائرات الكهربائية.. واقع تكنولوجي جديد
الطلب على ملكية الطائرات المستعملة
يشهد سوق الطائرات المستعملة حالة من الرواج، لكن ليس على نطاق واسع للغاية. وكما هو الحال في أي قطاع، فإن الندرة عادة ما تؤدي إلى زيادة الأسعار، وقد أدى التراجع الحاصل بتوافر تلك الطائرات إلى ارتفاع أسعار الطائرات المستعملة بنسبة 25 % إلى 30 % خلال الأشهر الأخيرة.
وأشار التقرير إلى أن هذه المنافسة الشرسة المتعلقة بقطاع الطائرات المستعملة هي منافسة مدفوعة جزئيًا بمشغلي الطائرات المستأجرة من القطاع الخاص الذين يتطلعون إلى إضافة المزيد من الطائرات إلى أسطولهم «وغير قادرين على تأمين نماذج جديدة بفضل مشكلات التصنيع هذه» وكذلك نتيجة لزيادة الاهتمام بالملكية الخاصة بمرحلة ما بعد جائحة كورونا.
والمثير للاهتمام في الإطار نفسه أن الأثرياء الشبان من أبرز الفئات المهتمة بملكية الطائرات، إذ يشكل من هم دون الـ 45 عامًا نسبة 27 % من المبيعات، وفقًا لبيانات صادرة حديثًا عن شركة «Jetcraft».
الصيانة
كلما زاد عدد الرحلات التي تقوم بها الطائرة، كلما زادت الحاجة إلى إخضاعها للصيانة بشكل روتيني. ومع وجود المزيد من الطائرات في الجو أكثر من أي وقت مضى، تتعرض مرافق الصيانة لضغوط كي تعمل من خلال حجم أكبر من الإصلاحات والتجديدات مما كان متوقعًا، وبوتيرة أسرع.
وقال التقرير إن سرعة النمو وخطر الركود يمنعان مرافق الصيانة من مواكبة الطلب. كما توجد حاجة لعمل استثمارات كبرى في المعدات، المواقع والموظفين الجدد للتأكد من أن الصيانة متاحة بسهولة على الرغم من الزيادة المفاجئة. ومع ذلك فإن المخاوف من أن الانكماش الاقتصادي قد يشهد انخفاضًا مفاجئًا يحتمل أن يحول دون الاستثمار النشط، ما يؤدي بدوره إلى إعاقة النمو عن طريق الاحتفاظ بالمزيد من الطائرات على الأرض.
الجوانب الإدارية
يشعر الوسطاء والمشغلون بالضغوط الناتجة عن تزايد الطلب على حجوزات استئجار الطائرات الخاصة. فبالنسبة للوسطاء، يتزايد عدد العملاء الذين يؤمّنون الحجوزات في سوق شديدة التنافسية. وبالنسبة للمشغلين، هناك عددًا هائلاً من الطلبات للفرز والتسعير وعرض الأسعار والتأمين، ناهيك عن إدارة الوقت ومواقع تلك الحجوزات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة.
وإذا تمكن السماسرة والمشغلين من تحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاءة عند حجز مقاعد للعملاء بالطائرات الخاصة المستأجرة، فقد يخفف ذلك من بعض الضغوط الحاصلة بأجزاء أخرى من القطاع.
زاهر دير، مؤسس شركة AeroBid، يرى أن تلك الكفاءة هي الخطوة الأولى لتخفيف نقاط الضغط التي تتعرض لها الصناعة وبالتالي المساهمة في إحداث نمو أكثر استدامة وأقل خطورة.
وتابع زاهر بقوله: «كصناعة، نحن بحاجة لتغيير طريقة عملنا، والسير على نهج قطاعات أخرى لاستخدام بيانات ونظم اتصالات في الوقت الفعلي لجعل عمليات تقديم الخدمات الخاصة بنا أسهل وأكثر فعالية. فبالنظر مثلاً لمشكلة الرحلات التي تقلع دون ركاب، يمكن القول إن كل رحلة خالية من الركاب هي فرصة لنقل العملاء الذين يتحملون التكلفة، لكنها تكون فرصًا ضائعة. وإذا تمكنت الصناعة من تحسين كفاءتها، فستكون قادرة على الحفاظ على نموها السريع، وهذا هو سبب تأسيس شركة AeroBid في المقام الأول».
وأكد تقرير المجلة في الختام أنه من المستحيل تحديد ما يخبئه المستقبل بالنسبة للطيران الخاص بشكل محدد، لكن الواضح الآن هو أن المستهلكين باتوا يميلون بشكل أكبر للطيران الخاص، الذي إذا أُحسِنَت إدارته خلال العام 2023، فيحتمل أن يشهد القطاع حالة واضحة من التحسن.