«ماديرا».. أسرار جزيرة «كريستيانو رونالدو» الساحرة في البرتغال
تُسمَّى «هاواي أوروبا» لقُرب الشبه بينها وبين شواطئ وجبال ولاية هاواي الساحرة بالولايات المتحدة، لكن وقوعها في القارة العجوز منحها المزيد من الانفتاح على العالم والسياح القادمين من الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا.. إنها جزيرة ماديرا الخلابة، مسقط رأس لاعب النصر، كريستيانو رونالدو، في البرتغال، التي منحها شهرة عالمية بعدما لُقّب بـ «صاروخ ماديرا».
تقع ماديرا أقصى جنوب غرب أوروبا بالقرب من المملكة المغربية، وتطل على المحيط الأطلسي حتى اعتبرها الملاحين البرتغاليين - حين اكتشفوها عام 1914 - «لؤلؤة المحيط»، وهي جزيرة بركانية تتمتّع بمناخ معتدل طوال العام، فهي دافئة ومشمسة شتاءً، ورطبة صيفًا، وهو ما يجعلها وجهة مثالية للسياح من حول العالم خلال أشهر الطقس المتطرف، سواء الصقيع الشديد في أوروبا، أو الحر الحارق في إفريقيا، فيما يشبه الأجواء الربيعية المستمرة طوال العام، فما هي أبرز الوجهات السياحية في جزيرة ماديرا صيفًا وشتاءً؟
رونالدو في ماديرا.. مطار وتمثال حطّم أرقامًا قياسية
فور هبوط طائرتك بمطار كريستيانو رونالدو الدولي، المطار الرسمي لجزيرة ماديرا، الذي يحمل اسم لاعبها العالمي، ينتظرك عدة وكلاء ببرامج للإقامة والتجول والأنشطة الممتعة والرحلات العامرة بأوجه الفخامة والرفاهية، لكن النصيحة الأبرز هي التجوّل منفردًا أو مع أسرتِك واستئجار سيارة، ويُفضّل أن تكون من فئة السيارات الصغيرة كي تتمكّن من عبور شوارع ماديرا المحلية الضيقة للغاية، والتجول بالسيارة هو الطريقة الأفضل لاستكشاف الجزيرة والاستمتاع بها، أمّا إذا كنت لا تفضّل القيادة خلال رحلاتك حول العالم، فالبديل الأفضل هو الحافلات والرحلات الجماعية.
وخلال تجوالك، تأكّد من حمل مبالغ نقدية حتى لا تفسد متعتك، فبعض المتاجر والخدمات تقبل الدفع نقدًا أو عبر بطاقات برتغالية فقط.
اقرأ أيضًا:بئر سنترا بالبرتغال معجزة طبيعية مذهلة
تمنحك «ماديرا» فرصة هائلة لممارسة هواية المشي لمسافات طويلة وسط الطبيعة الخلابة والأجواء التي تغري بالسير طويلاً، فعلى جنبات الطريق جبال خضراء وشلالات مذهلة وغابات آمنة ومزارع موز، لكن الأمطار قد تعيق حركتك قليلاً في الشتاء، ورغم ذلك، يمكنك الانتقال إلى منطقة أخرى تحتفظ بأشعة الشمس والأجواء الدافئة، فأحد مميزات «ماديرا» أنها تتكوّن من عدة مناطق مختلفة الطقس والأجواء، وحين تهطل الأمطار في منطقة، يمكنك القيادة لأقل من ساعة كي تصل لمنطقة تستمتع فيها بوقتك.
وحتى تتجنّب الأمطار وتقلبات الجو، فالوقت المثالي للسياحة في «ماديرا» ما بين شهري مايو وأغسطس، ورغم ذلك، تُعدّ إحدى الوجهات المثالية طوال العام.
وخلال رحلتك، لا تفوّت فرصة التقاط أشهر صورة يروّجها السياح العائدون من ماديرا، وهي التي تجمعهم مع تمثال كرستيانو رونالدو، لاعب النصر.
وهو تمثال مصنوع من البرونز، يبلغ وزنه 800 كيلو غرام، وارتفاعه مترين، يعدّ أبرز معالم الجزيرة منذ كشف النقاب عنه، وخلال تلك الفترة حطّم أرقامًا قياسية في جذبه للسياح.
مشاهدة الجبال من تلفريك «فونشال»
تتمتّع جزيرة ماديرا الساحرة بعدة جبال خضراء، تخيّم عليها أجواء البحر المتوسط الساحرة، ويمكن للسائح مشاهدتها بالكامل من أعلى، خلال رحلة تلفريك «فونشال» الذي يُعد واحد من أهم معالم الجزيرة السياحية.
وينطلق التلفريك من المدينة القديمة ليحلّق أعلى جبال «ماديرا» والتلال والوديان والبحيرات والغابات المصنّفة ضمن مواقع التراث العالمي، ويستغرق 15 دقيقة للوصول من نقطة انطلاقه إلى نقطة الوصول بمدينة «فونشال»، تُدهش ركابه خلالها رؤية أبواب المباني البارزة أعلى الجبال الخضراء، ملوّنة ومرسومة بمشاهد خيالية وجرافيتي، في قلب المناظر الطبيعية المذهلة.
الشروق والغروب من «بيكو ريفو»
النقطة الأقل ارتفاعًا من التلفريك في «ماديرا»، هي قمة «بيكو رويفو»، وهي المقصد السياحي الأكثر شهرة بين السياح، لمشاهدة الشروق والغروب ورؤية الجزيرة من أعلى قمة بها، ويبلغ ارتفاعها 1800 متر.
والصعود إلى القمة هو متعة أخرى يفضّلها عشاق المشي لمسافات طويلة، وتسلق الجبال، لأن السيارات والحافلات غير مصرّح بها، فيضطر هواة القمم الصعود إليها سيرًا على الأقدام.
القمم الشاهقة لهواة المشي والتسلّق
إذا كنت من عشاق المناطق الشاهقة والطبيعة الساحرة، فجزيرة ماديرا ستكون مكانك المفضل، لما بها من جبال خضراء، أبرزها «كاستيلو» على ارتفاع 430 مترًا فوق سطح البحر، و«أرييرو» حيث تتجمع حشود السياح لمشاهدة شروق الشمس في منظر ساحر، و«آنا فيريرا» التي تستضيف عدّة هوايات كالمشي في مسارات، والسباحة في شاطئها النقي، والسفاري بسيارات الدفع الرباعي، والجولف، و«فاشو» التي كانت مقرًا لقوات خفر السواحل قديمًا لتنبيه الجزيرة من قدوم سفن العدو عبر إشعال النيران.
أمّا هواة التسلق فعليهم التوجّه إلى جبل «توريس» ثاني أعلى جبال ماديرا بارتفاع يبلغ 1852 مترًا، ويتكون من حمم بركانية متجمّدة وتلال منحوتة في الصخور، ويشهد سباقًا يوميًا بين المتسلّقين للوصول إلى قمته.
وفي ماديرا، يقع «كابو جيراو» أعلى جرف بحري في أوروبا، على ارتفاع 580 مترًا، واعتاد زوّاره مشاهدة المناظر الطبيعية المتداخلة مع سواحل الجزيرة البديعة، وتناول القهوة بأحد المقاهي الكلاسيكية المطلة على الجرف كي تكتمل التجربة.
اقرأ أيضًا:السياحة في البرتغال .. أفضل 5 أماكن يجدر بك زيارتها
العيش داخل بركان في كهوف «ساو فيسنتي»
كهوف «ساو فيسنتي» واحدة من أقدم المعالم السياحية في جزيرة ماديرا، ويعود عمرها إلى نحو مليون سنة حين انفجر بركان بمنطقة «بول دا سيرا» وخمد سريعًا، فتشكّل عدد كبير من كهوف الحمم البركانية الغامضة التي تجذب السياح للتجول وقضاء الوقت بداخلها تحت الأرض لاكتشاف أسرارها عبر زيارة فوهة البركان الخامدة، ومشاهدة العروض الترفيهية والتعليمية ثلاثية الأبعاد.
رحلة «تمنحك كل ما تريده» في جزيرة ماديرا
وفق عدة تقييمات قدّمها السياح لجزيرة ماديرا بمواقع عالمية، فواحدة من أكثر الرحلات إرضاءً وإمتاعًا لهم هي الرحلة إلى منطقة «Levada do Caldeirão Verde»، لأنها - حسب قول أحدهم - «تمنحك كل ما تريده».
يخوض السائح عدة مغامرات في مكان واحد، بدءًا من الشلالات التي تراها من بعيد والزهور الجميلة، والسير بين الطبيعة الخلابة والنباتات النادرة في مسار آمن تتمّ صيانته باستمرار.
في المنطقة شلالان مذهلان، حيث تندفع المياه من الأعلى إلى بحيرة دائرية بطول 100 متر. وفي الطريق، تمر بعدة كهوف ذات أسقف منخفضة وأرضيات مبللة، وشكّلتها الطبيعة لتصبح بديعة من الداخل، ويمكن أخذ بعض الاستراحات بها.
أطباق المشاهير في ماديرا الساحرة
يضع كثير من المشاهير «ماديرا» على رأس اهتماماتهم السياحية، فهي تمنح تجربة فاخرة بكل المقاييس، تضمّ كلَّ ما يريده السائح من استجمام ورقي وفخامة ومغامرات وتجارب تحبس أنفاسهم، وأطباق فريدة أيضًا.
ومن أبرز هؤلاء المشاهير، ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وقائدها خلال الحرب العالمية الثانية، ومن أبرز إنجازاته حصوله على جائزة نوبل في الأدب، وكانت مصادر ارتياحه وإلهامه قرية الصيد الفريدة «لوبوس كامارا»، المطلة على شاطئ شهير يستضيف رياضة ركوب الأمواج المنتعشة في ماديرا.
وإلى جانب الأسماك والجمبري الطازجين، اللذان تُعدّ منهما وجبات شهية تجذب السياح، تشتهر القرية بطبق «الاسباتاداس» المكوّن من أسياخ اللحم المشوية التي تقدم بالطريقة التقليدية لأهل القرية.
وتشتهر جزيرة ماديرا بأطباق شعبية لذيذة وطازجة لوجبات العشاء يُنصح بتجربتها، أبرزها بلح البحر، والبيكادو الذي يُطهى من اللحوم البيضاء مع البطاطس، وحساء القمح بالخضروات للتدفئة في ليالي الشتاء، وشرائح لحم أسماك التونة المتبّلة، وأخيرًا، طبق سمك «أبو سيف» الطازج بصلصلة الموز.
اقرأ أيضًا:جيبوتي «لؤلؤة القرن الإفريقي».. سياحة من نوع مختلف
دليل عشاق السباحة والغوص والصور الغامضة!
تحفل جزيرة ماديرا الساحرة بالأسرار والوجهات السياحية المدهشة والممتعة في آن واحد، وفي زيارتك لا تفوّت قضاء بعض الوقت في المنازل التقليدية المثلثة بألوانها الجذابة، القائمة منذ عدة قرون، فضلاً عن رحلة مشاهدة الدلافين والحيتان بالقارب، ويفضّل خوضها بين شهري أبريل وأكتوبر، موسم نشاط تلك الكائنات البحرية الشَقيّة.
لا تفوّت، أيضًا، زيارة حديقة «مونتي بالاس» التي تُصنَّف كواحدة من أفضل الحدائق النباتية في العالم، لاحتوائها نباتات نادرة وغريبة على مساحة شاسعة تبلغ 70 ألف متر مربع، وبعضها مستوحى من الحدائق اليابانية التقليدية، ومنها إلى محمية «جاراجو» الطبيعية المطلة على ساحل ماديرا إذا كنت من هواة الغوص في أعماق البحار لمشاهدة الحياة البحرية والشعاب المرجانية الاستثنائية.
أمّا المهتمون بالتقاط الصور الرائعة لحساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، فيحرصون على زيارة مستنقع «Fanal» الشهير الواقع بمنطقة ضبابية وسط الأشجار المورقة، التي تجعلهم وكأنهم أبطالاً يصارعون الأشباح في فيلم رعب.
محبو السباحة لهم النصيب الأكبر من المتعة في «ماديرا»، العامرة بالشواطئ المتنوعة التي لا يجب أن يمرّ يومهم دون السباحة بواحد منها، كشاطئ «ماتشيكو» برماله النادرة المستوردة، وشاطئ «بونتا دو سول» الذي يتميّز بأشعة الشمس القوية، و«سيكسال» الذي يتميّز برماله السوداء وموقعه بين الغابات.
وأخيرًا، هناك تجربة لن تجدها سوى في ماديرا، وهي السباحة في حمامات سباحة طبيعية، تغذيها المحيطات بالمياه دون أمواج.