«قوارب الهيدروبلاين».. «أكثر بكثير» من مجرد مراكب في المياه
صُمّمت قوارب الهيدروبلاين، بشكلٍ يجعل جسمها يطير فوق الماء على سرعاتٍ عالية بدلاً من أن يخترقها كما يحدث في العادة لدى القوارب التقليدية أو السفن.
ما هي العوامل التي تجعل قارب الهيدروبلاين سريعًا؟
يتمثل أحد الجوانب الرئيسة لقوارب الهيدروبلاين في أنها تستخدم المياه للرفع بدلاً من الطفو، ولكن في نفس الوقت هي تحتاج لترك بعض أجزائها غارقة في المياه، فعملية الدفع تتم من خلال مراوح تدور في المياه لتولّد قوة الدفع، في الوقت الذي يتوجب على زعانف مثبّتة في القسم السفلي للقارب أن تلامس المياه كي تقوم بعملية التوجيه، وهنا تكمن الخطورة، إذ يتوجب على قائد القارب من خلال دواسات مثبّتة قي قمرة القيادة الموازنة بين وضع الجناح المثبّت بين طرفي مقدمة القارب على وضعية الطيران «تمامًا كما يحدث في الطائرات» كي يرفع القارب ويخفف قدر الإمكان من احتكاك جسمه بالمياه وبين المحافظة على زعانف القارب ومراوحه في المياه كي لا يفقد السيطرة عليه أو يخفف من سرعته.
هو على متن «هيدروبلاين» يحتاج لأن يضع جسم القارب في الهواء كي يخفف الاحتكاك مع المياه في نفس الوقت الذي يحتاج فيه لترك المراوح في الماء كي تعمل على دفعه والزعانف كي تقوم بعملية التوجيه.
أي تصميم تعتمد؟
ظل التصميم الأساسي لمعظم أجسام قوارب «الهيدروبلاين» دون تغيير جذري منذ خمسينيات القرن الماضي، وهي على الشكل التالي: جسم مزدوج في المقدمة، تتوسطه قمرة القيادة المغلقة والشبيهة بقمرة قيادة الطائرات الحربية، جناح قابل للتحرك يصل بين طرفي المقدمة ثم قسم أضيق مستطيل الشكل يضم المحرك ومعدات التوجيه. الجزء الخلفي من القارب يكون غارقًا في الماء من خلال النصف السفلي للمروحة.
اقرأ أيضًا:ماذا تعرف عن قوارب القطمران؟ (فيديو)
ماذا عن المحركات؟
لطالما كانت صناعة الطيران هي المصدر الرئيس لمحركات قوارب الهيدروبلاين، فخلال العقود القليلة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية، اُستخدمت محركات الاحتراق الداخلي التي تعود لطائرات حقبة الحرب العالمية الثانية، وهي من طرازات رولز رويس ميرلينز أو جريفون، أو أليسون في -1710، وكلها محركات تتألف من 12 أسطوانة مثبّتة على شكل الرقم سبعة مع تبريد بالماء، علمًا بأنّ هدير هذه المحركات أكسب قوارب الهيدروبلاين لُقب بـ «الرعد المستمر».
أما اليوم، فيتم الاعتماد على محركات الطوافات الحربية، وأشهرها محرك طائرة «شينوك» الذي يستطيع توليد قوة تزيد عن 2000 حصان وتدير المراوح الدافعة بسرعة 9000 دورة في الدقيقة، الأمر الذي يسمح للقارب بالسير بسرعة تصل إلى 320 كلم / س.
كيف تُستخدم قوارب الهيدروبلاين ولماذا؟
تُستخدم قوارب الهيدروبلاين في سباقات تُنظم في الولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ أساسي مع بعض السباقات التي تُنظم في أستراليا ونيوزيلاندا. وبما أنّ هذه القوارب مصمّمة كي توازن بين الطيران فوق الماء والالتصاق، يكون من الصعب عليها الانطلاق في البحار، لذا تنظم سباقاتها في البحيرات أو الأنهار الكبيرة فهي تجد صعوبة في تحدي الأمواج وتحتاج لأسطح مياه هادئة مستوية كي تنطلق بسرعتها القصوى.
خلف المقود
رغم أنّ كل شيء في قوارب الهيدروبلاين مستوحى بشكلٍ أو بآخر من عالم الطيران، ناهيك عن المحركات التي هي بالأساس محركات طائرات، إلا أنّ توجيه القارب يتم من خلال مقود يأتي مثبت داخل قمرة القيادة التي هي بدورها مستوحاة بشكلٍ كبير مما يتوفر لدى مقاتلات الـ إف 16 الأمريكية، داخل القمرة يجلس السائق بوضعية مستلقية ويستخدم نفس نظام التنفس الذي يستخدمه طياري سلاح الجو، علمًا أنّ سائق الهيدروبلاين يحتاج لجهاز التنفس هذا أيضًا في حال غرق القارب كي يساعده على البقاء حيًا حتى تصل إليه فرق الإنقاذ.
اقرأ أيضًا:يخت Swell.. رفاهية تصلك بالأعماق
ماذا عن مستويات الأمان؟
الانطلاق على متن قارب هيدروبلاين بأقصى سرعة هو أمر خطر بالتأكيد فكما ذكرنا، المبدأ هو الموازنة بين رفع جسم القارب فوق الماء مع الحفاظ على المراوح والزعانف تحتها، فإذا لم يتمكن السائق من رفع القارب عن الماء يخسر الكثير من السرعة بسبب احتكاكه مع الماء الذي يُعد ذا كثافة عالية أكثر بكثير من الهواء، أما إذا تم الرفع بنسبة أعلى مما يلزم يطير القارب في الهواء بشكلٍ كامل وينقلب فيها عدة مرات قبل أن يعود ويصطدم بالمياه التي تكون كالإسمنت المسلّح على سرعة 320 كلم / س. وهذا أمر يحدث غالبًا إذ يكاد لا يمر أي سباق دون أن يتعرض قارب ما للانقلاب.
ولكن في المقابل، يتمتع السائق بمستويات أمان عالية تتوفر له بفضل بنية قمرة القيادة القوية، المقعد الذي صُمّم كي يحافظ على جسمه ويقيه من أثر الضربات العنيفة، أدوات التنفس التي ذكرناها، وطبعًا فرق الإنقاذ المحترفة التي تستخدم بدورها قوارب سريعة «نسبيًا» والتي تكون على أهبة الاستعداد للتدخل في الحالات الطارئة.