ينطوي أداء التمارين في صالات الألعاب الرياضية على كثير من الفوائد، ولكن ليس دائمًا وليس في كل الحالات، كما أن الإجهاد المفرط يؤدي في كثير من الحالات إلى نتائج عكسية.
وهنا يأتي الحل الأمثل بالاتجاه المتنامي لأداء تمارين منخفضة الشدة، للحصول على نتائج باهرة.
مفهوم التمارين منخفضة الشدة
"التمارين منخفضة الشدة" لا يتطلب فيها بذل مجهود أكثر من الوقت البسيط الذي تستغرقه، كالمشي بشكل منتظم، وركوب الدراجات بمعدل منتظم وسرعات معتدلة، وطرق ممهدة وسهلة، وقد تُمارَس يوميًّا بجوار المنزل، أو لشراء الاحتياجات اليومية، أو مستوى معين من الركض غير الشاق ولدقائق معدودة، أو أداء السباحة ولكن ليس بشكل قوي، فقط الاستمتاع بالسباحة في هدوء يمنح جسدك الحيوية الكافية.
ولكن ماذا يقول خبراء اللياقة والصحة عن نتائج تلك التمارين التي هي تقريبًا في متناول الجميع؟
دماغ أكثر نشاطًا
قال ديلان نايت، مدرب اللياقة المعتمد في لوس أنجليس: "تظهر التمارين منخفضة الكثافة آثارًا إيجابية في علاج جميع أنواع الأمراض العقلية والخلل الإدراكي".
وفي دراسة حديثة، أجراها مستشفى بون الجامعي الألماني لقياس تأثيرات التمارين عالية الكثافة ومنخفضة الشدة على الدماغ، إذ أجرى مجموعة من الرياضيين تمارين الشدة المنفصلة في أيام مختلفة، مع إجراء أشعة الرنين المغناطيسي لقياس نشاط الدماغ استجابة لكلا النوعين من مستويات التدريب القاسي والمنخفض.
المثير أن النتائج كشفت عن اختلاف كبير بينهما، فبينما أظهر التمرين عالي الكثافة تأثيرًا أكبر في الذكاء العاطفي، أظهر التمرين منخفض الكثافة تحسنًا أكبر في مستويات الإدراك، والاستجابة المتعمدة.
ولفتت الدراسة إلى أن التمارين منخفضة الكثافة تؤدي تأثيرًا إيجابيًّا بشكل خاص على مستويات المرونة العصبية لدى الشخص، على المدى الطويل أيضًا.
اقرأ أيضًا:تمارين السيت آب.. عضلات بطن مثالية
ضغط أقل على جسدك
تقول جيسيكا دومي المدربة الشخصية المعتمدة، مديرة العمليات في منصات فريدريكسبيرغ للياقة البدنية في فرجينيا، إنه "في أثناء أداء التمارين بمعدل أقل كثافة، فإنك تمارس ضغطًا أقل على عضلاتك ومفاصلك".
من ناحية أخرى، يمكن أن تؤدي التمارين عالية الكثافة في بعض الأحيان إلى إصابات ناتجة عن الإفراط في ممارسة الرياضة.
وتضيف كاتي كولاث، الشريكة المالكة لشركة بارباث للياقة البدنية في كولورادو: "تعني الكثافة المنخفضة أيضًا وقتًا أقل في ظل الأحمال الثقيلة، ما يؤدي أيضًا إلى تقليل مخاطر إجهاد العضلات والتهاب المفاصل".
تخفيف التيبس
أداء النشاط البدني بوتيرة ثابتة وبطريقة منتظمة يمكن أن يساعد على تخفيف التصلب، والألم وإصابة المفاصل والعضلات.
التصلب قد يحدث عندما تكون خاملاً جسديًّا لفترة من الوقت، هذا هو الوضع الذي يمكن أن تساعد فيه التمارين منخفضة الكثافة، عن طريق الحفاظ دائمًا على حركة العضلات والمفاصل.
ويمكن تخفيف آلام المفاصل بالحركة المتناسقة، ما يحسن من قوة العضلات المحيطة بالمفصل.
في أي مكان
المرونة في أداء التمارين منخفضة الجهد، تجعلها بسيطة مثل الخروج من باب منزلك، والذهاب في نزهة على الأقدام أو ركوب الدراجة، ولا يحتاج ذلك إلى أجهزة كثيرة كالتي بالصالة الرياضية.
وهذه التدريبات رائعة لأي شخص يطمح للوصول إلى أعلى مستوى دون المقارنة بآخرين، ممن تخطوا الطريق، ونجحوا حقًا.
اقرأ أيضًا:أفضل تمارين المقاومة لخسارة الوزن
تعدد المهام
على الرغم من أننا جميعًا نسعى جاهدين لأن نقسم وقتنا على مهام أقل، فإنه في بعض الأحيان لا يوجد وقت كافٍ في اليوم للقيام بكل ذلك.
هنا تمنح التدريبات منخفضة الشدة الأشخاص المنشغلين فرصة للمشاركة في التمرين، عندما لا يكونون قادرين على ذلك.
هل سبق لك أن حاولت التحدث في أثناء الركض على جهاز المشي؟ بالتأكيد ستجد الأمر مرهقًا بعض الشيء، أما إذا خرجت إلى الشوارع في نزهة بسيطة، فيمكنك الدردشة على الهاتف، أو متابعة التدوينات الصوتية أو حتى عقد اجتماع عمل، وهذا يمكن أن يوفر عليك الكثير من الوقت، لأنك تضرب عصفورين بحجر واحد.
كل يوم
رغم أن هناك مدرسة في اللياقة البدنية ترشح أداء تمارين ذات قوة عالية كل يوم، فإن التمارين منخفضة الكثافة تضيف ميزتين أساسيتين.
الأولى: أن سهولتها على الجسم يجعل أداءها بشكل أكثر انتظامًا أسهل، وهو أمر أكثر إفادة على المدى الطويل.
والميزة الثانية أن تلك التمارين تتطلب أيام راحة أقل من التمارين الأكثر مشقة، لذلك يظل الجسد مستوعبًا لهذه الحالة من الأداء.
توازن أفضل
التمارين الأقل مشقة ولكن المستديمة تحسن عملية التوازن، دون جهد كبير، بينما التمارين الشاقة ستجعل مفاصلك تتحمل الكثير من الضغط من أجل منعك من السقوط.
في دراسة أجريت بجامعة جورجيا عام 2008، وجد أن الأشخاص المستقرين جسمانيًّا بشكل عام يمكن أن يشعروا بنشاط أكثر، بنسبة 20% من خلال التمارين الأقل مشقة.
الدراسة استندت إلى 36 متطوعًا لم يكونوا يمارسون التمارين بانتظام، وأجروا تمارين قوية للغاية، وأخرى بمعدلات أقل قوة، ووجد أن تحسن مستوى الطاقة لديهم يرتبط بالأداء الأكثر استدامة للتمارين منخفضة الشدة.
الاستدامة
من كل ما سبق يمكننا أن نستنتج أن السر في كون التمارين الأقل شدة هي أكثر استدامة هو وجود روتين مستدام للتمارين، ما يعني أنك ستظل متسقًا معه وهذا في غاية الأهمية لخطة اللياقة البدنية.
في بعض الأحيان قد لا توجد لديك الرغبة في ممارسة الرياضة، فيكون كل ما يتعين عليك فعله هو أن تتصل بصديق وتذهب معه في نزهة مشيًا على الأقدام، أو تضع خطة لركوب دراجتك إلى مطعم يُعِد طعامًا صحيًّا، فتكون قد استفدت من كل الجوانب.