شباب المستثمرين العرب في لندن كيف يفكرون؟؟
لندن: عادل مراد
الجيل الجديد من المستثمرين العرب في لندن يختلف جذريا في توجهات الاستثمار العقاري عن جيل الاباء، وفقا لما صرح به لـ"الرجل" العديد من خبراء العقار في لندن. فهو جيل لا يعجبه نمط المعيشة ولا الطراز المعماري التقليدي السائد في مناطق ارستقراطية اقبل عليها العرب في العقود السابقة واثبتت انها من الاستثمارات الناجحة عالميا.
فالجيل الجديد يفضل المشاريع الجديدة التي تقام شرقي لندن وجنوب النهر، وهي مناطق كانت شعبية سابقا ولكنها تجذب الان الشباب من جميع الفئات وتقدم لهم اسلوب المعيشة المفضل بتجهيزات حديثة تشمل الارتباط بالانترنت السريعة وخدمات كونسيرج والعديد من المطاعم والمقاهي والكافيتريات.
ايضا يرى الجيل الجديد من العرب ان المناطق التقليدية وسط لندن اضحت باهظة الثمن وعالية المخاطر من حيث امكانية تراجع الاسعار وعدم وجود فرص نموسعري قوية بعكس المناطق الجديدة التي تنطلق سعرا عاما بعد عام.
ويقول مارتن بخيت، المدير التنفيذي لشركة "كاي اند كو" العقارية لـ"الشرق الاوسط" ان الجيل الجديد يبدي اهتماما بالمناطق العقارية الناشئة. ويضيف "على سبيل المثال قمنا مؤخرا ببيع مجموعة شقق في مشروع "ذا هيرون" في شرق لندن ومشروع "ريفر ووك" الذي يطل على النهر الى مستثمرين صغار السن من الشرق الاوسط". وهم يبحثون عن مواقع جديدة بعيدة عن تلك التقليدية من اجل تحقيق عوائد اعلى على المدى الطويل.
ويضيف بخيت انه تلقى طلبا من مستثمر في الشرق الاوسط يبحث عن الشراء في منطقة "انجل" في شرق لندن، وهو توجه يثبت ان الجيل الجديد من المستثمرين لا يتقيد بقواعد الشراء التقليدية في وسط لندن.
ويوافق أليكس نيوال مدير شركة "هانوفر برايفت اوفيس" على راي مارتن بخيت ويضيف ان الجيل الجديد قد يكون قريبا في التوجهات من الجيل القديم من مستثمري العقار من الشرق الاوسط الا انهم يفضلون الاستقلالية في اتخاذ قرارات الاستثمار. وهو يشير الى ان شركته مازالت ترى مستثمرين من المنطقة يشترون عقارات متلاصقة في منطقة نايتسبردج ليكونوا بالقربمن العائلة والاصدقاء. ولكن التوجه العام هو الانتشار بمحاذاة نهر التيمز لان العرب يفضلون الوحدات العقارية الجديدة، كما ان من الصعب العثور على المساحات الافقية العريضة بالنوعية نفسها في مناطق وسط لندن. وهو يقول ان سوق لندن يحاول ان ينافس دبي التي تتفوق في تقديم مثل هذه العقارات التي يفضلها العرب.
من ناحيته يقول أليكس نيوال لـ"الرجل" ان المستثمرين العرب من صغار السن يبحثون عن شقق اصغر حجما مما يطلبه الجيل السابقوفي مناطق مغايرة تشمل كنسنغتون وتشيلسي ومارلبون وايضا بمحاذاة نهر التيمز. وبعضهم اشتري في مشروع هيرون في شرق لندن ايضا.
مما يذكر ان المناطق الساخنة الجديدة في لندن تشمل تلك التي تمتد جنوب نهر التيمس ما بين جسر تاور بريدج في شرق لندن الى منطقة باترسي التي تضم مشاريع عملاقة مثل تطوير محطة الكهرباء القديمة ومشروعمبنى السفارة الاميركية الجديدة في لندن. وتستفيد هذه المنطقة بالدرجة الاولى من تحول الاستثمار العربي والاجنبي اليها خصوصا في القطاع الفاخر الذي يمثل نسبة 10 مائة من قمة السوق.
وربما كانت بداية التحول في منطقة جنوب نهر التيمز بناء ناطحة السحاب "شارد" التي تعد اعلى مبنى في اوروبا. فقد وضعت الناطحة منطقة جنوب النهر على الخارطة العقارية الدولية خصوصا وانها تحتوي على شقق سوبر فاخرة بالاضافة الى فندق خمس نجوم هو "شنغاري لا". وتدخل العديد من الشركات العقارية العربية في توفير الوحدات العقارية الفاخرة للمستثمرين الجدد منها بنك جدوى الاستثماري السعودي الذي شارك في شراء مبنى "كنغز ريتش" في عام 2010. والمبنى مكون من 30 طابقا وكان المقر الرئيسي لشركة النشر "أي بي سي" التي واجهت صعوبات مالية. وبيع المبنى لبنك جدوى ومجموعة من المستثمرين الاخرين بمبلغ 60 مليون استرليني.
ويعمل بنك جدوى الان على تحويل المبنى المكون من 30 طابقا الى مبنى اعلى من 41 طابقا يحتوي على مجموعات من الشقق الفاخرة بالاضافة الى وحدات تجارية متنوعة اخرى. وكانت دوافع هذا الاستثمار وجود الطلب المتزايد من الجيل الجديد على الاستثمار في هذه المنطقة مع انخفاض سعر الاسترليني مقابل الدولار. وتم تغيير اسم المجمع السكني الجديد الى "ساوث بنك تاور" وهو يقع بالقرب من النهر ويوفر من طوابقه العليا مشاهد خلابة لمدينة لندن.
وحصل المشروع مؤخرا على ترخيص اضافة 11 طابقا اخرى، وباعت الشركة بالفعل العديد من الوحدات السكنية في المشروع منها 50 وحدة على الاقل لمستثمرين من الشرق الاوسط. وتتراوح اسعار الوحدات ما بين ستة ملايين الى 16 مليون استرليني.
وشهدت المنطقة بوجه عام ارتفاع اسعار العقارات فيها بنسب اعلى خصوصا في باترسيالتي ارتفع سعر القدم المربع فيها من 500 جنيه استرليني قبل خمس سنوات الى 1300 استرليني اليوم. وترتفع الاسعار اكثر في المنطقة القريبة من وسط العاصمة بين جسر لندن بريدج ووترلو بريدج الى 1800 استرليني للقدمالمربع الواحد في المشاريع الجديدة.
واكد اكثر من خبير عقاري هذا التحول بالقول ان الوضع تغير في توجهات الاستثمار العربي في لندن مع ظهور جيل جديد من المستثمرين يقيس الامور بمعايير جديدة تتعلق بجودة الاتصالات والقرب من وسط المدينة والسكن بين مجتمع الشباب البريطاني الذي يتوجه الى المناطق الجديدة، بالاضافة الى توقعات ارتفاع الثمن بنسب اعلى في المناطق الجديدة عنها في القديمة.
ويعني هذا بمنظور اخر ان النقاط العقارية الساخنة في لندن بدأت تتغير الى خارج نطاقها التقليدي. ويقود التغيير جيل جديد جيد التعليم والخبرة والسفر الدولي يفضل السكن في شقق صغيرة مرتفعة الموقعتطل بمشاهدة خلابة على العاصمة، مقارنةبالسكن في شقق او بيوت تقليدية قديمةفيوسط لندن. ولا يفضل هذا الجيل الجديد، الذي من الارجح ان يكون قد تلقى تعليمه في الخارج، البقاء في العقارات التقليدية التي يملكها جيل الاباء.
وهناك العشرات من المشاريع المماثلة بطول الشاطيء الجنوبي للنهر، منها مركز شل الذي تحول الى وحدات سكنية ويخضع الان الى عملية تطوير من مجموعة كناري وارف الاستثمارية. ويتكلف مشروع التطوير 1.2 مليار استرليني ليتحول معه مركز شل والمنطقة المحيطة الى واحة استثمار عقاري فاخر مساحتها 800 الف قدم مربع توفر 877 شقة جديدة، منها نسبة كبيرة تباع الى مستثمرين من الشرق الاوسط.
ونظرا لتدفق الاستثمار على منطقة جنوب النهر في لندن، يتوقع خبراء العقار صعود السعر قريبا الى حوالي الفي استرليني للقدمالمربع الواحد. ويجري العمل حاليا على نحو 27 مشروعا جديدا توفر اكثر من 16 الف مسكن جديد في المنطقة خلال السنوات العشر المقبلة.
وتكتسب هذه التحولات زخما اضافيا مع شكوك في ان سوق وسط لندن أخذ في الهبوط التدريجي بداية من الخريف الماضي حيث اضطر البائعون مع تراجع الطلب الى خفض الاسعار بأكبر نسبة منذ نهاية عام 2007، وذلك في المناطق الساخنة التقليدية.
وبعد فترة نمو قوي بلغت في 12 شهرا من منتصف عام 2013 الى منتصف عام 2104 حوالي 25.8في المائة ارتفاعا في اسعار عقارات لندن، تبدو الفترة المقبلة ملبدة بالشكوك حول تطور الاسعار. واكدت شركة "رايت موف" العقارية مؤشرات على تراجع الاسعار وقالت انه اكبر من التراجع الموسمي خلال فصل الشتاء. وعللت التراجع بتشديد شروط منح القروض العقارية وتوقعات ارتفاع اسعار الفائدة عن معدلاتها المتدنية تاريخيا حاليا.
وكانت اكبر نسب التراجع في احياء تشيلسي وكنسغنتون بحوالي سبعة في المائة من الاسعار الى متوسط اسعار يبلغ 2.2 مليون استرليني للعقار. وتتوقع شركة سافيلز العقارية تراجع اسعار العقار الفاخر في لندن خلال عام 2015 بحوالي واحد في المائة، وهو اول تراجع في السوق منذ شهر مارس (آذار) عام 2008.