وصايا القرآن والسنة للتعامل مع الزوجة العاصية وأدلة على وجوب الطاعة
من أهم المشكلات الزوجية الشائعة عدم امتثال الزوجة لطاعة زوجها بالشكل المفروض، ومن ثم، تحدث الكثير من الخلافات الزوجية التي يترتب عليها زعزعة استقرار الأسرة وتشتت الأبناء.
وقد أقرًّ الدين الإسلامي ضوابط العلاقة بين الزوجين وأوضح حكم عصيان الزوجة لزوجها وكيفية تقويمها بتلك الحالة، وأرشد الرجل إلى كيفية التعامل مع زوجته العاصية بالطرق المناسبة التي تحفظ كرامتها.
هل تأثم الزوجة إذا لم تطع زوجها؟
سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير قال: التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها وماله بما يكره. (رواه أحمد والنسائي وحسنه الألباني).
يؤكد ذلك عظم منزلة المرأة التي تطيع زوجها، التي تتطلع إلى منزلة خير النساء على وجه الأرض، أما من تعصي زوجها دائمًا فإنها تخسر أجرها وتصبح آثمة، سواء كان ذلك في الأمور الحياتية المعتادة، أو ما يتعلق بالعلاقة الحميمية بين الرجل ووزجته، إلا في بعض الحالات التي يكون الرجل فيها على خطأ، أو يطلب من زوجته أمرًا يخالف تعاليم الشرع الحنيف.
لذا، فعلى الزوجة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به في غير معصية، امتثالًا لحكم الشرع وما أمر به الله ورسوله، وأن تحفظه في نفسها وماله، وأن تحسن معاشرته.
وقد أوجب الله تعالى على الزوجة أن تطيع زوجها كما أوجب على الزوج القيام بحقوقها كاملة، فقال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، وهو تنظيم واضح لحقوق الزوجة وواجباتها تجاه زوجها.
اقرأ أيضًا: الخلافات الزوجية المتكررة.. 7 أسباب أساسية وحلول عمليّة
حكم عصيان الزوجة لزوجها في الإسلام
أعطى الإسلام للزوج الحق في طاعة زوجته في كل نواحي الحياة دونما الوقوع في معصية الله، كما أن له الحق في تأديبها بالشكل المناسب، الذي أقره الشرع كذلك.
وأكد عظم أجر طاعة الزوجة لزوجها، فقد اقترنت بأداء الفرائض الأساسية وطاعة الله، فقد ورد في الحديث الشريف : إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجنة. (صحيح الجامع).
وعلى عكس الكثير من المطالبات المخالفة للشرع، فإن طاعة المرأة لزوجها أمر محمود تؤجر عليه كامل الأجر، ولا يعد قهرًا أو ظلمًا للنساء، بل إن عقوبة عقوق الزوجة لزوجها شديدة في الدنيا والآخرة.
كيفية التعامل مع الزوجة العاصية
كما أوضحت الشريعة الإسلامية حقوق المرأة في الإسلام، أقرت كذلك كيف يكون التأديب، فقال تعالى في سورة النساء: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا".
توضح الآية الكريمة جزاء الزوجة التي لا تطيع زوجها ولا تفي بحقوقه، وتحسن معاشرته، وتُعد تلك المرأة ناشزًا، نسبةً للمكان المرتفع من الأرض غير المستوي، نظرًا لمخالفتها حكم الشرع.
وتبدأ الآية الكريمة بالنصح والوعظ "فعظهون"، مع التذكير بضرورة تقوى الله والعودة إلى منزلها، فإن أطاعته فقد أحسنت وعادت إلى صوابها، وإن لم ترجع، فيكون جزاؤها الهجر في المضاجع، أي أن يتجنبها زوجها تمامًا حتى ترجع عن سلوكها المخالف، وإن لم ترجع، فللزوج حق تقويمها بالضرب غير المبرح دون الوجه، فالغرض منه هو التأديب والتقويم، وليس الإيذاء البدني.
ويقول علماء الشريعة الإسلامية وأساتذة علم النفس إن مفهوم طاعة الزوجة لزوجها ينعكس بشكل مباشر على استقرار الأسرة وترابطها، كما يسهم في تعميق مشاعر الحب والمودة بين الزوجين.
وينبغي لكل زوجة أن تتفهم أن للزوج حق الطاعة والاحترام ولها المثل، وأن العناد الشديد والتمرد من السلوكيات المخالفة للشرع، كما أن فطرة الأنثى تفرض حاجتها إلى رعاية زوجها واهتمامه بها.
اقرأ أيضًا: علامات حب الزوجة لزوجها.. هل يمكن اختبارها؟
هل يجوز للزوج طلاق زوجته العاصية
وفق الشرع فإنه لا خلاف أبدًا على وجوب طاعة المرأة لزوجها، كما أنه حرم بشكل مباشر نشوز الزوجة على زوجها وأوامره من ما تستطيع فعله من الأمور المباحة، وهو ما اتفق عليه الفقهاء.
يأتي ذلك مصداقًا لقول الله تعالى: "الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّل اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"، ولكن الأمر هنا مُقيد بألا يكون يحتوي على معصية لله عز وجل، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ويكون ذلك أيضًا مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل" رواه أحمد بإسناد صحيح.
وفي حقوق الزوج على زوجته وجوب الطاعة حتى أنها يتم تقديمها على طاعة الوالدين، لذلك فإن كانت الزوجة مذنبة أو مآثومة تكون غير مطيعة لزوجها، فعيك بذل مجهود في إخضاع الزوجة لطاعتك فيما يُرضي الله.
ولكن هل يجوز للزوج طلاق زوجته العاصية، في حال ما بذلت ما بيدك كيفما أمرك المولى عز وجل في وعظ وهجر الزوجة لكسب طاعتها، ولم يفلح فإن الطلاق حينها جائز ولا آثمًا فيه، وهو وفقًا للشريعة التي تحاول عبرها بناء أسرة وتوثيق علاقتك بزوجتك وعائلتك، وعلى الرغم من أن الطلاق أبغض الحلال، فإنه إذا كان ليس منه من بُد فلك ذلك، مصداقًا لقول المولى عز وجل: "وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيم".