رائد الأعمال سلمان السحيباني لـ «الرجل»: الفشل بداية النجاح… نركز على القدرة لا التعليم
بدأ مشروعه بثلاثة موظفين، ويملك اليوم أكبر شبكة مساعدة على الطريق في الشرق الأوسط. يمكن لأي راكب سيارة، ومن خلال تطبيق "مرني" على جواله أن يطلب المساعدة من أحد مزودي الخدمة، البالغ عددهم نحو 15 ألف مزود في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، وأجزاء أخرى من دول مجلس التعاون الخليجي.
أنهى دراسته بالحصول على البكالوريوس ثم الماجستير في الإدارة المالية من "جامعة الأمير سلطان"، وسبق له أن شغل مواقع إدارية في كل من شركة لازارد، ووقاية للتأمين والراجحي، وكان عضوًا في "مجلس الأعمال السعودي البريطاني" وهو مؤسس منصة "مرني"، وسبق له أن حصل على تصنيف مجلة "فوربس الشرق الأوسط" ضمن قائمة "رواد الأعمال الأكثر إبداعًا في السعودية.
إنه الرئيس التنفيذي لشركة "لا بأس الصحة لتسوية المطالبات التأمينية"، رائد الأعمال سلمان السحيباني، في حوار مع مجلة الرجل تصدر غلاف العدد الجديد، يتحدث عن تجربته التي بدأها من الصفر، ويكشف عن جوانب مختلفة من حياته، وأهم النصائح العملية لرواد الأعمال في المملكة.
عائلة متوسطة
نشأ سلمان محمد سلمان السحيباني، وسط أسرة سعودية متوسطة، حرص والداه على تعليمه وتربيته أفضل تربية، لافتًا إلى أنه كان منذ الصغر مسؤولا عن مشتريات العائلة، مضيفًا أن "هذا الأمر ساهم في صقل مهاراتي من ناحية التعامل مع الناس والتفكير التجاري".
وعن والده يقول "والدي دائمًا كان يحفزني ويهتم بمواصلة تعليمي، كان يقول لي -أنا استثماري فيك- وكلامه هذا كان دافعًا كبيرًا لي، حيث أعتبر أن تعليمي هو الاستثمار الحقيقي في حياته".
وزعت راتبي هدايا
وبالرغم من أنه كان يحلم بأن يصبح ضابطًا في الطيران، لكنه لم يُخيّب أمل والديه في إتمام دراسته، فحصل على شهادة البكالوريوس ثم الماجستير في الإدارة المالية، عام 2014، من جامعة الأمير سلطان.
بعد إنهاء الدراسة التحق بالوظيفة، يقول "كانت مشكلتي مع الوظيفة أنني كنت أحاول العمل بعقلية احترافية وفي كل مرة أصل لطريق مسدود مع المدير المسؤول في طريقة العمل والأداء".
شغل منصب رئيس المطابقة والامتثال ومكافحة غسيل الأموال في "شركة لازارد" المتخصصة في مجال الاستشارات المالية بين 2013 و2015، ومشرف التزام في "شركة وقاية للتأمين وإدارة التأمين التكافلي" بين 2012 و2013، ومسؤول مكافحة الاحتيال في شركة الراجحي للتأمين التعاوني بين 2011 و2012.
كان في الـ25 حين عمل مسؤولاً عن الاكتتاب بالشركة، يضيف "لقد اكتشفت في هذا الوقت قضية احتيال كبيرة في وقت مبكر فتم نقلي تقديرًا لما قمت به إلى قسم مكافحة الاحتيال للعمل، ومع بداية عملي سعدت بذلك حتى أنني قمت بتوزيع أول راتب لي هدايا لوالدتي وأخواتي".
عمله في تلك الشركات أكسبه خبرة -سيستفيد منها لاحقا- في القطاع المالي (تأمين - استثمار)، وفي تأسيس وإدارة الشركات الناشئة وتكوين فريق العمل.
ولا ينكر أنه كانت لديه محاولات متعددة للعمل الحر لكنها كانت بمجملها فاشلة، يضيف "أعتقد أن الفشل هو محاولة للنجاح، من هنا أقول إنه لا فوارق بين الجميع، فالكل يستطيع أن يحقق النجاح".
تطبيق مرني
في أحد الأيام تعطلت سيارة سلمان السحيباني ووجد نفسه عالقًا على جانب الطريق السريع بإطار فارغ وخيارات قليلة للمساعدة، يقول "تعرضت لبنشر وأنا على الطريق في آخر الليل، وما حدث معي كان غريبا، بحثت عن (محل بنشر) فاتح فلم أجد، كما بحثت عن (سطحة) لحمل السيارة وكانت التكلفة مرتفعة"، في هذه اللحظة لمعت في رأسه فكرة إنشاء تطبيق للمساعدة وتقديم الحلول.
وهكذا رأى تطبيق (مرني) النور يقول" التطبيق يقوم على تقديم خدمات المساعدة على الطريق عن طريق أقرب مزود خدمة متوفر في المنطقة، وخدمة نقل المركبات- البنشر – البنزين – البطارية، بناءً على معايير وفي وقت قياسي للجميع وبسعر واضح وتعرفة محددة".
ويكشف أن شركته بدأت في العمل عام 2015م بـ 3 موظفين فقط، ويضيف "هذا العام وصلنا لحوالي 50 موظفًا ونخطط للوصول إلى 120 موظفا"، ويلفت إلى أن حياته العملية بوصفه رائد أعمال بدأت بدعم هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت”.
وعن اختياره للموظفين ومزودي الخدمة يلفت إلى أن "التركيز يذهب إلى القدرة لا إلى التعليم ولا إلى التجربة التي يفتقدها عموما الشاب السعودي في هذا المجال".
ويشير إلى أن "برنامج بادر هو الوحيد الذي قدم للشركة الخاصة بي دعما كبيرا جدا، حيث إن البرنامج قدم استشارات وعلاقات عامة وتدريبا ووفر للشركة مكاتب".
مراحل نضوج
مشروع (مرني) بخدماته الشاملة لم يولد دفعة واحدة، بداية كان يرتكز على مساعدات الطريق، وشيئا فشيئا توسع في الخدمات اللوجستية للشركات، ثم التوسع في خدمات ما بعد الحوادث.
ويوضح السحيباني أن "الشركة اليوم تقدم الحل الشامل من إرسال أوبر – السطحة إلى تقدير الأضرار ومن ثم تسجيل المطالبة بالإنابة عن الآخرين في شركات التأمين، كما جرى التوسع أكثر مع شركات التأمين في شأن بيع السيارات التالفة" موضحًا أن نمو شركته لم يأت عن طريق ارتفاع نسبة الحوادث أو الأعطال، بل من خلال الحلول المستدامة والشاملة.
ويتابع الرئيس التنفيذي لـ (مرني) سلمان السحيباني موضحا أن "شركته تملك اليوم أكبر أسطول مساعدة على الطريق، تجاوز عدد مزودي الخدمة لديها 15 ألف مزود، يقدمون الخدمات لأكثر من 500 ألف عميل، موضحا أن عدد مديري الخدمات تجاوز 100 ألف مشترك عن طريق شركات التأمين وشركات السيارات.
ويلفت إلى أن تطبيقه يعمل على الهواتف الذكية ويقدم المساعدة على الطريق في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية وأجزاء أخرى من دول مجلس التعاون الخليجي.
وعن انطباعات الزبائن يقول السحيباني إن "هناك إشادة بتجربة المساعدة على الطريق، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد تقصير أو خطأ ويضيف: “مرني” يعمل باستمرار مع الزبائن لمعالجة الأخطاء ورضا المستخدمين عن الخدمات بشكل عام ممتاز، ونهتم بكل التفاصيل. كما أن الأسعار متباينة، وجزء كبير من الزبائن يقولون إن السعر مناسب جدًا ورخيص. فالبعض قال لنا إن الخدمة هذه التي لاتتعدى 50 ريالا يمكن أن أدفع فيها ألف ريال وأنا محتاج".
تحدي (السطحات)
وعن أهم التحديات العملية يشرح "في البداية كان موضوع تجهيز النقليات صعب للغاية بل أكثر شيء أخذ معنا وقتًا وجهدًا، وتمثل ذلك في إقناع أصحاب السطحات أو أصحاب الشركات التي تعمل في المساعدة على الطريق، كان هناك رفض وممانعة، ظنا منهم أننا نتدخل في العملية بينهم وبين الزبون وتحديد السعر والعمولة".
ويضيف "لكن بعد تحقيقنا للنجاح في الوصول للزبائن منذ الإطلاق وفي إدارة العملية بين الطرفين وضمان حقوق الطرفين، استطعنا الانتشار وتقبل مزودي الخدمة وأصحاب السطحات، والآن أصبحت "مرني" أكبر شبكة مساعدة على الطريق في الشرق الأوسط، وأعتقد أن نموذج العمل هو الذي ساعدنا أكثر في تقبل أصحاب السطحات".
شركة لا بأس
يحرص السحيباني على تقديم خدمة متكاملة فهو يعمل من خلال موقعه رئيسا تنفيذيا لشركة "لا بأس الصحة لتسوية المطالبات التأمينية" منذ يوليو (تموز) 2020، يعمل على تلبية المتطلبات التأمينية وخدمة ما بعد الحادث، بأتمتة لكل شيء، وحصول المتضرر على كل حقوقه مع تقديم الخدمات المطلوبة بدءًا من السيارة البديلة وقطع الغيار والفحص والإصلاح لدى الوكيل المعتمد، وتكاليف نقل السيارة…إلخ".
ويضيف أن كل يوم يوجد تحديات جديدة، وهنا تبرز قدرة رائد الأعمال على حل هذه التحديات التي لا تذكر الآن إذا ما قورنت بتحديات البدايات، خاصة مع الأتمتة، ويبقى إجراء يومي يجب على رائد الأعمال اجتيازه يوميًا.
بالإضافة لما سبق يشغل السحيباني عضوية مجلس إدارة الشركة السعودية للصادرات الصناعية "صادرات" منذ يونيو (حزيران) 2019، وشركة الدريس للخدمات البترولية والنقليات "الدريس" منذ 22 ديسمبر (كانون الأول) 2020.
توسع ومنافسة
يكشف السحيباني أنه يخطط للتوسع في تقديم الخدمات في قطاع التأمين والسيارات بشكل عام ويخطط لدخول السوق الإماراتية والمصرية، موضحا أن الإمارات قدمت دعما للشركة من صندوق محمد بن راشد للابتكار وذلك عبر وزارة المالية الإماراتية التي تدعم المشاريع الابتكارية لتسريع نموها، إلى باقي دول العالم.
وتوقع أن تنمو الشركة خلال الفترة القادمة وتحقق المستويات المستهدفة وصولا لمرحلة الربحية.
ويرى أن "وجود منافسين شيء مهم في السوق، لأن التنافس يسهم في تطوير الشركات ويحسن من قدرتها في تقديم الخدمات".
المرأة محفزة
يرى السحيباني أن قرار السماح للمرأة بالقيادة شيء إيجابي، وتابع "ليس كما كان يتصور البعض أن أعداد الحوادث ستزيد، لأن المرأة تقود السيارة بطريقة أفضل من الرجل، كما أن قيادة المرأة حفزت العملاء والسوق بشكل عام لتقديم أفضل الخدمات وتوفير مزايا تنافسية في قطاع السيارات والتأمين".
ويلفت إلى أنه لا يوجد ما يمنع قانونيا أن تعمل المرأة في تقديم خدمات (مرني) لكن هذا العمل فيه إرهاق ومشقة لا أعتقد أنها تناسب طبيعة المرأة حتى في دول العالم الأخرى تجد العاملين في هذه الخدمة رجالا.
ويرى أن كفاءة المرأة بالعمل "لا تقل بأي حال من الأحوال عن الرجال، وأنا متفائل بالمرأة وتمكينها بالمجتمع، وهناك أمثلة لسيدات أعمال سعوديات كثيرات نجحن في حياتهن المهنية والعملية والدراسية".
ستتضاعف الأرباح
يرى السحيباني أننا نعيش فترة ذهبية يجب الاستفادة منها حيث إن بيئة الاستثمار في المملكة جاذبة، ويظهر ذلك من خلال تقارير تداول وأسواق الأسهم وغيرها، خاصة بعد إطلاق رؤية المملكة 2030، وهو ما أدى لنتائج مبهرة.
ويتوقع خلال الخمس سنوات المقبلة أنه ستتضاعف النتائج -بإذن الله- وسيجني الاستثمار بالمملكة الكثير من النتائج خاصة في الملكيات الخاصة والشركات الخاصة.
ويعتقد أننا قادرون على الاستغناء عن النفط خاصة بعد مشاريع صندوق الاستثمارات العامة ومشاريعه الداخلية والخارجية، والتحول الذي يشهده الاقتصاد الوطني من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي وتنوع مصادر الدخل الوطني.
مقومات ونصائح
يرى السحيباني أن "ريادة الأعمال ليست سهلة، وإلا لأصبح جميع الناس رواد أعمال" ويشرح أن أولى مقومات النجاح هو "دراسة المشروعة بعناية فائقة، ومعرفة كل جوانبه، وموازنة المخاطر ومعرفة متى يخاطر ومتى يجب عليه أن يتوقف".
ويضيف أن "الميزة الأساسية هي عدم التسرع والصبر على كل المشكلات التي تواجهه مع محاولة حل هذه المشكلات والتحديات، فالوضع بريادة الأعمال مختلف عن إنشاء الشركات الكبرى، فالموارد قليلة وشحيحة، ولذا ينبغي أن يكون هناك حنكة في إدارتها للوصول لأفضل نتيجة ممكنة" .
ويؤكد أن الإبداع ينتج من الشخص ذاته وهو موجود في كل شخص، وعن تجربته يقول "كنت محظوظًا لإظهار هذا الإبداع، ولكن نصيحتي لكل الشباب، لا تجعلوا حواجز بينكم وبين أنفسكم، جربوا، حاولوا أكثر من مرة، فمن الممكن أن تفشلوا في البداية لكن سيكون النجاح حليفكم بعد ذلك، مع الإصرار على النجاح والصبر والجلد ستحصلون على طموحكم في يوم ما".
وفي لفتة يرى أنها مهمة ينصح رواد الأعمال بألا يجعلوا من عملهم الخاص هو أول عمل، بل عليهم الاتجاه لاكتساب الخبرة من أعمال أخرى قبل الخوض في أعمالهم الخاصة المستقلة.
العائلة والأصدقاء
وعن علاقته بالأهل والأصدقاء يعترف السحيباني بأنه مقصر بحق الأهل والأصدقاء بسبب الانشغال الدائم بالعمل، ولكنه يستدرك ما فاته بالقول "في الفترة القادمة بإذن الله سأعوضهم عن ذلك وأكون معهم لفترات أطول من ذلك، وبخاصة والدي فقد أكرمني ربي بأشياء عديدة وأشكر كل الناس الذين وقفوا بجواري خاصة في البدايات".
أما هواياته المفضلة فيكشف لمجلة الرجل أن القراءة أهم هواياته بالإضافة لسباق السيارات، ويضيف "كنت أحيانا أمارسها بالبر، ولكن ابتعدت عنها لقلة الوقت، لكن عندما يتسع الوقت سأذهب إلى حضور السباقات بمضمار السباق".
الأمنيات
وردا على سؤال مجلة الرجل عن الأمنية التي لم تتحقق يقول "بالرغم من الطموح والنجاح لكني أسعى دائمًا للأفضل لأخدم وطني وأهلي وتحقيق التفوق في كل المجالات ولدي حلم تأسيس شركة بحيث تكون كل العمالة بها من السعوديين 100%".
تصوير: شركة تلفاز - جلسة التصوير في فندق راديسون الرياض المطار