ما هي العقوبات الاقتصادية وكيف تعمل على إخضاع الدّول؟
يشهد العالم هذه الأيام وضعًا خاصًا خطيرًا جدا بعد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، ومنذ ذلك الحين صرنا نسمع يوميًا عن العقوبات الاقتصادية التي تم تسليطها من قبل الإتحاد الأوروبي، ويبدو غريبًا للبعض عن كيفية وآلية عمل هذه العقوبات، كوننا اعتدنا تاريخيًا رؤية العقوبات، وهي تنفيذ باجتياح الدبابات، وسقوط الصواريخ؛ فما هي العقوبات الاقتصادية؟ وكيف تعمل على إلحاق الضرر بالدول التي تتم معاقبتها؟
يمكن أن تتراوح العقوبات الاقتصادية من حظر السفر وقيود التصدير إلى الحظر التجاري ومصادرة الأصول، وهذا بحكم التعريف طبعًا، يتم تطبيق هذه العقوبات على الأطراف التي لا تخضع لتنفيذ القانون من طرف الجهة القضائية التي تفرض العقوبات.
وتوفر العقوبات الاقتصادية أداة سياسية تتجنب دائمًا الصدام العسكري وقد تتراوح إلى القوة العسكرية لمعاقبة أو إحباط الأعمال المرفوضة أو من أجل الإخضاع، أو حتى تحطيم القوة الاقتصادية.
يمكن تطبيق هذه العقوبات على نطاق واسع قد يمتدّ حتى إلى خارج حدود الدولة أو الكيانات التي تفرض العقوبات كما يمكن أن يكون لها تأثير مباشر وفعال جدًّا إذا كانت هناك زيادة في التجارة العالمية والاعتماد الاقتصادي المتبادل.
يجب أن نعرف أن الدول والتحالفات التي تطبق العقوبات الاقتصادية يجب عليها أن تتمتع باقتصاد مثالي، دولة كالولايات المتحدة الامريكية و كتجمع كالاتحاد الأوروبي نموذجان الاقتصاد القوي، لذلك نجدهما من بين القوى التي يمكنها تطبيق العقوبات على نسبة كبيرة من الدول دون أن تتأثر هي أو دول حليفة لها.
يمكن فرض العقوبات الاقتصادية من جانب واحد من قبل دولة واحدة أو متعددة الأطراف من قبل مجموعة من البلدان أو منظمة دولية ويمكنها أن تظهر في الشكل التالي:
العقوبات الاقتصادية
1- الحظر
ويعد الحظر التجاري خطرًا واسع النطاق على التجارة مع بلد ما، على الرغم من أنه يمكن أن يشمل في بعض الأحيان استثناءات لتوريد الأغذية والأدوية لأسباب إنسانية، ومثال عن دول يطبق عليها الحظر فإن كوبا وإيران وكوريا الشمالية منذ فترة طويلة يخضعون لحظر تجاري أمريكي.
اقرأ أيضًا: في هذا التوقيت وبقيادة الصين..عودة الاقتصاد العالمي لمستوياته قبل الوباء
2- ضوابط التصدير
حيث تمنع قيود التصدير توريد منتجات وخدمات وملكية فكرية محددة إلى البلدان المستهدفة وغالبًا ما يتم تقييد مبيعات الأسلحة والتكنولوجيا ذات التطبيقات العسكرية أو كما هو الحال حاليًا لروسيا من حرمانها من تقنيات ومعدات التنقيب عن النفط.
3- ضوابط رأس المال
يمكن أن تقيد ضوابط رأس المال الاستثمارية في البلدان أو الصناعات المستهدفة، أو يتم منعها على نطاق واسع الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية لمصدري الدولة.
العقوبات التجارية، يمكن أن تشمل العقوبات التجارية ضوابط الاستيراد لبلدان معينة أو مناطق أو صناعات معينة.
4- تجميد الأصول أو مصادرتها
يمكن مصادرة أو تجميد الأصول الواقعة ضمن ولايات فرض العقوبات، أي الاستيلاء عليها أو تجميدها، وهو ما قامت به الدول الأوروبية مع روسيا من خلال مصادرة أصولها المالية بالبنوك الاوروبية.
5- قيود السفر
فقد يُحرم المسؤولون والمواطنون أو أفراد معينين من السفر إلى الدولة أو الكيان الذي يفرض العقوبة أو من خلال إغلاق المجال الجوي وهو ما فرضته القوى الغربية تجاه روسيا من خلال غلق الأجواء الأوروبية والأمريكية عنها.
اقرأ أيضًا: لماذا تحسّن التجمعات من وضع الاقتصاد العالمي؟ مجموعة العشرين نموذجًا
أمثلة عن العقوبات الاقتصادية
تشمل العقوبات الاقتصادية القيود المفروضة على الواردات الأمريكية من منطقة شينجيانغ الصينية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد شعب الأويغور، كما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على المسؤولين والصناعات والشركات الروسية في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014.
وغالبًا ما كان ينظر إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على جنوب إفريقيا في عهد التمييز العنصري كعامل مساهم في الانتقال السلمي إلى حكم الأغلبية هناك.
كيف يقاس نجاح هذه العقوبات من عدمه؟
يمكن قياس نجاح العقوبات من خلال تحقيق أهداف السياسة المرغوبة، أو ببساطة بتكلفتها على البلدان والأفراد المستهدفين، إذا كانت العقوبة هي الهدف الأساسي، يمكن أن نرى أيضًا فرض تكاليف على مواطني البلد المستهدف وكذلك شركات الدولة التي تفرض عقوبات من خلال ضغطها جمركيا في حالة كسر القرارات، كأن يتم حرمان شركة adidas من بيع منتجاتها الى روسيا، فإذا أرادت الشركة كسر العقوبة والبيع رغم ذلك فإن الدولة ستركز ضريبة جمركية غالية جدا على سلع الشركة مما سيجعلها خاسرة لذلك ستتجنب التعامل.