رجل الأعمال جميل السالمي: صناعة الشوكولاته سرقتني من 14 عامًا في تعليم الرياضيات
تخرج في قسم الرياضيات، وعمل مدة أربعة عشر عامًا متواصلة في تدريس هذه المادة، لكن شغفه الحقيقي كان في تحليل البيانات والأرقام السوقية، ومتابعة الاقتصاد ومؤشراته صعودًا وهبوطًا. هذا الشغف جعله يتوجه إلى استكمال الدراسات العليا في مجال المحاسبة، وحاليًا بصدد مناقشة رسالة الماجستير.
علاقته الوطيدة مع الأرقام وتحليل البيانات لم تكن بلا فائدة، بل على العكس، تمكن بوساطة هذا الشغف أن يقرأ السوق ويعرف المدخل المناسب للخوض في التجارة بكل مداخلها ومحاورها، مبتدئًا بمحل صغير لبيع الشوكولاته في عام 2013، وبرأسمال لم يتجاوز 800 ألف ريال سعودي، هي كل ما يملك.
يقول رجل الأعمال السالمي «دخلت التجارة من بوابة الشوكولاته، بعد أن أجريت دراسة مستفيضة للسوق في السعودية من عدة جوانب، فوجدتها الأكثر اجتذابًا، وتخاطب كل الشرائح المجتمعية. هنا قررت افتتاح متجر لبيع الشوكولاته بجانب عملي مدرسًا لمادة الرياضيات، وبدأت رحلة البحث عن أفضل جودة، من ناحية المادة الخام، فوجدت أن الشوكولاته السويسرية هي الأجود بجانب البلجيكية. هنا بدأت خطة العمل واستيراد كميات تغطي احتياج المتجر، الذي افتتح في عام 2013».
رجل الأعمال علي العثيم: ابحثوا عن الفرص ولا تنتظروها.. أستمتع بعملي والسر بالشغف والفائدة
نجاح وتحدٍ
يقول السالمي: «الإقبال والنجاح الذي حققه الفرع الأول، كان إشارة واضحة للتوسع في هذا الطريق، والتركيز على افتتاح المتجر الثاني، وقمنا بهذه الخطوة، وأصبح لدينا احتياج إلى سد طلبات الفرعين بصورة دورية، هذا الاحتياج دفعنا إلى إنشاء معمل صغير، يعمل على سد احتياجنا من الشوكولاته وتصنيعها وتغليفها، إضافة إلى تقديمها بنكهات وحشوات مختلفة».
نوه السالمي بأن النجاح يدفعك دائمًا إلى تحدٍ أكبر، وخطوة أهم تعمل على ترسيخ قدمك وتثبيتها في السوق، بصفتك منافسًا ومستثمرًا في السوق، خصوصًا أن السوق السعودية من أهم الأسواق الجاذبة للمشاريع الناجحة، إذا ما جرى التخطيط والتنفيذ لها بشكل دقيق وصحيح، وبحسب دراسات تقدم ما يرغب فيه الزبون.
خبرته ومعرفته بالأرقام أفادته أيضًا في قراءة حالة الاقتصاد. كان يعيش حالة من التذبذب مع بداية عام 2014، لكنه واجه السوق بصعودها وهبوطها، معلنًا أنه متحدٍ لكل العقبات، وقد حقق مزيدًا من النجاح.
التصنيع دعم التوسع
ومع مرور السنوات اكتشف جميل السالمي أنه من الضروري أن يتحول من بائع إلى مصنّع، ويوضح: «جرى افتتاح أول مصنع للشوكولاته في عام 2017، وبتكلفة مقدارها 4 ملايين ريال، وكان الافتتاح بعد مسح عام للسوق السعودية، واكتشاف أن معظم هذه الصناعة حكر على دول بعينها، هنا كان القرار بالتحول إلى الاستثمار في صناعة الشوكولاته واستيرادها كحبوب والعمل على فصلها إلى (الكاكاو، ماس الكاكاو، زبدة الشوكولاته)، وهي المواد الخام التي يجري استخراجها من حبوب الشوكولاته المستوردة من سويسرا ليجري تخزينها، ومن ثم أخذ دورتها المتكاملة في تحويلها من حبوب إلى شوكولاته جاهزة للاستخدام بكامل المذاقات والنكهات، داخل المصنع في المدينة الصناعية بجدة».
وقد أوضح أن التوسع وإيجاد مصنع بجانب المعمل الذي جرى إنشاؤه سابقًا مكنه من التوسع أكثر في عدد المتاجر ليصل حاليًا إلى 12 فرعًا تغطي جدة، ومكة، والطائف، وأبها، وبيشة، والشرقية (الأحساء)، وغيرها، فيما قرر أن تكون العاصمة الرياض في آخر القائمة حيث إنه وبحسب قوله: «المنافسة في الرياض قوية ويجب أن ندخل السوق بشكل أكثر قوة وتحديًا».
الخطة تشمل الخليج
«احتياجات السوق الكبيرة»، بحسب وصف رجل الأعمال جميل السالمي، جعلته يقبل التحدي ويمضي به إلى النهاية، ولا مشكلة لديه في ظل الانفتاح على كل العلامات التجارية المحلية والعالمية، فهو يرى أن «السوق تتسع لكل المستثمرين ما دامت لديهم خطط توسعية تلبي احتياجاتها، المهم تحديد الشريحة المستهدفة إضافة إلى امتلاك نظرة مستقبلية خارجة عن الصندوق».
ويضيف السالمي أن «هذه النظرة هي ما جعلتنا نفتتح المصنع الثاني، وحاليًا استحوذنا على المصنع الثالث، ليس لنغطي احتياجات الفروع التي نمتلكها فقط، بل لدينا أيضًا خط إنتاجي لكل المحلات التجارية التي تتعاقد معنا، وبذلك أصبحنا نمتلك ثلاثة مصانع كبرى ومعملين صغيرين، و12 فرعًا على مستوى السعودية».
وقد بيّن أن الهدف حتى نهاية 2023 افتتاح عدة فروع في دول الخليج، بناء على طلب عدد من التجار، خصوصًا في كل من عمان، والإمارات، والبحرين، ومن ثم الانطلاق إلى الكويت، وقطر. فيما أوضح أن حجم إنتاج المصنع الأول 100 طن سنويًا، ويصل حجم إنتاج المصنع الثاني إلى 250 طنًا سنويًا من الشوكولاته، فيما يهدف السالمي إلى أن يصل حجم الإنتاج مع الاستحواذ على المصنع الثالث إلى 1000 طن سنويًا.
وعما إذا كانت هذه التوسعات في العلامة التجارية (المذاق السويسري) كفرنشايز سيجري منحه لعدد من الدول قال: «نعم افتتحنا عددًا من المتاجر داخل السعودية (فرنشايز)، والتوجه في الوقت الراهن لدول الخليج بالخطة نفسها».
رائد الأعمال المهندس فوزي طلال سليماني: حولنا المباني الفارغة لفنادق عالمية ونطمح لنصبح شركة مشغلة
تحديات كورونا
تأثرت أعمال السالمي بجائحة كورونا، التي يعدها «ضربة موجعة للاقتصاد»، ويضيف «لا نزال في حالة صعود وهبوط اقتصاديًا، فيما كانت كورونا الأزمة الحقيقية التي غربلت السوق، ولم يستطع الصمود إلا من كانت لديه خطط بديلة وسريعة، لذا من خلال فريق عمل محترف قررنا التوجه لإنشاء تطبيق خاص بالطلبيات، إضافة إلى الموقع الإلكتروني، الذي شكل نسبة 80% من حجم المبيعات».
وبسبب كورونا وإغلاق الأسواق، واجه السالمي أزمة في استيراد الورق من الصين ثم من إيطاليا، أيضًا واجه أزمة في تأمين الأوراق المطبوعة على المنتج (Stickers ) ما دفعه إلى استخراج سجل تجاري لشركة تنتج هذه النوعية من الورق، موضحًا أنه «سيجري افتتاحها قريبًا لسد الاحتياجات نيابة عن استيرادها من الخارج، ويمكن أيضا تلبية طلبات شركات أخرى في حال جرى عقد اتفاقيات بهذا الصدد».
الأول سعوديًا
يطمح جميل السالمي أن يكون الأول سعوديًا في مجال صناعة الشوكولاته. فمع النجاحات التي حققها حتى اليوم، فلا يزال في جعبته الكثير، يكشف لمجلة الرجل: «نحن بصدد افتتاح ثلاثة فروع جديدة لمحلات المذاق السويسري، إضافة إلى أن لدينا خطة استيراد حبوب الشوكولاته من هولندا حيث إنها منافس قوي، بعد اكتشاف نوعيتها وجودتها، وحاليًا بدأت بالمنافسة، لذا بدأنا بوضع الخطط ليصبح لدينا خط إنتاجي جديد بجانب الشوكولاته السويسرية».
وقد أكد أن هذه المصانع وهذا العمل يدار بأيدٍ سعودية شابة من كلا الجنسين، حيث إن العمل بدأ بثلاثة موظفين فيما يصل عدد العاملين السعوديين حاليًا إلى 70 شابًا وشابة.
ومعهد للتدريب
يحاول السالمي الإحاطة بعمله والاهتمام بكل جوانبه، حيث جرى من خلال المعهد التدريبي الخاص بالشركة استقطاب عدد من المدربين الفرنسيين، لتدريب مجموعة جديدة من الشباب والشابات، واختيار الأكثر تميزًا وكفاءة لينضم لقائمة الموظفين في الشركة.
وعن تلك الدورة التدريبية أفاد قائلاً: «سيُجرى عقد دورات تدريبية قريبًا جدًا لزيادة عدد الموظفين في كل قطاعات الشركة: الإدارة، وفي المصانع، والمعامل، خصوصًا أننا بصدد تشغيل المصنع الثالث، ونستهدف في الدورة الأولى تدريب العاملين على التغليف، والمبيعات، والتسويق، وغيرها من المهن الحيوية، فيما ستعقد الدورة الثانية للمحترفين من الطهاة، حيث سيُجرى استقطاب المتخصصين في مجال صناعة الحلويات والشكولاته».
ونوه السالمي بأن الهدف الأبعد هو العمل على تحقيق رؤية السعودية 2030 وفتح آفاق جديدة للشباب السعودي.