كيف تجمع بين الموظفين والمستقلين داخل شركتك
إذا كنت تدير شركة حالية، أو حتى بصدد تأسيس شركتك الجديدة، فلا بد أنّك تفكر كثيرًا في كيفية جذب أفضل الكفاءات للعمل معك في الشركة. في الوقت ذاته، ترغب في ألّا يكلّفك الأمر أكثر مما يمكنك دفعه، لا سيّما إذا كنت في بداية العمل. في هذه الحالة تبرز مسألة الجمع بين الموظفين والمستقلين في الشركة، بوصفها حلاًّ يساعدك على تحقيق ما تريده. في هذا المقال سنتحدث عن كيفية الجمع بين الموظفين والمستقلين داخل شركتك.
لماذا تحتاج إلى وجود الموظفين؟
بالتأكيد يدرك كل صاحب عمل ضرورة وجود الموظفين في الشركة، فهم عماد الشركة وقوامها الأساسي في العمل. يضمن وجود الموظفين في الشركة إمكانية تنفيذ الأعمال اليومية لها في المجالات المختلفة لها، سواءٌ فيما يتعلق بالإنتاج أم التسويق أم المبيعات أم الموارد البشرية، وغيرها من المهام التي تحتاج إلى وجودهم حسب طبيعة الشركة.
الميزة الأساسية لوجود الموظفين هي أنّهم مجتمعون داخل الشركة باستمرار، وهو ما يعني عدم تعطل الأعمال الرئيسة للشركة، لا سيّما إذا كان الأمر يتطلب إنتاجية ثابتة، أو يحتاج إلى تواصل مستمر مع الزبائن في أوقات محددة. مِن ثَمَّ، يمثل هؤلاء الموظفون واجهة للشركة في هذه المهام.
لماذا تحتاج إلى وجود المستقلين؟
اعتادت الشركات على نمط التوظيف التقليدي، لكن مع تقدم الأعمال وظهور العمل الحر وإقبال كثيرٍ من الأشخاص عليه، أصبح من الضروري التفكير باعتماد هذا النمط داخل الشركات، جنباً إلى جنب مع الموظفين. يمكن تضمين أهمية المستقلين في النقاط التالية:
1- كفاءات من جميع أنحاء العالم
تعمل الشركات غالبًا في مكان محدد، ومن ثمَّ إذا كانت تباشر عملها من مقرٍّ لها، فهي تلتزم بالحصول على الكفاءات الموجودة في هذا المكان. بينما يؤدي الاستعانة بالمستقلين إلى الحصول على كفاءات متنوعة من جميع أنحاء العالم، فالمستقل لا يلتزم بحدود للمكان أو الزمان للعمل. يمكن للشركة أيضًا الاستفادة من ذلك لمباشرة أعمالها في أماكن مختلفة والتوسع بها، دون الاضطرار إلى إنشاء مكان عمل مخصص لها.
من ناحية أخرى، فعلى الأغلب يمتلك المستقلون الخبرة الكافية لتنفيذ المهام، وهو ما قد لا تحتاج معه الشركة إلى تدريب الشخص، من ثمَّ فأنت ستحصل على كفاءة عالية لتنفيذ المهمة المطلوبة مباشرةً، دون الاضطرار لقضاء الوقت في التدريب والتأهيل.
2- توفير التكلفة
يؤدي الاعتماد على الموظفين إلى تحمل الشركة لتكاليف أخرى إلى جانب الراتب، بينما في حالة المستقلين، يكون الاتفاق فقط على دفع المقابل المادي لتنفيذ المهام، وهو الأمر الذي يرتضيه الطرفان نتيجة لطبيعة العمل المستقل.
كما أنّه في حالة الموظف الدائم، تدفع الشركة راتبًا مستمرًّا طوال الوقت، بعيدًا عن طبيعة المهام التي يؤديها أو حجمها، وكذلك تتحمل في بعض الأحيان دفع مقابل للعمل الزائد. بينما في حالة المستقلين، فإن الشركة ستدفع المقابل المادي للشخص عند تنفيذ المهمة فقط مهما كانت طبيعتها أو حجمها.
3- تنفيذ المهام غير المتكررة
من أهم التحديات التي تواجه الشركة في حالة التوظيف العادي، هي المهام غير المتكررة في الشركة. إذ تضطر الشركة في هذه الحالة إمّا لتوظيف شخص، وهو لن يمارس مهامَّ متعددة وسيحصل على راتبه بالكامل، أو تعتمد على إسناد المهمة لشخص آخر داخل الشركة، وهو قد لا يكون مؤهلاً لها بالضرورة، أو حتى لا يملك الوقت الكافي للعمل عليها.
لذا، يسهّل وجود المستقلين هذا الأمر، إذ يمكن الاستعانة بهم فقط عند الحاجة إلى المهمة، لتولي مسؤولية تنفيذها، وبعدها ينتهي التعاقد معهم. في هذه الحالة توفّر الشركة المقابل المادي للتوظيف، وتحصل على الجودة المطلوبة في الأداء.
4- مرونة المستقلين
يتّبع العمل مع الموظفين قواعد محددة تنظم هذا العمل، مثل عدد الأيام والساعات، وغيرها من العوامل الأخرى. من ثمَّ، يكون من الصعب الاستعانة بالموظفين خارج بنود الاتفاق، وهو أمر منطقي تمامًا، فلن يكون مناسبًا جعل الموظف يعمل في إجازته أو بعد ساعات العمل، لأنّ ذلك سيخلق حالة من الإرهاق لدى الموظف، ستؤثر على إنتاجيته لاحقًا. يمكن التغلب على هذه الجزئية باتّباع نظام العمل المرن مع الموظفين، لكن هذا الأمر ليس سهلاً على الدوام.
أمّا العمل مع المستقلين فهو يعطي المرونة الكافية للشركة، إذ يمكن الاستعانة بهم في المهام التي تنفذ في نهاية الأسبوع، وهو ما لن يؤثر على جودة أدائهم، إذ بالفعل هم يعملون في مواعيد مختلفة عن البقية، ويحصلون على راحتهم بالطريقة التي تناسبهم. بالتالي، من خلال توظيف المستقلين يمكن الاستفادة من المرونة لتنفيذ أيٍّ من المهام المستهدفة للشركة.
كيف يمكنك الجمع بين المستقلين والموظفين في العمل؟
على الرغم من أهمية المستقلين، فلا يمكن بأي حال الاستغناء عن وجود الموظفين، بل الجمع بينهما يجعل الشركة في درجة عالية من التفوق والاستمرارية في العمل، دون تحمل تكاليف أعلى من المتوقع. يمكنك الجمع بين المستقلين والموظفين بالخطوات التالية:
1- حدد المهام المناسبة للاثنين
يجب البدء أولاً بتحديد المهام المناسبة لكلٍ من الموظفين والمستقلين في الشركة، حتى لا يحدث تداخل بين المهام، أو يحدث تقصير نتيجة تعيين النوع الخاطئ للمهمة. يمكن فعل ذلك من خلال تحليل المهام في الشركة، ومحاولة الإجابة على الأسئلة التالية:
- ما المهام المتكررة في الشركة يوميًّا؟
- ما المهام المتكررة في الشركة لكن على فترات دورية؟
- ما المهام غير المتكررة وتظهر كل فترة دون موعد مسبق؟
- هل تحتاج الشركة إلى العمل في فترات الإجازة؟
- ما الميزانية المخصصة لعملية التوظيف؟
من خلال الإجابة عن الأسئلة الماضية، ستكون لديك رؤية بشأن المهام التي يمكن إسنادها للموظفين والمهام التي يمكن إسنادها للمستقلين.
2- وضّح للموظفين قيمتهم للشركة
لا بُدَّ من الحديث مع الموظفين وتوضيح قيمتهم بالنسبة للشركة، إذ من المحتمل أن يُشعرهم وجود المستقلين بالغضب، فلا يفهم الكثيرون طبيعة العمل المستقل، ويرغبون في الاستفادة من مميزاته، دون إدراكهم لمشكلته على الشركة.
لذا، لا بد من توضيح الأمور للموظفين، وأنّهم يحصلون على مميزات أخرى لا يحصل عليها العامل الحر، وأنّ طبيعة العمل المستقل هي مكملة لعملهم في الشركة، إلى جانب أنّ دور الموظفين لا يمكن تعويضهم من أحد. من خلال ذلك يصبح الموظفون أكثر إيمانًا بدورهم في العمل.
3- اختيار المستقلين المناسبين
بعد الانتهاء من تحديد المهام المطلوبة من المستقلين، لا بُدَّ من التفكير في طريقة اختيار المستقلين المناسبين للعمل مع الشركة، لضمان تحقيق المميزات الناتجة عن توظيفهم. لا بد من البدء بتحديد الوصف الوظيفي للمهام وبعد ذلك البحث عن المستقلين. لا بد من الاهتمام بكتابة التفاصيل واضحة، لضمان وصول الصورة جيدًا للأشخاص.
يمكن البحث عنهم على مواقع العمل الحر المختلفة الموجودة، وذلك لأنّ هذه المواقع تحتوي على نماذج أعمال سابقة للمستقل وتقييماته على المهام المختلفة، وبالتالي يمكن ضمان تقييم المستقل جيدًا قبل بدء العمل معه، ومن ثم ضمان جودة عمله.
يتميز العمل مع المستقلين بسهولة إنهائه وبالاتفاق مع المستقل، لذا لا يوجد داعٍ لبدء تعاون مستمر مع المستقل، بل يمكن البدء أولاً بطلب مهمة صغيرة، وبعد الانتهاء منها يمكن تقييمها لتحديد إمكانية التعاون المستمر في المستقبل. يتيح لك ذلك تجربة عدد من المستقلين، وبعدها اختيار أنسب الأشخاص للعمل معك باستمرار.
4- وضع نظام لإدارة العمل بين الاثنين
ليس معنى أنّ المستقل لا يعمل من مقر الشركة، أنّك لا تحتاج إلى تنسيق في عمله مع الإدارة أو الموظفين، بل كثيرًا ما يحدث تعاون بين الموظفين والمستقلين. لذا، يمكن تنظيم هذا الأمر من خلال إيجاد طريقة مناسبة لإدارة العمل. يشمل ذلك الاتفاق على النقاط التالية:
1- تحديد طريقة التواصل: لا بُد من تحديد طريقة التواصل المناسبة للعمل، مثلاً ما هي التطبيقات المستخدمة في العمل؟ يمكن الاعتماد على مجموعة متنوعة من التطبيقات، مثل تطبيق Zoom للاجتماعات.
2- اختيار موعد التواصل: يعمل الموظفون في مواعيد محددة، ومن ناحية أخرى لا يلتزم المستقلون بمواعيد محددة. لكن في بعض الأحيان يحتاج الأمر إلى التقاء الاثنين معًا. لذا، لا بد من الاتفاق على موعد التواصل المناسب للطرفين، لضمان تسيير الأعمال في الوقت المحدد لها دون تأخير.
3- الاتفاق على آلية استلام وتسلم العمل: أخيرًا لا بد من وجود آلية محددة يمكن الاعتماد عليها، من أجل استلام وتسلم العمل بين الطرفين. يمكن الاعتماد على تطبيقات تنظيم العمل مثل Trello، Slack، Google Drive. مع توضيح آلية الجمع بين هذه التطبيقات، وكيفية العمل عليها بالطريقة الصحيحة، لضمان تسيير المهمة دون فقدان أي جانب من جوانب العمل المهمة.
ختاماً، يعد الجمع بين الموظفين والمستقلين في الشركة أمرًا ضروريًّا لا يمكن الاستغناء عنه في الكثير من الحالات، إذ يمكن للشركة الاستفادة من مميزات الاثنين، للحصول على عمل مستمر وبكفاءة عالية طوال الوقت. لذا، لا بد من التخطيط جيدًا للأمر، والعمل من أجل إدارته بالطريقة الصحيحة التي تعطي الأداء المناسب.
المصادر: