بطل الكاراتيه طارق حامدي لـ«الرجل»: لا أحب الأضواء وأهوى السباحة... وانتظروا فالميداليات قادمة
"الميدالية التي على صدرك هي ذهب، هكذا أراها أنا ويراها كل السعوديين"، هكذا خاطبه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعد عودته من أولمبياد طوكيو 2020 مُتوَّجاً بالميدالية الفضية، معبِّراً عن مشاعره ومشاعر كل السعوديين الذين خرجوا للاحتفاء، به وتكريمه، بإنجازه لأول أولمبية في الكاراتيه.
إنه بطل الكاراتيه السعودي الشاب طارق علي حامدي، البالغ من العمر 23 عاماً، يرى أن هناك طريقاً واحداً للبطولة هو العمل ثم العمل ثم العمل بإخلاص، وأن أهم صفات لاعب الكاراتيه هي الثقة بالنفس وبقدراته على تحقيق طموحه الخاص، وأن العقبات هي تحديات تزيدنا إصراراً، ناصِحاً زملاءه بالتحلّي بالصبر والانضباط في التمرين والابتعاد عن الطعام غير الصحي.
طموحه الذهب، يَعِد بالمزيد من الميداليات في بطولة العالم القادمة، ويكشف أننا سنرى بطلات سعوديات قريباً. طارق حامدي ضيف مجلة الرجل يتحدث عن أهم لحظات حياته، عن عائلته وطفولته وهواياته وجوانب مختلفة من حياته الشخصية والعامة، يعتبِر نفسه جزءاً من فريق حقق إنجازات كبيرة لبلاده ويلوم الإعلام على تقصيره.
كنت أهوى القدم
كيف كانت طفولتك؟ في أي بيئة ولد طارق حامدي؟
ولدت ونشأت في مدينة الجبيل، ودرست في مدرسة الملك عبدالعزيز الابتدائية وكنت أحب الدراسة خلال تلك المرحلة لذا كنت متفوقاً دراسيّاً، وفي المرحلة المتوسطة كان اهتمامي منصبّاً أكثر على الكاراتيه من الدراسة، فلم أستطع التوفيق بين الاثنين.
أما في المرحلة الثانوية فقد درست في مدرسة الملك فهد وكنت الولد ذا الشعبية بين طلاب المدرسة، لأني حققت أول ميدالية برونزية في بطولة العالم سنة 2013، لذا كنت أحظى بمعاملة خاصة من إدارة المدرسة وزملائي.
علاقتك بوالدك وبوالدتك (أم طارق) وبقية أفراد العائلة
الحمد لله العلاقة مع عائلتي جميلة جداً، الوالدة "مبروكة بنت عبدالله" كانت صديقة لي، وأنا أكثر إخوتي شبهاً بأمي في سمات كثيرة.
هل كان في طفولتك ما يشير إلى أنك ستغدو بطلاً للكاراتيه؟
لا إطلاقاً، كنت أهوى كرة القدم، ودخولي للكاراتيه كان صدفة، فقد كنت أخرج من البيت بعد صلاة العصر كل يوم، وأظل ألعب كرة قدم حتى الفجر، وهذا لم يعجب أمي، فاقترحتْ على أبي أن يشترك لي في النادي، فاشتركت في "نادي الجبال" واختار أبي لي لعبة الكاراتيه، وشاركت بعد ذلك في أول بطولة لي مع النادي، وكانت بطولة المملكة في مكة المكرمة ولم أحقق شيئاً يُذكر. وفي عام 2012 كانت أول مشاركة لي مع المنتخب في بطولة آسيا بدولة أوزباكستان، وحققت فيها برونزية. من هذه البطولة بدأ اهتمامي الفعلي بالكاراتيه، وأردت أن أحقق ذاتي، ومن هنا كانت الانطلاقة.
على مقاعد الدراسة هل كنتَ طالباً مشاغباً، وما ذكرياتك عن تلك المرحلة؟
هادئ نوعاً ما، وبرغم ذلك كنتُ طفلاً عصيباً، وعندما بدأت في الكاراتيه، تغلَّبتُ على عصيبتي، وأصبحتُ أتمالك أعصابي، وأعرف كيف أتعامل مع الضغوط من حولي، ولا أجعلها تؤثر فيَّ.
أما عن الذكريات، فأتذكر أنه وأنا بالصف الثاني الابتدائي في حصة "التعبير" كان هناك أستاذ "عبدالله"، مسَّاه الله بالخير، طلب منا كتابة موضوع تعبير عبارة عن رسالة، وكتبت الموضوع، وعندما قرأه الأستاذ عبدالله، نظر نحوي فرأيت في عينيه نظرات الإعجاب، وأوقفني عند السبورة وأشاد بي أمام زملائي.
صدفة مباركة
هل أكملت تعليمك؟
الحمدلله أنا في السنة الأخيرة في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل (الدمام سابقاً) تخصص تسويق.
ومتى بدأت الاهتمام بلعبة الكاراتيه جدّياً؟
مثلما قلت من قبل بدأت ألعب وأنا في الصف الخامس الابتدائي تقريباً، ولكن بدأ الاهتمام الجدي بالكاراتيه بعدما حققت برونزية بطولة العالم في إسبانيا عام 2012، من بعدها بدأ شغفي الحقيقي بتحقيق إنجاز لوطني العزيز، وشعرت بقشعريرة وأنا على منصة التتويج، وعلم المملكة يرفرف مُحلّقاً في السماء، والنشيد الوطني يتردد صداه، فعلاً شعور رهيب.
ما الصدفة التي قادتك إلى اختيار هذا الطريق، وهل كنت تفكر وتحلم من البداية أنك ستصبح بطلاً عالميّاً؟
كان الموضوع عبارة عن صدفة بمباركة من والدتي، حيث إنها أشارت لوالدي بأن أمارس الرياضة بالنادي، والوالد اختار لعبة الكاراتيه.
هل كنت تشاهد أفلام الكاراتيه السينمائية؟ وهل تأثرت بشخصية أو فيلم محدد؟
في الحقيقة لا أحب الأفلام، ولم أتأثر بأي نجم من نجوم السينما يؤدي حركات الكاراتيه، ولا أعتقد أن الرياضي يجب أن تكون له قدوة ما يسعى للوصول إليها، بل يجب أن يسعى إلى الأفضل دائماً ما دام قادراً على العطاء.
وهناك طبعاً أساطير في عالم الرياضة، خاصة الألعاب القتالية، مثل محمد علي كلاي، فهو أسطورة لا يستطيع أحد أن يصل إلى ما وصل إليه.
دائما هناك أشخاص يكتشفون الأبطال ويحفزونهم لتحقيق الإنجازات؟ من أعطاك الحافز لخوض غمار هذا المسار الذي تألقت به؟
مدربيّ الأوائل وزملائي اللاعبون وعائلتي، وثقة المسؤولين الرياضيين بي، ولكن الحافز الأكبر كان ذاتيّاً من داخلي أنا لتحقيق إنجازات لوطني.
الثقة بالنفس
من واقع تجربتك ما أهم صفة يجب أن يتمتع بها لاعب الكاراتيه الواعد؟
أعتقد إيمانه التام بنفسه وقدراته على تحقيق طموحه الخاص ورسم الطريق الصحيح لتحقيق الإنجاز.
هل فعلاً انقطعْتَ عن كل شيء في فترة التمرين للأولمبياد، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي؟
نعم صحيح تماماً، قبل السفر بيوم إلى طوكيو قطعت علاقتي بمواقع التواصل تماماً، لكي أركز جيداً.
لك حساب على تويتر، كيف تتعامل مع معجبيك ومحبيك؟ هل تجيب مثلاً على رسائلهم؟
نعم لدي حساب في تويتر، وأكنّ كل الاحترام والتقدير لكل مُتابعيّ، وشاكر جداً لكل كلمة تقدير، وأتمنى الرد على كل رسالة ولكن قد لا يسعفني الوقت لذلك.
كل طريق وله عقبات، ما أصعب العقبات التي واجهتها، وكيف تغلبتَ عليها؟
كل إنسان يمرّ بعقبات وظروف معينة تؤثّر به ولكن من المفترض ألّا تكسره بل تزيده إصراراً وعزيمة لتحقيق هدفه الخاص، وقد مررت بعقبات كثيرة، والحمد لله استطعت تخطيها.
ما الإنجاز الأهم الذي حققته في حياتك؟ ما التكريم الذي تفخر به؟
الإنجاز المهم فضية الأولمبياد، ولكن يظل التكريم الأهم تكريم سيدي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، فهو الملهم، وهذا الإنجاز الأعظم الذي لا يمكن أن أنساه طوال حياتي، أول ما تشرفت بلقائه قال لي: "هذا الذي في صدرك ذهب، أنا والشعب السعودي نراه ذهب"، ولا يمكن أبداً أن أنسى هذه الكلمات ما حييت.
أصعب مباراة
ما أصعب مباراة خضتها؟
لا توجد مباراة أصعب من التي أخوضها مع نفسي، للظهور بمستوى ممتاز دائماً، وليس جيداً؛ لأحقق البطولات وأفوز بالذهب في كل بطولة أشارك فيها.
وماذا عن أول ذهبية لك في "جاكرتا" وأنت بعمر 17 عاماً، كيف عشت تلك اللحظة؟
بعد برونزية 2012 كان هدفي أن أحقق ذهبية، وأفوز ببطولة العالم، ثم تحوَّل الأمر ليس للفوز بميدالية، بل لأرى علم المملكة رقم واحد وأنا أقف على منصة التتويج بالذهب.
ماذا تعني لك القوة؟
القوة باختصار هي الإيمان والثقة بالنفس، والصمود في مواجهة التحديات والعقبات، فلا يستسلم المرء ولا ينهار أبداً.
وماذا عن الشهرة، هل تعشق الأضواء، كيف تنظر إلى نفسك وصورتك تتصدر الصحف والمجلات؟
لاـ العكس تماماً، لا أحب الأضواء مع احترامي الكبير لوسائل الإعلام، وبالمناسبة أشكرهم على دعمهم لي، ولكني كنت أعتقد أنه سيأتي يومٌ ما أكون فيه مشهوراً، كان هذا إحساسي دائماً، منذ كنت صغيراً، ولا أعرف لماذا كان يراودني مثل هذا الشعور. ولكن الحمد لله تعبت واجتهدت حتى يصبح هذا الشعور حقيقة.
مَن قدوتك في اللعبة، مثلك الأعلى الذي تتطلع إليه بإعجاب؟ ولماذا؟
لا يوجد شخص محدد أو مثل معين، لكني أتعلم من جميع مَن حولي.
لحظة لا تنسى
ما أهم دروس الكاراتيه؟
الصبر وتهذيب النفس والاحترام من أهم أساسيات دروس الكاراتيه، ولا يكون لديه نظرة دونية لأي أحد، وهذه تعاليم سامية.
كيف أثَّرت التغيرات والتحديثات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على واقع لعبة الكاراتيه؟
أكيد اهتمام سمو سيدي ولي العهد واضحة آثاره في جميع المجالات والأصعدة سواءٌ الرياضية أو غيرها، هي مصدر فخر لي كمواطن سعودي، ولها الأثر الأكبر لدعم عجلة التنمية لهذا الوطن، وهذا حافز ودافع لنا جميعاً لتحقيق الإنجازات في جميع المجالات.
برأيك ماذا ينقص لعبة الكاراتيه السعودية لكي تكون بمستوى الطموحات؟
اتحاد الكاراتيه هو من أفضل الاتحادات في المملكة من ناحية الإنجازات التي يحققها، وبعد هذا الإنجاز صار طموح الاتحاد أكبر نحو تحقيق المزيد من الإنجازات للمملكة. ولكن العتب على الإعلام الرياضي في تقصيره لمتابعة إنجازات الألعاب المختلفة.
ثقة الأصدقاء
وصفتك الصحافة بأنك "أفضل ما أنجبت رياضة الكاراتيه السعودية"، ماذا عن بقية الزملاء في الفريق السعودي للكاراتيه؟
أنا فرد من مجموعة أبطال يمثلون المملكة في لعبة الكاراتيه، ولدينا أبطال حقيقيون حققوا الكثير من الإنجازات، وأنا واحد منهم، جزء من مجموعة. ولولا الله ثم وجودهم بجانبي لما وصلت إلى ما وصلت إليه، وأكنّ لهم كل الاحترام والتقدير، وأعتبر ثقة أصدقائي لاعبي الكاراتيه مصدر قوة بالنسبة لي.
أنت تمثل الجيل الشاب (23 سنة) ما طموحاتك وأحلامك؟
بالتأكيد نطمح إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في دورة الألعاب الأولمبية المقبلة في باريس، ليس ميدالية واحدة بل العديد من الميداليات إن شاء الله، وطبعاً دورة الألعاب الآسيوية، ونطمح دائماً لتحقيق الذهب، لرفع علم المملكة في أكبر المحافل الرياضية.
هل أنت متزوج؟
لا. لست متزوجاً.
هل من مشروع زواج في الأفق، وما مواصفات المرأة التي تحلم بها؟
هذا السؤال من الوالدة أكيد، ولكن لا يوجد لديّ مشروع زواج في الوقت الحالي، ولا أفكر في هذا الموضوع حالياً.
سنرى بطلات قريباً
كيف تنظر لدور المرأة في حياة الرجل؟
المرأة مصدر قوة في حياة كل رجل، والمرأة التي لها دور كبير في حياتي هي والدتي، أطال الله في عمرها، وبالتأكيد كل أفراد عائلتي، ولكن والدتي تدعو لي دائماً ليس أن أحقق ميدالية بل أحقق الذهب.
وما رأيك كشاب في دخول المرأة إلى مدرجات كرة القدم كمشجعة وكلاعبة في العديد من الرياضات؟
جميل جداً أن نرى جميع أفراد المجتمع يشاركون في عملية التنمية للرياضة السعودية، وبإذن الله سنرى جيلاً واعداً من الشابات السعوديات، اللائي سيكنّ بطلات في المستقبل القريب.
الكاراتيه إحدى رياضات "فنون القتال"، هل تشجع الفتيات السعوديات على ممارسة واحتراف هذه الرياضة؟
بكل تأكيد، وأشجع المرأة على ممارسة جميع الرياضات القتالية لكونها ليست مقتصرة فقط على الرجال، ولدينا الآن مشروع بطلات في سن صغيرة، وسيحققن بإذن الله بطولات للمملكة في المحافل العالمية.
الانضباط والعمل
ما أهم النصائح التي تقدمها للشباب والشابات السعوديين الذين يعشقون هذه الرياضة؟
الانضباط في التمرين وتناول الغذاء الصحي والابتعاد عن كل ما هو مضر بالصحة، وقبل كل شيء توفيق المولى عز وجل الذي لا يضيع أجر من أحسن عمل.
كيف يمكن للإنسان أن يصبح بطلاً رياضياً مشهوراً؟
الرغبة في تحقيق الإنجاز، والطموح في تحقيق البطولات، والطموح يساوي التعب والعرق والجهد والتدريب بكل جد، والإيمان بالنفس.
أحب الجيتار
ما هواياتك الأخرى غير الكاراتيه؟ وهل تجد الوقت لممارستها؟
عزف الجيتار وكرة الطائرة والسباحة، لكن ليس بشكل دائم.
أنت لاعب نادي الهلال، هل خطفت لعبة الكاراتيه منك عشقك لكرة القدم؟
لعبة الكاراتيه هي المفضلة لدي الآن، فهي وكل الألعاب الفردية عندما تحقق فيها شيئاً لبلدك تشعر بالفخر والعزة.
أين تقضي إجازاتك عادة وبرفقة من؟
مع العائلة في مدينة الجبيل أو في مكة، ومعي أصدقائي نذهب للبحر أو السينما.
كلمات من ذهب
حصلت على أول ميدالية سعودية في أولمبياد طوكيو 2020، لكنّ عينيك كانتا مليئتين بالدموع لماذا؟
بكيت بعد الخسارة، فقد كان الأمر مؤلماً جداً وشعرت بحسرة، لأن الهدف من البداية أن أهدي المملكة أول ذهبية أولمبية في تاريخها، ولكن بلقاء سمو سيدي ولي العهد انزاح من على صدري الألم، فكلماته هي الذهب.
ما البطولة القادمة التي تستعد لها، وماذا تتوقع أن تحصل؟
بطولة العالم في دبي بعد شهرين تقريباً، وبإذن الله سنحقق فيها أنا وزملائي اللاعبون أكثر من ميدالية.
وُصِفتَ بالرقم الصعب في لعبة الكاراتيه العالمية، وبأنك نجم وبطل من ذهب، أنت بماذا تصف وتلقب نفسك؟
طارق حامدي وكفى.
ماذا قلت لنفسك قبل المباراة النهائية؟
• قلت غداً اليوم الموعود، وسألعب بكل ما أوتيت من قوة لأفوز بالميدالية الذهبية بإذن الله، وأشكر مدربي وصديقي الكابتن منير، الذي أثق به كما أثق بنفسي، والحمد لله على كل شيء.
ماذا تقول للأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة؟!
• لا أستطيع أصفه بكلمة، فهو مثلما قال سمو سيدي ولي العهد في أحد لقاءاته: يأخذ الرياضة على محمل شخصي، وليس مسألة رياضة فقط. وكلنا نرى هذا، هو داعم ومحفز لكل الرياضيين.
كلمة أخيرة لمجلة الرجل؟
أتقدم بالشكر الجزيل لمجلة الرجل والقائمين عليها على تشرفي بهذا اللقاء، متمنياً من الله أن أواصل مسيرة الإنجازات بما يتناسب مع طموحات هذا الوطن العظيم.