رحلة نجاح «غوتشي» وكيف وصلت إلى العالمية؟
أُسست العلامة التجارية غوتشي، إحدى العلامات التجارية الإيطالية الفاخرة التي تختص في الأزياء، عام 1921 على يد غوتشيو غوتشي في فلورنسة. وتملك خطوط إنتاج في: حقائب اليد، والملابس الجاهزة، والأحذية والكماليات، والعطور، والتصميم المنزلي، ومساحيق التجميل. لكن كيف وصلت غوتشي إلى مكانتها الكبيرة في عالم الأعمال؟
رحلة غوتشي
انتقل غوتشي من إيطاليا إلى مدينتي باريس ولندن في عام 1898، وكانت وظيفته الأولى في لندن عاملاً في فندق. ساعده وجوده في المدينة، وكذلك الإقامة في بعض المدن الأخرى، على اكتساب نظرة أكثر شمولية لما قد يبحث عنه الأفراد داخل هذه البلاد، وعرف كيف يحقق الاستفادة من ثقافتها. عند عودته إلى فلورنسة، عمل مع والده مدةً في صناعة السروج، لكن بسبب انخفاض الطلب على منتجات الخيول تحول إلى صناعة أنواع أخرى من الكماليات.
تأسست شركة غوتشي بوصفها شركة عائلية، ونجح في المزج بين الخبرات التي اكتسبها من سفره، إلى جانب الحرفية الإيطالية. نجحت العلامة التجارية في تحقيق الشهرة سريعاً، وأصبح لديه العديد من الأشخاص حول العالم، الذين يأتون إلى فلورنسة لإتمام عمليات الشراء من شركته.
توسع العمل في الشركة بمرور الوقت، وأصبح يشمل روما وميلان كذلك، مع اشتراك أبنائه في الشركة. في عام 1953 توفى غوتشي، ليتولى ابنه رودولفو العمل، ويكمل مسيرة التوسع التي بدأها والده. في الوقت الحالي نجحت غوتشي في أن تصبح إحدى العلامات التجارية الرائدة، إذ تملك مجموعة من التصميمات المميزة والفريدة من نوعها، وكثيراً ما يطلب الفنانون الحصول على تصميمات خاصة بهم من الشركة.
تعد غوتشي من العلامات التجارية الأغلى في العالم وأكثرها قيمة، إلى جانب كونها إحدى العلامات الأكثر مبيعاً داخل إيطاليا. تمتلك غوتشي حوالي 270 متجراً لأعمالها في جميع أنحاء العالم. في عام 2010 بدأت غوتشي تصميم ملابس وكماليات الأطفال، وتباع هذه المجموعة في حوالي 40 متجراً حول العالم. تتبرع الشركة بنسبة من أرباحها إلى مؤسسة اليونيسيف.
أسباب نجاح غوتشي
بالطبع النجاح الكبير الذي حققته غوتشي ليس وليداً للحظة أو المصادفة بل هو نتيجة لبذل جهد حقيقي في سبيل تحقيق هذا النجاح. فيما يأتي خمسة أسباب رئيسة توضح كيف نجحت غوتشي.
1- البحث عن الأسواق المناسبة
من المعروف أن أهم عوامل فشل الشركات هو عدم وجود احتياج حقيقي لمنتجاتها. لذا، تحتاج الشركات أن تكون حذرة في بدايتها، وكذلك عند أخذ قرارات، حتى تضمن نجاح هذه القرارات، ومن ثم قدرتها على اختيار الأسواق المناسبة لها. كانت شركة غوتشي ذكية جداً في هذا الشأن، إذ عرفت ما هي الأسواق التي سترغب في الدخول إليها، أو تلك التي ينبغي عدم التفكير بها.
في عام 1953 بدأت غوتشي محاولة دخول السوق الأمريكية، مستفيدة من الاعتماد على المشاهير في هذا الوقت لترويج علامتها التجارية، لا سيّما مع كون السينما في مرحلة الذروة داخل الشوارع الأمريكية، ومن ثم توجد فرصة كبيرة للظهور من خلالها وإظهار علامتها التجارية للجميع.
عندما أخذت الشركة قرار الدخول إلى الأسواق في الشرق، ركزت جهودها على الصين واليابان، إذ أظهرت الأبحاث أن مستخدمي منتجات الرفاهية يوجدون في هذه الأسواق. لذا تمكنت من إنتاج مجموعة متميزة من المنتجات المناسبة لقاطني هذه المناطق، ونجحت في تحقيق النجاح الذي ترتب عليه زيادة مبيعات الشركة بمقدار 10 مليارات دولار.
2- أصالة العلامة والاستفادة من التقنية
من أهم الأمور في بناء العلامة التجارية محاولة خلق أصالة للعلامة التجارية، تجعلها أكثر تميزاً عن البقية، فلا تكون شركة تبيع منتجات فقط، لكنها رائدة لصناعتها ومحفزة للجميع. لذا، لم تكتفِ غوتشي بكونها متميزة في صناعة الأزياء، لكنها عرفت أيضاً كيف تكون مصنعة للأزياء، فتكون المنتجات التي تقدمها ذات أثر كبير على الأزياء وحركة تصميمها حول العالم.
كذلك حرصت الشركة على استخدام التقنية لصالحها بالطريقة المثالية، لا سيّما مع وجود الأجيال الصاعدة، واعتمادهم على التقنية بشكل أساس في حياتهم اليومية. لذا، فكرت الشركة في الطريقة المثالية لاستغلال هذا الأمر، إذ عملت على افتتاح مراكز للتواصل في فلورنسة، تقدم من خلالها خدمات مساعدي متاجر غوتشي للزبائن في جميع أنحاء العالم.
تركز هذه المراكز على التواصل مع الزبائن من منطلق المساعدة الشخصية، وتحرص على خلق علاقات شخصية مع الزبائن بهدف توظيف التقنية لتعزيز تفاعل الزبائن مع العلامة التجارية. تقدم الشركة استشارات في الأزياء لجميع الزبائن، وتحرص على جعل هذه الاستشارات متعلقة بثقافة كل زبون.
3- التنوع والشمولية
لم يقتصر دور نجاح العلامة التجارية لغوتشي على أماكن معينة، ولكنها نجحت في الانتشار حول العالم والحضور في العديد من الأسواق. حدث هذا النجاح بسبب الاهتمام بالتواصل مع الزبائن، مع الأخذ في الحسبان الاختلافات بين الأجيال، ومن ثم تضمين آراء مجموعات مختلفة من الأجيال، وذلك لضمان الخروج بالنتيجة النهائية.
عملت غوتشي على إدارة هذا الأمر من خلال تشكيل "لجنة الظل" في مكان العمل، لتتعاون مع خبراء التقنية لمناقشة السبل لتعزيز وجود العلامة التجارية بطريقة ناجحة في جميع الأسواق، وكيف يمكن إرضاء توقعات الزبائن. قد يكون السبب الرئيس لقدرة غوتشي على فهم الاختلافات الثقافية وتوظيفها بدأ مع نشأة الشركة واستمرارها حتى الآن في تحقيق هذا الأمر.
4- توظيف وسائل التواصل والمشاهير
نجحت غوتشي من بدايتها في ربط علامتها التجارية بالمشاهير، ولا يزال هذا أحد الأنماط التي تعتمد عليها الشركة حتى الآن، مع الحرص على التنوع بين المشاهير الذين تتعاون معهم العلامة التجارية، حتى تكون قادرة على الحفاظ على حضورها عالمياً بالكفاءة المطلوبة.
تعاونت غوتشي مثلاً مع بيونسيه في ألبومها الصادر في عام 2016. في العام نفسه ارتدت ليدي غاغا بدلة غوتشي الحمراء اللامعة في أثناء أدائها النشيد الوطني في حفل سوبر بول. يسهم ذلك في ترسيخ وجود غوتشي عالمياً باستمرار، ويحفز الجميع للتعاون مع الشركة.
5- الإصلاح العاجل
بالطبع لم تكن محطات غوتشي جميعها مليئة بالتجارب الناجحة، بل كأي شركة واجهت بعض التحديات والاعتراضات من الجمهور. على سبيل المثال في عام 2019 واجهت الشركة ردود أفعال عنيفة على أحد منتجاتها، لذا قررت الشركة الاعتذار عن هذا الخطأ، مع البدء في الخطوات نحو إصلاح هذه المشكلة لنيل رضا الجمهور مرة أخرى.
لم يقتصر الأمر على الاعتذار، لكن سعت الشركة للاستفادة من ملحوظات الجمهور، وعينت رئيساً يتولى مسؤولية التنوع والشمول داخل الشركة، لتضمن حلولاً عملية للمستقبل. من خلال ذلك أظهرت الشركة أنّها تحترم زبائنها وتقدم لهم الاعتذار عن الخطأ، وفي الوقت نفسه تحول الاستماع لزبائنها إلى جهد وخطوات على أرض الواقع للإصلاح.
تمتلئ رحلة غوتشي بالعديد من التفاصيل، لكن هذه الأسباب الخمسة توضح لماذا هي واحدة من أفضل العلامات التجارية حول العالم، وكيف بدأت رحلة نجاحها وتميزت بالريادة حتى الآن.
المصادر: