لماذا أنت بحاجة إلى تعلم قول لا لما يزعجك في الحياة؟
عندما يُطلب منك فعل شيء معين، وتجد نفسك توافق على ذلك، حتى مع كون رغبتك الأساسية هي الرفض. في الحقيقة لا بد أننا جميعًا مررنا بهذا الموقف، لا سيّما مع سعينا لإسعاد الناس من حولنا. لكن المشكلة الأساسية أن الأمر ينتهي بنا إلى الشعور بالإرهاق الشديد، وهو ما يجعلنا نتساءل: لماذا فعلنا هذا في أنفسنا؟
لماذا نحن بحاجة إلى قول لا لما يزعجنا؟
على الأغلب فالسبب الأساسي للموافقة على الأشياء، هو شعورنا بالذنب عندما نرفض الأشياء التي يطلبها الآخرون. نشعر أنّ الرفض سيسبب لهم الإزعاج، وبالتالي لا نرغب في هذا الشعور. في بعض الأحيان يكون السبب في الموافقة هو رغبتنا في القيام بأنشطة ذات قيمة في حياتنا، لذا نجدها فرصة مناسبة، من خلال الاستجابة لعروض الآخرين لنا.
لكننا نكتشف في النهاية أننا غير قادرين على فعل أي شيء، وتتحول الرغبة الجيدة إلى شعور بالضغط، إلى جانب أننا نصبح عاجزين عن فعل الأشياء التي نحبها في الحياة. يتحول الأمر لقضاء وقتنا بالكامل في الأنشطة التي يريدها الآخرون.
في الوقت الحالي يتطلب الأمر إعادة تقييم الأمور، والتوقف عن التصرف بطريقة خاطئة ومؤذية لنا. إذ النتيجة النهائية التي نحصل عليها، هي أنّ حياتنا لا تصبح حولنا نحن، بل حول الآخرين وما يريدونه. وهو ما يعطلنا عن تحقيق ذاتنا في الحياة. لذا، قول لا هو شيء ضروري للحياة حقًا، فكيف يمكنك فعل ذلك؟
1- الاستماع إلى صوتك الداخلي
في الكثير من الأحيان نشعر بالتردد، هل نقول نعم لما يُعرض علينا أم نقول لا؟ لا سيّما إذا كان الأمر يعتمد على التعامل مع عدد كبير من الأشخاص، بالتالي لا توجد القدرة لتقديم العون للجميع. حتى مع وجود رغبة صادقة في فعل ذلك، سينتهي الأمر بعدم مساعدة كل من يطلب منّا فعل شيء من أجله.
في الكثير من الأحيان، نشعر من داخلنا بما يجب فعله، ويكون لدينا صوت يخبرنا بالأمر، هل يجب علينا قول نعم أم لا. في الحقيقة من المهم دائمًا التفكير في هذا الصوت، والتساؤل عن الطلب، هل سيكون لدورك تأثير كبير؟ وهل يمكنك تقديم العون له فعلًا بالقدر المناسب؟ سيمكنك تقييم الأمر من انتقاء المواقف التي تعرض فيها المساعدة على الأخرين، والمواقف التي ترفض المشاركة بها.
2- ضع احتياجاتك أولًا
ربما تشعر أنّ هذا التصرف يبدو أنانيًا، أو ينظر إليه الآخرون بهذه الطريقة، وهو ما يجعلك تشعر أنّه يمثل ضغطًا عليك، ويجعلك غير قادر على اتّخاذ القرار الصحيح. في الواقع من المهم إدراك أنّ وضع احتياجاتك أولًا ليس تصرفًا أنانيًا على الإطلاق، بل هو شيء رئيس عليك القيام به في حياتك. يجب أن تكون قادرًا على الاستفادة من وقتك بشكل مناسب، وأن تكون مرتاحًا لقبول الشيء أو رفضه.
إذا كان الشيء سيؤثر على روتين يومك، وسيجعلك تشعر بعدم قدرتك على تنفيذ المهام الأساسية المطلوبة منك. أو سيسبب لك مشكلة وضغطا بلا داع، سيؤثر على صحتك ويجعلك في حالة قلق دائمة، إذًا في هذه الحالة يمكنك قول لا لهذا الأمر، دون أي شعور بالذنب. في النهاية سلامتك النفسية هي التي تساعدك أصلًا على تنفيذ المساعدات، وتقديم الدعم للآخرين.
3- توضيح الأمور من أرض الواقع
إذا طلب منك أحد القيام بشيء، ولم تشعر بالراحة لفعله، بسبب أنّك تجده غير ملائم لك، أو تظن أنّه استغلال من الطرف الآخر لك. أو حتى هذا الشيء ليس جزءاً من وظيفتك، وهناك من يمكنه القيام بذلك بدلًا منك، فيجب عليك التفكير في هذه الأمور، والحرص على توضيحه بشكل مباشر إلى الطرف الآخر. بالطبع هذا ليس سهلًا، ومن المحتمل أن يضعك في موقف صعب، لكنّه أفضل من القبول.
إذا تعودت على قول نعم باستمرار للأفراد، حتى إذا كانت رغبتك الحقيقية هي قول لا، فهذا لن يجعلهم يتوقفون. إذ هم لا يرون الأمر من ناحيتك، بل بالنسبة لهم، هذه دعوة حقيقية للاستمرار في الطلبات التي يريدونها منك، وسيسعون لتحقيق استفادة أكبر. لذا، تأكد أنّ الأمر يتعلق بك أنت فقط، وبما يمكنك تحمله فعلًا أو لا.
4- الانتباه لوقتك جيدًا
كما ذكرنا في الفقرة الأولى، المشكلة الأساسية لقول نعم باستمرار، هي أنّ ذلك يصرف الإنسان عن الانتباه إلى وقته. بالتالي، يكتشف أنّ جدوله الزمني مزدحم دائمًا، ولا يكون قادرًا على تحقيق أي شيء لذاته. الأزمة أنّ الضغط يجعل الإنسان غير قادر على ملاحظة ما يحدث، ويكتشف ذلك في النهاية.
لذا، بدلًا من قول نعم باستمرار، نظرًا لقناعتك بوجود وقت مناسب لذلك. يجب عليك التوقف عن هذا، ومحاولة تقييم جدول أعمالك، والنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة. فكّر في احتياجاتك، وفي الأشياء التي تريد لجدول أعمالك أن يتضمنها، وأي شيء يبعد عن دائرة اهتماماتك يمكنك قول لا إليه.
5- إعطاء الأولوية لوقت الرعاية الذاتية الخاصة بك
ما يحدث في الكثير من الأحيان هو الانشغال بالأحداث المعتادة في الحياة، مع تناسي أهمية وقت الرعاية الذاتية، وقضاء الأنشطة التي تساعد على تحسين الصحة النفسية للإنسان. بالتالي عند وجود وقت فراغ، تظن أنّه بإمكانك إضافة أنشطة أخرى، وقبول طلبات الآخرين وقول نعم لها.
بالطبع من الجيد تقديم الموافقة لهذه الطلبات، لكن قبل ذلك أنت بحاجة إلى تخصيص وقت للرعاية الذاتية، وإعطائه الأولوية في جدولك اليومي، حتى إذا كان النشاط الخاص بك هو الاسترخاء فقط دون عمل أي شيء آخر. تساعدك هذه الأنشطة البسيطة على استعادة تركيزك، وهو ما يجعلك قادرا على تحسين أدائك بشكلٍ عام، وحتى عند مساعدة الآخرين سيكون الأمر قيمًا.
كيف يمكننا النطق بكلمة لا؟
حسنًا، هذه الطرق الخمسة تساعدك على تقييم الوضع، وتمكنك من التعرّف على الأشياء التي ترهقك، وبدلًا من قول نعم، يمكنك قول لا. لكن يبقى التحدي الأكبر هو كيف يمكننا النطق بالكلمة؟ إذ في بعض الأحيان نوافق فقط لأنّ ألسنتنا غير قادرة على النطق بحرفين فقط. يمكن فعل ذلك من خلال الطرق التالية:
1- الاعتذار بطريقة أخرى: بدلًا من الرفض المباشر بقول لا، يمكنك تقديم اعتذارك بطريقة أخرى، من خلال مثلًا ذكر انشغالك في بعض المهام المطلوبة منك، وعدم قدرتك على تنفيذ أي شيء جديد.
2- شرح الأسباب: في الكثير من الأحيان يُنظر إلى الرفض على أنّه سلوك غير مفهوم. بالنسبة للطرف الآخر، هو يدرك أنّه بإمكانك فعل الأمر. لذا، يمكنك شرح الأسباب من الرفض، إذ يزيد هذا من احترام الطرف الآخر لك.
3- الموازنة بين القبول والرفض: إذا كان الأمر لا يزال معقدًا بالنسبة لك، يمكنك محاولة الموازنة بين القبول والرفض. بدلًا من قبول كل شيء، حاول قبول شيء ورفض آخر، سيؤدي ذلك إلى تقليل الضغط من عليك تدريجيًا، حتى يمكنك الوصول إلى ما تريد في النهاية.
تذكّر أن تقديم الدعم للآخرين هو شيء جيد بالطبع، لكنّه لا يجب أن يكون المحور الثابت لحياتك. قبل أي شيء، قيّم الأمر جيدًا، واعرف هل يؤثر عليك سلبًا؟ إذا كانت الإجابة هي لا، إذًا يمكنك القيام به. أمّا إذا كانت الإجابة نعم، فقد حان الوقت لتتوقف عن ذلك، وأن تقولها إلى الآخرين بصراحة، لا لأي شيء يسبب لي الإزعاج في الحياة.