بطل الراليات الصحراوية أحمد الشقاوي لـ«الرجل»: حصولي على درّاجة أجمل ذكرياتي.. لنكسر احتكار الراليات عالميّاً
البطل السعودي أحمد الشقاوي عشق رياضة المحركات منذ طفولته، كان يذهب مع والده إلى الصحراء، ويشاهد سيارات الدفع الرباعي، ويتخيل نفسه بطلاً يقود إحداها فوق الرمال. سرعان ما تحوَّل حلمه إلى شغف ودافع للتعلم والمعرفة، فدخل إلى عالم الراليات. وبتشجيع من أسرته وقيادة بلاده حقَّق البطولات، ورفع اسم المملكة عالياً في هذه الرياضة التي طالما وُصِفت بالخطيرة.
في رصيده العديد من الإنجازات، والبطولات العالمية، راكم الخبرات وما زال وسط الحلبات يسعى للمزيد من النجاحات، يحرص على التخصص ويدعو للتسويق الرياضي وتنظيم راليات سعودية تنافس العالمية. اختارت «حلبة الرجل» أن تحاوره في شجون وشؤون هذه الرياضة وسبل دفعها قدما إلى الأمام، وتنقل أفضل ما في جُعبته من دروس وخبرات للشباب والشابات الذين يشاركونه عشقه وشغفه برياضة المحركات.
حلم فوق الرمال
- كيف تصف البيئة التي نشأتم فيها؟ ماذا كان يثير اهتمامك؟ وما أجمل الذكريات؟
نشأت في بيئة صحراوية حيث كان يعمل والدي هناك، كُنتُ أحبّ المغامرة والتجارب المثيرة، وما زِلت أذكر أول درّاجة اشتريتُها ولم أنسَ التفاصيل والأحداث. الصحراء كانت عشقي الأول، وعندما أصبح لديّ موتور سبورت جميع الناس كانوا يعتقدون أنني مجنون.
- كيف تولَّد لديك الحافز للدخول إلى عالم الراليات؟
كنت أرافق والدي -رحمه الله- وهو يقود الشاحنة إلى مكان عمله بالبيئة الصحراوية، وكانت تستهويني مشاهدة سيارات الدفع الرباعي المجهزة للطرق الوعرة وأحلم بقيادتها. وفي وقت مبكر تحقَّق الحلم كما تحقَّق كثيرٌ من أحلامي وطموحاتي بفضل الله، ثم بفضل دعم من هم حولي، وعلى رأسهم والدي -رحمه الله-، وبفضل إيماني بقدراتي وطموحي بتحقيقها على المستوى الشخصي والاجتماعي والمهني.
البطل السعودي أحمد الشقاوي- عشق رياضة المحركات منذ طفولته - كان يذهب مع والده إلى الصحراء ويشاهد سيارات الدفع الرباعي
- حقَّق المركز الأول في رالي المغرب الصحراوي - تُوِّج ببطولة العالم قبل الجولة النهائية التي أقيمت في البرتغال |
- كيف حققت حلم الطفولة، ومن أخذ بيدك لتصبح بطلاً للراليات في سباقات عالمية؟
منذ طفولتي رافقني الحلم بأن أكون بطلاً عالميّاً ولكن الظروف المادية حجبت هذا الطموح 20 سنة، حتى سمحت الفرصة لي بالفوز في بطولة العالم.
تنبأ لي صديقي ياسر بن سعيدان ببطولة العالم لعام 2018 ثم دخلت 3 جولات من بطولة العالم على حسابي أنا وصديقي بن سعيدان، وتصدّرت بفارق 50 نقطة عن أقرب منافس لي.
وبعدها قام الاتحاد السعودي للسيارات وهيئة الرياضة بدعمي لبقية البطولة من الأمير عبدالعزيز بن تركي وزير الرياضة والأمير خالد بن سلطان رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات والدرَّاجات النارية، والمستشار رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ.
أسرتي
- ما دور عائلتك فيما وصلتَ إليه في مجال راليات السيارات؟
كانت أسرتي أكبر وأهم المشجعين والداعمين لي، كانوا يؤمنون بموهبتي وخاصة والدي حيث دعمني منذ البدايات، بكل ما تتطلب هذه الرياضة من مهارات وعلم وتدريب متخصص، واختبار حقيقي للعزيمة وقوة التحمُّل والجُهد الجسدي والذهني العالي، وما فيها من العلوم وإدارة العمل الجماعي في أصعب الظروف. وفوق هذا كله شعوره بالفخر والسعادة في تمثيلي للمملكة ورفع علمنا وتسجيل حضورنا في المحافل الدولية، ومشاهدته ومتابعته لي عبر التلفاز والصحف.
- باعتبارك أحد روّاد الراليات كيف تنظر إلى موقع المملكة في هذه الرياضة؟
بالرغم من دخول رياضة السيارات والدرَّاجات النارية متأخراً إلى السعودية مقارنة بالدول الأخرى (عام 2006 في مدينة حائل)، فإن عدد الإنجازات ومشاركة المتسابقين السعوديين فاق كل التوقعات من حيث الكَمّ والنوعية، حيث أصبحت عدة سباقات صحراوية تعتمد بشكل كبير على مشاركة المتسابقين السعوديين.
وفي السنوات الأخيرة أصبحت السعودية محط أنظار رياضة المحركات وأصبح فرضاً على كل محبي هذه الرياضة متابعتها من أرضنا الحبيبة والحلم بالمشاركة في هذه السباقات، ومنها رالي دكار وجولات بطولة العالم والفورمولا إي الدرعية والفورمولا 1 المقرر في جدة.
إنجازات
- ما أهم إنجازاتكم الشخصية في سباق الراليات؟
بفضل الله ثم الدعم المباشر من القيادة الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وبرفقة زميلي الملاح الروسي أليكس، تم حسم لقب بطولة العالم للراليات الصحراوية «كروس كانتري» على فئة T2 مبكراً، وذلك بعد تحقيقي المركز الأول في رالي المغرب الصحراوي الذي امتدت مراحله 5 أيام بمسافة إجمالية بلغت 1.362 كيلو متراً، وذلك بعد وصولي إلى 226 نقطة مما جعلني أتوّج ببطولة العالم قبل الجولة النهائية التي أقيمت في البرتغال. وقد نجحت في تحقيق المركز الأول في 4 جولات من أصل 10 حتى الآن، من بينها جولتا دبي وأبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإسبانيا. فيما حققت المركز الثاني في هنغاريا وبولندا، والثالث في جولة إيطاليا.
- كيف ترى هذا الإنجاز ؟
أنا سعيد كثيراً بهذا الفوز الذي يضاف إلى سلسلة إنجازات الوطن الرياضية، لم يكن ليتحقق لولا الله ثم الدعم الكبير الذي وجدته من القيادة الحكيمة والهيئة العامة للرياضة والاتحاد السعودي للسيارات والدرَّاجات النارية.
فائدة ودعم
- كيف تنظر للأثر الاقتصادي لسباقات الراليات؟
الراليات الصحراوية تدعم دفة الاقتصاد، وتساعد على نموّه. فبطبيعة الراليات الصحراوية تكون بعيدة عن المدن الرئيسة ودورها الهام في إنعاش وحركة الاقتصاد في هذه المناطق على الأصعدة كافة، ومنها الاقتصادية لجميع المناطق.
وهذه الرياضة مصدر دخل هامّ للشباب المهتم برياضة المحركات، بوجود السباقات يستطيع الشباب استثمار موهبتهم وطاقتهم على الأصعدة كافة سواء كممارسين أو في مجال التصنيع والتطوير والاختراع أو كمحلات وورش أو التجارة ببيع المنتجات الرياضية وخدمات، وغيرها من المجالات المتعددة والناتجة عن وجود عدد متنوع من السباقات.
- ما دور دعم القطاع الخاص لهذه الرياضة؟
هذه الرياضة بطبيعة الحال تتطلب تكاليف باهظة، ولا يمكن الاستمرار فيها إلا بوجود دعم من الدولة ومن القطاع الخاص، ممثلاً بالشركات الراعية.
ومما لا شك فيه أن وجود الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل أحد أبرز نجوم هذه الرياضة على رأس وزارة الرياضة السعودية ساعد على تفهم القطاع الخاص لأهمية رياضة المحركات والمساهمة في دعمها، كما أنه يدعم الجهود التي يبذلها الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية لتذليل الصعوبات والعقبات التي تواجه هذه الرياضة الوليدة على كافة الأصعدة.
شباب وتسويق
- ما أهمية مشاركة الشباب السعودي في تطور رياضة الراليات؟
أثبت الشباب السعودي تفوقه في جميع المجالات وظهوره المميز على مستوى العالم وفي الراليات خاصة، بحكم اتساع مساحة المملكة التي يغلب عليها الطابع الصحراوي. ورغم قصر عمر هذه الرياضة مقارنة بالدول الأخرى تم تسجيل عدد كبير منهم في البطولات المحلية والإقليمية. وتفوق الشباب السعودي في هذه الرياضة عنصر وإشارة هامة في نجاح مثل هذه الرياضة.
وانتشار هذه الرياضة يؤدي إلى زيادة وعي الشباب السعودي بقيادة السيارات وعدم التهور في الطرق العامة، والتحول إلى الحلبات لممارسة شغفهم في حب السيارات والسرعة، وشجع على اتباع أساليب القيادة الإيجابية ورفع الوعي بالسلامة المرورية بعيداً عن التفحيط والممارسات الخاطئة الخطرة.
- كيف تنظرون إلى التسويق الرياضي وقد وقَّعتم اتفاقية للتسويق الحصري مع شركة "سبوريا" ؟
تقوم "سبوريا" بالتسويق الحصري لفريق الراليات الذي أقوده في جميع الفعاليات المحلية والدولية التي يشارك فيها الفريق حتى 2025.. وتأتي الاتفاقية في سياق الخطة الاستراتيجية لتعزيز الحضور المستدام للفريق كمنافس حقيقي في المسابقات الدولية على وجه الخصوص. والتسويق ضروري لتفعيل حضور الأبطال السعوديين في اللعبة، وممارسة احترافية تعكس التطور الذي تشهده اللعبة في المملكة.
يجب على الاتحاد السعي لبناء سباقات وبطولات توازي البطولات العالمية وجلب الشركات السعودية المتخصصة للاستفادة من هذه الخبرات ونقلها محليّاً وتوطين هذه الصناعة الهامة.
كما يجب تسويق المشاريع الضخمة والمستقبلية مثل نيوم وذا لاين وكورالبلوم وتصدير الثقافة السعودية الغنية وتاريخها العريق.
تنظيم وتخصص
كيف تنظر إلى دور منظمي السباقات في المملكة؟
ملاحظتي الأساسية هي أن وجود المنافسة بين المنظمين يُحتّم علينا إيجاد مقاييس ومعايير واشتراطات محددة لتقييم مستوى نجاح المنظم والاستمرار في رفع مستوى التنظيم. ويجب الوصول إلى أعلى معايير التنظيم العالمي الذي نطمح إليه.
ما أهمية وجود حلبات مخصصة في المملكة بمواصفات دولية؟
لا شك وجود منطقة مخصصة للحلبات أو مضامير السباق المتعددة (Race Circuits Park)، سيُخرج لنا جيلاً محترفاً من السائقين الذين ينافسون عالميّاً وكذلك سوق جاذب عالمي لهذه الرياضة.
كما أن وجود مشاريع وطنية مثل مشروع القدية يجعل من بناء حلبات وتجهيزات هي البداية والبنية الأساسية الهامة لهذه الرياضة المتخصصة وبيئة جاذبة للشباب السعودي، وللاستثمار على المستويات كافة.
معايير
- من خلال خبراتكم الكبيرة كيف تصل السباقات السعودية لأعلى معايير السلامة الدولية؟
بتطبيق معايير السلامة بأدق تفاصيلها وتحديث ومتابعة جميع المعايير وأنظمة السلامة المستجدة والتي يُقرّها الاتحاد الدولي (FIA) و(FIM)، وكذلك المساهمة في تطوير أساليب السلامة الجديدة من خلال الخبرات في السباقات واعتمادها، فهي ركيزة هامة في استمرار نجاح هذه الرياضة. فلا توجد رياضة بدون معايير السلامة وتطبيقها. (لا رياضة بدون سلامة) مع توظيف الكوادر ذات الخبرات والمتخصصة في السلامة.
كسر الاحتكار
- كيف ترى مستقبل رياضة راليات السيارات في المملكة؟
أرى أنه يجب أن تُنظَّم راليات وبطولات متنوعة بجودة تنافس الراليات الدولية الموجودة الآن وتتجاوز احتكارهم لهذه السباقات، وضمان استمرارها هي قوة المملكة، وتنظيم الراليات بعد رحيل هذه البطولات وانتهاء عقودهم. وهنا أذكر أهم العناصر في هذا المجال التي تستدعي الدعم والاهتمام لهذه الرياضة.
- تستضيف السعودية سباقات فورمولا 1 في الموسم المقبل (2021) في مدينة جدة.. ما رأيك في هذا السباق؟
هذا سيُعزّز مكانتنا في عالم رياضة المحركات فهو قمة السباقات العالمية السريعة والمثيرة، وهذا يعود بفضل الله ثم بدعم وإشراف مباشر من القيادة لتحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي نفخر جميعاً به.
المرأة
- كيف تُعزز رياضة الراليات من دور المرأة السعودية في المجتمع وفق رؤية المملكة 2030؟
- تلعب المرأة دوراً هاماً في هذه الرؤية كونها عنصراً مهمّاً وفعّالاً في المجتمع السعودي، ولا شكّ أن وجود بطلات سعوديات بشكل عام وفي هذه الرياضة بشكل خاص سيُعزّز من دور المرأة في المجتمع وسيُساهم في تحقيق كافة تطلعات الشعب في رؤية 2030.
لا صعوبات
ما أبرز الصعوبات والعقبات التي تواجه سباقات السيارات بالمملكة؟
لا وجود لصعوبات في إقامة سباق السيارات، وإن كُنّا نتحدث عن سباقات محلية فأعتقد أن وجود المنظم المناسب يُعتبَر من أبرز الصعوبات التي تواجه السباقات، وهنا يجب أن يعمل الاتحاد على إبراز جيل جديد من المنظمين السعوديين ذوي الخبرة والعلاقة الدولية.
نصيحة
- ما النصيحة التي تقدمها للشباب السعودي لكيفية تحقيق آماله وطموحاته؟
الإصرار والعمل الجاد والتطوير الذاتي والمهارات، الاستفادة من الخبرات والاستشارات ومتابعة الناجحين السعوديين والاقتداء بهم، الذين أصبحوا رموزاً في المجالات كافة سواء العلمية أو الاقتصادية أو الأدبية.
كلمة أخيرة..
أتقدم بالشكر الجزيل للقيادة السعودية في الدعم اللامحدود للرياضة في مجالاتها كافة وخاصة رياضة المحركات، وأثمن جهودهم وحرصهم على متابعة الرياضة والرياضيين، وأشكر مجلتكم على استضافتي.