هل يمكن اعتبار شنغهاي عاصمة الجمال الجديدة؟
تعد الصين ثاني أكبر سوق لمنتجات الجمال ومستلزمات العناية الشخصية حول العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، هذا السوق في الصين يبلغ في الوقت الراهن نحو 38.6 مليار دولار أمريكي، التطور عقب الجائحة تمثل في تمركز هذا السوق في مدينة شنغهاي، التي يتزايد اهتمامها كبؤرة لهذا السوق في الآونة الأخيرة وتحديدا في مرحلة ما بعد الجائحة.
ورغم أنها تأتي في المركز الثاني عقب أمريكا التي يبلغ فيها هذا السوق 56 مليار دولار أمريكي، إلا أن الصين تتسم في الوقت الراهن بحركية سوقها وقابليته للتغيير والتجريب، خصوصا في ظل تعافي الصين إلى حد كبير من آثار فيروس كورونا رغم أنها كانت الدولة التي تفشى فيها الوباء لأول مرة، لكن بالنظر إلى ما سببه الفيروس من أضرار بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، يمكننا أن نعرف لماذا يمضي السوق الصيني بخطوات أكثر ثباتا؟
التوقعات تشير إلى أن سوق الجمال ومستلزمات العناية الشخصية في الصين سيصل إلى 87.46 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.
هذا ما عرفته كبرى الدور الضليعة في هذا السوق، وتمركزت حوله بالتحديد في شنغهاي، حيث تم افتتاح شركات وفروع ومتاجر ونقاط لشركات من أمثال "إل في إم إتش" و"تمال" وكل هذا في شنغهاي، التي تعد موطنا لأعرق العلامات التجارية في هذا السوق بالصين، والتي جذبت أيضا في الآونة الأخيرة علامات محلية عديدة مثل "تشاندو" و"ذا هيربوريست" و"فوريست كابين" وغير ذلك من العلامات الرائدة في هذا السوق.
ما يطلق عليه "مدينة السحر" في الوقت الراهن، ينتظر أن تكون "مدينة الجمال" في السنوات المقبلة، ساحبة البساط نسبيا من تحت المدن الكبرى في هذا المضمار بقارة آسيا مثل سيول في كوريا الجنوبية وطوكيو في اليابان.
في السنوات الأخيرة، تكاتفت عوامل عديدة لمنح الصين تلك الفرصة للريادة في سوق العناية الشخصية ومستلزمات الجمال، منها كثرة المعروض "أون لاين" وتعاظم عمليات الشراء عبر الدول، كما أن سياسات الإنجاب في البلاد، وأثر ذلك بشكل جيد على البيئة يجعل الاهتمام المحلي أيضا واردا بهذه البضائع، فوفقا لإحصاءات "ناشيونال بورو" فقد تعاظم هذا السوق خلال 3 أشهر فقط من يناير إلى إبريل 2021 بنسبة فاقت 35% عن نفس الفترة من العام الماضي، أتى هذا مدفوعا بالسياق العالمي لعمليات البيع والشراء والذي ارتبط ارتباطا وثيقا بإجراءات العزل المنزلي وما شابه، ثم تعافي الصين بشكل كبير من الوباء وبدء الحياة بشكل طبيعي في الكثير من مدنها.
ليس هذا هو المميز فقط، هذا السوق المعروف بأنه سوق نسائي بامتياز، ليس كذلك في شنغهاي وعموم الصين، بل إن الاهتمام الرجالي زاد بنسبة كبيرة خلال عام 2020، كما باتت عمليات الدمج بين العلامات في هذا السوق كبيرة لاستغلال الطلب المتزايد.
لماذا تعد شنغهاي مركزا لهذا السوق؟
تسهل سلطات المدينة للعلامات التجارية الراغبة في الدخول إلى شنغهاي العديد من الأمور اللوجستية، وهذا ما دفع علامة مثل "لوريال" الفرنسية العملاقة في مجال مستحضرات التجميل، إلى اتخاذ مقر لها في المدينة مؤخرا يتزامن في كل شيء مع المقر الرئيسي في باريس، علاوة على ذلك ، ستفتتح علامتان تجاريتان مملوكتان للمجموعة أول متاجرهما الآسيوية في شنغهاي قريبًا.
مثال آخر يتجلى في مجموعة "USHOPAL" ومقرها شنغهاي والتي حصلت مؤخرًا على 100 مليون دولار لتستفيد من تطورات السوق الصينية في هذا المجال، مع تنامي السوق الحرة في الصين خصوصا في الوقت الحالي.
كما أن هناك اتجاها لإنشاء ما يعرف باسم "منطقة جمال دلتا نهر اليانغتسي" وستكون منطقة كاملة لعلامات هذه السوق، وهي خطوة ستساعد بلا شك في توسيع نفوذ شنغهاي في القطاع الداخلي للصين وفي جميع أنحاء العالم أيضًا.
ووفقا لموقع "جينج دايلي" فإن شنغهاي في الوقت الراهن تعد أكبر ميناء لدخول منتجات التجميل عالميًا من حيث ارتفاع الواردات، حيث ارتفعت النسبة بحدود 17.9% في عام 2020.
المواطن المقيم في شنغهاي مهتم أيضا بهذا السوق، ولذا فالطلب متاح دائما حتى في ظل ركود السياحة، فقد أفاد موقع "جينج دايلي" بأن مواطن شنغهاي أنفق ما متوسطه 72.2 ألف يوان سنويًا من أجل هذه المنتجات، وهو إنفاق ليس بالأكبر ولكنه قياسا لتداعيات سوق كورونا رقم معقول للغاية ومرشح للتطور مع زيادة العرض والطلب واقتحام العلامات التجارية الكبرى في هذا السوق للمدينة.