دعاء السفر وآداب لا بد أن يحرص عليها المسلم
التخطيط للسفر هو المرحلة الأولى والأهم في إعداد رحلتك، ويحتاج منك عزيزي المسافر إلى تحديد خياراتك وميزانيتك لتحقيق هدفك والوصول إلى وجهتك دون متاعب أو مشكلات.
ولأننا نجد في السفر الكثير من العقبات والصعوبات والمشقة، نطلب من الله المعونة والتيسير فيه، ومن هذه الأشياء التي نتوسل إلى الله بها هي دعاء السفر، وهو سنة وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولذلك سيكون حديثنا في هذه المقالة عن دعاء السفر وآدابه.
دعاء السفر مكتوباً
روى مسلم في صحيحه عن ابْنَ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بَعيرِه خَارِجاً إلى سفر، كَبّرَ ثَلاَثاً، ثُمّ قَالَ:
سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنّا إِلَىَ رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ. اللّهُمّ إِنّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرّ وَالتّقْوَىَ. وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَىَ. اللّهُمّ هَوّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا. وَاطْوِ عَنّا بُعْدَهُ. اللّهُمّ أَنْتَ الصّاحِبُ فِي السّفَرِ. وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ. اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ".
وإذا رَجَعَ قالهن وزاد فيهن: "آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبّنَا حَامِدُونَ".
وقت دعاء السفر
فإن السنة في دعاء المسافر أن يقال عند بداية السفر وعند بداية العودة منه.
الدليل:
- لما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
- وفي رواية أنه يستمر في تكراره إذا أشرف على المدينة، فعن يحيى بن أبي إسحاق، قال: قال أنس بن مالك: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، أنا وأبو طلحة، وصفية رديفته على ناقته، حتى إذا كنا بظهر المدينة، قال: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة.
- وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قفل من سفر فمر بفدفد أو نشز من الأرض كبر ثلاثا ثم قال: لا إله إلا الله وحده.. الحديث.
- قال الحافظ في الفتح: قوله كان إذا قفل بقاف ثم فاء أي رجع .. ووقع عند مسلم .. كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا، فذكر الحديث.
- وقال ابن عبد البر في التمهيد: وفي هذا الحديث الحض على ذكر الله وشكره للمسافر على أوبته ورجعته..
ما يفعل من نسي دعاء السفر
إن الأصل أن دعاء السفر عند ركوب الدابة وحكمها مستحب عند الركوب والاستواء على ظهر المركوب على نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا مع أنه إذا نسي الشخص الدعاء المذكور عند الركوب ثم تذكره بعد أن قطع مسافة فلا مانع من أن يأتي به طالما أنه ما زال راكبا على دابته أو سيارته.
فوائد دعاء السفر في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام
يتعلق بهذا الحديث العديد من الفوائد:
الفائدة الأولى: دل الحديث على مشروعية دعاء الركوب، وهو التكبير وقراءة الآية المذكورة، والصحيح أن دعاء الركوب - وهو قراءة الآية - لا يختص بالسفر، بل هو مشروع في كل ركوب لكل مركوب للتنقل؛ من إبل أو خيل أو دراجة أو سيارة أو طيارة أو غيرها، وسواء أكان ذلك في الحضر أم في السفر، وقد نبه على هذا كثير من العلماء قديمًا وحديثًا، قال القيرواني - رحمه الله - في الرسالة: ويقول الراكب إذا استوى على الدابة: (سبحان الذي...) إلخ، قال زروق - رحمه الله - في شرحه: فأما قوله: (ويقول الراكب) يعني مسافرا كان أو غيره؛ لقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ ﴾ [الزخرف: 12]، وقال الملا علي القاري رحمه الله في كتابه (المرقاة) لما ذكر الآية قال: وهذا الدعاء يسن عند ركوب أيِّ دابة كانت لسفر أو غيره.
الفائدة الثانية: دل الحديث على مشروعية الدعاء عند السفر بهذا الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على أنه ينبغي للمسلم أن يكون دائم الصلة بالله سبحانه وتعالى، في سفرِه وإقامته، متوكلا عليه في جميع ظروفه وأحواله، فمن كان حافظا له قرأه مِن حفظه مستشعرا معانيه، ومَن لم يحفظه قرأه من ورقة أو كتاب، أو استمع إلى مَن يحفظه وردد معه الدعاء، ولا يكتفي بمجرد استماعه له.
الفائدة الثالثة: كما يُسَن هذا الدعاء في بداية السفر فإنه يُسَن أيضًا في بداية رجوعه من سفره، فإذا شرع في العودة إلى بلده قالَهُ، وزاد عليه الكلمات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيدهن في رجوعه، وهي: ((آيِبون تائبون عابدون، لربنا حامدون)).
آداب السفر في الإسلام
من آدابِ السَّفرِ التي على المُسلِمِ أن يَحْرِصَ عليها عند التخطيط للسفر أو في أثناء السفر:
1- المبادرةُ بالتَّوبة من جميعِ الذُّنوبِ والمعاصي، والخروجُ عن مظالمِ النَّاسِ.
2- كتابَةُ وصِيَّتِه وما له، وما عليه من دينٍ، وَيُشْهِدُ، وقضاءُ ما يُمكِنُه منَ الدُّيونِ، ويرُدُّ الودائعَ، ويُوكِّلُ من يقضي ما لم يتمكَّنْ من قضائِه مِن دُيونِه.
3- يترُكُ نفَقَةً لأهلِه ولِمَن يَلْزَمُه نَفقَتُه إلى حينِ رُجوعِه.
4- أن تكون نفَقَتُه طيِّبةً حَلالًا بعيدةً من الشُّبَه.
5- أن يتعَلَّمَ ما يُشرَعُ له في حَجِّه وعُمْرَتِه، ويتفَقَّهَ في ذلك، ويسأل عما أَشْكَلَ عليه, وأنْ يستصْحِبَ معه كتابًا واضحًا في أحكامِ المناسِك جامعًا لمقاصِدِها.
6- طلَبُ صُحبَةِ الأخيارِ مِن أهْلِ الطَّاعةِ في السَّفَر، والبُعْدُ عن الوَحْدَةِ .
7- يُسْتَحَبُّ أنْ يُوَدِّعَ أهلَه وجِيرانَه وأصْدِقاءَه وأحبابَه، وأَنْ يُودِّعوه؛ بما ورَدَ في السُّنَّة.
8- الإكثارُ مِن ذِكْرِ اللهِ، وتلاوةِ القُرآنِ، والدُّعاءِ؛ ومن ذلك دعاءُ الرُّكوبِ والسَّفَر، والتسبيح إذا هَبَط، والتكبير إذا علا مرتفَعا، والتعوُّذ بكلماتِ اللهِ التَّامَّات مِن شَرِّ ما خَلَقَ، إذا نزل في مكانٍ، والدُّعاء عند السَّحَر.
9- الخروجُ يَومَ الخَميسِ إذا تيسَّرَ له ذلك؛ لِفِعْلِه صلَّى الله عليه وسَلَّم.
10- ينبغي له أن يستعمِلَ الرِّفقَ وحُسْنَ الخُلُقِ، ويتجنَّبَ المخاصَمَة، ومزاحمةَ النَّاسِ في الطُّرقِ، وأن يصونَ لِسانَه من الشَّتْم والغِيبَة وجميعِ الألفاظِ القبيحةِ، وأن يحفَظَه من الكَذِب والغِيبة، والنَّميمَة والسُّخرِيَة، وكثرَةِ القِيلِ والقال، والخَوْضِ فيما لا يعنيه، والإفراطِ في المزاحِ.
11- يحرُم على المرأة أَنْ تُسافِر للحج والعمرة مِن غيرِ مَحْرَمٍ.
12- يُسْتَحَبُّ للمسافِرِ أن يبذُلَ البِرَّ في أصحابِه، وعليه أن يكُفَّ أذاه عنهم، ويأمُرَهم بالمعروفِ، وينهاهم عن المنْكَر بالحِكْمَة والموعِظَة الحَسَنةِ بقَدْرِ الاستطاعةِ.
13- المحافظةُ على الصلاة في الجماعَةِ.
14- إذا لم يكن أهلُه معه، فمِنَ السُّنَّةِ تعجيلُ الرُّجوعِ إلى أهله.
15- من السُّنَّةِ ألَّا يَطْرُق أهلَه ليلا إذا قَدِمَ إلَّا إذا أخبَرَهم بذلك.
16- من السُّنَّة عند القُدومِ مِنَ السَّفَر أن يأتيَ المسجِدَ القريبَ إلى مَنْزِلِه، ويُصَلِّيَ فيه ركعتينِ.
المصادر: