كيفية التخطيط لعملية التطوير المهني
لا أحد يحب الثبات في موضعه لفترة طويلة، لا سيّما عندما يتعلق الأمر بالعمل. بل على العكس من ذلك، يسعى الجميع إلى محاولة التطوير المهني باستمرار، والحصول على فرص أفضل، أو على الأقل التحسُّن فيما يتعلق بالوضع الحالي.
لكن حتى لا يُترك الأمر للرغبة المجردة، فمن المهم امتلاك خطة كاملة لعملية التطوير المهني.
ما هو التطوير المهني؟
يمكن تعريف التطوير المهني على أنّه العملية، التي تتخذ من خلالها القرارات بشأن حياتك المهنية. يشمل ذلك خيارات الانتقال من وظيفة لأخرى، أو الحرص على التدرج من مكانة لأعلى، مع معرفة الطرق المناسبة لتسهيل حدوث هذا الأمر.
عندما تقرر تركيز مجهوداتك على التطوير المهني، ستسعى إلى معرفة الفرص المتاحة لك، وتحاول استغلالها بالطريقة المناسبة. من المهم إدراك أنّ الأمر لا يتحقق بالرغبة فقط، لكن هناك بعض العوامل المؤثرة على ذلك. من أهم هذه العوامل:
1- الصفات الشخصية: تتأثر عملية التطوير المهني بشخصيتك، واهتماماتك والإمكانيات الخاصة بك، إلى جانب منظومة القيم التي تتبعها في حياتك. تؤدي هذه الصفات الشخصية دورًا كبيرًا في حدوث التطوير المهني، إذ تجعلك تقارن بين الخيارات المتاحة وفقًا لذلك. بالتأكيد ستفضل العمل في مهنة أنت شغوف بها على بقية الوظائف الأخرى.
2- الوضع الحالي بالنسبة لك: إذا فكرت في التطوير المهني وأنت بمفردك دون أسرة تتحمل مسؤوليتها، سيكون ذلك أسهل كثيرًا بالنسبة لك. بينما وجود التزامات أسرية معينة، يعني ضيق الوقت وتعدد أوجه الإنفاق، وبالتالي لا يكون الأمر متاحًا بنفس القدر.
3- الالتزامات المالية: لا يقتصر الأمر فقط على مسؤولية الأسرة، لكن في الواقع هناك العديد من الالتزامات المالية التي تقوم بها، مثلًا دفع إيجار السكن أو أقساط معينة. لذا، تجعلك هذه الالتزامات أقل سعيًا نحو التطوير المهني لحياتك العملية.
4- الموارد المالية: في الواقع بعض طرق التطوير المهني تتكلف الكثير من الأموال، وهو الأمر الذي قد لا يكون لديك القدرة على توفيره من الأساس. لا سيّما إذا كانت الفرصة تتطلب ترك عملك الحالي للتركيز عليها، فهي رفاهية لا تملكها على الإطلاق.
ما هي طرق التطوير المهني؟
حتى مع وجود عوامل تؤثر على عملية التطوير المهني، فلا يزال الأمر قابلًا للتطبيق. كل ما تحتاج إليه هو البحث عن الطرق المتاحة من أجل التطوير المهني، والتخطيط لذلك جيدًا. في هذه الفقرة سنتناول الطرق الممكنة من أجل التطوير المهني:
1- الدورات التعليمية: في الواقع الدورات التعليمية موجودة في كل مكان هذه الأيام على الإنترنت. حتى إنّها في بعض الأحيان تكون دورات مجانية لا تكلّفك أي شيء، رغم ذلك تمنحك الفرصة المناسبة لتعلّم العديد من المعلومات والمهارات الإضافية.
2- التدريبات المتخصصة: في كل مجال هناك بعض التدريبات المتخصصة، التي تساعد على التطوير المهني، وتكسبك مهارات جديدة في عملك. يمكنك معرفة هذه التدريبات من خلال معرفة المؤسسات التي تقدم تدريبات في بلدك، أو إذا كانت مؤسسات عالمية تقدم تدريبات عن بعد.
3- التدريبات التي توفّرها لك شركتك: تقدم بعض الشركات تدريبات إلى الموظفين، سواءً داخل الشركة أو مع جهات أخرى خارجية. لذا، يمكنك معرفة إذا كانت شركتك تقدم تدريبات متخصصة في التطوير المهني، أو إذا هناك أي خيارات أخرى أيضًا يمكنك الاستفادة منها.
4- الاستشارات المهنية المتخصصة: لا يتطلب التطوير المهني مجهودًا كبيرًا باستمرار، بل قد يكون من خلال الحصول على استشارات مهنية متخصصة. إذ تساعدك هذه الاستشارات على تحسين مهاراتك، وتزيد من خبراتك العملية.
5- قراءة الكتب: تعد الكتب من أهم أدوات التطوير المهني المتاحة بسهولة. إذ هناك العديد من الكتب المتخصصة في التطوير المهني وتطوير الذات وغيرها من المجالات. بالتالي من خلال معرفة هذه الكتب، سيكون بإمكانك الحصول على قدر جيد من التطوير المهني.
6- الانتقال من درجة وظيفية إلى أخرى: بالطبع هذا أعلى مستويات التطوير المهني، لأنّه يتضمن انتقالًا من مكان إلى آخر في عملك، وسيحضر معه مسئوليات ومهام إضافية، فأنت بحاجة إلى الاستعداد الجيد له، حتى تكون قادرًا على الاستفادة منه في التطوير المهني، وفي الوقت ذاته تنفيذ المطلوب منك.
كيف يمكنك وضع خطة التطوير المهني؟
يتطلب النجاح في تحقيق التطوير المهني امتلاك خطة واضحة المعالم، ومجموعة من الخطوات التي يمكن اتّباعها في سبيل تحقيق هدفك. إليك هذه الخطوات الست التي ستساعدك على خطة التطوير المهني:
1- تقييم ذاتك جيّدًا
يمكنك البدء من التقييم الذاتي، لأنّ هذا سيساعدك على معرفة كل شيء عن نفسك، وستكون النقطة التي يمكنك الانطلاق منها إلى التطوير المهني. يشمل التقييم النقاط التالية:
- تحديد مهاراتك ونقاط قوتك في العمل.
- تحديد نقاط الضعف.
- تحديد المجالات المهنية التي تجيد العمل بها، وكذلك المجالات الأخرى التي ترغب في البدء أو التحسن بها.
2- ضع قائمة بأهدافك المهنية
من خلال التقييم الذاتي، سيكون بإمكانك الانتقال إلى وضع قائمة بأهدافك المهنية. يمكن أن يشمل ذلك مجموعة من الأهداف بعيدة المدى، التي ترغب في الوصول إليها مستقبلًا. أو أهداف قريبة المدى، تهدف منها إلى التطوير المهني فيما يتعلق بأعمالك الحالية، بالتالي يكون لديك القدرة على التحسن بها سريعًا.
3- حدّد جوانب التطوير المهني المستهدفة
يظن البعض أنّ التطوير المهني يشمل المهارات فقط، لكن في الواقع هناك ثلاثة جوانب رئيسة مهمة، يسعى أي شخص إلى اكتسابها وتطويرها في الوظائف المختلفة. وينطبق ذلك أيضًا على التطوير المهني. تشمل هذه الجوانب:
- المعرفة: تشمل المعرفة مجموعة المعارف أو المعلومات بشأن مجال معين. وهذا مهم في المجالات التي بها تحديثات مستمرة، مثل العمل في التسويق على مواقع التواصل الاجتماعي، أو البرمجة.
- المهارات: تشمل الإمكانيات التي نوظّفها في أداء المهام المختلفة المطلوبة في العمل. تنقسم إلى مهارات تخصصية متعلقة بالوظيفة، ومهارات شخصية متعلقة بالمعاملات مع الأفراد، ومهارات لغوية خاصة باللغات الأخرى، ومهارات الكمبيوتر.
- السلوك: للأسف يتناسى البعض هذا العنصر، على الرغم من أهميته في العمل. في الحقيقة التطوير المهني الذي يركّز على السلوك هو غاية في الأهمية، إذ في بعض الأحيان قد تجد أنّ العائق الذي يمنعك من أداء بعض المهام، هو عدم امتلاكك للسلوك المناسب في التعامل مع الأفراد، وهو الأمر الذي تجده الشركات مهمًّا ويؤثر عليها أكثر من أي شيء آخر.
4- اختيار مصادر التطوير المهني المناسبة
ليس ضروريًا الاعتماد على جميع مصادر التطوير المهني، لكن يمكنك اختيار هذه المصادر بناءً على ملاءمتها لأهدافك وكذلك جوانب التطوير المهني المستهدفة. على سبيل المثال:
- تناسب الدورات التعليمية رغبتك في تطوير المعرفة.
- تساعدك الاستشارات المهنية على تحسين سلوكك.
- تمكنك التدريبات من العمل على جميع الأجزاء الثلاثة معًا.
في الوقع هذا ليس شرطًا، بل أحيانًا تؤدي الدورات التعليمية إلى تطوير المهارات أو السلوك أيضًا، لكننا نتحدث هنا عن الشائع. ولأنّ هناك عوامل تتحكم في التطوير المهني، وقد تمنعك من امتلاك القدرة على اختيار مصادر كثيرة مثل الوقت أو المجهود أو الالتزامات المادية، فمن المهم اختيار أفضل المصادر المتاحة بالنسبة لك والاعتماد عليها.
5- وضع الجدول الزمني لتنفيذ الخطة
بعد الانتهاء من هذه الخطوات، أنت بحاجة إلى وضع الجدول الزمني الخاص بتنفيذ خطة التطوير المهني، إذ ذلك وحده ما سيساعدك على ضمان تحويل هذا المحتوى إلى أرض الواقع. يجب ألّا تضع جدولًا مبالغًا به، فتجد نفسك غير قادرٍ على الالتزام به لاحقًا. بل ركّز على وضع الجدول المناسب لإمكانياتك الحالية.
أن تضع جدولًا يحتوي على أنشطة يوميًا لمدة 15 دقيقة، وتلتزم بها باستمرار. هو أفضل من جدول يحتوي على أنشطة متعددة، تتخطى ساعتين يوميًا، لكن بعد الأسبوع الأول تجد نفسك غير قادرٍ على الاستمرار، لا سيّما أنّ التطوير المهني ليس أمرًا مؤقتًا، بل يجب أن يكون جزءًا من حياتك الشخصية طوال الوقت.
6- مراجعة الخطة وتطويرها باستمرار
الشيء الأخير في خطة التطوير المهني هو أن تجري مراجعة مستمرة لها، وتحرص على تطويرها وفقًا لما يستجد في اهتماماتك العملية، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها. كذلك وفقًا للفرص المتاحة لك. مثلًا عندما تقرر الشركة توفير تدريب، وهذا لم يكن ضمن خطتك، يمكنك العودة إليها ومعرفة إذا كان بالإمكان تطويرها للاستفادة من هذه الفرصة فعلًا أو لا.
ختامًا، يجب أن تدرك أنّ التطوير المهني يبدأ من اللحظة الأولى التي تفكر بها التخصص في مجال معين، وتستمر طوال الوقت في أثناء عملك بالوظائف المختلفة. لذا، احرص على التخطيط جيدًا لهذا الأمر، حتى تحصل على المسار المهني المناسب، الذي تشعر بالرضا عنه في حياتك العملية.
المصادر: