كيف يمكنك تعلم إدارة الوقت بذكاء؟
تعد إدارة الوقت من التحديات التي تواجه الجميع، ونبحث عن حلول لها باستمرار. إذ رغم المحاولات الكثيرة التي يقوم بها الأفراد، من أجل ضمان إدارة الوقت بكفاءة، إلّا أنّ الأمر ينتهي إلى الفشل، وعدم تحقق الهدف المطلوب.
في هذا المقال سنقدم لك دليلًا عن كيفية إدارة الوقت بذكاء.
ما هي إدارة الوقت؟
يمكن تعريف إدارة الوقت على أنّها عملية تنظيم وتخطيط وتقسيم الوقت بين أنشطة محددة. عندما تمارس إدارة الوقت الجيدة، فإن ذلك يجعلك قادرًا على تحقيق العديد من المميزات من أهمها الإدارة الذكية لا القائمة فقط على الجهد، فتقدر على إنجاز المزيد من الأشياء في وقت أقل.
فوائد ممارسة إدارة الوقت
1- امتلاك الوقت: عندما تمارس إدارة الوقت بفاعلية، سيكون لديك وقت في حياتك لممارسة مختلف الأنشطة، إذ ستكون قادرًا باستمرار على توزيع الأنشطة بطريقة معتدلة، وستحاول الاستفادة من كل اللحظات في يومك.
2- استثمار الوقت: الشيء الأهم من مجرد امتلاك الوقت، هو القدرة على استثماره بطريقة جيدة. إذ من خلال فهم طريقة تنظيم وقتك، سيكون لديك الفرصة للوصول إلى المزيد من الفرص، مع تقليل الوقت الضائع منك في الأنشطة التي لا فائدة منها. وبالتالي تكون أكثر قدرة على تحقيق الأهداف، سواءً الأهداف الشخصية أو أهداف العمل.
3- الحد من التوتر: من أهم فوائد إدارة الوقت هي أنّها تساعدك في الحد من التوتر. إذ المشكلة الأساسية التي قد تواجهك هي أنّك تشعر بوجود العديد من المهام، لكن عندما تنظّم وقتك، وتبدأ في تتبع كل مهمة، وعند الانتهاء منها تقوم بحذفها من جدولك. يؤدي ذلك إلى شعورك بالإنجاز، وبالتالي لا تشعر بالتوتر، بل بالراحة.
الأضرار التي تعود عليك من ضعف إدارة الوقت
1- ضعف الإنتاجية والجودة: إذا لم يكن لديك تخطيط لأعمالك، فعلى الأقل قد يسير وقتك في عشوائية، فتكون هناك العديد من المهام التي تعمل على تنفيذها، وذلك لأنّك لا تسير وفقًا لخطوات محددة. في نهاية اليوم تكتشف أنّك لم تنجز المطلوب منك، مما يترتب عليه ضعف إنتاجيتك. وحتى مع محاولات الإنجاز، فغالبًا تضطر إلى التسرع في تنفيذ المهام، فيكون العمل المسلَّم بجودة ضعيفة.
2- الشعور بفقدان السيطرة: من أهم مميزات إدارة الوقت هي أنّها تمنحك خطوات محددة ليومك. لذا، بدلًا من معرفة ما ستفعله في كل خطوة، تكتشف أنّ الأمر يخرج عن سيطرتك، فيضيع الوقت في أنشطة لا فائدة منها مثل تصفح مواقع التواصل الاجتماعي. وتكون النتيجة النهائية هي أنّك تشعر بالتشتت وعدم القدرة على التحكم في وقتك.
3- تأثر سمعتك بالسلب: عندما تفشل في إدارة الوقت، يترتب على ذلك عدم إكمال المهام في الوقت المحدد لها. إذا كنت عامل حر أو حتى في دوام كلّي، فستفقد ثقة العملاء أو صاحب العمل بك، فهو في النهاية يريد أعلى جودة في أقل وقت.
وإذا تأخرت عن تسليم العمل في الوقت المحدد مسبقا يترتب على ذلك حصولك على سمعة سيئة، واحتمالية أن يتوقف هؤلاء عن التعامل معك مرة أخرى. ويصبح حصولك على فرص أخرى أمرا صعبا.
لماذا تفشل أغلب خطط إدارة الوقت؟
في الواقع، المشكلة ليست في غياب خطط إدارة الوقت، فإذا سألت أي شخص، سيخبرك أنّه يقوم بعمل العديد من الخطط باستمرار. لكن المشكلة الأساسية هي أنّ هذه الخطط تفشل في النهاية، ويبقى السؤال المنطقي: لماذا تفشل أغلب خطط إدارة الوقت رغم اختلاف الأشخاص؟
1- التخطيط العشوائي: أحد أهم أسباب فشل خطط إدارة الوقت هي أنّ بعضها يحدث بعشوائية. إذ لا توجد أهداف محددة، ولا أولويات يحدث الاختيار وفقًا لها. وبالتالي، تفقد خطة إدارة الوقت المعنى الأصلي لها، فلا يجد الشخص في داخله الرغبة الكافية لتنفيذ هذه الخطة.
2- التخطيط المبالغ به: حتى مع وجود خطة جيدة من ناحية المحتوى، لكن تظل المشكلة هي أنّ بعض خطط إدارة الوقت تحتوي على تفاصيل كثيرة، أو يمكن وصف هذا الواضع بالتخطيط المبالغ به. فتجد الشخص يقرر وضع أهداف تحتاج إلى فترات طويلة لتنفيذها، أو تشعر عند قراءة الخطة أنّ من سينفذها هو إنسان آلي لا بشر من ازدحام الخطة.
3- التخطيط المدفوع بالرغبة في التخطيط: واحدة من أهم المشكلات التي تؤدي إلى فشل خطط إدارة الوقت، هي أنّ الشخص يكون مدفوعًا برغبته في امتلاك خطة إدارة الوقت، لكن دون رغبة حقيقية في استثمار هذه الخطة. نجد هذا الأمر كثيرًا عند التخطيط في بداية أي عام جديد، ثم لا أحد يلتزم.
كيف يمكنك تعلّم إدارة الوقت بفاعلية؟
هناك العديد من الإجراءات التي يمكنك القيام بها من أجل تعلّم إدارة الوقت بفاعلية. الجزء الأكثر أهمية في ذلك، هو إدراك أنّ الأمر يتعلق بتجربتك الشخصية لا الآخرين، فعند وضع خطتك الخاصة، لا تحاول تقليد الآخرين، بل دائمًا صمم خطتك بما يتوافق مع قدراتك. يمكنك تعلّم إدارة الوقت من خلال الخطوات التالية:
1- ضع أهدافًا ذكية
يجب أن تُبنى خطة إدارة الوقت على وجود مجموعة أهداف تسعى إلى تحقيقها. في الوقت ذاته يجب أن تكون أهدافك منطقية. لذا، أنت بحاجة إلى امتلاك أهداف ذكية (SMART) وذلك عبر الخطوات التالية:
- ضع أهدافًا محددة تسعى إليها، وقابلة للقياس، أي يوجد بها رقم أو نسبة لقياسها لاحقًا.
- ضع أهدافًا تملك القدرة على تحقيقها، وكذلك متعلقة بالواقع الحالي الذي تعيش به.
- ضع إطارًا زمنيًّا لتنفيذ هذه الأهداف، مع التأكد من أنّ هذا الإطار كافٍ لتحقيقها.
2- استخدم مصفوفة الأولويات في تصنيف أعمالك
من أهم الأدوات التي تساعدك على إدارة الوقت وفقًا لأولوياتك هي مصفوفة الأولويات. التي تمكنك من تقسيم مهامك إلى أربعة أجزاء رئيسة:
- مهمة وعاجلة: المهام التي تحتاج إلى تنفيذها الآن، مثل المهمة التي ستسلمها غدًا. يمكنك البدء بهذه المهمة وتنفيذها سريعًا دون تأخير.
- مهمة وغير عاجلة: المهام التي ستحتاج إلى تنفيذها، لكن مثلًا ستسلمها لاحقًا بعد أسبوع. لا تنتظر حتى يأتي وقتها، لكن ضعها في جدول إدارة الوقت الخاص أعمالك، حتى تتأكد أنّك ستقوم بها فعلًا.
- غير مهمة وعاجلة: المهام التي تحتاج إلى تنفيذها سريعًا، لكنّها ليست ذات قيمة كبيرة. مثلًا إجراء مكالمة هاتفية. يمكنك تفويض هذه المهام إلى شخص آخر للقيام بها.
- غير مهمة وغير عاجلة: المهام التي ليست ذات قيمة كبيرة، وفي الوقت ذاته لا حاجة للقيام بها الآن. مثلًا تصفح مواقع التواصل الاجتماعي. يمكنك العمل على تقليل هذه المهام قدر الإمكان.
بالطبع لا توجد قاعدة حول ما هي المهام الضرورية وغير الضرورية، أو العاجلة وغير العاجلة. إذ هذه التصنيفات شخصية تمامًا، وتختلف من شخص لآخر. لذا أثناء وضع خطة إدارة الوقت، تأكد من أنّك تفعل ذلك بما يتفق معك أنت، والأهداف التي وضعتها في الخطوة الأولى، لا وفقًا لرؤية الآخرين.
في النهاية ستكتشف أنّ مصفوفة الأولويات تساعدك على تصفية مهامك جيدًا، بالتالي يمكنك من خلالها تقسيم أعمالك، وعند وضع خطة إدارة الوقت ستجد أنّ جميع المهام تصب في صالح رؤيتك لنفسك، وبما يتفق مع اهتماماتك الآن.
3- تحديد الوقت الزمني المطلوب لتنفيذ المهام
من أهم الخطوات التي تساعدك على إدارة الوقت هي تحديد الوقت الزمني المطلوب لتنفيذ المهام. إذ معرفة الوقت الذي ستستغرقه في تنفيذ مهمة معينة، سيساعدك على معرفة كيف تختار المهام في يومك، وكذلك تحدد ما هي الأشياء التي ستقوم بتفويضها إلى الآخرين، وما هي المهام التي لن تقوم بتنفيذها من الأساس.
مثلًا إذا كان لديك أربع مهام، ولن تقدر على تنفيذها جميعًا، بل قدرتك ستقتصر على ثلاث فقط. يمكنك تحديد المهمة التي لن تفعلها، وتبدأ في تفويضها إلى شخص آخر للقيام بها. بينما مثلًا في الحالة العادية، إذا أمكنك تنفيذ هذه المهام بمفردك فافعل ذلك.
4- قسّم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة دائمًا
من الأشياء التي تفزعنا بشأن إدارة الوقت هي أننا نضع المهمة الكبيرة. مثلًا إذا كنت ترغب في كتابة دليل عن موضوع معين، فلا تضع هذه المهمة وتكتبها كما هي. بل الصواب هي تقسيم المهمة إلى أجزاء أصغر، مثلًا: البحث، اختيار المحتوى، كتابة الجزء الأول، كتابة الجزء .. حتى الجزء الأخير، المراجعة، النشر.
بالتالي يجعلك هذا تشعر أنّك تملك التحكم الكامل في المهمة، وعندما تنتهي مهمة محددة تقوم بحذفها، فيساعدك هذا على الشعور بالإنجاز. اعتمد دائمًا على تقسيم المهام في بداية اليوم، وضع قائمة بما ستفعله خلاله، وتأكد من ملاءمة هذا لأهدافك.
5- الحصول على الراحة والمكافأة على الإنجاز
من المهم ألّا تملك جدول إدارة الوقت بطريقة مزدحمة، لا يوجد فيها مجال للراحة. إذ سيؤدي ذلك بكل أسف إلى عدم قدرتك على تنفيذه، وستشعر بالإحباط أو أنّ هناك مشكلة بك، والمشكلة الأساسية هي أنّك أهملت فكرة الراحة التي يحتاج إليها جسدك وعقلك. لذا، خصّص في جدولك فترات للراحة ما بين المهام.
كذلك من المهم امتلاك نظام ذاتي لمكافأة نفسك على الإنجازات التي تقوم بها. مثلًا في جدول إدارة الوقت والمهام الخاصة بك، ضع قائمة بالمكافآت التي ستحصل عليها عند الانتهاء من أي مهمة، وفقًا لقيمة وحجم هذه المهمة.
يؤدي ذلك إلى امتلاكك للحافز للالتزام بالجدول، وفي النهاية قدرتك على تنفيذه. ضع كذلك بعض العقوبات لنفسك، حتى يكون هناك توازن بين الثواب والعقاب.
ختامًا، تحتاج خطة إدارة الوقت إلى رغبة حقيقية منك في الالتزام، فحتى مع امتلاك خطة جيدة وبالمعايير التي تحدثنا عنها، سيظل الجزء الأهم متعلقا بك، وهو ضرورة تنفيذ كل مهمة في الوقت المحدد لها. لذا، أنت بحاجة إلى إدراك أهمية الرغبة، وعندما تبدأ في تنفيذ خطة إدارة الوقت، فلا تسمح لأي شيء بالتأثير عليك للتراجع، بل كن مُركّزًا على أهدافك فقط.
المصادر: