جاءت الأحاديث الدالة على أن إظهار السرور والفرح مندوب. وللعيد مغزى ودلالات في الإسلام منها: أنه ارتبط بالمواسم الدينية، فعيد الفطر مرتبط بانتهاء صيام رمضان، وعيد الأضحى مرتبط بموسم الحج، ويأتي عقب يوم عرفة.
وشرعت صلاة العيد مرتان في السنة، في عيد الفطر وعيد الأضحى، وهذا ما سيكون محور حديثنا في هذه المقالة، وهي معرفة طريقة صلاة العيد ومشروعيتها.
مشروعيّة صلاة العيد
شُرعت صلاة العيد في السَّنَة الأولى من الهجرة؛ ودليل مشروعيتها ما رواه أنس رضي الله عنه قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذان اليومان؟) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، قال: (إن الله عز وجل قد أبدلكم بهما خيرًا منهما يوم الفطر ويوم النحر) رواه أحمد وأبو داود.
وثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان" رواه مسلم.
ولهذا لا بد علينا من تعلم طريقة صلاة العيد وتعليمها للأبناء.
حكم صلاة العيد
ذهب أكثر أهل العلم إلى أن صلاة العيد سُنَّة مؤكدة، ورأى بعضهم أنها فرض على الكفاية، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، وإلا أثمَ الجميع بتركها.
وذهب الحنفية إلى أنها واجبة على كل مكلف من الذكور، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدل لذلك بحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: (أُمرنا أن نُخْرِج العواتق والحُيَّض وذوات الخدور) متفق عليه، ووجه الدلالة أنه إذا كانت النساء والحُيَّض مأمورات بالخروج إلى صلاة العيد، فالرجال مأمورون بذلك من باب أولى.
ويُشترط لصحة أدائها ما يُشترط لصحة صلاة الجمعة، من الجماعة والإقامة، فلا تصلى فرادى، ولا تجب على المسافر على الراجح من أقوال أهل العلم.
وقت أداء صلاة العيد
قبل التطرق إلى طريقة صلاة العيد، سنخبركم بوقت أدائها، وتبدأ من ارتفاع الشمس يوم العيد قَدْرَ رمح، ويقدر ذلك بخمس عشرة دقيقة تقريبًا بعد شروق الشمس، ويمتد وقت أدائها إلى الزوال (قُبيل أذان الظهر بقليل) فوقتها هو وقت صلاة الضحى.
وعند المالكيّة لا تصلى صلاة العيد في غير يوم العيد، ولا في يوم العيد بعد الزوال. وحكي هذا عن أبي حنيفة. قال ابن عبد البر: "لو قضيت صلاة العيد بعد خروج وقتها لأشبهت الفرائض، وقد أجمعوا في سائر السنن أنها لا تقضى؛ فهذه مثلها".
واختلف قول الشّافعي في هذه المسألة؛ فمرة قال بقول المالكية، ومرة قال: إنها تصلى في اليوم الثاني ضحى.
وقال الثوري والأوزاعي والإمام أحمد: يخرجون من الغد.
قال القرطبي: والقول بالخروج إن شاء الله أصح؛ للسنة الثابتة في ذلك، ولا يمتنع أن يستثني الشارع من السنن ما شاء، فيأمر بقضائه بعد خروج وقته.
طريقة صلاة العيد
أما عن طريقة صلاة العيد، فلا خلاف بين أهل العلم في أن طريقة صلاة العيد مع الإمام ركعتان، تصلى من غير أذان ولا إقامة؛ ولا يُشرع على الصحيح النداء لها بـ"الصلاة جامعة" ونحو ذلك، لعدم الدليل.
- يُكَبِّر الإمام والمأموم في الركعة الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، ويكبر في الركعة الثانية عقب القيام خمس تكبيرات غير تكبيرة الرفع من السجود؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه أنه (كبَّر في العيدين، في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة) رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه الإمام أحمد؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما التكبير في الصلاة، فيكبر المأموم تبعًا للإمام".
- ويُستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يرفع يديه مع التكبير) رواه أصحاب السنن إلا النسائي وإسناده صحيح، وهو عامٌّ في كل تكبير في الصلاة، فيشمل تكبيرات صلاة العيدين.
- ويُسن للإمام أن يقرأ في الركعة الأولى بعد التكبيرات بسورة "الأعلى" وفي الثانية بسورة "الغاشية"، أو أن يقرأ في الأولى بسورة "ق"، وفي الثانية بسورة "القمر" لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قرأ بغير ذلك فلا حرج.
- فإذا فرغ الإمام من الصلاة خطب الناس خطبتين، يجلس بينهما، وحضور خطبتي العيد والاستماع لهما سُنَّة وليس بواجب، باتفاق أهل العلم.
- كما أن من السُّنَّة أن تقام صلاة العيد في المصلَّى؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى) متفق عليه، ولم يُنقل عنه عليه الصّلاة والسّلام أنه صلّى العيد بمسجده إلا من عذر، فينبغي مراعاة هذه السُّنَّة والمحافظة عليها.
طريقة صلاة العيد عمليّاً
في ما يلي فيديو تفصيلي عن طريقة صلاة العيد:
أحكام تخص صلاة العيد
بعد أنا تعرفنا على طريقة صلاة العيد، سنذكر لكم أحكاما تخص الصلاة وسننا ومستحبات:
1- أداء الصلاة قبل الخطبة: عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة».
2- يستحب للإمام تخيير الناس في الجلوس للخطبة أو الانصراف: عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: حضرت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا العيد، ثم قال: «قد قضينا الصلاة ، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب».
3- يستحب التطيب للرجال والاغتسال قبل الذهاب إلى الصلاة: كان ابن عمر رضي الله عنهما: «يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى».
4- يستحب الأكل في يوم عيد الفطر قبل الصلاة: عن أنس رضي الله عنه قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمراتٍ، ويأكلهن وِتراً". قال المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد فكأنه أراد سد هذه الذريعة.
وقال غيره: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى ويشعر بذلك اقتصاره على القليل من ذلك ولو كان لغير الامتثال لأكل قدر الشبع.
5- ليس لصلاة العيدين سنة قبلية ولا بعدية: عن جابر بن سمُرة رضي الله عنه: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذانٍ ولا إقامة". وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في يوم عيد أضحى، فلم يصل قبلها ولا بعدها.
طريقة صلاة العيد حال إغلاق المصليات بسبب كورونا
إذا أمكن أن تقام صلاة العيد في مصلى واحد من مصليات المدينة مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية، فهذا هو الأولى بلا شك، لتحصيل إقامة هذه الشعيرة، سواء قلنا: إنها سنة مؤكدة. أو قلنا: إنها فرض كفاية.
وفي هذه الحالة لا إشكال في حكمها بالنسبة لمن لم يتمكن من الحضور لأي سبب كان، لأن حكمَه هو حكمُ من فاتته صلاة العيد مع الإمام، فيقضيها بعد انتهاء صلاة الإمام، فإن شاء صلاها على صفتها من التكبيرات الزوائد، وإن شاء ترك هذه التكبيرات، فالأمر واسع، ولكن فعل التكبيرات الزوائد أولى؛ إذ الأصلُ أن القضاء يحكي الأداء، ويمكن أن يصليها أهل البيت جماعة بدون خطبة اكتفاءً بخطبة الإمام.
قال الإمام البخاري في صحيحه: إذا فاته العيد يصلي ركعتين، وكذلك النساء، ومن كان في البيوت والقرى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا عيدنا أهل الإسلام».
وأمر أنس بن مالك مولاهم ابن أبي عتبة بالزاوية فجمع أهله وبنيه، وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم. وقال عكرمة: «أهل السواد يجتمعون في العيد، يصلون ركعتين كما يصنع الإمام». وقال عطاء: «إذا فاته العيد صلى ركعتين».
وإذا لم يمكن ذلك، ولم تقم صلاة العيد مطلقا، فالذي نراه أنه يشرع أن تصلى فرادى، أو يصليها أهل كل بيت جماعة، فإن صلاتها في هذه النازلة في البيوت، أولى بالمشروعية من قضائها ممن فاتته في الأوقات المعتادة التي تقام فيها.
وبهذا أفتى جماعة من أهل العلم في هذه النازلة، وصدرت قرارات من جهات علمية مختلفة.
ختاما، تلكم هي أهم الأحكام المتعلقة بـ طريقة صلاة العيد، نسأل الله أن يتقبّل منا ومنكم، وأن يجعله عيداً مباركاً على أمة الإسلام.
المصادر: