دليلك إلى بدء العمل في وظيفة المترجم الفوري
في السنوات الأخيرة الماضية، ازدهرت وظائف الترجمة المختلفة، إذ أصبح هناك احتياج لهذا النوع من الوظائف، لا سيّما مع الاستخدام الواسع للإنترنت، حيث أصبح العالم بأكمله يشبه قرية صغيرة.
من بين مجالات الترجمة والوظائف المختلفة، تظهر وظيفة المترجم الفوري، كأحد أهم المجالات المميزة، التي يحصد أصحابها رواتب جيدة جدًا. في هذا المقال نقدّم لك دليلًا إلى كيفية بدء العمل في وظيفة المترجم الفوري.
ما هي وظائف الترجمة؟ وكيف تختلف عن وظيفة المترجم الفوريّ؟
لا توجد وظيفة واحدة للترجمة بالطبع، بل توجد العديد من الوظائف، التي تتطور يومًا بعد يوم، لتتوافق مع الخدمات المطلوبة في العالم. يتطلب العمل في الترجمة إجادة لغة أخرى على الأقل، إلى جانب لغتك الأم اللغة العربية، لتتولى مسؤولية ترجمة الكلام من اللغة الأخرى إلى العربية، أو العكس.
يعد المترجم الفوري أحد الأدوار التي تتواجد في الترجمة، لكن هناك أيضًا مجموعة أخرى من الوظائف، مثل: الترجمة التحريرية (تحويل المحتوى من لغة إلى أخرى بطريقة مكتوبة في المقالات والأخبار والتقارير وغيرها)، ترجمة الفيديوهات والمقاطع المرئية والأفلام الوثائقية (الاستماع إلى المحتوى، ثم تحويله إلى كلام مكتوب يظهر بالتزامن مع عرض المقاطع في الفيديو).
يعد الفارق الأساسي بين وظائف الترجمة والترجمة الفورية، هي أنّ هذه الوظائف تأتي بعد وجود المحتوى الأساسي. بينما وظيفة المترجم الفوري تعتمد على الحصرية، إذ يقوم بترجمة المحتوى من شخص آخر، في أثناء حديثه الفعلي، مثل اللقاءات والمؤتمرات الصحفية، التي يتولى فيها المترجم الفوري دور ترجمة تصريحات الأشخاص الموجودين.
كيف يمكنك العمل في وظيفة المترجم الفوري؟
كأي وظيفة أخرى، يحتاج العمل في وظيفة المترجم الفوري إلى بذل بعض المجهودات، من أجل الوصول إليها. يمكنك تمثيل هذه الخطوات في النقاط التالية:
الخطوة الأولى: التخطيط الجيّد
سواءً كنت تدرس اللغات في جامعتك، أو درستها بالفعل، أو كنت تعتمد على التعليم الذاتي. من المهم أن تخطط جيدًا لكيفية وصولك إلى الوظيفة.
- تقييم المستوى في اللغة: في الوقت الحالي كيف تقيّم مستواك في اللغة المستهدفة؟ ما هي كفاءتك اللغوية في الترجمة؟ إذ هنا أنت لا تتعلم اللغة من أجل كتابة جمل بسيطة، لكن حتى تتولى مسؤولية ترجمة كلام عن شخص آخر، وهذا يتطلب كفاءة عالية في الترجمة الشفوية الفورية.
- خطة التعلم: تتطلب وظيفة المترجم الفوري بذل مجهود أكبر ومستمر. لذا، يجب أن تضع له خطة تعلّم كاملة خاصة به، تحرص على الالتزام بها باستمرار دون انقطاع، حتى تصل إلى مستوى جيد يمكّنك من العمل في هذه الوظيفة.
- التعرّف على طبيعة اللغة: يوجد لكل لغة ما يميزها، وكذلك لا يقتصر الأمر فقط على مجرد المفردات أو القواعد الخاصة بها، لكن أيضًا طريقة استخدام الناس لها، والتعبيرات الشائعة وغيره. لذا، من المهم في أثناء التخطيط الانتباه لهذا الأمر، والحرص على تضمين مصادر للتعلّم تراعي الجوانب الثقافية للغة الأخرى.
الخطوة الثانية: تحديد مجال العمل
ستجد العديد من مجالات العمل في وظيفة المترجم الفوري، إذ يعتمد هذا على طبيعة الصناعة التي يعمل بها الطرف الآخر الذي تترجم له. فهذا يتطلب امتلاك القدرة على معرفة المصطلحات الفنية الخاصة بالمجال، من أجل ترجمتها بالشكل الصحيح، فالأمر لا يتعلق فقط بالترجمة الصحيحة لغويًّا، ولكن الصحيحة اصطلاحيًّا في كلتا اللغتين. من أمثلة المجالات:
- المترجم الفوري في الرعاية الصحية.
- المترجم الفوري في القانون.
- المترجم الفوري في الأعمال.
- المترجم الفوري في السياسة.
- المترجم الفوري في السياحة.
كما ترى، لكل مجال من هذه المجالات مجموعة كبيرة من المصطلحات، حتى إنّه قد تجد بعض الدورات التعليمية التي تختص بتعليم اللغة الإنجليزية في مجال بعينه.
الخطوة الثالثة: معرفة التدريبات والشهادات التخصصية
من الأشياء التي تساعدك كثيرًا على وظيفة المترجم الفوري، هي معرفة إذا كان هناك تدريبات متخصصة يمكنك الحصول عليها لتطوير ذاتك، وإذا كانت هناك شهادات محددة، يزيد حصولك عليها من فرص تميزك للوصول إلى عمل سريعًا.
بالطبع هذا ليس الطريق الوحيد، فإذا كنت تعتمد على التعلّم الذاتي، وتملك خطة جيدة للتعلم، فأنت لست بحاجة إلى هذه الخطوة بطريقة أساسية. لكن هي وجودها يضيف قيمة أخرى لك، فإذا أتيحت لك فرصة مناسبة، فاحرص على استثمارها.
الخطوة الرابعة: معرفة أهم المهارات المطلوبة لوظيفة المترجم الفوري
لا تتعلّق وظيفة المترجم الفوري بالقدرة فقط على التحدث بطلاقة، لكنّها تشمل بعض المهارات الأخرى، التي تعد ضرورة أساسية للنجاح. إذ بدون إحدى هذه المهارات، قد ترتكب بعض الأخطاء الفنية التي ربما تسبب مشكلة كبيرة. من أهم المهارات المطلوبة في وظيفة المترجم الفوري:
- مهارات الاستماع: إذا كنت غير قادرٍ على الاستماع لما يُقال بطريقة جيدة، ببساطة ستعجز عن تفسيره بطريقة صحيحة، وستكون النتيجة هي حدوث الأخطاء. لذا، أنت بحاجة إلى التركيز على مهارات الاستماع لديك، وكيف تقدر على الإنصات جيدًا لكل كلمة تُقال في أثناء الترجمة.
- التحدث بثقة: لا يقتصر الأمر في وظيفة المترجم الفوري على الحديث الصحيح، لكن طريقة الحديث تلعب دورًا أساسيًّا. لا أحد يرغب في الاستماع إلى شخص بطيء في الحديث، أو يتعرض لتهتهة مستمرة توحي بعدم تمكنه من وظيفته. لذا، من المهم التركيز على التحدُّث بثقة في أثناء الترجمة.
- التعلّم الذاتي: هناك جديد يوميًا في عالم الترجمة، بالتالي أنت بحاجة إلى متابعة التحديثات، حتى تكون قادرًا على استيعاب أي كلمات تقال، فتتأكد من ترجمتها بطريقة صحيحة، تشرح الهدف الحقيقي للمتحدث، لا فقط تعبّر عن فهمك أنت لها. لذا، من خلال مهارة التعلّم الذاتي، سيكون بإمكانك البقاء على اطّلاع بكل الأحداث من حولك، وتطوير مهاراتك باستمرار.
الخطوة الخامسة: الممارسة الفعلية لمهام المترجم الفوري
مهما حصلت على تدريبات ودورات تعليمية متخصصة، في النهاية لا شيء يمكنه تعويض دور الممارسة الفعلية لمهام المترجم الفوري. إذ هذه النقطة محورية جدًا في نجاحك بالوظيفة، وستمنحك الثقة بنفسك من خلال التمكن الفعلي منها.
عندما تبدأ محاولتك الأولى، ستكتشف أنّك تقدم مستوى ضعيفا ربما، رغم إجادتك الفعلية لكل شيء، ومعرفتك بالمصطلحات والكلمات التي يقولها الطرف الآخر، لكن الفكرة في التعوّد على الأمر، والعمل باستمرار في وظيفة المترجم الفوري، وهذه هي قيمة الممارسة الفعلية.
يمكنك الممارسة بمفردك، من خلال الاستعانة بالأحاديث في التلفزيون، وتبدأ في تقديم ترجمة لها في أثناء الاستماع، وتقيّم مستواك وتبدأ في تحسينه. إذا كانت هناك فرصة للتطوع في إحدى المنظمات، فلا تفوّت ذلك، فهذه فرصة مواتية بالنسبة لك للممارسة والوصول إلى مستوى ممتاز.
ختامًا، العمل في وظيفة المترجم الفوري يحتاج إلى مجهود كبير، وعمل مستمر للبقاء على معرفة بجميع الأشياء المتطورة في المجال من حولك. لذا، إن كنت ترغب في الدخول إلى هذا المجال، فعليك الاستعداد جيدًا، والبدء في رحلة التعلّم وتطوير ذاتك، ثم الحرص على اكتساب وتطوير مهارات المترجم الفوري من خلال الممارسة، ستجد نفسك في النهاية تصل إلى المستوى المناسب، الذي يمكنك من التقديم على وظيفة أحلامك.
المصادر: