كيف تدار الشركات العائلية بسلاسة ونجاح؟
تعتبر الشركات العائلية جزءًا مهمًا من الاقتصاد. وتأتي إدارة هذه المؤسسات مع العديد من التحديات والمزايا الخاصة، حيث لا يوجد فريق عمل متناغم ومترابط أكثر من أفراد العائلة الواحدة.
وغالباً ما يغرس أصحاب الأعمال الناجحة روح ريادة الأعمال في أبنائهم، كما أنها فرصة عمل دائمة مع الأشخاص الذين نحبهم، حيث يتميز العمل مع العائلة بالصدق العاطفي والكثير من الضحك والحرية وسلاسة التعامل التي تنبع من روابط الثقة العميقة التي توحّد الجميع.
وجدت الإحصائيات العالمية أن معظم الشركات الصغيرة هي من الشركات العائلية التي تنتج بالمتوسط حوالي 64% من الناتج المحلي للبلدان حول العالم.
وعلى الرغم من أهميتها الكبيرة، فإن إدارتها ونجاحها تأتي مع العديد من التحديات وخاصةً فيما يتعلق بطرق التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة والعلاقات التي تحدد هويتها، وتبقى فيها أقصر الطرق لتحقيق النجاح تمر عبر العلاقات التي تتوجها الثقة والمحبة والمودة، أما العلاقات التي تثقلها الغيرة والتنافس والاستياء قد تؤدي إلى تدمير الشركة بالكامل.
قوة الشركات العائلية.. استثماراتها 333 مليار دولار وتضم 269 ألف موظف في المملكة
تضيف هذه الديناميكيات داخل الأسرة طبقة من التعقيد للقرارات المتعلقة بإدارة الشركة، حيث إن الأداء السيئ قد يكون كافيًا لإقالة موظف أو تخفيض رتبته في شركة غير عائلية، إلا أن هذه القرارات تحمل المزيد من العواقب في الشركات العائلية. فقد يكون فصل أو خفض مكانة أحد أفراد العائلة أمرًا صعبًا للغاية.
ونظرًا لكون مجموعة المساهمين هي عائلة وليست مجموعة من المؤسسات، فإن العديد من القرارات تحكمها معايير لا تتواجد في الشركات غير العائلية، فقد يوظّف الأب ابنه حتى في حال وجود مرشحين مؤهلين آخرين، ولكن بنفس الوقت يجب على جميع الموظفين سواء كانوا من أفراد الأسرة أو من خارجها أن يخضعوا لنفس القواعد والقوانين.
العلاقات الإنسانية في الشركات العائلية
تتحول العلاقات الإنسانية في الشركات العائلية إلى حقل ألغام، حيث يقوم الآباء في أغلب الأحيان بتقدير أبنائهم بشكل غير موضوعي أو يقدمون لهم رواتب مبالغا فيها، مما يساهم بظهور ثقافة المحسوبية حيث لا يمكن للموظفين الآخرين بغض النظر عن إمكانياتهم أن يتألقوا أو يصعدوا في السلم الوظيفي مما يؤثر على معنوياتهم وإنتاجيتهم. ومن جهة أخرى، إذا كان تقييم أفراد الأسرة أقل من اللازم أو حصلوا على رواتب منخفضة فإن ذلك سيؤدي حتمًا إلى استياء داخل الأسرة.
في سيناريو العمل مع الأشقاء، تتميز الشركات العائلية الناجحة بالإفراط في التواصل لتسوية أي مخاوف متبقية بشأن القرارات ومسار العمل، أو قد تعاني من التنافس بين الأشقاء مما يعرقل مسار الأعمال. ومن جهة أخرى، نجد أن العمل مع الوالدين قد يكون أكثر صعوبة إلى حد ما بسبب الشعور السائد بالملكية للمؤسسين مما يجعل التخطيط لمن يأتي لاحقًا ليدير عمل الشركة أمرًا كارثيًا، حيث ينظر الآباء إلى شركاتهم على أنها طفلهم الآخر فيصبح من الصعب الاستغناء عنه أو تسليمه لشخص آخر؛ لذلك يجب أن يعزز الآباء المؤسسون من مهارة الاستماع الفعال ليحكموا بموضوعية على أفكار الأجيال الشابة.
تحديد منصب الإدارة في الشركات العائلية
تشير الإحصائيات إلى أن 30% فقط من الشركات المملوكة للعائلات تستمر بنجاحها من الجيل الأول إلى الجيل الثاني، وأن 12% فقط تنجو من الجيل الثاني إلى الجيل الثالث، ومع ذلك 47% من أصحاب هذه الشركات حاليًا يخططون للتقاعد خلال الخمس سنوات القادمة من دون أن يحددوا من سيأتي في منصب الإدارة من بعدهم.
يجب أن يمتلك المؤسسون فكرة واضحة عن رؤيتهم المستقبلية لأعمالهم في حال التقاعد، حيث يوجد العديد منهم لا يفضل إعطاء إدارة الشركة لأبنائهم لأسباب متعددة تضم عدم أهلية الأبناء أو عدم تمتعهم بالمسؤولية الكافية لإدارة الشركة، وقد يكون بعدم وجود رغبة لدى الأبناء في تولي أعمال العائلة على أي حال.
الشركات العائلية في السعودية.. كم عددها ومساهمتها في الناتج المحلي
وفي جميع الأحوال، يجب أن يتم نقل إدارة الشركة إلى الجيل التالي بحيث يختار المؤسسون أحد الأشخاص الأكفاء سواء من العائلة أو خارجها، ولكن بشرط أن يكون قد شارك بأعمال الشركة وإدارة عملياتها وأن يكون على دراية تامة بالمسائل المالية للشركة.
النصائح المالية في الشركات العائلية
يندمج الكثير من أفراد العائلة بعمل هذا النوع من الشركات إلى جانب الموظفين من غير الأقارب، لذلك من الضروري أن يتم تحديد الرواتب والمزايا وفقًا للوظيفة وليس بحسب العلاقة العائلية. كما يجب أن يمتلك صاحب الشركة شفافية عالية لتوضيح مجال عمل كل شخص وكيفية حصوله على المزايا والمكافآت مقابل عمله، وكيفية حصوله على الترقية في السلم الوظيفي. ويُنصح أصحاب العمل بأن يدفعوا بأبنائهم للعمل في شركات أخرى قبل العمل في الشركة العائلية حتى يتكون لديهم خبرة وفكرة عن عالم الأعمال الحقيقي.
ثقافة الشركات العائلية
تتحول القيم العائلية إلى قيم العمل داخل الشركة إلا أن ذلك قد يخلق ثقافة مغلقة أمام الغرباء في كثير من الأحيان، لذلك يجب على أصحاب العمل الحرص على توضيح قيم الشركة وطرق تكيفها مع السوق حتى لا يشعر بقية الموظفين بأنهم غرباء. وبالمقابل، نجد أن الشركات العائلية بعيدة جدًا عن ثقافة العائلة بسبب اختيار أبنائها العمل في أماكن أخرى، حيث أصبح خريجو الجامعات الشباب يطمحون للعمل في شركات ناشئة ناجحة أو لدى عمالقة التكنولوجيا وغيرها. وبالنسبة لهم، تعتبر الشركات العائلية محفوفة بالمخاطر حيث أن الخروج من الشركة العائلية غالبًا ما يكون له آثار طويلة الأمد على العلاقات الأسرية وقد يعني أيضًا الخروج من العائلة.
التعاقب الوظيفي التحدّي الأكبر أمام الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط
يكمن سر النجاح في إدارة الشركات العائلية في إدارة الأسرة الصغيرة نفسها بسلاسة، حيث يجب الحفاظ على وحدتها وخصوصيتها والتفاعل بين أفرادها للوصول إلى أسرة سعيدة، وبنفس الروح العائلية يمكن تحقيق النجاح في الشركة. وعلى قادة الشركات العائلية اعتبار المكونات العاطفية للشركة و بنفس الوقت الحيادية والمصلحة العليا للشركة عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعيينات والنواحي المالية و كل ما يتعلق بنشاط الشركة.