لعل واحدة من أكثر المشاكل الشائعة الآن بين العاملين، هي صعوبة التركيز أثناء تنفيذ المهام المختلفة. يعود ذلك إلى كثرة المشتتات والاعتياد على وجود تداخل ما بين العناصر، وهو الأمر الذي يصعّب من تنفيذ المهام المطلوبة.
في الواقع، قد يكون التشتيت هو الحائل ما بين إمكانية وصولك إلى أفضل أداء، وهو ما قد يؤثر على مكانتك داخل بيئة العمل. لذا، لا بد من التفكير في الطريقة المناسبة لعلاج هذه المشكلة. لحسن الحظ هناك مجموعة من الطرق التي يمكنها مساعدتك في تحسين تركيزك أثناء العمل.
1- النوم والطعام المناسب
في الحقيقة، لا تحدث مشكلة التركيز دائمًا نتيجة المشتتات. إذ قد لا يكون هناك شيء يعطلك، لكنك مع ذلك تعاني من صعوبة في التركيز. يمكن الإجابة على هذا، من أنّ التركيز الحقيقي يبدأ من النوم الجيد والطعام المناسب الذي تتناوله.
حاول أن تحصل على قدر جيد من النوم كل ليلة، إذا أمكنك النوم 8 ساعات في الليل، سيساعدك ذلك على التركيز عند الاستيقاظ، وستكون قادرًا على تأدية مهامك. كذلك من أهم الأشياء أن تحاول تجنب تعرضك للشاشات، مثل هاتفك الذكي، لمدة جيدة قبل النوم.
يؤدي التعرَض إلى الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، إلى تأثرك سلبًا، نتيجة التحفيز الذي تتعرض له من هذه الأجهزة. لا يقتصر الأمر فقط على النوم، لكنّه يشمل كذلك نوعية الطعام الذي تتناوله. من المهم الانتباه إلى حاجتك الجسدية، وضرورة منح جسدك جميع العناصر الغذائية التي يبحث عنها، إذ هذا ما يمنحه الفائدة التي تحفّز التركيز.
2- تعوّد على ممارسة التمرينات
عندما تستيقظ في الصباح، يمكنك أن تبدأ يومك بممارسة الرياضة، سيساعد ذلك على تعزيز الإنتاجية. ليس ضروريًا فعل ذلك لفترة طويلة من الوقت، إذ يمكنك البدء بعدد قليل من الدقائق يوميًا، ومع مرور الأيام، يمكنك زيادة التمرينات تدريجيًا. سيحصل جسمك على الفائدة الكبيرة من التمرينات، إلى جانب زيادة قدرتك على التركيز.
إذا لم تكن تعرف من أين تبدأ، أو ترغب في مقترحات للتمرينات. يمكنك الاستعانة بالفيديوهات من على اليوتيوب، إذ توجد العديد من المستويات لهذه التمرينات، بما في ذلك المبتدئين. لا يقتصر الأمر على اليوتيوب، لكن توجد العديد من التطبيقات على الهاتف، التي تساعدك على تنفيذ التدريبات.
3- ضع أهدافًا ليومك في العمل
من أهم الأشياء التي يجب البدء بها يوميًا، هي امتلاك صورة حول ما تريد تحقيقه خلال اليوم، وما هي الأهداف التي ترغب في تحقيقها. سيساعدك ذلك في التركيز جيدًا فيما ستفعله خلال اليوم، وعندما تنجح في تحقيق هذه الأهداف، ستشعر بالسعادة، مما سيجعلك متحفّزًا لتكرار هذا الأمر دائمًا.
من المهم في الوقت ذاته ألّا تختار العديد من الأهداف يوميًا، إذ قد يؤدي ذلك إلى التشتيت، وابتعادك عمّا تريد، وفي نهاية اليوم تجد أنّك لم تحقق هذه الأهداف فتشعر بالسخط. بينما المشكلة الأساسية، هي أنّك لم تختر أهدافًا ذكية أو منطقية يمكن تنفيذها خلال العمل في اليوم.
4- سجّل المهام المطلوبة منك
يمكنك العمل على المهام بالاعتماد على الذاكرة، لكن في الحقيقة فالأفضل هو تسجيل هذه المهام، إذ وفقًا للخبراء، فإنّ الكتابة أفضل، إذ تزيد من القدرة على تذكر الأشياء. في الوقت ذاته لن تشعر بالتشتت، لأنّه لديك مهام مكتوبة ومحددة لليوم، بالتالي لن تخرج عن هذه المهام.
أثناء العمل، من الأفضل استخدام توقيت لمتابعة العمل، ليخبرك بمقدار الوقت الذي استغرقته في العمل، والوقت الذي لم تنفّذ فيه أي شيء.
يؤدي ذلك إلى تحفيزك للعمل، والتركيز على المهام التي تؤديها بالشكل المثالي. يمكنك أيضًا الاعتماد على تقنيات للإنتاجية، تلك التي تساعدك في تنظيم مهامك، مثل تقنية البومودورو، التي تقسّم العمل إلى فترات، كل فترة 25 دقيقة، ثم بعد ذلك 5 دقائق راحة، وفي المرة الرابعة تحصل على راحة طويلة، لمدة من 15 إلى 30 دقيقة، وتستمر في تكرار الأمر خلال اليوم.
5- ركّز على مهمة واحدة في كل مرة
إذا كنت ترغب في التركيز، ودّع تعدد المهام في الوقت الواحد! إذ بعكس ما يصوره البعض لك، أنّ هذه مهارة مهمة للنجاح، لكن في الواقع هذا ليس صحيحًا دائمًا، ولا يتعلق الأمر بفعل ذلك في الوقت ذاته، في النهاية ستجد أنّ هذا التبديل بين المهام جعلك مشتتًا، ولم تقدر على تنفيذ ما تريد.
أجرت جمعية علم النفس الأمريكية بحثًا حول الأمر، خرجت منه بنتيجة أنّ التبديل المستمر بين العديد من المهام، يؤثر على فرصة إكمال أيٍ منها في الوقت المناسب.
فبدلًا من قناعتك أنّ هذا يساعدك في توفير الوقت، ستجد في النهاية أنّ ما حدث هو العكس، وأنّ الأمر انتهى بك إلى فقدان التركيز، وارتكاب الأخطاء نتيجة الجمع بين المهام.
لذا، بدلًا من هذا الإجراء الذي لا ينتج شيء، ما رأيك بالتركيز على مهمة واحدة في كل مرة؟ يمكنك العودة إلى قائمة المهام، والاختيار من بينها وفقًا لما تراه الأولوية لك، ثم تعمل على تنفيذه. بعد الانتهاء من المهمة، يمكنك الانتقال إلى المهمة التالية، وهكذا حتى نهاية يوم العمل.
6- أبعد المشتتات عنك
لا شيء يمكنه التأثير على تركيزك مثل المشتتات. لذا، ما رأيك في تحديد المشتتات، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، أو الرسائل التي تصلك عمومًا، أو الأحاديث مع زملائك في العمل، أو الضوضاء، وغيرها. بعد معرفة هذه المشتتات جيدًا، يمكنك البدء في إبعادها، حتى تمنح نفسك فرصة التركيز في المهام.
عندما تبدأ، وضّح لزملائك أنّك غير متاح إلّا إذا كان الأمر ضروريا يتعلق بالعمل، بالتالي يمكنك الانتباه إليهم، وإلّا فالأفضل هو الانتهاء من مهامك، ثم بعد ذلك متابعة بقية الأشياء الأخرى.
7- احصل على قدر جيد من الراحة دائمًا
من الأشياء التي تساعدك على الحفاظ على التركيز دائمًا، هي الحصول على قدر جيد من الراحة باستمرار، خلال اليوم. فمن أكثر الأخطاء التي قد تقع بها، هي العمل لفترة طويلة دون راحة، لا سيّما مع الوظائف التي تحتاج إلى تركيز وتعامل مع الأجهزة.
من المفيد الحصول على راحة كل 60 دقيقة بحد أقصى، يمكنك فيها الحركة من مكانك، وممارسة تمرينات سريعة، أو تناول وجبة خفيفة أو مشروب يساعدك في العودة إلى التركيز مرة أخرى. ولا تنسى في أوقات الراحة أن تحصل على قدر من الترفيه، حتى تتخفف من ضغط العمل قليلًا.
8- تعلّم من تجربة كل يوم
بعد انتهاء يوم العمل، عد إلى أحداث اليوم، وراجعها سريعًا لتعرف ما الذي حدث معك بالضبط. هل تمكنت من التركيز بالشكل الذي تريده؟ أم يوجد شيء منعك من فعل ذلك؟ هل يتعلق الأمر بسوء تخطيط أم بعدم تمكنك من تنفيذ الخطة أم الأمر لا علاقة له بك من الأساس.
خلال اليوم تذكّر احتياجات عقلك، وأنّه يحتاج إلى الراحة والتمرين. لذا، احرص على منحه ما يريد، حتى يعطيك التركيز الذي تريده. تبدو هذه الإجراءات بسيطة، لكنّها فعّالة حقًا، يمكنك البدء من اليوم، والانتباه لكل ما تقوم به، حتى تصل إلى التركيز بالشكل المطلوب في العمل.
المصادر: