تيليجرام و سيجنال.. هل علينا استخدامهما بدل واتساب؟
اشتهرت منصتا تيلجرام وسيجنال بعد الزوبعة التي أطلقتها شروط الخصوصية الجديدة الخاصة بتطبيق واتس آب، وذلك بعد أن قام العديد من المشاهير أبرزهم إيلون ماسك بالإعلان عن استخدامهم هذه التطبيقات.
فماذا نعلم عن هذه التطبيقات؟ و هل يجب استخدامها ؟
في عام 2018، غادر براين أكتون المؤسس الشريك لتطبيق واتس أب شركة فيس بوك، ثم قام في مارس من نفس العام بوضع تغريدة غاضبة على صفحته الشخصية أثارت جدلًا كبيرًا قائلًا: "لقد حان الوقت لحذف فيس بوك".
وقد واجهت الشركة التي قامت بشراء تطبيقه موجة غضب عارمة بسبب مشاركتها بيانات المستخدمين، وجعلتها في مكانة مثيرة للشك لدى الكثير من المستخدمين المحافظين.
وفي ذلك الوقت، كان براين يقوم بتحويل 50 مليون دولار أمريكي إلى مؤسسة غير ربحية جديدة تدعى "Signal Foundation"، وأعلن أنه الرئيس التنفيذي لها، وكان الهدف تمويل تطبيق عمره ثلاث سنوات يسمى "Signal" والذي يسمح للمستخدمين بإرسال رسائل مشفرة من طرف إلى طرف.
وبحسب تصريحات أكتون لمجلة فوربس 2018، فإن تطبيق "Signal" قدم خدمات مراسلة مشفرة واتصالاً سهلًا وآمنًا وإخفاءً تامًا للهوية، ومع وجود التمويل الجيد لن يحتاج إلى المصالح التجارية وبيع الإعلانات التي جعلت أكتون يكره فيس بوك.
وقد حقق التطبيق توقعاته الخاصة إلى حد كبير عبر جعل الاتصالات الخاصة متاحة وفي كل مكان، وتمكن من جذب العديد من الصحفيين والنشطاء حول العالم، ويستعد اليوم ليصبح ملاذًا رقميًا جديدًا لأولئك الذين يبحثون عن الخصوصية.
وينجذب المستخدمون إلى التطبيق بفضل سياساته فهو يوفر القدرة على التخطيط والتواصل بشكل جماعي من دون القلق لشروط الخصوصية والإشراف على المحتوى أو مساعدة السلطات في توجيه اتهامات ضدهم، ولا تمتلك سيجنال إمكانية الوصول إلى رسائل المستخدمين مما يجعل من المستحيل نظريًا التعاون مع أي سلطة أمنية لاختراق المحادثات.
ومن جهة أخرى، يرى البعض أن هذين التطبيقين يشكلان خطرًا أمنياً على المجتمعات مثل الباحث هاري فرنانديز، وهو مدير في منظمة "Change the Terms" غير الربحية التي تتعقب خطاب الكراهية عبر الإنترنت، والذي قال: "يبدو أنهم يرحبون حاليًا بالأشخاص البغيضين أو غير المرحب بهم الذين تم طردهم من منصات أخرى، ومن الخطير عدم امتلاكهم أي بنية تحتية لضبط هذه المنصات التي تستخدم أنظمة تشفير خاصة بها تجعل من الصعب معرفة ما يتم التحدث عنه بدقة"، إلا أن مؤسسي هذه المنصات لم يصدرا أي رد على هذه التصريحات.
وقد ازداد استخدم تطبيق سيجنال في الوقت الذي شعر به الكثير من الأشخاص الذين يبحثون عن الخصوصية أنهم عرضة للهجوم على الإنترنت، فقد حظر كل من تويتر وفيس بوك الرئيس ترامب بعد أحداث الشغب في 6 يناير، واتخذت هذه المواقع إجراءات للحد من المعلومات المضللة.
وعلى الرغم من أن سيجنال وتيلجرام لا تعتبران كمنصتين بديلتين عن تويتر وفيسبوك لكونهما يعتمدان على الرسائل الخاصة وليس الشبكات الواسعة المفتوحة كما هو الحال في مواقع التواصل الاجتماعي الأكبر والأكثر انتشارًا، ومع ذلك فإنهما يوفران خصائص لا تملتكها المنصات الأخرى كإخفاء الهوية وعدم مراقبة المحتوى.
ووفقًا لشركة "Apptopia" التي تراقب عمليات تنزيل التطبيقات، فقد قامت أعداد هائلة من الناس بتنزيل التطبيقين بين السادس والعاشر من يناير 2021، حيث تم تنزيل تطبيق سيجنال بمعدل 251.000 مرة باليوم، بينما تم تنزيل تطبيق تيليجرام بمعدل 1.1 مليون مرة، مما يمثل زيادة بنسبة 409% و61% على التوالي عن متوسط عمليات التنزيل اليومية في عام 2020.
وبغض النظر عن شعبيتهما الكبيرة في الوقت الحالي، فإن تطبيقي تيلغرام وسيجنال يمتلكان العديد من القواسم المشتركة الإضافية، فهما منتجان بتمويل جيد لاثنين من عمالقة التكنولوجيا الشباب والأثرياء، حيث يقف وراء تطبيق سيجنال كل من براين أكتون ومكسي مارلينسبيك، أما مؤسس تطبيق التيليجرام فهو الروسي بافل دوروف البالغ من العمر 36 عامًا.
وبحسب تيليجرام وسيجنال، فإن ازدياد عمليات التنزيل في الفترة الأخيرة تعود إلى عدد من المستخدمين الجدد الذين تركوا تطبيق واتس آب الذي يعتبر المنافس الرئيس لهما بعد قيام الأخير مؤخرًا بإجراء تغييرات على إعدادات الخصوصية.
وبحسب ويل بارتين، المحلل المعتمد في منظمة "Data & Society" البحثية على الإنترنت، فقد ساهمت سياسة الخصوصية الجديدة الخاصة بواتس أب إلى دفع المستخدمين إلى هذه المنصات فهم يبحثون عن منصة تواصل ملتزمة بالخصوصية والأمان.
تم إطلاق تطبيق سيجنال لأول مرة في عام 2014 من قبل باحث أمني أبقى هويته مخفية وظهر تحت اسم مستعار هو مكسي مارلينسبيك، وسرعان ما نالت تقنية التشفير التي لا يمكن اختراقها تقريبًا استحسان مجموعة متنوعة من رجال الأعمال من أمثال الملياردير جاك دورسي الذي قام بدمج جزء من هذه التقنية في منصة تويتر، كما نالت استحسان إدوارد سنودن الذي قال إنه يستخدمها بشكل يومي.
كان أكتون مهندس برمجيات سابقًا في ياهو وغادر في حالة من الغضب الشديد بسبب تركيز الشركة الدؤوب على كسب الأموال، وبحسب تصريحه عام 2014 لمجلة فوربس: "إن التعامل مع الإعلانات أمر محبط فهي لا تجعل حياة أي أحد أفضل على الإطلاق". وبعد أن غادر مع زميله جان كوم شركة ياهو في عام 2008، ذهبا بإجازة لمدة عام لقضاء عطلة طويلة في أمريكا الجنوبية، ثم تقدما للعمل في شركة فيس بوك وتم رفضهما قبل أن يعملا على تأسيس واتس أب في عام 2009.
وبعد ثلاث سنوات، باعا التطبيق إلى الشركة التي رفضتهما ذات مرة، وأبرموا معها صفقة بقيمة 22 مليار دولار، ثم التقى بمارلينسبيك وعملا معًا على إضافة بعض برامج التشفير من سيجنال إلى واتس آب.
وقد كتب أكتون منشورًا على مدونته أعلن عبره عن تأسيس "Signal Foundation" ووصفها بأنها منصة للعمل من أجل المصلحة العامة وتقديم مساهمة ذات معنى للمجتمع من خلال بناء تكنولوجيا مستدامة تحترم مستخدميها، وكان برأيه أنها ستنتشر بسرعة خلال صيف 2020 بعد ظهور العديد من الحركات المناهضة والأحداث السيئة قائلًا: "إننا نقوم بعمل رائع ولكن العالم يحترق".
وفي منطقة أخرى من العالم، ظهر تطبيق تيلجرام ومؤسسه دوروف الذي أسس في عام 2006 منصة للتواصل الإجتماعي تشبه فيس بوك تحمل اسم "VKontakte"، ووجد دوروف في رؤيته الخاصة بتليجرام الذي أطلقه في عام 2013 بأنه أداة مثالية للأشخاص الذين يبحثون عن الخصوصية بعيدًا عن سياسات مراقبة المحتوى.
يوفر التطبيقان خدمات المراسلة الفردية والجماعية، في حين تجعل تقنية التشفير الخاصة بهما من الصعب تتبع المدى الحقيقي لأي نوع من المحادثات، ويوفران أيضًا إمكانية الانضمام إلى مجموعات من خلال عنوان "URL" الذي يتم توزيعها بشكل أكثر شيوعًا على الويب من تلك الموجودة في سيجنال التي أضافت هذه الميزة في العام الماضي.