كيف سيتمكن الذكاء الاصطناعي من سد الثغرات التي نشأت بسبب التعليم الافتراضي؟
لم يعد هناك مجال حديث يخلو من تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي المتعددة، ويعد التعليم الافتراضي أحد تلك المجالات التي تأثرت بشكل واضح ومفيد من وجود هذه التقنيات.
إذ أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم، تجلى بمظاهر عدة، منها مثلا المساعدات الرقمية القادرة على التفاعل مع الطلاب، وأيضا نظم التحليل الخاصة بتقييم اختبارات الطلاب، بشكل يبتعد على التقييم القائم على رصد الإجابات النموذجية المعتادة.
الذكاء الاصطناعي في التعليم
التحليل بواسطة الذكاء الاصطناعي في التعليم، يمكنه بقدر كبير مثلاً التمييز بين الإجابات «المبدعة» على الأسئلة، وبين الأجوبة الصحيحة النموذجية.
اقرأ أيضًا: شركات ناشئة في الذكاء الاصطناعي ستحقق نجاحات ساحقة في عالم ما بعد كورونا
فتلك الأجوبة التي توصف بـ «النموذجية» عادة ما يتم تلقين الطلاب بها، ما يعني أنها ليست معيارا للتفضيل بين الطلاب المبدعين، ونظرائهم «العاديين».
أمثلة «مذهلة» على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم
ماذا تتوقع من بروفيسور يعمل لدى معهد جورجيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة؟ بالطبع سيلجأ إلى ابتكار قائم على التكنولوجيا التي يقوم بتدريسها، وهو ما حدث.
فطلاب هذا المعهد لم يستشعروا شيئًا غريبًا بشأن مُساعدِة التدريس الجديدة واسمها «جيل واتسون»، التي كانت تبعث إليهم بالرسائل الإلكترونية بشأن الوظائف والمهام ومواعيد التسليم، وفي الواقع لم تكن واتسون شخصية حقيقية وإنما «روبوت».
هذه الشخصية الافتراضية، التي ابتكرها البروفيسور أشوك جويل في معهد جورجيا للتكنولوجيا، أثارت الإعجاب بالأداء الذي يحاكي البشر، حتى أن دارسي تقنيات الذكاء الاصطناعي أنفسهم لم يلحظوا ذلك.
هذه المُساعدِة الرقمية، كانت ردودها مختصرة ولكنها غنية بالمعلومات، ولم يعلم الطلاب أنها كانت مساعدة افتراضية وليست حقيقية إلا بعد انتهاء الفصل الدراسي.
محاكاة للبشر بشكل لا يُصدق
كانت واتسون عبارة عن روبوت محادثة صممه جويل للمساعدة في تخفيف العبء عن مساعديه الحقيقيين، وعددهم ثمانية، ونجحت مهمته بفضل تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم.
يعلق الدكتور جويل تعليقا على ذلك: الهدف كان بناء مُساعدِة تدريس افتراضية تقوم بالإجابة عن أسئلة الطلاب الشائعة، والتي عادة ما يكون لديها إجابات واضحة، ومن ثم إشراك المساعدين البشريين في الأسئلة المعقدة والنقاشات المفتوحة مع الطلاب.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي يعيد لممثل عالمي صوته بعد فقده للأبد (فيديو)
لكن مع الوقت أصبحنا لاحقا متحمسين لبناء مساعد تدريس باستخدام الذكاء الاصطناعي شبيه بالإنسان، بحيث لا يستطيع الطلاب التفريق بينه وبين الإنسان الحقيقي بسهولة، حيث تقوم هذه المساعدة بتعزيز مشاركة الطلاب والأداء والتعلم.
كيف سيغزو الذكاء الاصطناعي مجال التعليم؟
يضيف جويل: يندمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب حياتنا ولن نكون دائما على دراية عندما نتعامل معه، كما أن تأثير الذكاء الاصطناعي على التعليم سيكون واضحًا في السنوات القادمة، بدخول هذه الأنظمة إلى الصفوف الدراسية في كل مكان.
وكما غيرت أجهزة الحاسوب والإنترنت شكل وطريقة سير العملية التعليمية، سيقوم الذكاء الاصطناعي بتغيير المنظومة من جديد، حيث سيتم تعليم الطلاب بواسطة الروبوتات بدلاً من المعلمين الحقيقيين، وستقوم الأنظمة الذكية بتقديم النصيحة والتعليم وتصحيح المهام أيضا.
اقرأ أيضًا: متى يمكن أن يفقد البشر وظائفهم أمام الذكاء الاصطناعي؟
في الوقت نفسه سيتم تغيير المواد الدراسية نفسها بشكل جذري، حيث سيكون دور المعلمين إعداد الطلاب لسوق عمل يتم فيه تشغيل ملايين الوظائف بواسطة الآلات.
قد يبدو التعليم بمساعدة الذكاء الاصطناعي وكأنه شيء من المستقبل البعيد، لكنه بالفعل موضوع يثير اهتمام الأكاديميين والشركات على حد سواء، كما سيكون له دور أكبر في التعليم عن بُعد.
فقد غمرت الألعاب التعليمية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي السوق على مدار السنوات القليلة الماضية، وكثير منها عبر منصات التمويل الجماعي.
ما المتوقع من الذكاء الاصطناعي في التعليم؟
يقول داني فريدمان، مدير المناهج والخبرة في «ايليمنتال باث»: هناك توقعات كبيرة للألعاب التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، أتوقعها في كل فصل دراسي كأداة تعليمية تكميلية.
هذه التطبيقات ليست مدمجة فقط في منهج التعليم، ولكنها مرتبطة بالبيانات الشخصية للطالب، مثل طرق التعلم المفضلة ومجالات الاهتمام.
يضيف فريدمان: أتوقعها أيضا في كل منزل، ليس فقط للمساعدة في الإجابة على الأسئلة، ولكن للمساعدة في غرس التفاعلات الاجتماعية، ستكون ألعاب الذكاء الاصطناعي في كل مكان مثل الهواتف المحمولة.
كما ستساعد الأنظمة التعليمية الذكية على تخليص المعلمين من المهمة الشاقة المتمثلة في تصحيح الأوراق في مواد العلوم والدراسات الاجتماعية والرياضيات أيضا، حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي الإجابة على معادلات الرياضيات المعقدة والاستفسارات بلغة غنية بالمعلومات، وستكون مهمة المعلمين الجديدة التركيز على الجوانب الشخصية للتعليم.
اقرأ أيضًا: دور الذكاء الاصطناعي في أشهر الشبكات الاجتماعية
فعندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي في التدريس والتعليم، يمكن أتمتة العديد من المهام الأكاديمية الروتينية والأقل مكافأة للمحاضرين، مثل تصحيح المهام.
الذكاء الاصطناعي والتعليم العالي
كتب الباحث مارك دودجسون، مدير مركز إدارة التكنولوجيا والابتكار، بكلية إدارة الأعمال بجامعة كوينزلاند، و ديفيد جان، نائب رئيس إمبريال كوليدج، في تقرير عن الذكاء الاصطناعي والتعليم العالي للمنتدى الاقتصادي العالمي: بمجرد وصول الطالب إلى المدرسة الثانوية، قد يدخل عامه الأول جنبًا إلى جنب مع ما يسميه خبراء التعليم في تقرير بيرسون «رفيق التعلم مدى الحياة».
فعلى مدار السنوات التسع الماضية، كان هذا الرفيق الرقمي يرافقه في الفصل ويساعده في أداء واجباته المدرسية ويتعلم معه.
شريك التعلم، الذي قد يكون على شكل روبوت أو تطبيق للهاتف الذكي، قد يعمل أحيانًا كطالب بحد ذاته، مما يسمح للطالب البشري بتعليمه ما تعلمه هو والمساعدة في تعزيز معرفته.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي يقدم لكَ القهوة ببصمة رقمية
يقول واين هولمز، المؤلف المشارك لتقرير بيرسون والمحاضر في معهد الجامعة المفتوحة لتكنولوجيا التعليم: سيكون هذا الرفيق متاحًا للطالب طوال فترة تعليمه في أي وقت، قد يقترح عليهم العمل الذي يمكنهم القيام به أو دعمهم بالعمل الذي يجدون صعوبة فيه.
كما أنه سيوفر معلومات للمعلم حتى يتمكن المعلم من المشاركة، الفكرة هي أنه بمرور الوقت يمكن لرفيق التعلم بناء هذا الملف الشخصي للفرد الذي يمكن استخدامه لدعمهم في المضي قدمًا.
أصر هولمز على أن شركاء التعلم الرقمي هؤلاء يهدفون إلى دعم المعلمين وليس استبدالهم، في الواقع، يتوقع أن يحصل التربويون على مساعدين افتراضيين خاصين بهم لجعل وظائفهم أسهل وأكثر فعالية.
سيكون للمعلمين رفيقهم الخاص، فهم يمتلكون مساعد تدريس افتراضيا بتقنية الذكاء الاصطناعي خاصا بهم وقال مضيفًا: إن رفيق الطالب ومساعد التدريس الافتراضي للمدرس سيتواصلان معا حتى يعرف مساعد التدريس ما يجري في الملف الشخصي للطالب بحيث يمكنه التفاعل معه.
الذكاء الاصطناعي في التعليم.. نتاج عقلين
بحلول الوقت الذي يسجل فيه الطالب في إحدى الجامعات، سيكون لدينا نتاج عقلين، إذا صح التعبير، فتلك الموجودة في دماغ الطالب، والذكاء الاصطناعي الذي طورته كشريك في التعلم خلال سنواته الدراسية، سيعملان بالتوازي.
وفي الجامعة نفسها سيكون الذكاء الاصطناعي في كل مكان، كمساعد افتراضي للمدرسين، وكفني دعم في مكتب التسجيل، وحتى كمستشار أكاديمي.
مؤخرًا، استخدمت الجامعة التقنية في برلين برنامج دردشة آلي اسمه «ألكس» لمساعدة الطلاب في تخطيط جدول دوراتهم الدراسية.
اقرأ أيضًا: الأساس لمستقبل الذكاء الاصطناعي الخاص بك
يقول ثيلو مايكل، طالب الدكتوراة حاليًا في جامعة برلين التقنية، والذي صمم نظاما ذكيا كجزء من دراسات الماجستير: أعتقد أن مزايا نظام المحادثة الآلي هي اكتمال المعلومات وتوافرها
إذ يحاول برنامج الدردشة ترجمة أسئلة الطلاب إلى استعلامات قابلة للبحث، تمامًا كما يفعل المستشار البشري، ولكن لديه كل المعلومات المتوفرة في وقت واحد، بينما سيحتاج المستشارون البشريون إلى البحث في أنظمة مختلفة عبر الإنترنت وربما قد يقدمون مجموعة غير كاملة من المعلومات.