كيفية سجود الشكر وحكمه وماذا قال عنه الفقهاء؟
يعيش البشر في نعم لا تُحصى، سخّرها الله سبحانه وتعالي لهم، لأنهم هم مركز هذه الحياة، فسخر لهم الحيوان والجماد وكل ما على هذه الأرض، ولعل زحام النعم الذي يعيش فيه الإنسان، يدفعه للتفكير في كيفية تقديم الشكر لله على ما أنعم عليه به، ويمكن أن يكون عن طريق السجود.
ففي قوله تعالى في كتابة العزيز في سورة البقرة، «يا أيها الذين آمنو كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون» قدم الله دليلًا للإنسان على أن الشكر يجب ألا يكون بالتلفظ فقط، ولكن الاعتراف بالنعمة أيضًا، وذلك مصداقًا لما جاء بقوله تعالى بسورة الضحى: «وأما بنعمة ربك فحدث».
ماذا يعني سجود الشكر؟
السجود في اللغة يعنى الانحناء والخضوع ووضع الجبهة على الأرض، ويقال: أسجد الرجل، إذا طأطأ رأسه وانحنى، أما عن السجود في الاصطلاح فيعني: «وضع الأعضاء السبعة فوق ما يصلى عليه (الأرض أو غيرها)».
الشكر في اللغة له أربعة معان متباينة، الأهم منها هو الثناء، أما عن الشكر في الاصطلاح فهو: «صرف العبد جميع ما أنعم الله تعالى به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله».
تعريفات الفقهاء لسجود الشكر، جمعيها تدور حول معني واحد فقط، وهو شكر الله تعالى وذلك في حال نعمة في حياته، أو دحور نقمة عنه، ومن تلك التعريفات: «السجود الذي يؤدى عند حصول خير شكراً لله تعالى، وهو سجدة واحدة كسجود الصلاة»، واقتصار التعريف على الخير فقط، كون أمر المؤمن كله خيرا، كما ورد في الحديث الشريف.
الشكر في حياة الأنبياء
كانت صفة توجيه الشكر لله، من أبرز ما يتخلق به الأنبياء جميعهم، وذلك وفقًا لما ورد في كتابه العزيز، بقوله تعالى في سورة النحل: «إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين شاكرًا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراطٍ مستقيم».
وكما ورد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الشريف: «التحدث بنعمة الله شُكر، وتركها كُفر» أخرجه البيهقي، لذا وجب على المسلم شكر الله على كثرة نعمه التى أنعم بها عليه، وسجود الشكر إحدى تلك الوسائل لتقديم الشكر لله.
هناك أدلة أخرى على سجود الشكر، أبرزها ما جاء عن البراء بن عازب رضي الله عنه، بقوله: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد ابن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام، فذكر الحديث في بعثه عليا، وإقفاله خالدًا، ثم في إسلام همدان قال: فكتب علي رضي الله عنه إلى رسول الله بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله الكتاب خر ساجدًا، ثم رفع رأسه، فقال: السلام على همدان، السلام على همدان».
بينما كان كعب بن مالك رضي الله عنه يروي قصة توبته، قال: «فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ، أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال، فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا.
ماذا قال العلماء عن سجود الشكر؟
يرجع المسلمون في أمور دينهم، إلى القرآن الكريم، السنة، واجتهادات العلماء، حيث أجمع الكثير من العلماء على استحباب سجود الشكر، عند تجدد النعم أو دفع الله نقمة عن عبادة، فيما ذهب بعضهم إلى أنه يُسن سجود الشكر عند تجدد النعمة.
واستدل العلماء على ذلك بما جاء في حديث أبي بكرة رضي الله عنه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر سرور أو بُشر به، خرّ ساجدًا شاكرًا لله» رواه أبو داود وصححه الألباني، أما عن رأي الأئمة الأربعة فجاء كالآتي:
-الإمام أبو حنيفة ذهب إلى أن سجود الشكر ليس بشيء مسنون.
- الإمام مالك ذهب إلى كراهة سجود الشكر.
- الإمام الشافعي ذهب إلى أن سجود الشكر مستحب.
- الحنابلة ذهبوا إلى استحباب سجود الشكر متفقين بذلك مع الشافعية.
كيفية سجود الشكر
يقول ابن حجر، عن سجود الشكر: «وهي أي: سجدة الشكر كسجدة التلاوة المفعولة خارج الصلاة في كيفيتها، وواجباتها، ومندوباتها»، فلابد في سجود الشكر من تحقق شروط ستر العورة واستقبال القبلة، بالإضافة إلى الطهارة.
وبحسب ما ذهب إليه جمهو الفقهاء، فإنه يستحب سجود الشكر بشرط الطهارة، فيما رأى بعضهم أنها سجدة كسجدة التلاوة، فيشترط فيها استقبال القبلة، وستر العورة أيضًا، ولكن لا يشترط فيه التكبير.
ولم يرو عن الرسول صلى الله عليه وسلم، دعاء بعينه أو ذكر مخصص لسجدة الشكر، لذا فعلى المسلم أن يقول ما يقال في السجود، كما عليه أن يكثر من تقديس الله وتمجيده على نعمة، ويحمده ويشكره على كثرة تلك النعم في حياته، كما عليه أن يخص النعمة التى يسجد من أجلها سجدة الشكر.
ما أسباب سجود الشكر؟
1- عبد رُزق بمولود بعد يأس من الأمر.
2- دفع الله عن عبده نقمة مثل دين أو مرض شديد.
3- وجود ضالة قد فُقد الأمل في العثور عليها.
4- نجاة الشخص أو أحد من أهله أو ماله من كارثة.
5- رؤية الشخص لآخر مبتلى، فيشكر الله على سلامته من الابتلاء.