الاتجاهات التي ستشكل التحول الرقمي خلال ٢٠٢١
لقد كان عاماً جنونياً بكل ما للكلمة من معنى، وها نحن نقترب من نهايته ونحن نأمل بعام أفضل. ولكن برغم نهاية العام إلا أن عدم اليقين المرتبط بجائحة كورونا سيستمر في عام ٢٠٢١ خصوصاً وأن الجميع في حالة من الترقب لمعرفة التأثيرات الجانبية للقاحات التي بدأت الدول باعتمادها.
الجائحة سرعت التحول الرقمي في العام ٢٠٢٠ وذلك لأنه كان الحل الوحيد وخشبة الخلاص التي مكنت الشركات من الاستمرار في ظل الإغلاق الجزئي أو الكلي.
الأشهر القليلة الماضية أسفرت عن تبدلات رقمية أكثر مما شهدناه خلال عقد كامل. وما يحمله العام الجديد من تسارع إضافي مرتبط بشكل مباشر بالحاجة وذلك لأن العالم كله بجميع مؤسساته مهما كان نوعها باتت تعتمد وبشكل أساسي على التكنولوجيا والحلول الرقمية.
فما هي الاتجاهات التي ستشكل التحول الرقمي في عام ٢٠٢١.
الجيل الخامس للاتصالات من الحاجة إلى الضرورة
منذ مدة والوعود المرتبطة بشبكات الجيل الخامس للاتصالات تنهال علينا من كل حدب وصوب ولكن التحول لم يتم بالسرعة التي تتماشى مع طبيعة الوعود.
ولكن مع تحول العمل ليصبح عن بعد والاجتماعات باتت تتم عبر الفيديو وانتقال كل ما هو على أرض الواقع إلى العالم الافتراضي وتحوله ليكون جزءاً أساسياً من حياة كل الأفراد فإن الحاجة إلى شبكة اتصالات قوية بالإضافة إلى المزيد من النطاق الترددي باتت أكثر من أي وقت مضى.
إن الاعتماد المتزايد على الهواتف والأجهزة اللوحية وغيرها من الأجهزة بما في ذلك عدد متزايد من مستشعرات إنترنت الأشياء يسلط الضوء على الحاجة إلى شبكة اتصالات سريعة متعددة المسارات.
في وقتنا الحالي لا تحتمل أي شركة كانت ثمن تداعيات امتلاك شبكة اتصال ضعيفة فالوضع الحالي يحتم تواجدها وبشكل دائم «أونلاين».
الشركات تدير أعمالها أونلاين، المدارس توفر التعليم بالطريقة نفسها وحتى الحكومات تعقد اجتماعاتها افتراضياً.
الجيل الخامس من الاتصال ستزيد قيمته بشكل كبير جداً خلال الفترة المقبلة فهو بات ضرورة ملحة.
وعلى الرغم من أن الجائحة أدت الى تجميد العمل، لكن الجهود استؤنفت مؤخراً كما أن جميع مصنعي الهواتف في العالم من سامسونغ إلى أبل وغيرها طرحت أو ستطرح هواتف مزودة بتقنية الجيل الخامس للاتصالات.
أكثر التطبيقات رواجا وتحميلا على متجري “آب ستور” و “جوجل بلاي” عام 2020
منصات خدمة العملاء
منصات خدمة العملاء هيمنت وبشكل كبير خلال الأشهر الماضية ولسبب وجيه. تنظيم البيانات المجزأة من مصادر متعددة أمر صعب للغاية، وهذا يعني أن المقاربة ليست مثالية على الإطلاق للشركات التي تعتمد على بيانات آنية حديثة ومختارة من أجل ضمان استمرارية العمل بسلاسة.
شركة «أي بي أم » قدرت بأن ما أسمته «الداتا السيئة» يكبد الشركات الأمريكية خسائر تقدر بأكثر من ٣ تريليون دولار سنوياً وعليه التعامل مع الموضوع هذا بات ضرورة ملحة لعدد كبير من الشركات الضخمة.
منصات بيانات العملاء يمكنها أن تحل هذه المشكلة من خلال جمع البيانات من كل المصادر المتاحة وتنظيمها ووضع علامات وإشارات عليها وجعلها قابلة للاستخدام لأي شخص يحتاح للوصول إليها.
شركات مثل أدوبي وساب وأوركال ومايكروسوفت وغيرها بدأت بالفعل بالعمل والاستثمار بتزويد السوق ببرامج لمنصات أكثر فعالية من أي وقت مضى.
وحتى الشركات الجديدة مثل «سيغمنت» و«أكشن أي كيو» بدأت بالفعل باعتماد مقاربات فريدة لحل المشاكل والتحديات التي تواجه الشركات خصوصاً مع تبدل مزاج العملاء بشكل كلي.
خلال السنوات الماضية قامت الشركات بالتركيز على تحليل البيانات الضخمة، وهذا الواقع لن يتبدل، ولكن مع تزايد البيانات فإن منصات العملاء ستشهد على نمو غير مسبوق خلال عام ٢٠٢١.
بطبيعة الحال هذا لا يعني أن منصات البيانات وتخزين البيانات من «أس أي أس» و«سنو فلايك» وغيرها ستختفي أو ستفقد أهميتها ولكن التوجه خصوصاً مع الشركات الكبرى سيكون لمنصات خدمة العملاء.
خلال عام ٢٠٢٠ العمليات التجارية باتت مجزأة إلى حد ما وذلك لأن النماذج التشغيلية للعمل من المنزل أدت إلى ذلك ولكن وبسبب التسارع المستمر في جمع البيانات عبر نظم دائمة التوسع فإن منصات خدمة العملاء سيكون لها أهمية خاصة خلال العام الجديد.
السحابة الهجينة
الشركات ومنذ مدة باتت تتجه وبشكل متزايد نحو البنية التحتية السحابية الهجينة. السحابة الهجينة هي من أنواع الحوسبة السحابية وهي مزيج من البنية التحتية المتواجدة في موقع العمل والسحابة الخاصة والسحابة العامة.
تجمع هذه السحابة الخدمات والمزايا التي تقدمها خدمات السحابة العامة والخاصة وتنسق بينها برغم أن كل نوع منهما له كيانه المنفصل والمختلف عن الآخر.
في عام ٢٠٢٠ استثمرت شركات من «أزور» و«غوغل» و«أي بي أم» و«أوركل» بشكل كبير في الخدمات السحابية الهجينة وشهدنا على قيام شركات مثل «سيسكو» و«ديل» بالاستثمار في صنع المعدات التي تتيح اتصالاً أكثر بساطة بين مراكز البيانات المحلية والسحابة.
كل هذه الاستثمارات تهدف إلى ملاقاة العملاء في أي مكان كانوا وتحت أي ظرف.
مواجهة تحديات النمو المتسارع للبيانات مع ضمان القيام بإجراءات استباقية في قضايا مثل الأمن والخصوصية يتطلب التوسع في هذا النهج الهجين والانتقال من تكنولوجيا المعلومات التقليدية.
شركات عديدة قامت باستخدام النهج السحابي مفتوح المصدر والهجين ما مكنها من الوصول إلى الدمج والتكامل السلس بين البيانات الصناعية التي تديرها وبين مراكز البيانات السحابية التقليدية والتطبيقات وأعباء العمل.
الاعتماد الكبير على النهج الهجين سيكون حاضراً في عام ٢٠٢١ وذلك لأن الشركات باتت تدرك بأن عليها تحضير نفسها وبشكل دائم لمزيد من عدم اليقين والوضوح.
آيفون إصدار بنتلي.. شاهد هواتف ذكية بلمسات من السيارات الفاخرة
الأمن السيبراني القائم على الذكاء الاصطناعي
الأمن الإلكتروني هام للغاية بغض النظر عن الظروف المحيطة بعمل الشركات ولكنه خلال العام الحالي وفي عام ٢٠٢١ فإن أهميته ستكون كبيرة جداً.
القراصنة قاموا باستغلال الواقع الذي فرضته جائحة كورونا بشكل كبير والهجمات الإلكترونية تضاعفت حول العالم فمعدل زيادة الهجمات الإلكترونية التي استهدفت البنوك ارتفع ٢٣٨٪ خلال العام الحالي، والهجمات التي استهدفت الخدمات السحابية زادت ٦٠٠٪ خلال الفترة الممتدة بين يناير/كانون الثاني و إبريل/نيسان ٢٠٢٠.
حالياً وبرغم محاولة عدد كبير من الشركات العودة إلى نمطها المعتاد إلا أن أعداد الذين يتواجدون في أماكن العمل قليل والغالبية الساحقة تنجز أعمالها عن بعد.
وعليه الشركات بحاجة إلى شبكات آمنة ودعم الشركات لشبكاتها وترقية وتحديث استراتيجيات الأمن السيبراني الخاصة بها وتوسيعها لتشمل الشبكات المنزلية وأجهزة العمل من المنزل المحمولة هو على رأس أولويات الشركات.
الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي سيكونان الأكثر أهمية في مجال الأمن السيبراني وذلك لأن الاعتماد عليها هام من أجل التصدي للمحاولات الدائمة للقرصنة والاختراق والخروج بأدوات وخوارزميات معقدة سيكون بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
الشركات تعمل حالياً على جعل منتجاتها في مجال الأمن السيبراني أكثر مناعة وعليه مع توقع زيادة التهديد والهجمات فإن الأمن السيبراني القائم على الذكاء الاصطناعي سيكون من الاتجاهات الرقمية المهيمنة في العام ٢٠٢١.
الحوسبة السرية
مقاربة أخرى لتعزيز الأمن السيبراني الذي كما سبق وذكرنا له أهمية لا حدود لها في عام ٢٠٢١ هي الحوسبة السرية خصوصاً في مجالات الخصوصية الحوسبة السرية تسمح بمعالجة البيانات المشفرة في الذاكرة من دون كشفها لبقية مكونات النظام.
كما أنها تتيح تقييد الوصول إلى البيانات والشيفرة الحساسة وضمان حمايتها أثناء استخدمها وهذا الأمر يوفر تحكماً وشفافية أكبر للمستخدمين.
التوجه الحالي يقوم على تشفير عملية الحوسبة بأكملها وليس البيانات ما يخلق طبقات جديدة من الحماية ويوفر الأمان للمعلومات الحساسة.
شركات مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«أي بي إم» تعمل على تطوير بروتوكولات جديدة وتطوير ممارسات أفضل في الحوسبة السرية ولكن التقنية هذه ما تزال في مراحلها الأولى ولكننا سنشهد على تطورها بشكل كبير جداً في عام ٢٠٢١.