نبيل الخطيب المدير العام لـ "الشرق للخدمات الإخبارية": حان الوقت لتقديم شاشة مختلفة.. ونعمل لتغيير قواعد اللعبة
"إعلامي بارز وُلد من رحم المعاناة"، بهذه العبارة قدَّمتْه الصحافة العربية، فهو الذي نشأ في ظروف الاحتلال وتعرَّض للاعتقال، وقادته معاناته للعمل الإعلامي، بدأ حياته المهنية مراسلاً ميدانياً، وغدا اليوم من أهم صناع الفضائيات الإخبارية، والمنصات الرقمية، في ظل تدفق وتنوع غير مسبوق للمحتوى وثورة في وسائل الاتصال.
وُلد في "بيت إيبا" قرب مدينة الخليل في فلسطين عام 1962، حصل على الماجستير في الإعلام، عمل مدرساً وباحثاً، أسس معهد الإعلام بجامعة بيرزيت في منتصف التسعينيات، كما حصل على دكتوراه في فقه استخدام اللغة في وسائل الإعلام.
بدأ عمله عام 1993 مراسلاً في مكتب القدس مع مجموعة MBC ، ثم تسلَّم عام 1996، إدارة مكتب القدس، وفي عام 2002، شغل منصب إدارة مكاتب العربية في الأراضي الفلسطينية والقدس حتى 2004.
بعدها انتقل إلى دبي، ليشغل منصب رئيس التحرير التنفيذي في قناة "العربية" حتى 2017، انتقل بعدها للعمل مستشاراً إعلامياً في شركة "EbaMedia" في كندا بين 2017 و2018، ليعود ويتسلم إدارة قناتي "العربية" و"العربية الحدث" لعام تقريباً، ثم ينتقل ليتسلم إدارة "قناة الشرق" التي تتبع للمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق.
قبل أسابيع قليلة انطلقت قناة «الشرق»، بإدارة الخطيب، لتقدم خدمات إخبارية عبر شاشات ومنصات متعددة. المشروع يستهدف قادة الرأي ورجال الأعمال والمستثمرين والشباب، وقد جاء ثمرة تعاون بين المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق مع مؤسسة "بلومبيرغ" التي تتربّع على عرش الأخبار الاقتصادية بشبكة تصل إلى 2700 صحافي.
مجلة "الرجل" حاورت الدكتور الخطيب في التحديات التي تواجه الإعلام العربي عموماً، والدور المأمول من القناة الجديدة ومنصاتها، وقدرتها على التواؤم مع المتغيرات التي طرأت على بنية الإعلام شكلاً ومحتوى، في ظل ازدحام الفضاء العربي بالفضائيات والمنصات التي تقدم الخدمات الإخبارية؛ فهل تستطيع "الشرق" أن تحدث الفرق؟ كيف وبأية رؤية؟ ما الخطط والوسائل والتكتيكات الحديثة لتحقيق التحول من الإعلام التقليدي الهرم، والدخول بأفكار جديدة وذائقة مختلفة؟ هذا ما سيجيب عنه الدكتور الخطيب في حواره مع "الرجل".
كيف تصف قناة "الشرق" وأنت مديرها وتمسك دفة القيادة؟
أجد صعوبة في وصف "الشرق"، فالمشروع أكبر من مجرد قناة، فهي تعطي موثوقية لمؤسسة إعلامية كالشرق وللمؤسسة المالكة (المجوعة السعودية للأبحاث والتسويق).
ولكن إذا سمحت لي، أقول إن المشروع كله يستهدف ردم الهوة بين الإعلام العربي والشباب العربي، وإعطاء فسحة أمل إيجابية، والتنقيب عن فرص غير سحرية، فرص واقعية تنقل تجارب شباب عرب، وتضيء على أسباب النجاح، لتقدم نموذجاً لشباب عرب محبطين، لكي يروا أنه يوجد ضوء في آخر النفق.
بموازاة ذلك، نستهدف تقديم خدمات لقطاع لم يحظ بخدمات باللغة العربية لموضوع اهتمامه، وهو المشهد الاقتصادي العالمي، والفرص التي ينطوي عليها، فرص الاستثمار في الأسواق العالمية، وكيف تؤثر التحديات الاقتصادية العالمية في المنطقة العربية.
يوجد محتوى لم يكن موجوداً، محتوى أصيل عربي سنوجده، محتوىً اقتصادي دولي متوافر باللغة العربية، هذا ليس موجوداً، لا أحد يقدمه، ليس لأنه خطأ، بل لم يكن موضع اهتمام أحد، نحن سنقدمه ونسعد بأن نقدمه بالتحالف مع Bloomberg ، لأنهم مصدر يشكل ثروة في هذا النوع من المعلومات، فهذا ما سنتابعه فيما يتعلق بالاقتصاد.
وسنتابع كل شيء آخر يمكن أن يهمّ جمهور قطاع الشباب أيضاً؛ دعني أسترسل فيها لأنها إشكالية، الجدل الذي كان قائماً دائماً في المؤسسات الإخبارية عندما ظهرت الـ"سوشيال ميديا" والخدمات الرقمية بأنه عندما تنتج للشباب يجب أن تنتج ما هو خفيف وغير جدي، ولكن عندما ترى ما يجري في السودان، عندما تغيّر الحكم، كان الشباب في الشارع، وعندما حدثت ثورة في العراق العام الماضي، كان الذي احتجّ على تدخل إيران في العراق الشباب في الشارع؛ فالشباب هم الذين يتحركون، أي عندهم وجهة نظر، ولكن لسبب ما، كانت وسائل الإعلام تفترض بأنه عندما تتوجه إلى الشباب تتوجه لهم بمحتوى غير جدي؛ لكن تبين أنّهم أكثر ناس مهتمين بالمحتوى الجدي الذي يهمّ بلادهم، لدرجة أن الشاب ينزل إلى الشارع وهو مستعد أن يموت أحياناً، دفاعاً عن اهتماماته، ومن ثم التحدي الكبير، أن هؤلاء الشباب ذهبوا لأنهم فقدوا الثقة بوسائل الإعلام الرسمية.. ما أقوله: يجب أن نقدم آلية ووسيطاً لتقديم تجربة وسائل الإعلام بالجاذبية ووفرة المحتوى نفسيهما، ولكن محتوى موثّق بدون أخبار مزيفة.
من ينافسكم؟ ومن الشرائح المستهدفة بخططكم؟
لا أجد هذه المؤسسة متنافسة مع أي أحد موجود، ليس لأنها أفضل أو أسوأ، ولكن لأنها ستتابع جزءاً لم يتناوله أحد، وهو قادة الاقتصاد وقادة الأعمال وقادة السياسة، وهم أصحاب القرار في الشأن السياسي في بلدانهم.
هناك أيضاً قطاع الشباب، وهو غير مُخدّم من المؤسسات الرئيسة وهي الفضائيات العربية المعتادة، ومنصاتها الرقمية، لذلك أنا هدفي بأن نصل إلى تلك المؤسسة التي تخدم قطاعها الخاص، لأن المؤسسات الحالية تقول إنها تستهدف خدمة الرجال المهتمين بالسياسة الذين أعمارهم فوق الأربعين، أنا أريد أن أستهدف أو أخدم عبر المنصات الرقمية الشباب الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين، ونسبتهم أكثر من 75% من الشباب العربي، وهذا يستوجب نوعاً آخر من المحتوى، لذلك نقول إن "الشرق" منصّات متعددة، لجمهور متنوع أو فئات مستهدفة متنوعة.
ماذا تريد "الشرق" أن تقول للشباب العربي؟
نحن نتوجه للشباب العاطل عن العمل الذي يواجه تحديات، والمحبط في أغلب الأحيان، فنقدم له محتوى يضيء على تجارب النجاح لأقرانهم في دول عربية يعيشون ظروفا مشابهة.
أريد أن أقول لشاب محبط على قارعة مقهى، وللعاطل عن العمل في بلد عربي، إنه يوجد شاب مثله حظي بفرصة، ليس لأنها سقطت عليه من السماء، وإنما لأنه بحث وتمكن من النجاح بأسلوب معين، نقدمها تلميحاً أو فرصة أو نصيحة للآخرين بأنه بإمكانهم أن يسيروا بهذا الاتجاه.
حسناً ما المقاربة الممكنة لخلق هذا التواصل بين الشاشة المرئية (التلفزيون)، والمنصات الرقمية؟ كيف نجد هذا الربط بين جمهورين مختلفين إلى حد كبير؟
أشكرك على هذا السؤال، جمهوران مختلفان، لأن الطريقة التقليدية في النظر إلى المؤسسات الإعلامية الشبيهة بأن توجد قناة فضائية ولديها منصات رقمية تنسخ من التليفزيون، ما نريد أن نفعله هو مختلف تماماً، بحيث يكون هناك منصات رقمية لها جمهور مختلف عن جمهور التليفزيون، ونقدم لها محتوى خاصاً بجمهورها، مختلفا عن المحتوى الخاص بجمهور التلفزيون.
فعوضاً عن تلفزيون يستهدف 10% من الجمهور المحتمل في العالم العربي، سيكون عندي ثلاث منصات، واحدة اقتصادية وواحدة عامة وواحدة فيديو، فضلاً عن التلفزيون و"السوشيال ميديا"، وكل منها تضيف فرصة بمحتوى خاص بها.
التحدي صعب، دائماً ما يقول لي الزملاء من فريق التسويق: من الفئة المستهدفة لكي نخدمها؟ وأنا أردّ بأن عندي فئات متعددة بوسائط متعددة بمحتوى متنوع.
التحول الرقمي ألغى المفهوم التقليدي للتلفزيون، و"الشرق" تواكب هذا التحول، شاهدت لديكم مشروع الاستوديو الصغير، وأرى أن اسم (استوديو المستقبل) ينطبق عليه، ما الإضافة التي سيقدمها هذا المشروع؟
بناء على تجربتي المهنية في المؤسسات الموجودة اليوم، وجدت أننا نفكر في الوسيلة أكثر من المحتوى، أو نفكر في المحتوى أكثر من الوسيلة، صار التفكير في ما هو المحتوى المحتاج إلى جمهور، ومن الجمهور المحتاج إلى محتوى.
وبما أن الجمهور يستمتع بأنه يستخدم المحتوى الذي يفيد، حيثما يريد وكيفا يريد، وهي تجربة "السوشيال ميديا" نفسها، فكان واجباً علينا أن نعمل قفزة للأمام عبر استوديو هو الأقل كلفة، ولكنه أكثر استوديو واعد، لذلك أنت أطلقت عليه استوديو المستقبل، وهو الذي يقدم الإمكانيات التقنية نفسها، ولكن يديره شخص واحد، مع مذيع واحد، تستطيع أن تشاهد منتوجه مثل أي منتوج يقدم على التلفزيون.
وكأنك تشاهد حسابك على "فيسبوك" ولكن تحرك العالم؟
نعم تحرك العالم بكلفة 1% من المحطة، وهذا مهم، لأن يكون كلفة أقل، لأنه مع الوقت الإنفاق على الإعلانات في التلفزيون يتراجع لمصلحة الإعلانات الرقمية، وكمية الإعلانات الرقمية أقل، والسوق ليس في أفضل أحواله؛ ومن ثم كيف ستضمن الاستمرارية بإمكانات أقل؟ ولكن الوسيط موجود، التكنولوجيا سمحت لك بأن تقدم محتوى وتستخدم وسائط أرخص وبالكفاءة نفسها.
ولإيضاح الفكرة، لو تريد أن تعطي فرصة لبرنامج على هذه المحطة الكبيرة، أو عبر "استوديو المستقبل" الذي يقدمه شخص واحد، أجزم أن المحتوى الذي ستشاهده يحب أن يتوافق مع اهتماماتك واحتياجاتك وتوجهاتك، ومن ثم هو جذاب، أو أنه ممل وغير متوافق، وبهذه الحال ستهجره بغضّ النظر إن كان من أعظم الاستوديوهات والإمكانيات، أو من أبسط الاستوديوهات؛ فاللعبة لعبة محتوى.
وفي حالتنا إن كان لا يوجد محتوى جديد، كيف لي أن أنافس مؤسسة عريقة عمرها 20 أو 30 سنة، والناس ليس لهم ولاء لي، وليسوا معتادين على مشاهدتي ومتابعتي، هذا أحد التحديات التي نواجهها، لذلك بحثنا منذ البداية عن المحتوى الذي لا يهتم به ولفئات مهتمة، وأنا فوجئت بأن كبار رجال الأعمال والمستثمرين والقادة السياسيين الذين يحددون سياسات اقتصادية في بلادهم، لا يوجد عندهم خدمات اقتصادية معمّقة عن بلدانهم، أقصد محتوى معمّقاً يساعدهم على تحديد الوجهة.
تعملون على تقنية متطورة جداً تفهم المحتوى والمتلقي، فمثلاً من يتصفح موقعكم في المغرب لا يشاهد المحتوى الذي يتصفحه آخر في القاهرة؛ فماذا عن هذه التكنولوجيا الجديدة " تقنية المحتوى المخصص"؟
صحيح، أحد الأشياء الحاسمة هي أن أغلبية الجمهور المحتمل من الشباب، هذا جيل نشأ وترعرع على عدم استهلاك التليفزيون، ولكن استهلاك المحتوى بوسائط عبر أجهزة ذكية، هذا المحتوى مقدم له بطريقة ذكية جداً أو حتى خبيثة، لم يعد ابني الذي عمره 20 سنة يتقبل أن يخبره أحد، أن الأهم اليوم هو كذا، وثاني أهم شيء هو كذا، وكأنه غير متقبل أن يوجد شخص ما في غرفة الأخبار يحدد له ما الأهم وما الأقل أهمية، يريد كمّاً كبيراً بحراً من المحتوى، ليختار هو مع الوقت ما يهمه.
هذا ما قصدته أنه يستهلك ما يريد، عندما يريد، وكيفا يريد على النحو الملائم له، هذه هي الطريقة الذكية والمذهلة التي استخدمتها وسائل التواصل، وكانت سبباً لجعل المليارات يستخدمونها. هذه "الخوارزميات"، التي في جوهرها معادلات ذكاء اصطناعي تحدد ما يثري اهتمامي أنا المتلقي، فتضخّ لي المحتوى المناسب، آلة ذكية تفهم جغرافية المحتوى تفهم احتياجاتي، وما أنا أكرر استهلاكه، فتختار لي ما تعتقد هذه الخواريزمات أنه يهمني.
هل نستطيع أن نقول إن الشرق أول منصة عربية استخدمت هذه التقنية؟
توجد بعض التجارب في العالم العربي، تحبو بخطوات أولى وفيها تحديات، ولكن ما زال المشهد غير مكتمل، حتى إن "نيويورك تايمز" لم تفعلها؛ توجد تجارب ولكن لم يفعلها أحد.
لم يفعلها أحد؟
توجد تجارب ولكن لم يعلن أحد عنها، وأنه يتحمل المسؤولية.
هل يمكنك الإعلان أنكم تستخدمونها الآن تفعلونها؟
نعم ولكن التحدي ما زال قائماً؛ ولكي تكتمل التجربة، وأكون صادقاً مع الجمهور، نحن أمّنا التكنولوجيا لنا، بالتعاون مع شركات مختصة بالذكاء الاصطناعي في سان فرانسيسكو.
هل يمكن الإفصاح عن اسم الشركة؟
اسمها شركة IDTV ، ولكن التحدي الذي واجهنا هو أنك يجب عليك إنتاج كمية كبيرة من المحتوى، وعوضاً عن أن أجبرك عن 50 مادة تستهلكها أو تهجرها، أنا أعطيك 500 مادة لتختار منها 20؛ هذا يخلق تحدياً بالإنتاج والمحتوى والكلفة. ووجدنا حلولاً قيد المعالجة، بأن نلغي المركزية في إنتاج المحتوى، ونبني مراكز إنتاج محتوى إقليمية في الدول العربية، ليكون هذا المحتوى أقرب إلى الجمهور لأنه محلي.
واعد ومبشر هذا الكلام، ويمكن إلغاء الوقتية، وعدم التركيز على المادة الوقتية، بأن تكون أرشيفية لإعادة استهلاكها حتى بعد وقت طويل؟
صحيح أنت تضخّ مواد منها الوقتي ومنها غير الوقتي، وتترك الباقي للذكاء الاصناعي الذي يأخذ في الحسبان، أن ما نشر حديثا أهم مما نشر قديماً، ومن ثم يُعنى باهتماماتك، وأنت أمام خيار إما أن توافق أن تقوم "الخوارزمية" المستخدمة بدراسة اهتمامك، ليعطيك حسب هذا الاهتمام، وإما أن تعمل تسجيل حساب، وتحدّد أنت ما يهمك، لكي يعرض لك.
طرحتم في قناة "الشرق" تكنيكاً جديداً للبثّ الرقمي، يتميّز عن الطريقة التقليدية للتلفزيون، فلن تبث بشاشة واحدة، كيف ذلك؟
صحيح، أحد التحديات التي واجهتها المؤسسات التليفزيونية، بأنه توجد تنافسية في بثّ ما يسمى "الأخبار العاجلة" التي تقطع البرامج braking news، عندما يحدث انفجار أو تظاهرات أو غير ذلك، يقف البثّ، ويفترض أن أهم ما يحدث في العالم هو هذه التظاهرة في البلد المعين، والآخرون الذين لديهم اهتمامات أخرى، يحرمون منها، لأن هذه القناة قررت بأن تهتمّ بهذه التظاهرات في بغداد أو بيروت، وأصبح المشاهد الذي في المغرب لهذا الموضوع، ليس من أولوية له، محروماً من مصادر الأخبار، فقمنا بحل هذه المشكلة، فإذا وجد هدف كبير نبثّه بالطريقة التليفزيونية نفسها، شكلاً ولكن على منصات "سوشيال ميديا" خاص، نعلن عنه على الشاشة، فينتقل المهتمون إلى هناك، فلا نقطع برنامجاً اقتصادياً، فإذا صار حدث كبير بالنسبة للعراقيين، نعطيهم خدمة الأخبار عن هذا بالتجربة التلفزيونية نفسها، على أجهزتهم الذكية.
وماذا عن مبادرة "الشرق" لإنشاء استوديو خاص بالرؤساء التنفيذيين للشركات؛ هذه مبادرة جديدة في الإعلام العربي؟
نعم لقد أسسنا استوديو خاصاً للرؤساء التنفيذيين للشركات، بحيث يستطيعون الإعلان من مبنى "الشرق" عن النتائج المالية في غرف تحوي كل التقنيات، لإقامة مؤتمر صحفي مجهزة بالصوت والصورة والإضاءة، ونقدم الخدمة ونبثّ بشكل رقمي، أو حتى في مبناهم الخاص، ونحن اقتبسنا الفكرة من bloombirg، لأنها جذبتنا في مناطق مثل المركز المالي في الرياض أو دبي، في كبرى الشركات، لتقدم لهم خدمات ونشعرهم بأن هذا بيتهم.
واكبت الإعلام التقليدي وتعيش مخاض التحول للإعلام الرقمي، كيف تنظر إلى نفسك بعد كل المشوار والتجارب الإعلامية؟
أنظر إلى نفسي أنّني أولاً وآخراً صحفي، بدأت حياتي في الميدان أتابع قضايا تهم الجمهور، وأنهي حياتي المهنية بالاستفادة من خبرتي، لأنّني عملت في الميدان، وعملت في غرف الأخبار، بأنّني أقدم شيئاً يؤخذ بعين الاهتمام، فضلاً عن زملائي في الفريق، والتحولات الجبارة التي حدثت في الأدوات والوسائط وفي المشهد الإعلامي خلال السنوات الثلاثين، وما نحن بصدده الآن لا تشبه أيام ظهور أول فضائية عربية فيها 10 ساعات أخبار مثل الـmbc، من حيث الوسائط، ولا من حيث اهتمامات الجمهور، ولا أذواقهم.
وسائل الإعلام الموجود بقيت أسيرة هذا المنهج، لأنه كان جزءاً من سياق تطورها، والآن حان الوقت لمراعاة المنعطف والثورة التي حدثت في المشهد، وفي ذائقة الاستخدام وفي ذائقة الاهتمام، لتقديم شيء آخر يتناسب مع الواقع الجديد. فأعتقد بأننا محظوظون، لأننا جئنا في توقيت هذه الانعطافة. وبرغم التحديات التي تفرضها "كورونا"، أيضاً جئنا في وقت كورونا، لنأخذ في الحسبان، أن العالم كله مقبل على تحولات جوهرية تتعلق بالاقتصاد، ونمط الحياة، بسبب تحديات "كورونا"، وكذلك وجدنا في هذه الظروف، مهما كانت التحديات، إلا أنها فرصة تاريخية لأنك توجد في الوقت الصحيح من التاريخ، الذي يعطيك الفرصة لأن تتجاوب مع احتياجات الناس، وتستفيد مما وصلت إليه البشرية من تكنولوجيا. mbc كانت الأولى في حينه، ودخلت التاريخ برأيي، ومن سيدخل التاريخ مرة أخرى في العالم العربي، هو الذي اهتمّ بهذه التحولات؛ هذا سباق محمود وإيجابي، والتاريخ سيذكره، لأن المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق أوجدت فرصة أن ندخل غمار هذه التجربة، وفق معايير عام 2020، وليس وفق عام 1990، لذلك توجد فرصة ذهبية، أن نهتمّ بكل التحولات والتطورات والأدوات، وآليات الإنتاج، وأهم من كل ذلك، ذائقة المستخدمين والمتلقين واهتماماتهم، لنقدم لهم تجربة جديدة.
هل ستقدمون خدمة توزيع الأخبار ؟
هذا حلم تبحثه المؤسسة، بألا يكون هناك من ينتج محتوى يهمّ العرب وينطلق من اهتماماتهم فقط، إنما من يوزع هذا المحتوى؛ حالياً الموزع الرئيسي الذي يحدد جدول أعمال المؤسسات العربية، هو وكالات الأنباء الأجنبية، والحلم هو أن يكون من يحدد جدول أعمال المؤسسات الإخبارية العربية، هو اهتمامات الجمهور العربي، وهذا يستوجب تغيير اللعبة جوهرياً والذي يوزع الأخبار عن العالم العربي، مؤسسة عربية، هذا الموضوع ليس له علاقة بـ"الشرق"، ولكنها تحاول أن تعالجه، بأن يكون مصدر أخبارها ليس بالضرورة الوكالات، برغم أننا مشتركون في الوكالات ومتحالفون معها، وإنما لدينا آلية لجمع أخبارنا الخاصة، وهذا شيء جوهري، لأنه هو الذي يحدد جدول أعمالنا.
ما آمالك وطموحاتك وأنت مدير لمؤسسة إخبارية كبرى؟
آمل بأن ننال بعد بضع سنوات، سنتين أو ثلاث، الاعتراف الحقيقي بالمؤسسة الإخبارية من القراء والمشاهدين والمتابعين، وآمل بأن تكون "الشرق"، واحدة من المؤسسات المعترف بها من المشاهدين والمتابعين والقراء، كونها مصدراً رئيساً من مصادر الأخبار؛ حتى الآن فوجئنا إيجاباً بأن التجربة الأولية حصدت مليون زائر، ونحن ما زلنا تجريبيين، وخلال ثلاثة أشهر أو أربعة فقط، من حين إطلاقنا، أصبح لدينا مليونا متابع على "سوشيال ميديا"، ربما نكون موغلين في التفاؤل، أو تكون فعلاً إشارة إيجابية، لأن الجمهور يتقبل ما نقدمه، ولكن كل الذي أوردته لك هو ربع المنصات التي عندنا، وهي "الشرق الأخبار"، ولكن ستأتي "الشرق اقتصاد" بدءاً من غد ومنصاتها، وبالتالي ما أعد به الجمهور هو ألا يشاهدوا أو يقرؤوا خبراً خطأ، أو خطأ محشواً بـ"البروباغاندا".
ما الخاصية الأهم التي تعد بها الجمهور في فضاء يعجّ بالقنوات العربية ؟
لا أستطيع أن أقطع الوعود، إلا بعد أن يشاهدني الجمهور، ويأخذ انطباعاً بأن هذه شاشة أخرى، الجهد فيها منصبّ على ملء الفراغ، ويجتهد فريقها لذلك بمحتوى قد يكون مفيداً أو مسلياً.