الشمول المالي: حياة أفضل لجميع المواطنين
ساعات قليلة تفصلنا عن ختام فعاليات قمة مجموعة العشرين لهذا العام، والتي تُنفّذ افتراضيًا لأول مرة نظرًا للظروف الحالية التي يواجهها العالم أجمع، وتستضيف المملكة العربية السعودية القمة للمرة الأولى، وهي قمة تهدف إلى التأكيد على دور المجموعة وسعيها لدعم الأهداف الاقتصادية للدول المشاركة وجميع دول العالم.
ظهرت مجموعة العشرين في عام 1999 بهدف الجمع بين الدول الكبرى، وبين الاقتصاديات الناشئة، وهذا يظهر في تصنيف دول المجموعة، وساهمت منذ اللحظة الأولى لتشكيلها في دعم مختلف القضايا الاقتصادية حول العالم. واحدة من أهم القضايا المطروحة حاليًا في تركيز المجموعة والعالم هي كيفية تحقيق الشمول المالي.
ماذا يعني مصطلح الشمول المالي؟
يعرّف الشمول المالي على أنّه الطريقة التي من خلالها يمكن لجميع الأفراد في المجتمع الحصول على الخدمات المالية الممكنة باختلاف أشكالها طبقًا لاحتياجاتهم، مثل: حسابات التوفير، الحسابات الجارية، خدمات الدفع والتحويل، وغيرها من الخدمات المالية الأخرى.
يركّز الشمول المالي في الأساس على إشراك جميع الأفراد في المجتمع في الحصول على هذه الخدمات، دون الوضع في الاعتبار أي عوامل أخرى، مثل دخل الفرد وغيرها من المعايير التي تنص عليها شروط البنوك لكي يحصل الأفراد على الخدمات التي يرغبون بها.
كانت المشكلة في أنّه مع وجود العديد من الفقراء في كثير من دول العالم، فلم يكن بإمكانهم الحصول على هذه الخدمات، بجانب وجود بعض الاستغلال من الأفراد الذين يرون في هذا فرصة لهم للنصب والاحتيال على احتياجات الأفراد، فيقنعونهم بلعب دور الوسيط لتسهيل حصولهم على الخدمات، ويقومون بالاستيلاء على أموالهم، أو في أفضل الظروف الحصول على عمولة وهمية.
وبالتالي مع وجود الشمول المالي، فيصبح بالإمكان إلغاء الحواجز، وتقديم خدمات مالية مناسبة لجميع القطاعات، ليكون لديهم القدرة على تحقيق الاستقلال المالي، دون الحاجة للاعتماد على وسيط قد لا يستمر، مع احتمالية التعرّض للنصب بحجة المساعدة.
يركّز الشمول المالي على إيجاد طريقة للتعامل مع الجهات المسئولة عن الأمور المالية من خلال منظومة العمل الرقمية، وباستخدام أبسط الأدوات مثل الهاتف المحمول، حيث يمكن للفرد إتمام جميع المعاملات المالية الخاصة به بطرق سهلة وغير مكلفة، كالدفع عن طريق الهاتف المحمول.
يعد الشمول المالي أحد عوامل التمكين لسبعة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، أي يساعد على تحقيق نصف الأهداف تقريبًا، كما التزمت مجموعة العشرين بالعمل على تعزيز الشمول المالي خلال السنوات الماضية في جميع أنحاء العالم.
4 فوائد من تنفيذ نظام الشمول المالي
يؤدي تحسّن حياة الأفراد إلى زيادة قدرتهم على تنفيذ المشاريع، وبالتالي تحقيق النمو الاقتصادي للدول، أي إنّ الفائدة الخاصة به كبيرة من أجل مستقبل أفضل. لا يقتصر الأمر على هذه الفوائد فقط، بل هناك 4 فوائد أخرى من تنفيذ نظام الشمول المالي:
1- خدمات مالية مناسبة: بدلًا من التركيز على قطاعات محددة من الشعوب، يؤدي الشمول المالي إلى التركيز على جميع القطاعات، مما يعني وجود منافسة بين الجهات المختلفة لتقديم الخدمات المالية بأسعار مناسبة، وهو ما يجعل كل فرد قادرًا على الحصول على الخدمة التي يحتاج إليها بالشكل الأنسب.
2- زيادة الوعي بالخدمات المالية: لا يعرف الكثير من الأفراد بالمميزات التي يمكنه الحصول عليها من الخدمات المالية المختلفة، لكن في محاولات تطبيق الشمول المالي، فهناك العديد من المبادرات التعريفية التي تنفّذ في مختلف الدول، والتي تساعد على فهم الفرص المختلفة التي يمكن للأفراد الاستفادة منها.
3- السماح للخدمات المالية بالازدهار: في السنوات الماضية ظهرت العديد من بوابات الدفع الإلكتروني، والتي أصبح استخدامها على نطاق أكبر، ليس فقط في نطاق دولة واحدة، ولكن كذلك حول العالم، فبعض البوابات تستخدم على نطاق عالمي.
4- السماح بظهور وتطوّر نماذج العمل التجارية: يعتمد جزء كبير من نجاح التجارة الإلكترونية مثلًا على قدرة الأفراد على الشراء، فالرغبة المجردة دون وجود الوسيلة المناسبة للشراء لا تكفي، وبالتالي مع محاولة تطبيق الشمول المالي، فإنّ امتلاك الأفراد للأدوات التي تمكنهم من إتمام معاملاتهم في العالم الرقمي، ترتب عليه زيادة معدلات الشراء.
وبالتالي ساعد الشمول المالي في ظهور نماذج عمل جديدة، وكذلك تطوّر النماذج القديمة لبعض الأعمال التجارية، حيث توسّعت الكثير من المشاريع في مصادر الدخل الخاصة بها، وأصبحت تعتمد على التجارة الإلكترونية بجانب البيع في الواقع، وهذا الأمر زاد في عام 2020 بعد أزمة كورونا.
تشير كل هذه الفوائد إلى كون الشمول المالي خطوة مهمة في سبيل تحسين حياة الأفراد، ومساعدتهم على الحصول على جودة أعلى لأنفسهم، وتسهيل إجراءات حصولهم على مختلف الخدمات المالية، ولهذا الأمر كان لا بد للشمول المالي أن يكون دائمًا في مقدمة اهتمامات مجموعة العشرين.
المصادر: