بوتان الخلابة: رحلة إلى مملكة السعادة وبلاد تنين الرعد
هواة السفر يبحثون وبشكل دائم عن وجهات سياحية مختلفة غير تقليدية توفر لهم تجربة لا تنسى. واحدة من تلك الوجهات هي مملكة بوتان التي تقع جنوب آسيا على ممرات جبال الهيمالايا وقبل حافة الجبل. بوتان التي تعتبر من أصغر الممالك والبلدان في العالم تملك الكثير لتقدمه لزائريها.
بوتان وحتى الستينيات كانت ما تزال دولة منغلقة إلى حد كبير ومعزولة عن العالم الخارجي، والسياحة لم تبدأ فيها إلا بعد العام ١٩٧٤.
وجهة سفر فريدة من نوعها، فهي في نهاية المطاف بلاد السعادة وشعبها يصنف كأكثر الشعوب سعادة في العالم.
الشعب البوتاني يصف مملكته بأنها «أرض تنين الرعد» فهناك اعتقاد شعبي أن صوت الرعد في جبال بوتان ووديانها هو صوت التنين وبالتالي من المنطقي أن يكون التنين رمزاً للبلاد ولهذا السبب نجده على علم البلاد.
تسمى بوتان «شانغريلا» نسبة إلى جمالها البكر ولطافة ناسها ولأنها تمنح الزائرين مساحة من الجمال النقي والبعد الكلي عن ضجيج الحياة وصخبها فهي باتت تشهد إقبالاً متزايداً من السياح.
أفضل الدول للسياحة العلاجية.. ما بين بلاد العرب وأوروبا وآسيا
مقاربة بوتان للسياحة مختلفة.. فما الذي يجب توقعه؟
إستراتيجية حكومة بوتان للسياحة تقوم على مبدأ الأعداد القليلة والتجربة المميزة ولهذا السبب هناك مجموعة من الإجراءات التي يجب القيام بها قبل زيارتها. الغاية من الإجراءات هي محاولة الحكومة المحافظة على روعة البلاد وفرادتها وعدم الغرق في فوضى الأعداد الضخمة للسياح. قبل السفر يجب الاطلاع على القوانين الموجودة على موقع هيئة السياحة لبوتان خصوصاً وأن هناك تكلفة يومية هي ٢٠٠ أو ٢٥٠ دولارا وفق أشهر السنة بالإضافة إلى قوانين تتعلق بما يمكن إدخاله الى البلاد فمثلاً يسمح بإدخال عدد محدد من السجائر وذلك لأن بوتان هي البلد الوحيد في العالم الذي يمنع بيع وإنتاج التبغ.
هذا لناحية القوانين والإجراءات أما لناحية النشاطات فهناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها. تعتبر الرماية من الرياضات الأكثر شعبية وتقام منافسات عديدة بين القرى في إطار تنافسي احتفالي. يمكن للسياح ممارسة هذه الرياضة أو الاكتفاء بمشاهدة المبارزات التي يتخللها الغناء والرقص والطعام والشراب وقرع الطبول.
المهرجانات السنوية في بوتان عديدة جداً وعددها يتجاوز المئات وبالتالي وخلافاً لباقي الدول ليس بالضرورة اختيار شهر معين للمشاركة في مهرجان معين، فهناك مهرجانات على مدار السنة. بطبيعة الحال المهرجانات تقليدية يشارك فيها أهل بوتان بأزياء مستوحاة من الأساطير وأخرى مرتبطة بعاداتهم وتقاليدهم.
أجمل المناطق السياحية الاستوائية في العالم.. الاستجمام كما يجب أن يكون
أجمل معالم بوتان
تيمفو
تقع تيمفو عاصمة مملكة بوتان في الجزء الأوسط الغربي للبلاد ويشكل الوادي المحيط بها مقاطعة تيمفو. عاصمة بوتان تشبهها فلن تجدوا هناك المباني الشاهقة المعاصرة ولا حتى إشارات ضوئية في الشوارع. يقطن العاصمة ١٠٠ ألف شخص من ضمنهم أعضاء العائلة الملكية وهي أكثر المدن عصرية مقارنة بباقي مدن المملكة إذ تنتشر فيها المطاعم والفنادق والمقاهي ولكن هذا لا يأتي على حساب الهوية التقليدية.
تيمفو من المناطق الخلابة وكل ممر وكل مبنى فيها هو شهادة لروعة لا حدود لها. الدخول إليها يتم من خلال بوابات ضخمة، ولهذا يطلق عليها اسم مدينة الأبواب.
قصر السعادة من أبرز المعالم و يتميز بهندسته المعمارية الضخمة، بالإضافة الى «تاشيتشو ديزونغ» والذي هو مقر الحكومة الملكية وهيئة الرهبانية المركزية.
في وسط العاصمة يتألق «مموريال شورتين» المعبد الأبيض المزين برماح باللون الذهبي والذي شيد عام ١٩٧٤ تخليداً لذكرى «دروك غيالبو الثالث» أي الملك التنين في إشارة إلى ملك البلاد وهو هدية من الشعب البوتاني للعالم إذ إنه مخصص للسلام العالمي.
محمية «موتيثاج تاكين» من معالم الجذب السياحي أيضاً وقد كانت سابقاً حديقة حيوانات صغيرة قبل تحويلها إلى محمية. كما يمكن زيارة المكتبة الوطنية ودور المحفوظات وميدان برج الساعة ومقر ومتحف بوتان.
وطبعاً لا بد من زيارة دورنما بوذا وهو تمثال عملاق في جبال بوتان تمت صناعته احتفالاً بالذكرى الـ ٦٠ للملك الرابع للبلاد. استغرق بناء التمثال هذا ٤ سنوات وهو يضم أكثر من ١٠ آلاف من التماثيل لبوذا صغيرة الحجم بالإضافة إلى التمثال الأكبر دورنما بوذا وكلها مصنوعة من البرونز المذهب.
بوناخا
بوناخا هي العاصمة السابقة لبوتان والرحلة إليها مغامرة ومتعة بحد ذاتها. من ارتفاع ٣٠٠٠ متر توفر بوناخا إطلالة تخطف الأنفاس للجبال المحيطة بها.«بوناخا زونغ» الذي يقع عند نقطة التقاء نهرين، خدم المنطقة تاريخياً من غزوات أهل التيبت ويعتبر حصن البلاد المنيع. يتألف الحصن من ٢١ معبداً والعمارة والجداريات والتمثالي الموجودة فيه تجسد روعة الفن البوتاني.
يضم «بوناخا زونغ» عدداً كبيراً من المقدسات البوتانية ومنها صور لـبدوفيتسا الرحمة الذي أحضره جورو رينبوتشي معه إلى بوتان من التيبت.
ففي العام ١٦٣٩ حاولت قوة عسكرية من التيبت إستعادة المكان ولكن تم صدها، وكل عام يعاد تمثيل المعركة التاريخية تلك خلال فصل الشتاء بمهرجانات شعبية.
تشيمي لاكهانغ
معبد «تشيمي لاكهانغ » يقع على تلة في قرية تحمل الإسم نفسه. القرية الصغيرة الخلابة باتت مقصداً لعدد كبير من السياح لسبب هام وهو القناعة بأن المعبد يحفز الخصوبة. المعبد هذا شيد لتكريم دروكبا كونلي وهو يصنف بالمجنون الإلهي وهو شخصية بطولية في المسار البوذي للتنوير، ومعروف بإنجازاته الروحية وليس بالتقيد بالبروتوكلات الرهبانية الصارمة. المعبد الذي شيد في القرن الخامس عشر يقع على بعد ١٦ كلم من بوناخا ويمكن الوصول اليه من خلال مسيرة قصيرة في حقول الأرز في قرية بانا. تحول «تشيمي لاكهانغ» إلى مزار للذين يعانون من الخصوبة والساعين إلى الإنجاب.
بارو
بارو معروفة بمدرج مطارها الذي هو ضمن أخطر المدرجات في العالم. المطار الذي يقع في واد عميق على نهر بارو تشو تحيط به قمم عالية يصل ارتفاعها إلى ٥٥٠٠ متر. يسمح للطائرات بالإقلاع والهبوط فقط خلال ساعات النهار وتحت مراقبة دقيقة، ولا يسمح سوى لقلة قليلة من الطيارين المدربين بالإقلاع والهبوط منه. ورغم خطورته إلا أنه المطار الوحيد في البلاد وبالتالي سيتحتم عليكم عيش التجربة.
يمتد وادي بارو من نقطة التقاء نهري بارو تشو ووانغ تشو في «تشوزوم» حتى جبل جومولهاي على الحدود التبتية إلى الشمال. المنطقة الخلابة هذه تضم أوسع الوديان في مملكة بوتان ومغطاة بحقول الأرز الخصبة. من السمات المميزة لمدينة بارو أنها تقع في قاع واد منبسط وتتبع نمطًا يشبه الشبكة. الساحة المركزية تضم مدرجاً صغير تقام فيه الأحداث على مدار العام. يوجد أكثر من ١٥٥ معبدًا وديرًا في المنطقة ، يعود تاريخ بعضها إلى القرن الرابع عشر كما أنها نقطة انطلاق إلى واحد من أكثر المعالم شهرة في بوتان «دير تاكتسانغ» الذي يعرف أيضاً بعش النمر.
دير تاكتسانغ بارو
قد يكون من العسير الوصول إلى هذا الدير المعروف باسم «عش النمر»، وذلك لوقوعه على جرف صخري شديد الانحدار يطل على وادي بارو الخصب من على ارتفاع يبلغ نحو ٣٨٠٠ متر. ولكن ورغم صعوبة الرحلة لكن المسار إليها خلاب ومذهل إذ يمر الزائر عبر غابات وبجانب شلات مائية.
المشهد الذي يستقبل الزائر عند الوصول الى الدير ساحر بكل ما للكلمة من معنى وكلما تم الاقتراب من المعبد كلما أصبحت رائحة البخور أقوى.
ويعود تاريخ هذا الموقع، الكائن في منطقة الهيمالايا، والمعابد البوذية الموجودة فيه إلى عام ١٦٩٢ . ويعزى تشييده إلى معلم روحي يُدعى بادماسوافا، وتختلف الأساطير حول كيفية وصوله إلى هذا الموقع. ولكن يُعتقد أن هذا الرجل مكث في ذلك المكان أكثر من ثلاث سنوات للتأمل فحسب، وينسب إليه الفضل في دخول البوذية إلى بوتان. وتحمل المعابد الأربعة الرئيسة الموجودة في هذا الموقع، وكذلك الساحة المربعة الواقعة هناك، رسوما معقدة تصور أنصاف آلهة، وكذلك بوذا وهو يحارب الشياطين.
معابد وادي شخور
يعتبر وادي شخور في وسط بوتان موطناً لبعض المعابد والأديرة الأكثر روعة في المملكة. المعابد هذه مبنية على طول الممرات ما يجعل زيارتها سهلا نسبياً لعشاق المشي. على طول المسافات الطويلة تمتد مناظر طبيعية خلابة لسفوح جبال الهيمالايا التي تغطيها الغابات وتنتشر فيها الرموز الدينية. هناك ستجدون مجمعات الرهبانية حيث ستسمعون الأناشيد والصلوات التي يؤديها الرهبان.