الجوهرجي رامي بن عبد الله باوجيه: بدأت بالمصادفة واستمررت بفضل تطوير الذات
- لهذه الأسباب تحولنا إلى الرقمية وسنفتح سوقاً إلكترونياً للمجوهرات
- ربطت اسمي بتصاميم فيها لمسة من التاريخ والتراث العربيين
- اقتحام مجال المجوهرات صعب جداً ويتطلب مهارات التعامل مع التقلبات
- تطوير الذات مهم جداً للمضيّ في مهنة الجوهرجي
- تعلمت كيف أفحص الأحجار والماس وأقيّمهما وما معاييرهما وشهادتهما ومصادرهما.
- جعلت اسمي يرتبط بالتراثيات والتاريخ العربي بتصاميم مبتكره.
- إغلاق المعرض كان أقسى ما واجهته، رغم أننا تحولنا إلى الرقمي ولم نتوقف عن العمل.
- عادة أول ما يتأثر بالتقلبات الاقتصادية قطاعا الذهب والمجوهرات.
- السوق السعودي لم يحقق المأمول منه في البيع الرقمي الخاص بالمجوهرات
- "مفتاح الكعبة" كان تحدّياً جديداً لامس قلب كل من اقتنى القطعة ورآها.
- "العملة التاريخية" جاءت بشكل عملة نقش عليها مبنى طنطورة وصنعنا منها 100 قطعه فقط.
- بدأنا الدخول إلى السوق الرقمي وهذا تحدّ جديد علينا معرفته والنجاح فيه.
- في الخطة الجديدة سنعمل على جذب المستثمرين لزيادة رأس المال والتوسع في طرح منتجات جديدة.
- ننظم الآن لإطلاق موقع الكتروني يضمّ أهم اسماء عالم المجوهرات محلياً ثم خليجياً وعالمياً.
البطاقة التعريفية
الاسم: رامي عبدالله محمد باوجيه
مكان وتاريخ الميلاد: جدة – 1983
المؤهل الدراسي: دبلوم إلكترونيات صناعية
المهنة: صاحب ومؤسس دور رامي للمجوهرات التي أسسها عام 2014
الاهتمامات: كل ما يخص عالم المجوهرات، من أحجار كريمة وشبه كريمة، فضلاً عمّا يتعلق بالذهب والفضة، وتدريب الكوادر الوطنية في بيع وصناعة وصياغة المجوهرات.
تخرج في دبلوم الصناعات الإلكترونية عام 2000، بدأ كأي شاب بالبحث عن وظيفة، وعمل في أكثر من مؤسسة، إلا أنه لم يستمر طويلاً باحثاً عن شيء ما لا يعلم هويته، حتى التحق بالعمل في أحد محال المجوهرات عام 2001. وبعد مزاولة المهنة ببضعة أشهر، بدأ يتوق إلى معرفة المزيد عن أدقّ تفاصيلها، مرجعاً ذلك إلى قربها من مجال دراسته، كونها تعتمد على المهنية والحرفية والإبداع.
رامي عبد الله باوجيه، على الرغم من أن والده كان يعمل في التجارة، فإن رغبته في دخول عالم المجوهرات، ليس لها أي ارتباط بتوجّه والده التجاري. مؤكداً أن شغفه تولد من ممارسته للعمل، مرجعاً الفضل إلى معلمه الأول طه النهاري، في إعطائه كثيراً من خبرته، خصوصاً في معرفة نوعيات الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، وكيفية تطعيمها مع المعادن الأخرى.
مجلة "الرجل" التقت رائد الأعمال رامي باوجيه، وتوقفت عند أهم محطاته العملية، وحاورته في توجهه لافتتاح عمله الخاص، تحت اسم "دور رامي للمجوهرات"، وسبب توجهه للبيع الإلكتروني.
حين دخل مهنة بيع المجوهرات كان يبحث عن عمل ولا يعرف شيئاً عن المهنة، تعلم أبجدياتها الأولى مما قبل الصفر، مكتسباً مهاراته من معلمه صاحب المؤسسة التي عمل بها بمحض المصادفة.
يعرف رامي المجوهرات، بأنها المعادن المصوغة والمطعّمة بالأحجار الكريمة وشبه الكريمة (الأحجار الطبيعية) وأشهرها الماس، والزفير، والزمرد، والياقوت. ويتحدث عن بداياته قائلاً "بدأت بائعاً مكتسباً خبرة البيع والشراء من صاحب المؤسسة، وهو معلمي الأول طه النهاري؛ فقد تعلمت كيف أفرّق بين الأحجار الطبيعية أو الكريمة وشبه الكريمة، أو المغشوشة التي تدخل في تطعيم الذهب عيار 18، ومعدن البلاتين، فضلاً عن الفضة، وكذلك، معرفة المعادن وأوزانها، وغيرها من التفاصيل، حتى تصل إلى كيفية بيع المنتج".
وعن أهم ما تعلمه في المهنة يلفت إلى أن تطوير الذات مهم جداً للمضيّ في هذه المهنة، وهذا ما دفعه لتعلم فحص الأحجار، وخصوصاً الماس، ومعرفة معاييره وشهادته ومصادره، وكذلك معرفة أسعار المجوهرات والأحجار الملونة وكيفية تقييمها.
بعد فترة من الزمن، بدأ باوجيه، يتنقل بين أهم تجار المجوهرات الذين يحملون كماً من الخبرة الطويلة في المجال، أمثال الشيخ عصام جمال، والشيخ عادل بخش، وعائلة بدر، وهي عائلة عريقة جداً في المجوهرات؛ واصفاً مديرها العام محمد بدر بأنه "عرابه" في عالم المجوهرات، وقد استمر عمله معه نحو تسع سنوات، فضلاً عن الشيخ جميل فارسي.
الصدمة الأولى
راكم باوجيه ثلاثة عشر عاماً من الخبرة، من أدقّ تفاصيل الحرفة بين بيع وشراء، ووزن وسعر، وهوية القطعة ومعدنها، وبين مستعملة وجديدة، كل هذه المعلومات جعلته يحتل موقع الريادة في مهنة الجوهرجي.
التفكير الجدي في خط خاص به، بدأت بوادره منذ عام 2005، ولكنه لم يصبح واقعاً إلا في 2014؛ عن هذا التحول يقول:" فعلا أحببت المهنة، وكيف أنك تتعامل مع قطع فنية نادرة. وفي عام 2005، كنت اكتسبت مهارة جيدة في فن البيع، وتعلمت كيف تكتشف قيمة القطعة، وصيانتها، واستيرادها، وغيرها من التفاصيل. وبالفعل أصبح لديّ طموح بالتوجه للعمل الخاص، وبدأت بإعداد دراسة جدوى، لأتلقى أول صدمة. وكانت في المبلغ المطلوب للبدء، لأن العمل في هذا القطاع يتطلب رأس مال بما لا يقل عن مليون وأكثر، فضلاً عن أن الدخول إلى هذا القطاع ليس بالسهولة المتوقعة".
وعن كيفية تأمينه لمثل هذا المبلغ يقول "عندما قررت وعقدت النية، وبعد دراسة جدوى دقيقة، بدأت بالبحث عن جهات داعمة، فتوجهت إلى "معهد ريادة الأعمال الوطني"، في عام 2013، وحصلت على مبلغ 300 ألف ريال، وحصيلة مالية جمعتها خلال 13 عاماً (مدة عمله في تجارة المجوهرات)، ليكون مجمل المبلغ 500 ألف، تمويلاً نقدياً. ولكن إذا احتسبنا بين بضاعة وتجهيز معرض وغيرها من التفاصيل، تكون الكلفة على الأقل مليون ريال".
لافتاً إلى أن المليون ريال في عالم المجوهرات والمعادن الثقيلة، مثل الذهب، يمكن أن يكون كلفة قطعة واحدة أو بضعة كيلوغرامات.
الافتتاح
بعد تسع سنوات على حلمه، تمكن أخيراً من افتتاح معرضه الخاص عام 2014، وبدأ الجوهرجي رامي باوجيه، أولى خطواته في عالم الأعمال، بعد أن حصل على سجله التجاري، معرضاً ومعملاً مرخّصاً، فضلاً عن أنه، وعبر المعرض، كان موزعاً لأهم أسماء المجوهرات، مثل الفارسي، وبدر، وبازل. وتصاميم خاصة بدور رامي، وفي ورشته الخاصة.
وعما بذله من جهود يقول "حصلت على دورات في مهارات البيع، والمجوهرات، فيما كانت الصياغة والتصميم والصيانة مكتسبة من عملي السابق. وحرصت على تقديم منتج يضاهي العالمي، جودةً وتوثيق معلومات كل قطعة في الفواتير المقدمة للعميل. وكنت أتحرى ذوق العميل وماذا يريد، لتكون لديّ قطعة فريدة ترضي ذوق الزبون العربي، والخليجي، حيث كانت تحمل كل قطعة لمسة من التراثيات المحلية، مع مسحة من التاريخ العربي، ما يجعل اسمي مرتبطاً مباشرة مع هذه النوعية من التصاميم".
مجموعة المسند
توجه باوجيه إلى التراثيات، جعله يغوص أكثر في الخصوصية الثقافية العربية، حتى ابتكر أول خط متكامل من إنتاجه، طرح تحت مسمى "مجموعة المسند"، وكانت تحاكي الخط العربي القديم، وصياغة الفكرة.
وعن الزبائن لمثل مجموعة خاصة كهذه، يقول "استهدفت الشابات الخليجيات والسعوديات المميزات وغير التقليديات. لأن المجموعة أطلقتها في معرض صالون المجوهرات المقام في جدة والرياض. وصيغت القطعة إما من الذهب، والذهب المطعّم بالماس، والفضة".
وبعد أربع سنوات، تخللتها كثير من المشاركات في معارض المجوهرات المتخصصة والمنوعة، بدأت "دور رامي" تجد عميلها الذي يستهدفها بشكل مباشر.
مخاض صعب
يصف رامي باوجيه، الخوض في الأعمال الحرة بالمخاض الصعب جداً، مالم يكن رائد الأعمال ملماً بكامل تفاصيل مشروعه، أيا كانت نوعية العمل الخاص المقدم عليه. مشيراً إلى أنها معادلة تتناسب طرداً بين كمية المعرفة والنجاح قائلاً "رائد الأعمال يعني الانتقال من مرحلة عمله موظفاً إلى تاجر، بمعنى يجب أن تكون مسؤولاً عن التفاصيل من رأس مال، وكلف، ومصاريف، وأجور عمال".
ويوضح بأنها "مرحلة مختلفة تماماً عما كنت عليه قبل اتخاذ القرار، وهناك جهات ستتعامل معها تحتاج إلى كثير من الخبرات في كيفية التواصل، ومعرفة متطلباتها، فعليك أن تعي تماماً لماذا تطلب الدعم. من ناحية ريادة الأعمال في المجوهرات صعب جداً دخول السوق السعودي، لأنه لا يقف على التمويل فقط، بل هناك تحديات كثيرة، من أصعبها تعدد المهام، من حيث اختيار الشخص المناسب لكل وظيفة، ومن ثم امتصاص الصدمات والصعاب، وكمّ الأوراق والمتطلبات للوصول إلى تحقيق الحلم".
ويرى أن على من يدخل مجال المجوهرات، أن يمتلك مهارات كيفية التعامل مع الأزمات سواء المباشرة أو غير المباشرة، مثل التقلبات الاقتصادية، كما هي في الوقت الراهن، من انخفاض في سعر النفط، وارتفاع وهبوط الذهب، وجائحة "كورونا"، وما ألقته من خسائر على السوق العالمي والمحلي، لأن التجارة ربح وخسارة.
التحول للإلكتروني
يكشف باوجيه، بأن أكثر القرارات قسوة مرت عليه، إغلاق المعرض، بسبب ضعف الحركة السوقية الذي بدأ منذ عام 2017.
عن هذا القرار يقول "كانت خطوة قاسية ولكنها ضرورية، لأني وجدت مع التغيرات التي ألمت بالسوق خلال الفترة السابقة، الانسحاب وأنت في قمة نجاحك، أفضل من أن تخسر عملاءك. ونحن لم نقف تماماً بل تحولنا من البيع المباشر، ورؤية العميل وجهاً لوجه، إلى البيع الإلكتروني، حيث أصبحت المبيعات عن طريق "موقع". وبدأنا الدخول إلى السوق الرقمي، وهذا تحدّ جديد علينا معرفته والنجاح فيه".
ولكن التحدي الأصعب، كان دفع الزبائن إلى شراء المجوهرات، فهذه السلعه شبه ثانوية، ولا تأتي في أولويات الفرد، وعادة أول من تتأثر بالتقلبات الاقتصادية والأزمات. وفي هذه الحالات يشهد القطاع انخفاضاً في المبيعات، لأن الفرد بطبيعته يوجه اهتمامه للأهم، وهو تأمين الضروريات.
ويرى باوجيه، أن السوق السعودي لم يحقق المأمول منه في البيع الرقمي، خصوصاً المجوهرات، لأنك -على حد تعبيره - مطالب بمعرفة مداخله وأسراره، وهذه مهارات جديدة، على التاجر تعلمها واكتسابها لتعويض بيعه المباشر ومكاسبه وأرباحه.
"مفتاح الكعبة" والعملة المعدنية
قفزة جديدة أنجزها باوجيه في عالم صناعة الأحجار الثمينة، في معرض صالون المجوهرات الثاني الذي أقيم في مدينة جدة، بمشاركة مختلفة، حيث يصفها بأنها كانت تحدّياً مع نفسه قبل الآخرين، ما جعله يقرر طرح قطعة لها وقع نفسي على كل من يتلمّسها، فكان "مفتاح الكعبة".
وعن قصة هذا المفتاح قال "على الرغم من حداثة معرض دور رامي، فإنه، وخلال فترة وجيزة، حقق اسماً جيداً في سوق المجوهرات السعودي، وخصوصاً مدينة جدة، ما جعلنا نشارك في معرض صالون المجوهرات الذي أقيم في جدة والرياض، من أول موسم، حيث طرحنا مجموعة المسند ومجموعة المملكة التي حققت نجاحاً لافتاً. وفي المشاركة الثانية كان لا بدّ من تحدّ جديد يلفت ويبهر كل العملاء، فكانت فكرة تصميم "مفتاح الكعبة"، قلادةً بنموذجين، إما استخداماً يومياً وكانت مصنوعة من الذهب المطعّم بعدة أحجار من الماس البسيطة، وإصدار آخر للمناسبات والسهرات، كان المفتاح مُطعّماً بالماس بشكل كامل، وقد لامس قلب كل من اقتنى القطعة ورآها. لأن مثل هذه القطعة لها وقع مباشر في نفس كل مسلم، بقيمتها التاريخية والدينية، وللزائرين من دول مختلفة".
شتاء طنطورة
عشاق القطع الثمينة كانوا على موعد جديد مع إبداعات باوجيه، بمشاركته في مهرجان "شتاء طنطورة" في دورته الأولى، يروي قصتها قائلاً "دعينا بشكل شخصي من صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله، وزير الثقافة، ومحافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا في موسم مهرجان شتاء طنطورة الأول، بعد أن اطلع سموه على منتجاتنا عبر الموقع الإلكتروني وأبدى إعجابه بمجموعة حروف المسند. وبالفعل شاركنا وحققنا حضوراً واسماً جميلين جداً، بمجموعتي المسند والمملكة".
ويضيف "من ثم كانت المشاركة في الموسم الثاني، بدعوة من الهيئة الملكية، لإنتاج قطعة خصيصاً لمنطقة العلا ومهرجان "طنطورة"، وكان هذا الاختيار بسبب تخصصنا في المجوهرات المرتبطة بالتاريخ العربي والإسلامي، فكانت "العملة التاريخية"، وجاءت بشكل عملة نُقش عليها مبنى طنطورة الذي يشكل مزولة شمسية لأهل العلا، لمعرفة الفصول الأربعة، ومن الجهة الأخرى نُقشت عليها كتابة بالخط اللحياني "كلمة شتاء طنطورة".
طُرحت العملة أو القطعة، بحسب ما ذكر رامي باوجيه، كميةً محدودةً (100 قطعة فقط)، مرقّمة من العدد 1 إلى العدد 100، ومن ثم فإن 100 سيدة سيمتلكنها في العالم كله. وكل واحدة معروفة بالرقم الذي ختم على القطعة، وصيغت من الفضة.
إلكتروني وبوتيكات
لا يقف باوجيه، مكتوف اليدين أمام التحول الجاري في التسويق الإلكتروني يقول "يفرض علينا المستقبل والتحول الرقمي، رفع كيفية التعامل مع هذا الواقع، وامتلاك مهارات جديدة للوصول إلى كل العملاء محلياً وعربياً ودولياً، وطرح منتجات جديدة تتلاءم وكل الأذواق".
التحول الرقمي يشكل خطة عمله للمستقبل، بالتوازي مع رغبته في نشر محال صغيرة في مراكز التسوق؛ يوضح "لدينا خطة بالعودة للحضور، للقاء العميل مباشرة، عن طريق "بوتيكات" صغيرة منتشرة في نقاط بيع متعددة في مدن ومناطق السعودية، ومن ثم الخليجية. وسنعمل على جذب المستثمرين، لزيادة رأس المال، والتوسع في طرح منتجات جديدة".
وفي النهاية يعبر باوجيه لمجلة "الرجل"، عن استعداده لتدريب الكوادر الوطنية، للدخول في قطاع المجوهرات بكل التفاصيل التي امتلكها وتعلمها خلال عشرين عاماً من العمل.