ومضات على بداية الاقتصاد| السعودية تثبت أقدامها على الساحة الدولية خلال أربعينيات القرن الماضي
ضمن حملة "لمتنا سعودية" التي أطلقتها مجلتا "الرجل وسيدتي" استعدادا للاحتفال باليوم الوطني السعودي ال 90، نستكمل سلسلة المقالات الاقتصادية عن تاريخ الاقتصاد السعودي، ففي غضون بضعة عقود قصيرة، عقب تأسيس الملك «عبد العزيز آل سعود» المملكة الحديثة عام 1932، نجحت «المملكة العربية السعودية» في تحويل نفسها من دولة صحراوية إلى دولة حديثة، تلعب دورا رئيسا على الساحة الدولية، ومركز تجاري واقتصادي كبير عربيًا وعالميًا، وذلك بطريقة جذرية مذهلة، وبعد اكتشاف النفط السعودي، برزت المملكة كواحدة من أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، مما جعل الترابط الاقتصادي مع دول الغرب ضرورة.
فقد شهدت «المملكة العربية السعودية» مجموعة هائلة من الأحداث التاريخية الهامة على الصعيدين السياسي والاقتصادي خلال حقبة الأربعينيات من القرن الماضي، تلك الحقبة الحساسة في تاريخها الحديث، والتي كانت بداية عصر التطوير والتحديث والاعتراف الدولي بالسعودية كدولة مستقلة.
-
وفيها يلي سرد لأهم وأبرز الأحداث المؤثرة في تاريخ السعودية خلال حقبة الأربعينيات من القرن الماضي:
اعتراف وقبول دولي
عقب توحيد السعودية سعى الملك «عبد العزيز بن سعود» بكل جهده للحصول على اعتراف دولي وقبول عالمي لبلاده، فكانت بريطانيا والاتحاد السوفيتي السابق أول المعترفين بالسعودية كدولة مستقلة ذات سيادة، كما اعترفت الولايات المتحدة بالسعودية رسميا في مايو عام 1931، ونتيجة لذلك قامت الحكومة السعودية بالتوقيع على اتفاقية منح حق التنقيب عن النفط في المنطقة الشرقية من البلاد لشركة « Standard Oil of California - ستاندارد اويل اوف كاليفورنيا» والمعروفة وقتها باسم (سوكال) اختصارًا، مقابل 53.000 دولار.
وبعدها عام 1943 يؤكد الرئيس الأمريكي «فرانكلين روزفلت» أهمية الدور المحوري الذي تلعبه السعودية، بعد أن أعلنت السعودية حيادها خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) وحتى نهايتها تقريبًا حيث أعلنت الحرب على ألمانيا في عام 1945، لتقوم كل من بريطانيا والولايات المتحدة بدعم السعودية، مما مكن الأخيرة من دخول الأمم المتحدة كعضو مؤسس ضمن الـ 51 عضوا فيها.
أول ظهور إعلامي
وخلال تلك الحقبة الحساسة، لعبت الصحافة العالمية دورًا هامًا في دعم الثقة في السعودية، عبر إخبار العالم بأنها ضرورية على الخريطة الدولية، مما سهل قيام الأنشطة التجارية والاقتصادية بينها وبين الدول الأخرى. وكانت أول زيارة رسمية إعلامية لمجلة أجنبية لأراضي السعودية، توحيد البلاد السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، من نصيب مجلة LIFE الأمريكية، أشهر مجلة عالمية مطبوعة، حيث أجرى المحرر «نويل بوش»، و«المصور روبرت لاندري» مقابلة صحفية مع الملك في عام 1943، لتتصدر صوره الملك «عبد العزيز بن سعود» غلاف عددها الصادر بالمقابلة، بعدما وصفته بأنه «أحد أقوى رجال العالم»، كما قامت المجلة بتوثيق بعض شوارع ومعالم الرياض الرئيسة، مما دعم الثقة في السعودية لدى المستثمرين الأجانب، وأكد على وجود فرص للاستثمار في أراضي المملكة.
لقاء الملك عبدالعزيز بالرئيس روزفلت
لكن الحدث التاريخي الأبرز والأكثر أهمية خلال حقبة أربعينيات القرن الماضي، كان لقاء الملك «عبدالعزيز» بالرئيس الأمريكي «روزفلت» على ظهر البارجة الأمريكية «يو إس إس كوينسي» خلال مرورها في قناة السويس بالبحر الأحمر في الـ14 فبراير 1945، مما أكد على الأهمية السياسية للسعودية، مع التأكيد على إخبار العالم بأنها ضرورية على الخريطة الدولية، ليبدأ أهم حلف بين دولتين في العصر الحديث، عقب ذلك اللقاء الذي يوصف بأنه وضع حجر الأساس في العلاقة بين البلدين.
ظهور اسم أرامكو لأول مرة
كانت عائدات الحكومة (والتي انخفضت كما نتيجة الكساد الاقتصادي العالمي في الثلاثينيات) قبل الحرب مستمدة في المقام الأول من الحج والرسوم الجمركية والضرائب، وعلى الرغم من اكتشاف النفط في الأحساء بالقرب من شواطئ الخليج الفارسي قبل الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا عام 1936، إلا أنه لم يتم استغلاله تجاريًا إلا بعد عام 1941.
وبعدها ظهر اسم «أرامكو» لأول مرة في عام 1944، عندما أعيدت تسمية «شركة ستاندارد اويل اوف كاليفورنيا» لتصبح «شركة الزيت العربية الأمريكية»، أو «أرامكو»، كمشروع مشترك بين عدد من شركات النفط الأمريكية والحكومة السعودية، بعدها وصلت أعداد كبيرة من عمال النفط الأجانب إلى البلاد. لم تكن الدولة نفسها قادرة على تزويد شركة النفط بما يكفي من العمال المهرة، وكان الأجانب يديرون إنتاج النفط إلى حد كبير.
حملة مجلتيْ «سيدتي» و«الرجل» لمتنا سعودية.. المعاني والأهداف
قامت «أرامكو» بزيادة إنتاجها تدريجيًا طوال فترة الأربعينيات، ووصلت إلى 500.000 برميل يوميًا في عام 1949، لتدفع الشركة المزيد من الضرائب إلى حكومة الولايات المتحدة أكثر من المملكة، لكن هذا الوضع لم يستمر طويلًا، فقد حصلت القيادة السعودية على اتفاقية جديدة في عام 1950، تلزم شركة «أرامكو» بدفع ضريبة دخل تبلغ 50% من صافي الدخل التشغيلي للحكومة السعودية، ليصبح لدى المملكة اقتصاد قائم على النفط مع سيطرة حكومية قوية على الأنشطة الاقتصادية الرئيسية.
أول سكة حديد في المملكة
حمولة من لوازم السكك الحديدية يتم نقلها إلى نهاية خط السكك الحديدية الجديد عام 1949.
خلال فترة التحديث والتطوير السريعة التي شهدتها المملكة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، برزت الحاجة لوجود ميناء تجاري على ساحل الخليج، لتسهيل مهمة نقل مستلزمات الإنتاج لمخازن شركة «أرامكو»، وعليه تم إنشاء أول سكة حديد في المملكة في عام 1947، وافتتح خط السكة الحديد الأول، الواصل بين الرياض والدمام، في 20 أكتوبر 1951، بطول 569 كيلو مترا، وظلت السكة الحديد منذ ذلك الوقت تعمل تحت إشراف شركة «أرامكو» لفترة من الزمن.
رزنامة للأحداث الرئيسية خلال سنوات العقد الثاني في تاريخ المملكة (أربعينات القرن الماضي):
1939 - أعلنت المملكة العربية السعودية حيادها عقب اندلاع الحرب العالمية الثانية.
1941 - بداية الاستغلال التجاري للنفط السعودي.
1943 - الرئيس «روزفلت» يؤكد على دور السعودية على الخريطة الدولية.
1944 - أعيدت تسمية شركة «ستاندارد اويل اوف كاليفورنيا» لتصبح «شركة الزيت العربية الأمريكية»، أو «أرامكو».
1945 - التقى الملك بالرئيس الأمريكي «روزفلت» على متن حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس كوينسي» في قناة السويس في 14 فبراير، وبعدها أعلنت السعودية الحرب على ألمانيا واليابان، ثم انضمام المملكة إلى الأمم المتحدة كعضو مؤسس في 24 أكتوبر من العام نفسه.
1946 - أنشئت أول غرفة تجارية صناعية في المملكة.
1947 - البدء في إنشاء أول سكة حديد في المملكة.
1948 - المملكة تشارك في حرب فلسطين، وترسل عدة مئات من الجنود للقتال في الحرب العربية الإسرائيلية الأولى.
1949 - وصل إنتاج شركة «أرامكو» إلى 500.000 برميل يوميًا.
1950 - بدأت أرامكو بتقاسم 50٪ من دخلها مع حكومة المملكة العربية السعودية، وإنشاء أول بنك (تجاري محلي) تحت اسم «الكعكي وبن محفوظ» والذي تحول فيما بعد إلى «البنك الأهلي التجاري».
المصادر: