من مؤدٍ مشرد في الشوارع إلى تأسيس سيرك دو سوليه.. حكاية غي لاليبرتيه
تعد قصة نجاح غي لاليبرتيه إحدى القصص المُلهمة التي علينا جميعًا الاستفادة منها والتأكد من أن المثابرة والإصرار من أهم العوامل التي تساعدنا على الوصول إلى ما نحلم وربما تمكننا من بلوغ القمة، فقد تحول غي لاليبرتيه من مُجرد مؤدٍ في الشوارع إلى أحد الأثرياء حيث تقدّر ثروته بـ 2.7 مليار دولار.
ورغم أن اسم غي لاليبرتيه لا يبدو مألوفًا ولن تستطيع تمييزه بمجرد استماعك إليه، ولكن ربما تكون قد سمعت عن سيرك دو سوليه العالمي، الذي قدم عروضًا في مختلف البلاد حول العالم، ويعد من أهم الشركات التي تقدم عروضًا بهلوانية واستعراضية في كل مكان.
مُغني شارع متنقل
وُلد لاليبرتيه في 2 سبتمبر 1959، في مدينة كيبيك، كندا. تطور شغفه بالفنون والأداء والعروض المسرحية في سن مُبكر للغاية، بعدما حضر مع والديه أحد عروض السيرك الذي يتجول من مكان إلى آخر، وبدأ بعد فترة وجيزة التحضير للعروض الخاصة به في المدرسة الثانوية، وأصبح لاعبًا متخصصا في الأكورديون والهارمونيكا، وفي النهاية ترك الدراسة في عامه الجامعي الأول لمتابعة أحلامه.
في هذا الوقت عمل لاليبرتيه كمغنٍ متنقل في الشارع، لعب الموسيقى بمفرده حتى انضم إلى فرقة أداء كانت تنتقل حول العالم لعزف الموسيقى والأغاني في الشوارع، وقدموا عروضًا بهلوانية وبعض الاستعراضات البسيطة.
لم يملك لاليبرتيه المال، لذلك عاد إلى كيبيك مرة أخرى لقبول وظيفة ثابتة بدوام كامل في محطة للطاقة الكهرومائية، وبعد ثلاثة أيام من العمل أضرب العمال عن العمل وطُرد لاليبرتيه من عمله، فاعتبرها إشارة من الله، وقرر عدم قبول وظيفة عادية أخرى، وعوضًا عن ذلك كرس نفسه 100% للفنون والعروض البهلوانية.
في هذا الوقت، بدأت علاقة لاليبرتيه بشركائه المستقبليين جيل سانت كروا ودانييل جوتييه، وفي أوائل الثمانينيات نظم الشركاء الثلاثة معرضًا لفنون الأداء الصيفي في مدينة بابي سانت بول أطلقوا عليه اسم الكرنفال، وحقق نجاحًا معقولاً لعدة مواسم صيفية.
المغامرة بكل شيء
في عام 1983، أعلنت حكومة كيبيك عن منحة فنية بقيمة 1.5 مليون دولار للاحتفال بذكرى مرور 450 عامًا لاكتشاف كندا، ومن أجل إثارة إعجاب الحكومة والفوز بالمال، سار جيلز ستي- كريو شريك لاليبرتيه 56 ميلا من خليج سانت باول إلى مدينة كيبيك على ركائز صناعية، ونجحت المحاولة وحصل الشركاء على 1.5 مليون دولار استخدموها في إطلاق Le Grand Tour du Cirque du Soleil، وكانت النسخة الأولى من السيرك الذي حقق نجاحًا كبيرًا على مستوى النقاد والجماهير، وكسبوا مبالغ مادية متواضعة وصلت إلى 40 ألف دولار.
في عام 1987، غامر غي لاليبرتيه بكل شيء معه عندما قرر نقل السيرك إلى لوس أنجلوس، وأنفق كل المال الذي كان بحوزته وكذلك المال الذي امتلكته الشركة من أجل تأسيس مكان خاص به في كاليفورنيا لتقديم العروض لعدة أشهر، وبعد عدة سنوات اعترف لاليبرتيه بأنه لو كان العرض غير ناجح لما كان لديه ما يكفي من المال لإعادة فرقته إلى كندا، ولكن لحسن الحظ نجحت العروض وتمكن لاليبرتيه من توقيع عقود مستقبلية بقيمة 2 مليون دولار.
فرصة العمر
في عام 1992، عثر لاليبرتيه على فرصة العمر عندما وقع معه رجل الأعمال والملياردير ستيف وين عقدًا لتقديم عروض بهلوانية في فندق جزيرة الكنز في فيجاس، وقتها شدد لاليبرتيه على أن يكون لديه كامل الحق في التحكم في العروض من الناحية الإبداعية، ورفض التخلي عن أي ملكية للشركة لواين أو توقيع عقد حصري، وحقق العرض الأول الذي قدمه السيرك وحمل اسم ميستري نجاحًا كبيرًا، واستمرت عملية بيع التذاكر طوال العام الأول ولا يزال واحدا من أهم العروض التي يقدمها الفندق.
بفضل النجاح الذي حققه عرض ميستري، كسب غي لاليبرتيه وسيرك دو سوليه أهمية كبيرة في لاس فيجاس. وكذلك لم يوقع على أي عقد حصري يمنعه من تقديم العروض في أي مكان آخر. في الفترة ما بين 1990 إلى 2000 قدم سيرك دو سوليه الكثير من العروض حول العالم، وحقق أرباحًا وصلت إلى 250 مليون دولار سنويًا، وبلغت ثروة لاليبرتيه 2.6 مليار دولار، ولا يزال يمتلك حتى الآن 80 % من الشركة، ولديه سيطرة كاملة على العروض من الناحية الإبداعية.
علاوة على كونه المدير التنفيذي لسيرك تُقدّر قيمته بمليارات الدولارات، فإن لاليبرتيه أصبح أول سائح فضاء في عام 2009، ولا يتوقف عن المشاركة في الأعمال الخيرية، وأسس مؤسسة (وان دروب) المتخصصة في مساعدة الفقراء على الوصول إلى مياه نظيفة، ويتم تمويلها من خلال تبرعات شخصية بقيمة 100 مليون دولار يقدمها لاليبرتيه نفسه.