يصاحبك القلق والتوتر طوال الوقت.. ما هي متلازمة التعب من الأزمات وكيف تتغلب عليها؟
عندما يصبح الإجهاد مُزمنًا ويستمر لأسابيع أو شهور أو حتى سنوات، فيمكن أن يكون له آثار مدمرة وضارة قد تقود إلى عيش ما يُطلق عليه التعب من الأزمات. الأحداث الحالية بما في ذلك وباء كورونا المُسبب لمرض كوفيد-19، وغيره من الاضطرابات السياسية والاقتصادية قد تترك الناس يشعرون بالعديد من المشاعر السلبية مثل الخوف والقلق والغضب.
بمرور الوقت، يمكن أن تؤدي مشاعر التوتر والإجهاد المستمرة إلى الشعور بالخدر أو التعب العاطفي، ومع استمرار تدفق هذه المشاعر السلبية والمزعجة نجد أنفسنا نمر بما يُطلق عليه التعب من الأزمات، وربما يزداد الأمر سوءًا فنصاب بمتلازمة القلق.
لحسن الحظ، يقول الخبراء إن هناك مجموعة من الخطوات التي يمكن اتباعها والقيام بها كي نساعد أنفسنا على التغلب على هذه المشاعر والتغلب على التعب من الأزمات، والتخفيف من آثار الإرهاق والتوتر، والتكيف مع الأوضاع الجديدة بغض النظر عن صعوبتها.
لا يوجد أدنى شك في أن عام 2020 كان صعبًا للغاية منذ بدايته وحتى الآن، لاسيما وأن جائحة كوفيد-19 كانت مصدرًا رئيسيًا للقلق والتوتر منذ شهور، ويزداد الأمر سوءًا مع غياب أي مؤشر لانتهاء الأزمة قريبًا.
ما هو التعب من الأزمات؟
وفقًا للدكتور بيتروس ليفونيس، الأستاذ ورئيس القسم النفسي في كلية روتجرز نيوجيرسي للطب، فإننا جميعًا نمر بأربع مراحل استجابة للأزمة، أولاً المرحلة البطولية وفي هذه المرحلة يتعاون الجميع، ويقوم الناس ببعض التصرفات التي يجب القيام بها خلال الأزمات. ثانيًا مرحلة شهر العسل، وفيها يشعر الناس بالرضا لشعورهم بأنهم جزء من المجتمع، ويقول الدكتور ليفونيس إن الناس يدخلون بعد ذلك إلى مرحلة خيبة الأمل، وهنا نواجه التعب من الأزمات.
حسب ليفونيس فإن هذه المرحلة قد تستمر عدة أشهر، ويشعر الناس فيها بالسوء الشديد خلال محاولتهم التعافي من آثار الأزمة، وعملهم على إعادة بناء حياتهم مرة أخرى.
أما عن أسباب الشعور بالإرهاق الناجم عن الأزمات، قال الدكتور فردوس س. دابهار، الأستاذ في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة ميامي ميلر، إن القتال أو الهروب أو شكل من أشكال الاستجابة للأزمات، أو الشعور بالاجهاد على المدى القصير هو أحد أصدقائنا.
حسب الأستاذ الجامعي، فإن الاستجابة للضغوط البيولوجية يمكن أن يحمينا أثناء المواقف الصعبة والأزمات، ولكن في الوقت نفسه، فإنه عندما يصبح الإجهاد مزمنًا ويستمر لأسابيع أو شهور أو سنوات، فيمكن أن يكون له آثار ضارة ومدمرة.
يصبح الأمر أكثر سوءًا إذا استمر لأسابيع، شهور أو سنوات، ويمكن أن يكون له آثار ضارة، خاصة عندما يتكرر لفترات طويلة، وبالتالي نُصاب بإرهاق الأزمات. كذلك أوضح ليفونيس أن الأشخاص الذين يهدرون قدرا كبيرا من الطاقة في المرحلة المبكرة، لا يستطيعون الحفاظ على قدر كاف بالأدرينالين لفترة طويلة، وبالتالي يصبح انهيارهم أمرًا حتميًا.
ما هي أعراض التعب من الأزمات؟
وفقًا للدكتور ليفونيس فإن أعراض التعب من الأزمات تنقسم إلى نوعين، الأول يتمثل في الإفراط في التفكير، والشعور بالقلق الشديد، وحينها قد ينزعج الناس إزاء أي شيء، ويثير أعصابهم أي شيء، حتى أن أي شيء يذكرهم بالأزمة قد يؤدي إلى استجابة عاطفية غير مناسبة.
أما النوع الثاني فيتمثل في إخفاء المشاعر، أو يمكن القول إن الأشخاص عوضًا عن شعورهم بالقلق الشديد، فهم لا يظهرون أي نوع من المشاعر أو يستسلمون للأزمة، ولا يبدو أنهم منزعجون بشدة إزاء هذه الأزمة أو الموقف. وربما يترتب على ذلك إصابتهم باضطرابات في النوم، أو اضطراب في الطعام، أو حتى حدوث تغيير شامل في الروتين الطبيعي الذي يمرون به.
ماذا نفعل حيال الأمر؟
قال ليفونيس إنه بينما لا يمكننا دائمًا تجنب الإرهاق الناتج عن الأزمات، إلا أن هناك مجموعة من الأشياء التي تساعدنا على تحسين الأوضاع، واقترح الاهتمام بصحتنا البدنية والنفسية من خلال تناول غذاء صحي، وممارسة الرياضة والحصول على قسط كاف من النوم، وكذلك البقاء على تواصل مستمر مع الأصدقاء والعائلة والمجتمع ككل، وكذلك أوصى باستخدام الأجهزة الإلكترونية للبقاء على اتصال مع الآخرين طوال الوقت لاسيما خلال التباعد الاجتماعي.
وفي الوقت نفسه، يُفضل الحفاظ على الروتين اليومي، الذي يساعدنا على الشعور بأن حياتنا لا تزال طبيعية.
علاوة على ذلك، يُنصح بتقليل التعرض لوسائل الإعلام، بالتأكيد يجب أن تتابع مستجدات الأوضاع وتتطلع على ما يحدث حولك، ولكن لا تفعل ذلك طوال الأسبوع وعلى مدار الساعة.
وكذلك يُنصح باستبدال مشاعر الغضب والكراهية بمشاعر التقدير والحب الحقيقية، وقد يكون ذلك صعبًا ولكن من المرجح أن يقلل من مشاعر الخوف ويضع حدًا لمشاعر التوتر والقلق والإرهاق، بما في ذلك إرهاق الأزمات.
يدعو الخبراء إلى الانخراط في الأنشطة والاستمتاع بها، خاصة تلك التي تزيد بداخلك الشعور بالأمان والهدوء النفسي، مثل الفنون بأشكالها، وصيد الأسماك والأنشطة الروحية، الهدف من ورائها هو نقلك إلى مكان جيد ومريح تبتعد فيه عن الأخبار السيئة والمزعجة، لذلك جرّب اليوجا أو التأمل، خاصة وأنها تساعدك على تصفية ذهنك وتهدئة أعصابك.