هل ارتفعت معدلات الطلاق في الدول العربية بسبب كورونا؟
معدلات الطلاق في العالم العربي مرتفعة من دون تدخل من فيروس كورونا وبالتالي السؤال المطروح حالياً هو ما إن كان الفيروس هذا الذي أرغم الأزواج على البقاء في منزل واحد لفترات طويلة جداً وسط ضغوطات نفسية واقتصادية ومهنية كبيرة قد ساهم في رفع معدلات الطلاق في الدول العربية؟
الضغوطات النفسية والاقتصادية والمهنية الناجمة عن كورونا زادت من معدلات الخلافات الزوجية بشكل كبير ما أدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق في كل دول العالم.
فوفق علماء النفس كل شخص يملك مقاربة مختلفة للتخلص من المشاعر السلبية لكن الحجر المنزلي منع الجميع من القيام بذلك وهكذا تراكمت السلبية وتضاعفت الخلافات ووصلت الى نقطة للاعودة وبالتالي الطلاق.
لكن الأمر لا يتعلق بالمشاعر السلبية الناجمة عن الحجر فحسب بل ظهر «خلاف» جديد تمحور حول ردة فعل الشريك على الجائحة وطريقة التعامل مع الأزمة ما أدى إلى تكوين الآخر لقناعات بأن نظرة كل واحد منهما إلى ما هو هام وأساسي في الحياة مختلف كلياً ولا حل سوى بالطلاق.
فما هي الصورة في عالمنا العربي، وكم بلغت معدلات الطلاق في الدول العربية خلال فترة كورونا؟
الإمارات
ما قامت به دبي أرغم الأزواج على التعايش مع بعضهم البعض ومنع معدلات الطلاق من الارتفاع مؤقتاً. فمحكمة الأحوال الشخصية في دبي قامت في نهاية مارس/آذار بتعليق الطلاق والزواج حتى إشعار آخر. وهذا الأمر كان له تأثيره الإيجابي إذ إنه ساهم في تحقيق نسبة صلح في الخلافات الزوجية بنسبة ٤٠٪ من مجمل مجمل الملفات التي تم فتحها في قسم التوجيه والإصلاح الأسري بعد تفشي الجائحة. ووفق قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي فإن الواقع الحالي دفع البعض إلى التراجع عن طلب الطلاق والبعض الآخر إلى إغلاق ملفات كانوا قد فتحوها من قبل.
وفي شهر مايو/ أيار كشف تقرير إحصائي أعده مركز دبي للإحصاء بأن معدلات الطلاق والزواج في انخفض بنسبة ٣٥٪ بين ٢٠١٦ و ٢٠١٩ .
ولفت التقرير إلى أن معدل الطلاق لكل ألف بين الإماراتيين انخفض من 3.76 في عام 2016 إلى 2.44 في عام 2019، تضمن ذلك كافة حالات الطلاق التي يكون بها أحد الطرفين أو كلاهما إماراتيين. ومع الحديث عن ارتفاع في نسب المصالحة فإن الأرقام نهاية العام الحالي قد تظهر انخفاضاً جديداً في معدلات الطلاق.
السعودية
ارتفعت حالات الطلاق في السعودية ٣٠٪ وذلك بعد أن تسبب الحجر المنزلي في اكتشاف العديد من الزوجات بأن أزواجهن متزوجون من آخريات ولديهم عائلات أخرى.
فوفق صحيفة «عكاظ» فإن عدد حالات الطلاق والخلع بلغت ٧٤٨٢، والمثير للاهتمام في هذه الحالات هو أن غالبية اللواتي طلبن الطلاق من أزواجهن متعددي الزوجات هن من الموظفات وسيدات الأعمال والطبيبات والنساء البارزات في المجتمع.
٥٢٪ من حالات الطلاق هذه كانت من مدينتي مكة المكرمة والرياض وذلك وفق إحصائيات وزارة العدل السعودية. أما عدد حالات الطلاق اليومية في جميع مناطق المملكة فبلغ ١٦٣ و٤٨٩ حالة قبل كورونا وهذه الأرقام تعود الى شهر فبراير/شباط ٢٠٢٠ وذلك لأن البوابة الإلكترونية لوزارة العدل توقفت عن نشر أي إحصاءات بسبب تعليق أعمال المحاكم بسبب كورونا.
مصر
الكثير من حالات الطلاق تنتظر البت بأمرها وذلك بسبب تعطيل المحاكم في البلاد في إطار إجراءات الحد من انتشار كورونا. ورغم غياب الأرقام الرسمية إلا أن المتحدث باسم المأذونين كشف في شهر أبريل / نيسان عن مسار تصاعدي لطلبات الطلاق في البلاد.
ففي الأسبوع الأول كادت النسبة تصل إلى صفر، ثم ما لبثت أن تزايدت بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الثاني إذ بلغت ٦٠٪. كما كشف عن تزايد ملحوظ في أعداد الاستشارات الهاتفية وذلك بسبب كثرة ترديد الأزواج ليمين الطلاق وبسبب صعوبة التنقل كان يتم إحالة الحالات هذه إلى قسم الفتوى في الأزهر للبت بها. ولكن في المقابل وبعيداً عن المدن الكبرى فإن الصحف تداولت قصصا لحالات طلاق في الأرياف بسبب كورونا والاختلافات بوجهات النظر حول الحجر المنزلي والهلع الذي أصاب البعض بسبب الفيروس ما أدى الى وقاية مبالغ فيها انتهت بالطلاق.
الكويت
الكويت من الدول التي لطالما «تفوقت» على الدول العربية الأخرى في معدلات الطلاق، ولكن الشعب الكويتي خالف كل التوقعات خلال كورونا ولم يسجل أي حالة طلاق حتى شهر مارس/ آذار مقابل ارتفاع ١٠٪ في حالات الزواج اليومية رغم انتشار الفيروس وذلك وفق تقارير صحفية نشرت حينها.
ولكن النعيم الزوجي هذا لم يستمر طويلاً إذ أكدت وزارة العدل في شهر أبريل/ نيسان أن نسبة الطلاق «الصفر» مبالغ فيها . وفق الوزارة فإن الإدارات المعنية بالطلاق تتلقى اتصالات يومية من أزواج يريدون الطلاق ولكن وبسبب الإغلاق للحد من انتشار كورونا فإن الرد للراغبين في الطلاق هو أن «توثيق الطلاق ممنوع».
كورونا على ما يبدو لم يكن المنقذ في الكويت إذ أن عدد من القانونيين توقعوا تضاعف حالات الطلاق بمجرد عودة إستعادة المحاكم لنشاطها. وفي الواقع التوقعات لا تبشر بالخير على الإطلاق وتنذر بكارثة إجتماعية قادمة إذ أنه من المتوقع أن تزيد حالات الطلاق التي كانت ١٤ حالة يومياً قبل كورونا بنسبة ١٠٠٪.
المغرب
المغرب دق ناقوس الخطر بداية العام الحالي بعد صدور أرقام نهائية عن نسب الطلاق في العام ٢٠١٩ والتي بلغت ١٢٠ ألف حالة. ومع بداية العام وسيطرة فيروس كورونا على كل مفاصل الحياة وتعليق عمل المؤسسات والمحاكم لم يتم إصدار نسب وأرقام جديدة ولكن تم الحديث عن إرتفاع في نسب طلاق النساء العاملات في القطاع الصحي.
السبب وفق تقارير صادرة عن منظمات نسائية مغربية هو رفض الأزواج استمرار زوجاتهم بالعمل خشية نقل العودة إليهم. وحين نلقي نظرة على نسبة النساء العاملات في القطاع الصحي فإن الصورة التي تتبلور بعض ملامحها مقلقة للغاية، فالنساء يشكلن ٥٧٪ من الطاقم الطبي، و٦٦٪ من المساعدين الطبيين.
لبنان
الأزواج في لبنان يرزحون تحت ضغوطات عديدة جداً غير مسبوقة يبدو أقلها حدة كورونا وتداعياته. فالوضع الاقتصادي المتردي في البلاد والارتفاع الجنوني في الأسعار والارتفاع في معدلات البطالة جعلت الكارثة مضاعفة. معدلات الطلاق في لبنان أصلاً مرتفعة إذ بلغت ٢٠٪ في مع نهاية العام ٢٠١٩ والنسبة هذه مرتفعة حين نضع بالحسبان بأن عدد حالات الطلاق في المحاكم الروحية المسيحية محدود.
كثر الحديث عن ارتفاع نسب الطلاق خلال فترة كورونا، ولكن إقفال المؤسسات الرسمية منذ إعلان التعبئة العامة في لبنان يحول دون إمكانية تحديد النسب والأرقام. ولكن ووفق رئيس المحاكم الشرعية السنية العليا فهناك حالات طلاق صوري سيتم تسجيلها مع عودة المؤسسات الرسمية لعملها.
البحرين
البحرين أيضاً حالها حال الدول الأخرى لناحية إفقال المحاكم في إطار إجراءات الحد من انتشار كورونا. ولكن ورغم الإغلاق فإن الجهات المعنية أعلنت زيادة حالات الطلاق فوفق عدد من المحامين فإن معدل الاتصالات والاستشارات اليومية حول سبل الطلاق خلال فترة كورونا يتراوح بين ٣ إلى ٥ اتصالات يومياً.
سوريا
في سوريا أصبحت حالات الطلاق خلال فترة كورونا ٥ أضعاف مما كان عليه سابقاً. فوفق وزارة الأوقاف حالياً هناك ٥ حالات طلاق يومياً بعد أن كان المعدل هو حالة طلاق واحدة في اليوم الواحد.
الجزائر
مع بداية العام كشفت الجزائر عن ارتفاع خطير في معدلات الطلاق خلال السنوات الخمس الماضية إذ بلغت ٦٨ ألف حالة سنوياً أي بمعدل حالة طلاق واحدة كل ٨ دقائق. المحاكم الجزائرية أجلت جلسات الصلح والنطق بالطلاق أو الخلع بسبب كورونا وبالتالي لا يمكن الحديث عن أرقام دقيقة حالياً. ولكن محاكم الأسرة في الجزائر أكدت بأنها تستقبل يومياً عشرات الدعاوى المتعلقة بالطلاق وأن ملفات الطلاق متراكمة حالياً بشكل كبير.
العراق
مطلع العام الحالي تم الكشف عن نسب الطلاق المرعبة في البلاد إذ سجلت ٧٣ ألفا و٥٦٩ حالة طلاق مع توقعات بارتفاعها إلى مليون حالة في العام ٢٠٢٠. ولكن وفي ظل غياب الأرقام الرسمية بسبب الإغلاق فإن الأرقام قد تزيد عن المتوقع خصوصاً وأنه أضيف إلى المعادلة حالات الطلاق بسبب كورونا. فخلافاً لعدد كبير من الدول العربية غالبية النساء اللواتي أصبن بفيروس كورونا تم تطليقهن من قبل أزواجهن بعد تعافيهن وذلك خوفاً من نقل العدوى.