يأمل أثرياء العالم تجنب جائحة فيروس "كورونا" باللجوء إلى اليخوت الفاخرة والانعزال عليها، حتى تمرّ غمّة الفيروس السوداء من دول العالم. وحتى هؤلاء الذين لا يملكون يخوتاً بالحجم الذي يصلح للرحلات الطويلة، يؤجرون هذه اليخوت لفترات تصل إلى بضعة أشهر، ويبحرون بها إلى مناطق نائية للهروب من "كورونا".
وهناك الكثير من اليخوت الفاخرة حالياً التي تبحر في أعالي البحار، في الطريق إلى جزر خاصة، بعيداً عن متاعب العالم الصحية. ويصطحب الأثرياء أطقماً طبية وممرضات وتجهيزات خاصة لعلاج أعراض الفيروس إذا ظهرت. بينما تخلصت بعض اليخوت من نصف أطقم الخدمة فيها التي يجد بعضهم أنفسهم في مواقع بعيدة عن موطنهم الأصلي، بلا وسيلة متاحة للعودة.
وتحمل أكبر عشرة يخوت في العالم، مستشفيات دائمة منها اليخت "إيكلبس" الذي يملكه الثري الروسي رومان أبراموفيتش، واليخت "رايزنغ صن"، ويملكه الملياردير دافيد غريفن.
ومع ذلك يقول خبير اليخوت جيمي أدميستون الذي يدير شركة تأجير يخوت باسمه من موناكو: إن الصناعة لم تشهد حدثاً مثل فيروس "كورونا" من قبل، وإن تأثيره كان عميقاً في الصناعة.
وأكد أن الكثير من تعاقدات التأجير، خلال الصيف المقبل، أجّلت أو ألغيت.وعدد الاستفسارات عن التأجير تراجعت، بسبب عدم الثقة بالقدرة على السفر، خصوصاً في مرحلة إغلاق الحدود ومنع التجول. ويعتقد أدميستون أن صناعة تأجير اليخوت تمرّ الآن بحقبة غير معهودة، وأنها مثل يخت داخل عاصفة، لا يستطيع إلا أن يغلق كل المنافذ.. وينتظر.
وكان من تأثير الأزمة أيضاً إلغاء الكثير من المعارض والأحداث الخاصة بالصناعة. ومع ذلك مازالت الكثير من شركات تأجير اليخوت تنتظر حجوزات وتنفذها. وتقول شركة نورثورب أند جونسون، إنها تتلقى حجوزات لفترات طويلة تبدأ فوراً. وهي تعاقدات من الواضح أنها للهروب من مناطق مصابة بالفيروس، وتعاني الإغلاق التامّ.
وتحاول الشركات مساعدة زبائن تأجير اليخوت الفاخرة، بإضافة ضمانات على التعاقدات، بتسهيل إعادة التأجير أو تأجيل الحجز، في حالات ظهور قيود جديدة على السفر. وتقدم الشركات وثائق تأمين على التعاقدات أيضاً، تضمن إعادة الاموال في حالات إلغاء الحجوزات لأسباب قاهرة.
وتأمل الصناعة باستعادة زخم مبيعات وتأجير اليخوت، مع تراجع حالات الإصابة بالفيروس، ولكنها تعترف بأن الوقت لم يحن بعد لمثل هذه التوقعات. وتنتظر الصناعة الخطوة الأولى في عودة الانتعاش، وهي إلغاء الحظر على السفر الدولي. ولكن المدى الزمني لمثل هذه الخطوة غير معروف بعد.
ويقول ويليام كريستي من شركة "واي سي أو" إن الوضع الحالي سوف يؤدي إلى طلب متضاعف على الإبحار باليخوت، بعد فترة الاحتجاز المنزلي، لأثرياء يريدون العودة إلى الاستمتاع بالحياة.
مزايا اليخوت
وهناك الكثير من المزايا التي توفرها اليخوت في مرحلة فيروس "كورونا"، منها إتاحة المناخ الآمن، للاسترخاء بعيداً عن الوجهات السياحية الفاخرة المزدحمة. وتقول شركة "أوشن أندبندنس" إن اليخوت توفر مساحات آمنة في محيط نظيف تماماً، وفرص عدم الاختلاط بالآخرين، حيث تزيد المخاطر. كما يمكن التحكم في الأوقات العادية في عدد الضيوف الذين يمكن استقبالهم. كما أن الذهاب إلى الشاطئ بالزوارق يمكن أن يتم بطريقة محسوبة، لتقليل المخاطر. وتوصّل الأغراض المطلوبة لليخت إلى الرصيف ونقلها إلى اليخت عن طريق طاقم العمل المعتمد.
وتقوم شركات تأجير اليخوت أيضاً بتعقيمها قبل تأجيرها لزيادة العناية بصحة زبائنها، كما تكشف على كل طاقم الخدمة، للتأكد من صحتهم، قبل بداية العمل مع المستأجر الجديد.
ويختلف الأمر بين سفن الكروز التي تجد نفسها معزولة عن موانئ العالم، واليخوت الفاخرة التي مازال معظم مرافئها مفتوحة في العالم. السبب هو أن اليخوت تعدّ أكثر نظافة من سفن الكروز، كما يمكن التحكم في شروط العزل، وعدم الاختلاط مع عدد ركابها وطاقمها القليل. ولايزيد عدد ركاب وطاقم اليخت الفاخر على 30 شخصاً، بينما سفن الكروز يمكنها أن تحمل 12 ألف راكب.
وتتميّز اليخوت بأنها تحمل أنظمة تكييف هواء فيها مرشحات، لتنظيف الهواء وتعقيمه من الأتربة والميكروبات. وقد كان من عوامل انتشار العدوى على سفينة الكروز "دياموند برنسيس"، سوء النظافة، حيث زاد عدد المصابين عليها من 100 إلى 700 خلال أسبوعي الإبحار، حتى وقت فرض الحظر عليها. ولم تحمل السفينة أي تجهيزات لمنع مثل هذا الفيروس المعدي من الانتشار.
هذا وقد أُجّلت هذا العام أو ألغيت كل معارض اليخوت في العالم، بما في ذلك معرض دبي لليخوت، الذي كان مقرراً له هذا الربيع. وقدمت شركات تأجير اليخوت نصائح للمستأجرين، ومنها تسهيلات لإلغاء الحجوز، والتأمين ضد عدم القدرة على الإبحار في المواعيد المتفق عليها. كذلك أصدرت شركات اليخوت نصائح إلى أطقم الخدمة، للخطوات الواجب اتباعها من أجل ضمان سلامة الضيوف وسلامتهم من انتشار الفيروس.
ولا يهتمّ ركاب اليخوت الفاخرة، سواء من المُلّاك أو المستأجرين، بوجهات السفر، سواء في البحر المتوسط أو البحر الكاريبي. فهم في معظم الأحوال يفضلون البقاء على متن اليخوت، والرسوّ في المرافئ فقط، من اجل الحصول على التموين والوقود اللازمين للرحلات البحرية. وينظر هؤلاء في الوقت الحاضر إلى اليخوت، على أنها ملاجئ آمنة من الفيروس في عرض البحر.
من ناحية أخرى، أعلنت الكثير من مرافئ وشركات اليخوت الخاصة، أنها سوف تستمر في العمل العادي خلال الأزمة، مع مراعاة شروط السلامة الحكومية، من الحفاظ على مسافات آمنة بين العمال، والكشف الدوري عليهم. من هذه الشركات "غالف كرافت" التي تعمل من دبي، وجزر المالديف، و"بورت دنيا" في إسبانيا، وشركة يخوت "بيرنغ" في تركيا. وأعلنت شركة "فيدشيب" الهولندية، أنها مستمرة في نشاطها لبناء اليخوت، مع زيادة احتياطات الأمان والنظافة للعمال.
في الوقت نفسه أعلنت مرافئ أخرى إغلاق نشاطها لحين انتهاء الوباء العالمي، ومنها جزر أنتيغا وباربودا ومارينا موناكو. كما ألغيت كل معارض اليخوت، وأهمها معرض سنغافورة الذي تأجل إلى موعد لاحق. وتوقفت شركة "برنسيس" البريطانية عن نشاطها في بناء اليخوت مؤقتاً. أما شركة "صن سيكر" التي تعمل من جنوب إنجلترا، فقد سرحت 200 من عمالها في عطلة مفتوحة، غير مدفوعة الأجر حتى 11 مايو / أيار الجاري.
ومع تقلص نشاط الشركات، بوجه عام، تنظر الصناعة إلى عام 2021، لإتمام خطط التطوير وبناء أجيال اليخوت الجديدة، مع حساب العام الجاري أنه مرحلة استراحة محارب إجبارية.