عائلة الخرافي التجارية تتبرّع لمحاربة كورونا.. بدأت بالعقارات ووصلت إلى كل شيء
إدارة وأعمال 11 مايو 2020
• تبرعت مجموعة الخرافي بمليون دينار، لشراء معدّات لمواجهة فايروس كورونا.
• مجموعة الخرافي أكبر المجموعات الاستثمارية في الكويت، وتمتلك حصصاً مؤثرة في معظم الشركات التشغيلية.
• انطلقت من الكويت، وعبر شبكة متنوعة من المشاريع والشركات وصلت إلى أوروبا وإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
• صُنفت ضمن قائمة أغنى العائلات التجارية في العالم بثروة قدرتها بـ14 مليار دولار عام 2008.
تكاد لا توجد قصة لمشروع ضخم في الكويت، لا يذكر فيه اسم عائلة الخرافي التجارية، التي أسست لنفسها إمبراطورية مالية هائلة، بدأها الراحل محمد عبد المحسن الخرافي وتولاها من بعده ابنه رجل الأعمال الأشهر في تاريخ الكويت ناصر الخرافي، حتى وفاته قبل تسع سنوات، ليتسلّم الدفة من بعده، أبناء العائلة من جيل الشباب.
الخرافي أسرة تجارية كويتية كبيرة، تعود أصولها إلى نجد؛ ويُروى أنها انتقلت منها إلى بلدة اسمها حرمة، ثم إلى الزلفي، ليستقر بها الأمر في نحو منتصف القرن التاسع عشر الميلادي في الكويت، حيث يختلف نمط الحياة كلياً عن الواقع القاسي في نجد والزلفي، وتهيمن عليه التجارة والسفن والبحر، ما أغرى مؤسس العائلة للبقاء فيها، وأرسل في طلب بقية أفراد أسرته ليلتحقوا به بعد عامين.
وعائلة الخرافي ناشطة في قطاعات المقاولات والصناعة والسياحة والفنادق والاستثمارات الهندسية والإنشائية، فضلاً عن أنها تعمل في قطاعات الطاقة والنفط والمياه والكيميائيات. صُنفت، ضمن قائمة أغنى العائلات التجارية في العالم بثروة قدرتها بـ14 مليار دولار، عام 2008. أما ناصر الخرافي فصُنف في المرتبة 77 على قائمة الأغنياء، بثروة قدرت بنحو 10.4 مليارات دولار، قبيل وفاته عام 2011 .
النسب والجذور
تعود أسرة الخرافي في نسبها، إلى آل خرفان من آل محمد من الوهبة من بني تميم، وهم ذرية حسين عبد المحسن الخرافي. وقد قدمت إلى الكويت من الزلفي في نجد، في منتصف القرن التاسع عشر، وسكنت فريج الساير في قبلة عام 1852. وامتلكت الأسرة عدداً من السفن. وبرز كثير من أبناء هذه الأسرة في المجال البحري، فهناك الكثير من النواخذة، من خرج من رحم الأسرة برزوا في التجارة، وأسهموا في النهضة التي شهدتها دولة الكويت.
وفي المألوف الاجتماعي الكويتي، فإن عائلة الخرافي هي إحدى الأسر الحضرية التي كانت تسكن داخل نطاق سور الكويت، قبل اختفائه مع التوسع العمراني الكبير في الدولة. وهي واحدة من أسر ثرية عدّة – وأثراها في الواقع- هيمنت على الواقع التجاري في البلاد، مثل عائلات البحر والغانم والصقر والشايع.. وغيرها. ومن المتداول في الكويت، أن تركيبة غرفة التجارة تعكس دائماً توجهات هذه الأسر وتشابكاتها علاقاتها ومصالحها.
المؤسس والأولاد
يعود تاريخ نشاط العائلة التجاري إلى قبل 100 عام، منذ أن انطلقت أعمالها على يد المؤسس محمد عبد المحسن الناصر الخرافي، الذي عاش بين عامي (1919 و1993)، وكان معروفاً سياسياً ورجل أعمال كويتياً، وهو مؤسس مجموعة الخرافي سنة 1956، ولديه من الأبناء الراحل ناصر الخرافي، رئيس مجموعة الخرافي، والراحل جاسم الخرافي، رئيس مجلس الأمة سابقاً، وفوزي الخرافي، وفايزة الخرافي.
بعد رحيل المؤسس، تولّى نجله ناصر، إدارة عمليات المجموعة، إلى حين وفاته، وتعدّ مجموعة الخرافي كبرى المجموعات الاستثمارية في الكويت، وتمتلك حصصاً مؤثرة في معظم الشركات التشغيلية، على رأسها أكبر شركة في السوق "زين للاتصالات المتنقلة" بنسبة 16.5 %، تليها شركة "أميركانا" المشهورة في صناعة الأغذية في الأسواق العربية بنسبة 67 %.
حصة مصرفية مؤثرة
وتمتلك العائلة ممثلة بمجموعة الخرافي، حصة مؤثرة في أكبر مصرف كويتي، والسادس عربياً، وهو بنك الكويت الوطني، الموزعة ملكياته على كبار العائلات التجارية الكويتية، بنسب غير مفصح عنها.
ينظر إلى عائلة الخرافي، على أنها من أرباب المال والأعمال، ليس في الكويت، فحسب، بل في منطقة الخليج، والعالم أيضاً، عبر شبكة متنوعة من المشاريع والشركات في أوروبا وإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
ولم تفقد عائلة الخرافي سوى 100 مليون دولار، عام 2013، حيث تراجعت ثروتها من 8.6 إلى 8.5 مليار دولار، وفضلاً عن «أمريكانا» تتوزع استثمارات الخرافي في السياحة والفنادق والطيران والمطارات، وفي الصناعة، خصوصاً الغذائية والورقية والهندسية منها، وتكنولوجيا المعلومات والغاز والبتروكيماويات والأسمدة والزجاج وغيرها.
أذرع استثمارية
تنشط المجموعة، عبر أذرع استثمارية، أبرزها شركة الاستثمارات الوطنية. نفذت المجموعة مشروعات عدة، في سورية، كفندقي "شيراتون حلب" و"بلودان الكبير".
أما مصر فتتمتع بأكبر حصة من استثمارات مجموعة الخرافي، التي تتضمن استثمار نحو ملياري دولار في منطقة مرسى علم، ومصنع للورق ومصنع للحواسيب (الكومبيوتر) ينتج 300 ألف جهاز سنوياً، فضلاً عن امتلاكها للشركة المصرية - الكويتية القابضة، التي لها استثمارات بأكثر من 250 مليون دولار في البتروكيماويات والزجاج والمواسير والأسمدة والغاز.
بدأت بالمقاولات
شركة محمد عبد المحسن الخرافي وأولاده، وتعرف أكثر باسم "مجموعة الخرافي", المتعددة النشاطات، تُعدّ أكبر شركة كويتية خاصة، ومن أضخم الشركات في العالم العربي بإيرادات بلغت 4.3 مليار دولار سنة 2004. مع كونها من أبرز المساهمين في شركات عدة في سوق الكويت للأوراق المالية.
ويرجع تأسيس المجموعة إلى سنة 1956، على يد الراحل محمد عبد المحسن الخرافي، وقد بدأت شركة مقاولات, لكنها سرعان ما نوعت نشاطاتها، مع الطفرة النفطية، لتشمل التجارة العامة، والزراعة, والصناعات الغذائية, والمطاعم, وصناعة الصلب, والعقار, والترفيه, والنزل, والسياحة...إلخ.
وتوسع نشاط المجموعة، ليشمل دولاً عدة، كمصر ولبنان وسوريا وألبانيا وإثيوبيا.. تناوب على رئاستها أبناء محمد عبد المحسن الخرافي؛ حيث كان يرأسها لسنوات ناصر، حتى وفاته عام 2011، ثم جاسم، حتى وفاته عام 2015. ويرأسها حاليا فوزي محمد الخرافي، ونائبه أخوه مهند.
مشروعات بارزة
استثمرت العائلة خلال رحلتها في عالم المال والأعمال، في عدد من المشاريع الحيوية داخل الكويت وخارجها، منها:
• بورت غالب، التي اكتملت سنة 2001 وتضم مارينا بسعة 1050 يختاً، وتُعدّ أكبر مارينا لليخوت في الشرق الأوسط، إلى جانب مجمع عقاري، ونزل، ومطار مرسى علم، بكلفة إجمالية بلغت 1.2 مليار دولار.
• في أكتوبر 2006، أعلنت نيتها بناء مصفاة للنفط شرق القاهرة طاقتها 150 ألف برميل، بكلفة مليار دولار.
• مشروع بناء نزل في سوريا، بطاقة استيعاب 500 غرفة، بكلفة 217 مليون دولار.
• استثمار أكثر من 180 مليون دينار أردني، في بناء مصنع للإسمنت ومسلخ في الأردن.
• إنشاء وكالة الأخبار العربية ANA، أول وكالة أخبار تلفزيونية مصورة، ذات ملكية خاصة، تستهدف نقل الأحداث الخاصة بالشرق الأوسط والعالم، بأعين عربية.
• 2005 الجامعة الإمريكية بالقاهرة الجديدة، وكان مشروعاً ضخماً جداً، ومن أهم أعمال الخرافي.
ربان سفينة العائلة
ينظر إلى نجل مؤسس العائلة ناصر محمد عبد المحسن الخرافي (1944 إلى 2011)، أنه أبرز الشخصيات التي أسهمت في بروز اسم عائلة الخرافي وصعودها في عالم الأعمال والمال.
درس في المثنى، وانتقل إلى كلية فكتوريا في الإسكندرية، ليأخذ منها الاعتماد على النفس، وفق النظام الإنكليزي، وهناك فقد والدته غنيمة جاسم بودي، ثم أكمل دراسته العليا في بريطانيا، بتخصص إدارة أعمال، ليرضي ميوله منذ الشباب بالعمل في التجارة الحرة.
ترأس "مجموعة الخرافي" التي تضمّ: شركة الأغذية الكويتية (أمريكانا)، و«ويمبي» و«تي.جي.أي فرايديز» و«كادبوري بيتزاهت» و«سينت سيتامون»، ومجموعة الشركة الوطنية للأعمال الكهربائية والوطنية.
وعندما منحته الجامعة الأميركية في بيروت عام 2006 ، الدكتوراه الفخرية، قدمته على أن الفضل يعود إليه في تطوير خطة استثمار ليبرالية، لفتح قطاعات استراتيجية في المنطقة، وأن مجموعة الخرافي اتبعت نظام البناء والتشغيل والنقل B.O.T، لمشاريع البناء في المنطقة، وهي المعروفة بتعدّد فروعها. وكثف ناصر الخرافي رؤية العائلة في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة قائلاً «تحرص المجموعة على إحداث أثر إيجابيّ، وتقديم تكنولوجيا جديدة وطرقاً للمعرفة المتطورة والقيم والفضائل، وتوفير فرص عمل. وعبر أنشطتها الاجتماعية، توفر الدعم للمبادرات التي تتعلق بالتعليم والرياضة والفنون، والعناية بالصحة العامة ومنظمات المجتمع المدني».
وحرص ناصر الخرافي، على أن تكون استثماراته بعد الكويت في المنطقة العربية، التي يتعامل معها كونها «واجباً قومياً وعربياً». أقام ناصر الخرافي علاقات شخصية مع عدد من زعماء العالم. صُنّف مع عائلته، ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم، بثروة قدرتها بـ 14 مليار دولار لعام 2008، متقدما ستة مراتب على سنة 2007. توفي فجر يوم 17 أبريل 2011، في القاهرة إثر سكتة قلبية.
الجيل الثاني مناصب رفيعة
تمكن عدد من رجالات العائلة من الجيل الثاني، من تبوّؤ مواقع رفيعة في عالم المال والوظائف الحكومية، حيث شغل جاسم الخرافي، منصب وزير التجارة قبل 35 عاماً، وكان عضواً في مجلس الأمة، في مجالس 1975، 1981، 1985، 1996، ورئيس المجلس منذ عام 1999 حتى 2010.
أما خالد علي الخرافي، فقد شغل موقع مدير بورصة الكويت، منذ عام 1983-1987، ووكيل وزارة التجارة قبلها منذ عام 1963-1975. بينما شغل الفريق أول يوسف بدر الخرافي، منصب وكيل وزارة الداخلية سابقاً. وخليفة مساعد الخرافي، عضو المجلس البلدي لدورات عدّة. وحسين علي الخرافي، عضو غرفة التجارة والصناعة.
الجيل الثالث في المقدمة
كذلك استطاع الجيل الثالث من العائلة، أن يثبت كفاءته ويحتل مواقع متقدمة في إدارة شركات العائلة واستثماراتها، خاصة أن فرصته في التأهيل والتحصيل العلمي، كانت أفضل من الأجيال السابقة.
يشغل اليوم مرزوق ناصر الخرافي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "أمريكانا". بينما يترأس حسام فوزي الخرافي، مجلس إدارة شركة "نور" للاستثمار المالي. ولؤي جاسم الخرافي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المال للاستثمار، وبدر ناصر الخرافي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الكابلات، والدكتورة فايزة الخرافي.. وهناك رجال أعمال شبان ونقابيون من الأسرة التي تتقاسمها، مثل غيرها، اتجاهات سياسية متباينة بين الإسلاميين والليبراليين والقوميين.
بدر الخرافي، مهندس ورجل أعمال يشغل منصب مدير اللجنة التنفيذية لمجموعة الخرافي. كما تولى عام 2012، منصب رئيس مجلس إدارة شركة زين السعودية. وصنّف ضمن قائمة أقوى 100 شخصية عربية في 2018، وفق مجلة "أربيان بزنس". كما أنه معروف بكونه واحداً من أثرى الأشخاص في المنطقة العربية والعالم.
150 ألف موظف
أظهرت احصائية أن مجموعة محمد عبد المحسن الخرافي، هي أكبر مجموعة خليجية من حيث توظيف العمالة في العالم؛ إذ بلغت القوى العاملة فيها 100 ألف موظف منتشرين في كل القارات، وهذا العدد لا يتضمن عدد موظفي الشركات المساهمة التي تملك فيها المجموعة حصصاً كبيرة أو مؤثرة، مثل "أمريكانا" أو "زين"، بل أعداد الموظفين في الشركات غير المدرجة فقط، ونسبة ملكية المجموعة فيها 100%، وذلك وفقاً لما نشرته جريدة "القبس" الكويتية قبل سنوات، فإذا جمعت أعداد الموظفين في هذه الشركات المساهمة، مع الرقم الإجمالي للمجموعة، قد يتخطى العدد 150 ألفاً.
وتعرف مجموعة الخرافي في مجتمع المال والأعمال العالمي بضخامتها وتوزع أعمالها على عددٍ كبير من الشركات يناهز 70 شركة، فضلاً عن المساهمة في مؤسسات تتوزع على جميع القطاعات، من الاتصالات إلى الصناعة والمقاولات والأغذية والتجارة العامة؛ ولعل أبرز الشركات التابعة لها، هي "الخرافي ناشيونال" و"الخير الوطنية" للأسهم والعقارات.
إلى ذلك، تلي مجموعة الخرافي، في لائحة أكبر 25 شركة خليجية توظيفاً في العالم، مجموعة بن لادن السعودية ثم مجموعة الغرير الإماراتية..
تبرع لمحاربة كورونا
اهتمت عائلة الخرافي التجارية، عبر شركاتها وأشخاصها، بالعمل على مساندة المجتمع، بكثير من الخدمات المهمة، وشملت إنشاء مساجد داخل الكويت وخارجها، وبناء دور الأيتام، ومراكز إسلامية تقدم خدمات صحية وتعليمية في عدد من الدول الإسلامية. كما أنشأت مراكز للحاسوب، وبنت قاعات وصالات للرياضية، ودعمت التعليم، واشترت المزارع والعقارات ومنحتها للفقراء.
وفي أواسط آذار/ مارس الماضي، أعلنت مجموعة شركات محمد عبد المحسن الخرافي وأولاده، عن تبرعها بقيمة مليون دينار، لتغطية احتياج وزارة الصحة في الكويت، من المعدات الطبية، لمحاربة فيروس "كورونا". وقالت المجموعة في بيان، «إيماناً بالمسؤولية الوطنية، ودعماً للكويت، تبرعت مجموعة الخرافي بمليون دينار، لتغطية احتياج وزارة الصحة من المعدات، راجين من المولى القدير كشف الغمّة والسلامة للجميع".