فايلوت .. الروبوت الذي سيقضي على فيروس كورونا
في بضعة أشهر فقط اجتاح وباء كورونا الحدود والمحيطات وقتل مئات الآلاف وأصاب الملايين، وأجبر أعدادا كبيرة على تحمل مشقة الفوضى الاقتصادية والشخصية الناتجة عن عمليات الإغلاق. ومع ارتفاع أعداد المصابين حول العالم، دفعت هذه الأزمة العلماء والباحثين إلى الابتكار وتسابقوا لتطوير لقاح فعال وإعداد اختبارات دقيقة للكشف عن الفيروس قبل إعادة فتح أماكن العمل.
ومن أجل مواجهة هذا التهديد، بدأ العلماء العمل على مشاريع أخرى إلى جانب تطوير لقاح، وحاولوا استخدام مواردهم بهدف الحد من العدوى وإنقاذ المزيد من الأرواح، والأهم من ذلك العمل على جعل الأماكن أكثر نظافة وأمانًا للمرضى ومن يعالجونهم، ومساعدة العاملين في مجال الرعاية الصحية خلال هذه الأزمة، ولم يجدوا أفضل من الروبوتات لفعل ذلك.
الروبوت الأيرلندي
يعمل كونور ماكجين البروفيسور في كلية ترينيتي في دبلن هو وزملاؤه الآخرون المهندسون المُتخصصون في الروبوتات على العثور على طرق تمكنهم من استخدام الروبوتات لمساعدة كبار السن في دور الرعاية، واستطاعوا التوصل إلى مُنتج مُميز هو ستيفي الروبوت الاجتماعي الذي يبلغ طوله 4 أقدام و7 بوصات، وتتمثل وظيفته الرئيسية في التخفيف من الشعور بالوحدة. وفي تجارب أجريت في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول الأخرى تمت برمجة الروبوت على حكاية القصص، والاتصال ببعض الأرقام والغناء والمشاركة في بعض التمارين.
ويعمل فريق المهندسين مع العاملين في دور الرعاية على إضافة وظائف للروبوت للحفاظ على سلامة المرضى. في يوليو 2019، أي قبل نشر التقارير التي أفادت بانتشار فيروس كورونا في ووهان الصينية، كان الفريق قد بدأ بالفعل في استكشاف ما إذا كان ستيفي قادرا على منع انتشار العدوى أم لا.
بالشراكة مع Knollwood Military Retirement Community في واشنطن الأمريكية وجد الفريق أن أحد أكبر التهديدات للصحة داخل دور الرعاية هي العدوى المكتسبة، ومع وضع ذلك في عين الاعتبار، يبحث ماكجين وزملاؤه على معرفة ما إذا كان يمكن إضافة أشعة فوق بنفسجية للروبوتات أم لا، خاصة وأنها ستكون قادرة على قتل الفيروس، مع الحرص على ألا تُلحق أي ضرر بالمواطنين.
الأشعة فوق البنفسجية التي يتراوح طولها الإشعاعي ما بين 200 إلى 280 نانومتر والمعروفة باسم (الأشعة فوق البنفسجية سي) قد تؤثر على الحمض النووي (DNA) بتغيير الشكل أو التأثير على البصمة الصوتية".
وتعد الأشعة فوق البنفسجية سي أحد المطهرات الرئيسية التي يتم الاعتماد عليها منذ سنوات طويلة في أماكن الرعاية الصحية، على مدى السنوات العشر الماضية، اعتمدت المستشفيات في جميع أنحاء العالم على أجهزة لتعقيم الغرف والمعدات باستخدام هذه الأشعة.
ولكن لأنها تُسبب في الإصابة بحروق الشمس وربما تؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، فإن معظم الآلات والأجهزة التي يتم الاعتماد عليها بأمان وفعالية فقط في الغرف الخالية من الأشخاص، ما يجعلها غير قابلة للاستخدام في غرف الانتظار وغيرها من الأماكن التي يتواجد فيها البشر.
ويوجد لدى الروبوت ستيفي بالفعل أجهزة استشعار تسمح له بالتوقف عن العمل عندما يشعر بوجود أشخاص في الغرفة، وكذلك يغلق مصدر الضوء بصورة تلقائية عندما يشعر بحركة قريبة. حاول العلماء إضافة مطهرات بالاعتماد على الأشعة فوق البنفسجية سي ودمجها في روبوت ستيفي، ولكنهم لم يعثروا على طريقة مُرضية لفعل ذلك.
تزامنًا مع كورونا..نصائح من الصحة العالمية للصائمين في رمضان
حان وقت الروبوتات
هناك قول شائع في عالم الروبوتات وهو أنها الأنسب للقيام بالوظائف القذرة أو الخطرة على البشر، وقد يكون وباء كورونا أفضل وقت لفعل ذلك. يعتبر روبوت فايلوت أحد الروبوتات التي قد يتم نشرها قريبًا في الخطوط الأمامية لمكافحة الوباء العالمي، وقد تجدها تسير في أروقة المستشفيات وبين أطقم العاملين وتتفقد أوضاع العاملين الصحيين والمرضى الذين قد يكونون مصدرًا لنقل العدوى.
بدأ الاهتمام بالاعتماد على الروبوتات والتكنولوجيا المتطورة للمساعدة في الخطوط الأمامية لمكافحة الأوبئة في الصين بنوفمبر الماضي، وفي مارس الماضي افتتح مستشفى في ووهان الصينية، بؤرة انتشار المرض، وكان به جناح جديد لمرضى الفيروس التاجي مزودا بروبوتات تعمل على تنظيف المكان وتقديم الطعام للمرضى ومراقبة المؤشرات الحيوية.
بالتزامن مع سرعة انتشار الوباء، أصبحت الأدوار التي من المُقرر أن تقوم بها الروبوتات واضحة للغاية، واستطاع العلماء تحديد المجالات الرئيسية التي يمكن للروبوت القيام بها والتي قد تحدث فرقًا كبيرًا في الحرب ضد كورونا، ومن بينها التطهير باستخدام الأشعة فوق البنفسجية.
وقال الباحثون إنه عوضًا عن الاعتماد على التطهير اليدوي الذي يتطلب قوة عاملة ويزيد من مخاطر نقل العدوى ويزيد عدد الإصابات، يمكن أن تؤدي الروبوتات هذه المهمات من خلال التحكم فيها عن بعد أو برمجتها، وسيضمن ذلك قيامهم بعمليات سريعة وفعالة، ومن الممكن تطوير أجيال جديدة من الروبوتات متعددة الأحجام، والقادرة على الانتقال داخل المناطق عالية الخطورة ومواصلة عملها باستمرار من تعقيم جميع الأسطح وتنظيف كافة الأماكن.
وقامت شركة دنماركية تُدعى (UVD Robots) بشحن مئات الروبوتات المطهرة إلى الصين وأماكن أخرى حول العالم منذ بدء تفشي المرض، وتعمل شركات الروبوتات الأخرى في الصين والولايات المتحدة على إعادة تصميم الروبوتات خاصتها لمساعدتها على احتواء الفيروس المستجد.
روبوت محمول وسريع
تركز الشركات الآن على جعل روبوت فايلوت محمولاً وصغير الحجم بما يكفي لكي يكون قادرًا على العمل في الأماكن الضيقة والمزدحمة والتي يصعب تنظيفها بما في ذلك الحمامات ومناطق الانتظار والزوايا والشقوق الموجودة في المناطق المختلفة. كما أنه لديه درع واق حول الجزء الخلفي من العدسة، وأجهزة استشعار للشعور بالحركة كي لا يضطر الأشخاص إلى مغادرة الغرف بينما يؤدي الروبوت عمله.
قام فريق من الباحثين باختبار الروبوت مؤخرًا في مستشفى ميدلاند الإقليمي، على بعد حوالي 60 ميلاً غرب دبلن، وأجروا اختبارات في غرف باستخدام ماسح ضوئي مقطعي، الذي يمكن استخدامه لإجراء فحص صدر لمرضى كوفيد-19، عادة ما يستغرق تنظيف الغرفة حوالي 15 دقيقة باستخدام مناديل مُطهرة وفترة ما بين 30 إلى 60 دقيقة باستخدام المواد الكيميائية وتركها تجف، ما يعني أن الغرفة يمكن أن تتعامل مع مريض واحد في الساعة.
ووجدت الاختبارات أن روبوت فايلوت قادر على إنجاز هذه المهمة في 15 دقيقة فقط، أي ما يزيد أربعة أضعاف عن الطريقة العادية في التنظيف.