إدارة توقعاتنا والتحكم فيها في وقت انتشار فيروس كورونا المُستجد المُسبب لمرض كوفيد-19 والعمل عن بعد يحتاج إلى موازنة دقيقة. بالتأكيد لا نريد السماح للوباء باستنزافنا وامتصاص قوانا، ولهذا السبب علينا تبني عدد من العادات الصحية التي تساعدنا على الحفاظ على صحتنا الجسدية والعقلية، وتبقينا مُنتجين أثناء الحجر الصحي.
ومن ناحية أخرى، يجب أن نكون واقعيين ولطيفين مع أنفسنا، ونعي أننا نعيش في ظروف صعبة يمر بها كل شخص في العالم، لذلك من الطبيعي أن نكون أقل إنتاجية، وألا يصيبنا ذلك بخيبة الأمل والتوتر لأننا لا نستطيع العمل بالحرفية والمهارة التي اعتدنا عليها قبل بدء هذه الأزمة.
صاحب انتشار كوفيد-19 أزمة اقتصادية كذلك، خلقت اضطرابًا كبيرًا في أسلوب حياتنا وألقت بظلالها على خططنا المستقبلية، وتسببت في خسائر مادية كبيرة لنا جميعًا، علينا إدراك ذلك والإقرار به كي نتمكن من الخروج من هذه الأزمة مُعافين نفسيًا.
علق أحد الخبراء على الأجواء التي خلقها فيروس كورونا بـ"أننا الآن نعاني مما يمكن اعتباره صدمة جماعية"، وقال: "أول ما يمكن فعله الآن هو إدراك الحمل الزائد الذي نحمله على عاتقنا، دون الحكم على أنفسنا، لأن هذا الحمل قد ينتج عنه النسيان، التفكير المشوش، العجز عن التركيز".
أنقذ صحة عقلك من الحجر الصحي
لحسن الحظ، نحن قادرون على إنقاذ عقلنا من الحجر الصحي وانتشاله من موجات الاكتئاب، وحث منتدى الاقتصاد العالمي على تبني 3 عادات تساعدنا على تحسين حالتنا المزاجية والتكيف مع ما يحدث حولنا، وهي:
ركز على الحاضر: ركز كل يوم على ما يمكن القيام به مهما كان صغيرًا، اذهب للسير في الخارج واستنشق الهواء النقي في الصباح الباكر وقدّر الطبيعة. ممارسة التمارين الرياضية والاسترخاء تساعدك على تحسين حالتك المزاجية، تحدث إلى صديق لم تتحدث معه منذ فترة طويلة وتجاذبا أطراف الحديث، تدرب على أن تكون الأسابيع المُقبلة أكثر وعيًا وأكثر دعمًا لمن حولك، يمكننا جميعًا تعلم كيف نكون أكثر مرونة وأن نتقبل ما يحدث حولنا من خلال التركيز على الحاضر والتوقف عن الإفراط في التفكير بالمستقبل.
أدوات الصحة النفسية: ابحث عن أدوات الصحة النفسية الجديدة، جذب كوفيد-19 الانتباه إلى الموارد المتاحة على مواقع الإنترنت والاعتماد شبه الكلي على التقنيات التكنولوجية الجديدة في الرعاية الذاتية، والتعلم عن بعد، والطلب عن بعد وما إلى ذلك. لكن في الوقت نفسه يجب أن نعي أن التكنولوجيا لن تحقق لنا أحلامنا بشكل سحري، ولن تُحسن من حالتنا النفسية وتساعدنا على النوم، ولكنها أدوات يُمكن استخدامها بحكمة. استجابة لتفشي كوفيد-19، قام عدد كبير من المطورين بالعمل على أدوات مجانية وتطبيقات عبر الإنترنت يمكن استخدامها في التأمل والتفكير بوضوح وتحسين عادات النوم، والتمارين، والرعاية الذاتية.
ادعم من حولك: نحن جميعًا قادرون على أن نكون داعمين لمن حولنا سواء كانوا عائلتنا وأصدقاءنا وأحباءنا. وجدت دراسة أمريكية حديثة أن أكثر رسائل الصحة العامة فعالية في إبطاء تفشي كوفيد-19 هي التي تركز على دعم الآخرين والشعور بالمسؤولية تجاه الأسرة والأصدقاء والمواطنين. أمامنا فرصة لتأسيس مجتمع عالمي أقوى وأكثر مرونة، مجتمع يتمتع بصحة بدنية وعقلية جيدة، حان الوقت الآن للعمل الفردي والجماعي لتحسين الوضع الطبيعي الجديد.
تكيف مع كوفيد-19
قد يساعدنا فهم فيروس كورونا المُستجد وتأثيره على الصحة والجسم على التكيف معه، علاوة على معرفة تدابير منع انتقال المرض من شخص إلى آخر، بإمكاننا الحفاظ على صحتنا العقلية والنفسية من خلال خلق ما أطلق عليه الخبراء (الوضع الطبيعي الجديد) والقيام ببعض الممارسات المُحسنة لحالتنا المزاجية، والتي تتضمن:
مهام صغيرة .. انتصارات صغيرة
تقسيم أهدافنا إلى أهداف صغيرة من أحد أفضل الطرق لإعادة شحن أنفسنا بالطاقة، تساعدنا هذه الطريقة على إنجاز قدر كبير من الأمور في وقت قصير، وبالتالي تزداد ثقتنا بأنفسنا ونحافظ على هدوئنا وسلامتنا العقلية، دون استنزاف طاقتنا أو إهدار جهدنا. لا تستهن أبدًا بالانتصارات الصغيرة، مهما كان حجمها أو تعاملك معها على أنها تافهة ولا تذكر، واحتفِ بها حتى إذا كانت ترتيب سريرك في الصباح الباكر أو تناول طعام صحي ليوم كامل، أو حتى ترتيب ملابسك داخل الخزانة.
جدول يومك وابتعد عن التوتر
نستطيع التركيز بصورة أفضل عندما نشعر أننا قادرون على التحكم في ضوضاء العالم الخارجي حتى لو مؤقتًا، قد يكون ذلك صعبًا ونحن نتلقى عددا لا حصر له من الأخبار المتعلقة بالوباء، فنعجز عن التركيز. وهنا عليك جدولة فترات زمنية في يومك تبتعد فيها تمامًا عن الأخبار، وتُسكت إشعارات الهاتف التي تتلقاها من تطبيقات الأخبار، وتجنب التواصل مع الأشخاص الذين لا يتوقفون عن الحديث عن كوفيد-19. حدد الأوقات التي تكون فيها أكثر قدرة على التركيز ونفذ فيها المهام الصعبة أو تلك التي تتصدر قائمة أولوياتك، وضع حدودًا بين الحياة الشخصية والعملية لاسيما وأن العمل من المنزل يطمس هذه الحدود، ما يعني أن تنشأ مساحة خاصة بك في المنزل تسمح لك بالتركيز والعمل دون انقطاع.
لا تنسَ فترات الراحة المتكررة
أظهرت العديد من الدراسات أن فترات الراحة المُتكررة لها تأثير لا يجب الاستهانة به أبدًا، الحصول على قسط من الراحة بين كل حين وآخر يساعدنا على التركيز، ويمنح عقولنا فرصة للتوقف مؤقتًا وإعادة شحن نفسها، تمامًا مثل النوم. إذا كنت تواجه مشكلة في التركيز فامنح نفسك استراحة دون أن تشغل بالك بأمور تزيد من شعورك بالضغط، من خلال لعب الكلمات المتقاطعة أو الاستماع إلى موسيقى تريح الأعصاب، أو ممارسة التمارين الرياضية.