قيادة الأزمات بفعالية.. كيف تستخدم الاحتواء والتماسك للنجاة من العواصف؟
إذا سألت مجموعة من المديرين ما الذي يجعل القائد عظيمًا، ستجد أحدهم يرد عليك دون انتظار فترة طويلة ويقول لك "الرؤية!" فالرؤية تلهم وتحرك الناس، وربما يُخبرك آخرون بأن القدرة على التوسع والهيمنة والحرية والمساواة من السمات الأخرى التي يجب أن يتحلى بها القادة الجيدون.
والآن مع تفشي فيروس كورونا المُستجد في جميع أنحاء العالم الذي خلق أزمة اقتصادية كبيرة سيكون لها عواقب وخيمة على كافة الصناعات والمؤسسات، يزداد التساؤل حيال أهم السمات التي يجب أن يتحلى بها القادة خلال هذه الأزمة بصفة خاصة والأزمات كلها بصفة عامة.
ربما تكون الرؤية من أهم الأمور التي يجب أن يمتلكها القادة لأنها تساعدهم على التوجيه وتمكنهم من نشر الأمل، ما يعني أنه إذا لم تكن لديك رؤية فإنك لا تستطيع أن تعتبر نفسك قائدًا.
الرؤية وحدها لا تكفي
مع ذلك، فإن امتلاك الشخص للرؤية بمفردها لا يجعله قائدًا جيدًا، من الضروري أن يمتلك القائد مجموعة من المقومات الأخرى لاعتباره قائدًا جيدًا. القائد الذي لا يملك أي شيء آخر سوى الرؤى يعد موظفيه بأمور لا يمكن تنفيذها، ويقودهم نحو السراب، وبالتالي نستشف أن الرؤية قد تحرقنا وتسيء إلينا تمامًا كمقدرتها على أن تضيئنا وتجعلنا قادة عظماء.
القدرة على الاحتواء
في الوقت نفسه، هناك سمة رئيسة يجب أن يتحلى بها المديرون والقادة العظماء لاسيما خلال أوقات الأزمات وهي القدرة على الاحتواء. ماذا يعني الاحتواء؟ لهذا المصطلح في علم النفس معنى مُحدد، فهو يصف الطريقة التي يحتوي بها الشخص آخر، وغالبًا ما يكون صاحب سلطة، وقادرا على تفسير ما يحدث في أوقات الشك وعدم اليقين.
الاحتواء هو القدرة على تهدئة الأزمات والقدرة على مساعدة الآخرين على فهم المأزق الذي يمرون به والخروج من الأزمات.
كان دونالد وينيكوت، مُحلل نفسي بريطاني بارز، أول من معرف هذا المصطلح بهذه الطريقة، ولاحظ أن احتواء الموقف والتماسك أمر ضروري للنمو الصحي لاسيما للأطفال، ولاحظ وينيكوت أن الآباء المطمئنين يخلقون لأبنائهم بيئة مُريحة ويساعدونهم على عيش حياة أفضل، تساعدهم على التعلم وتطوير مهاراتهم ومواجهة التحديات، والحفاظ على الأمل.
فكر في المدير التنفيذي الذي يطمئن الموظفين في حالات الانكماش الحادة، ويؤكد لهم أن الشركة لديها الموارد اللازمة لمواجهة أي عاصفة يمرون بها، وستحميهم وتقودهم نحو الطريق السليم، ويساعدهم على تفسير البيانات، ويقدم لهم التوجيهات التي تمكنهم من رؤية الأمور بوضوح، وتضمن مساعدتهم على القيام بما يلزم لخدمة العملاء الحاليين وتطوير الأعمال الجديدة.
هؤلاء المديرون قادرون على الاحتواء، لأنهم يفكرون بوضوح و يطمئنون فريق العمل، ويوجهون الجميع ويساعدونهم على التماسك، وهذا الأمر لا يقل أهمية عن إلهام الآخرين وامتلاك رؤية.
كيف تُعزز الشعور بالانتماء بين الموظفين الذين يعملون عن بعد؟
ما نحتاج إليه في الأزمات
مع ذلك، فإن الأغلبية تتعامل مع الرؤى باعتبارها أكثر أهمية من الاحتواء، لكن هذا غير صحيح فهو لا يقل أهمية عنها خاصة خلال الأزمات.
يزداد الدعم المتبادل ويستمر العمل ويستطيع القادة التوصل إلى رؤى جديدة عندما يكونون قادرين على احتواء الجميع، لكن عندما يعجز القادة عن فعل ذلك، فإنهم لا يستطيعون الصمود، ولا يقوى أي منهم على تحمل بعضهم البعض، ويزداد القلق ويتنامى الشعور بالغضب، وبالتالي تصبح بيئة العمل غير مواتية تمامًا خاصة خلال فترات الأزمات التي تزداد فيها الضغوطات.
التماسك داخل المؤسسات
بإمكان القادة خلق شعور بالاحتواء والتماسك داخل المؤسسة من خلال تعزيز هيكل وثقافة المنظمة أو المجموعة، عندما يفعلون ذلك فإنهم يضعون سياسات ويتخذون إجراءات تطمئن الناس بشأن أمنهم الوظيفي، ويؤكدون على تحقيق العدالة في المنظمة من خلال معاملتهم، ويفعلون ذلك من خلال التشجيع على الحوار، والسماح لكافة الأشخاص بالمشاركة في صنع القرارات والتكيف مع التحديات الجديدة، عوضًا عن اتخاذ قرارات أحادية.
لتحقيق ذلك، من الضروري أن تُخبر موظفيك بما سيحدث لرواتبهم وأوضاعهم المالية والتأمين الصحي وظروف العمل خلال الأزمات، وكيف ستغير الأزمات من أوضاعهم وكيف تؤثر على كيفية قيامهم بالعمل، وما هي الأولويات الرئيسية التي من المفترض أن يسعى الجميع إلى تحقيقها الآن، والتخلي تمامًا عن التكهنات، وتشجيع المشاركة وحث الجميع على الإدلاء برأيه.