من الإفلاس إلى الملايين.. كيف أصبح عبد العزيز الجوف صاحب شركة تقنية كبرى في المدفوعات الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟
• طرقت 100 باب للحصول على التمويل وكانت الإجابة "لا".. وفي المرة 101 وجدت "نعم".
• نجحنا بفضل 4 مبادئ.. تقديم أفضل الخدمات بأقل الأسعار لمنتجات حقيقية تراعي ولاء العملاء.
• نحن أول من ابتكر تكنولوجيا تقديم الخدمات بطريقة مختلفة عن السوق التقليدي مع سرعة التنفيذ وبكلفة معقولة
• ريادة الأعمال ليست حلاً للعاطلين عن العمل، إنها تغيير الفكر الذي تحتاج إليه للوصول إلى طريقك.
• لا أحد يريد لك أن تبدأ بتأسيس شركة، وخصوصاً العائلة والأصدقاء وكل من تعرفهم، بل يريدون أن تستقر في وظيفة مريحة.
• اكتساب ثقة المستثمرين أصعب تحدٍّ يواجه أي رجل أعمال في هذه المنطقة.. ومن ثم التوسع والانتشار.
• أقيس نجاحي بمقدار الدروس المستفادة والوقت الذي قضيته.
• التصميم والإصرار من أهم أسرار النجاح في أي مشروع حتى أكثرها غرابة وإثارة.
• أعمل نحو 75 ساعة في الأسبوع، وهذه هي الطريقة التي كسبت فيها الخبرة من جميع مشاريعي.
• الفشل ليس ممتعاً، ولكن هذه هي الطريقة التي نتعلم فيها الخبرات من الحياة.
• الاقتصاد السعودي في تسارع نحو مجتمع بلا عملات نقدية ورقية
• لسنا بحاجة للمال لبدء عملٍ ما، بل العكس.. ابدأ العمل وسوف يأتي المال إلى بابك مباشرة.
وصل إلى الافلاس خمس مرات في رحلته نحو عالم الاستثمار والأعمال والمشاريع، لكن هذا لم يثنه عن مواصلة طريقه مواجهاً التحديات، حتى تمكن بخبراته المتراكمة من حجز مكانة لاسمه في قائمة رواد الأعمال، والفوز بعدد من الجوائز والأوسمة، أبرزها تصنفيه من مجلة "فوربس" الشرق الأوسط ضمن قائمة رواد الأعمال الأكثر إبداعاً في السعودية.
إنه رائد الأعمال عبدالعزيز فهد الجوف الذي درس تكنولوجيا المعلومات وإدارة الأعمال في الولايات المتحدة الامريكية، وعاد إلى السعودية بفكرة خلاقة في ميدان الدفع الإلكتروني، فأسس شركة "باي تابس" المتخصصة في المدفوعات الإلكترونية (أونلاين) تعمل لإزالة العراقيل أمام توسع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقد حازت لقب "شركة التقنية المالية في الشرق الأوسط" في حفل جوائز الأعمال العربية المرموقة الذي أقيم مؤخراً.
طرق الباب 101 مرة
في حواره مع مجلة "الرجل" يكشف الجوف أنه بدأ مشواره بألف دولار، حصل عليها من والده، لكن عندما طلب منه مليون دولار، كان الجواب "لا للمزيد من المال أنت الآن وحدك". ومن هنا بدأ بالعمل مع مكاتب العائلة والمستثمرين. وأفلس خمس مرات يقول "صدقوني كان شعوراً سيئاً للغاية، ولكن عليك أن تقف على قدميك مرة أخرى".
ويروي الجوف بأنه كأي شركة ناشئة أخرى، اضطر إلى الكفاح فطرق 100 باب للحصول على التمويل والدعم، وكانت الإجابة "لا"، وحين طرق الباب رقم 101، وجد من يقول له "نعم". ويضيف "كن متأكداً أن شخصاً ما سيقول لك نعم".
وعن فكرة مشروعه "باى تابس" لحلول وخدمات الدفع، يوضح بأنه حين لم يستطع الحصول على بوابة دفع لبدء أعماله، وانتظر عامين. وعندما وجد أنه لا أحد يعمل على حل المشكلة، تساءل "لماذا لا أقوم بمعالجة ذلك الأمر؟" ، وفعلاً بادر بنفسه لتأسيس شركة تحل مشكلات الدفع والتحويل، وتوقع أن يصبح تحويل المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا "الحدث الكبير والمرتقب".
توطين الحلول
يرى الجوف أن المشاريع الاستثمارية التي تتم على الإنترنت، توفر الوصول إلى سوق أوسع، كما تتميز بالسهولة في التعامل، يمكنك البيع في أي مكان لأي شخص من منزلك بكلفة أقل. ويضيف "التسوق أصبح أسهل وأكثر بكثير مما كان، وأذكر أن شعار شركتنا كان (بسيطاً ومعتمداً)، لطمأنة مستخدمينا لسهولة الاستخدام والبساطة والأمان والحماية من الاحتيال عبر الإنترنت.
ويعتقد أن وراء نجاح مشروعه هو منصة الدفع الخاصة بشركته والحلول السعودية المحلية المخصصة، وتمكنها من توطين حلول لتلائم متطلبات الأعمال في جميع الأسواق من مصر ودول أخرى في إفريقيا إلى السعودية في سوق دول مجلس التعاون الخليجي، ذلك أنك تنقل 49 صناعة مختلفة إلى وسط اجتماعي جديد، وأكثر شمولاً وهو الإنترنت، وذلك أصبح الأمر عالمياً.
الانتقال للعالمية
يخطط الجوف لتعزيز حضوره، مشيرا الى أن شركته -باى تابس- تملك اليوم أكثر من 10 مكاتب وتعمل لتوسيعها إلى 15 هذا العام، مؤمناً بأنه يجب على شركته أن تضيف وتحدث تغييراً في البلدان التي نذهب إليها أو لا نذهب من الأساس.
*إضافة إلى “باى تابس” يملك الجوف شركتي ”سايل تاب” و”إكس تابس” تقدم هذه الاخيرة مجموعة واسعة من الخدمات، يؤكد الجوف "ابتكاراتنا التكنولوجية أحدثت فرقاً في صناعة تقديم الخدمات. فنحن أول من ابتكر تكنولوجيا تقديم الخدمات بطريقة مختلفة عن السوق التقليدي، مع سرعة التنفيذ وبكلفة معقولة".
في عام 2009، أنشأ شركة "سايلز تاب"، مشروع التجارة الإلكترونية، ويعزو النمو المستمر الذي حققته شركاته الى المحافظة على 4 مبادئ بسيطة وصادقة: أسعار أقل وأفضل؛ تقديم أفضل الخدمات لعملائنا؛ منتجات حقيقية مراعاة ولاء العملاء. ومع ذلك اشترت شركات خاصة كلتا الشركتين، ولم تعد تعمل تحت أسمائها.
مجتمع بلا نقود(كاش)
وعن تطور المملكة دولة في خدمات المدفوعات الإلكترونية وارتفاع نسبة روّاد الأعمال والتجارة الإلكترونية، أوضح الجوف أن صناعة الخدمات المالية السعودية تشهد مستويات غير مسبوقة من التغيير، مع وجود قطاع خاص مزدحم تحت ضغط اتجاهات تكنولوجيا الدفع الجديدة والداعمة لرؤية 2030.
ويستشهد بتقرير ماستر كارد الأخير، حيث كشف أن تطور الاقتصاد السعودي يتسارع نحو التخلي عن العملات النقدية الورقية، تشير أبحاث فيزا للاستشارات أن جيل الألفية يمثل 40 ٪ من سكان المملكة وانتشار للهواتف الذكية نحو 74 ٪ و جرب 80٪ من العملاء عمليات إلكترونية عدة، وهم مستعدون لتكرار تجربتهم
والسعوديون مرتاحون للإلكتروني
وتستفسر مجلة "الرجل" عن مدى تقبل المستخدم السعودي لآلية الدفع الإلكتروني، فيؤكد أن النسبة بلغت 58٪ وهو ثاني أعلى معدل قبول في المنطقة بعد الإمارات، ووفقاً لاستفتاء أجري حديثاً، فقد أصبح المستهلكون السعوديون مرتاحين بشكل متزايد للدفع والتعامل بالبطاقات بشكل عام (داخل المتاجر وعبر الإنترنت)، حيث يجد نحو 89٪ من المشاركين أن البطاقات أكثر أماناً من الدفع النقدي، ويمثل الدفع باستعمال البطاقات الطريقة السائدة للمدفوعات بنسبة (66٪) أما العوامل الأخرى، مثل الأمان فتمثل (82٪) منها وإدارة الميزانية (66٪) والتوافر للمستهلك (60٪).
الحكومة تعزز الدفع الإلكتروني
وعن دور الحكومة السعودية، يرى الجوف أن مدفوعات مؤسسة النقد العربي السعودي والمدفوعات الإلكترونية السعودية اليوم تسير بشكل أسرع من أي دولة أخرى في المنطقة، وأسرع من البنوك المحلية أيضاً، حيث تتكاثف جهودها لبناء منصات تجريبية تهدف إلى تعزيز النمو والاستثمار بالانتقال إلى مجتمع غير نقدي وتعزيز مبدأ الدمج المالي.
أما رؤية المملكة المالية فتستهدف إجراء 70٪ من جميع المدفوعات عن طريق "الأونلاين" بحلول عام 2030 بتحفيز المدخرات والتمويل والاستثمار وتشجيع تطوير البنية الأساسية للتحول الأوتوماتيكي والرقمي.
وبناء على ذلك بدأت هيئة النقد العربي السعودي (SAMA) بتصميم بيئة تنظيمية تجريبية لفهم وتقييم تأثير التكنولوجيات الجديدة في سوق الخدمات المالية في المملكة وللمساعدة في تحويلها إلى مركز مالي بتكنولوجيا متطورة، ما يتيح المجال للشركات المحلية والعالمية التي ترغب في اختبار حلول رقمية جديدة، لدخول البيئة التي ستطلقها المملكة في المستقبل.
والخدمات والمنتجات التي تختبر حالياً احتوت على خدمات المحفظة الإلكترونية وعمليات تحويل P2P وعمليات الشراء برموز QR ، فضلاً عن التحويلات الدولية المباشرة عبر شركات التكنولوجيا المالية، إلى جانب استعمال أجهزة نقاط البيع (POS) وفواتير سداد وحساب سداد ومدى عبر الإنترنت.
وتشجيع ودعم للرواد
وعن تقييمه للتجربة السعودية وجهودها لتشجيع رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يشير الجوف إلى مسرعات الأعمال وأماكن العمل المشتركة والبرامج التعليمية والتمويل، والهيئة العامة للمشاريع، ويضيف بأن المملكة تشهد زيادة كبيرة في عدد المنظمات المتخصصة لدعم رواد الأعمال.
أما عن تجربته الشخصية، فيقول "كانت رحلتي في بداية طريقي لريادة الأعمال صعبة جداً وقاسية. فلا أحد يريد لك أن تبدأ بتأسيس شركة، وبالأخص العائلة، والأصدقاء وكل من تعرفهم، بل يريدون أن تستقر في وظيفة مريحة فقط. فقد كانت ريادة الأعمال وكأنها من المحرمات، ولكن الآن في هذه الحقبة الجديدة، فهي لعبة وثقافة مختلفة تماماً".
ويضيف بأنها ثقافة جديدة ومختلفة، والحكومة تقدم دعماً غير مسبوق للشركات الناشئة، من حيث اللوائح والتمويل وفتح قطاعات جديدة، حيث يضخّ صندوق الأموال والمستثمرون، المزيد من الأموال في الشركات الناشئة.
كما أن الناس أصبحوا أكثر تقبلاً لها، أشعر دائماً بالفخر عندما أتحدث عن هذه التطورات وحينما أرى شباباً وكباراً يرغبون في بناء شيء ما، وتغيير الأمة من أجل عالم رقمي أفضل وأن يصبحوا جزءاً من الاقتصاد الرقمي.
أصعب التحديات
يرى الجوف أن اكتساب ثقة المستثمرين أحد أصعب ما يواجه أي رجل أعمال في المنطقة. أما التوسع والانتشار فيمثلان تحدياً آخر. ويضيف أن أكبر مكسب هو الاستمرار والعزم والتصميم، بأن توجيه الفكرة إلى مستوى آخر من التطور هو ما نفتقده حقاً. ورغم أنني فشلت مئات المرات، فإنني تعلمت واكتسبت الكثير من الخبرات، وفهمت كيفية القيام بالشيء التالي بشكل صحيح. نعم الفشل ليس ممتعاً، ولكن هذه هي الطريقة التي نتعلم فيها الخبرات من الحياة.
أبهرني لأعطيك الوظيفة
ورداً على من يقول إن الباب أمام الشاب السعودي مغلق المقارنة بالأجنبي، وأن الاتجاه لريادة الأعمال هو الحل السحري للبطالة، يوضح الجوف بأن هذا ليس صحيحاً على الإطلاق، وأنتقد أي شخص قال ذلك، لذا عليك أن تقف وتعمل للحصول على الوظيفة وتظهر لهم أنك الشخص المناسب، لقد كنت موظفاً ذات يوم وأصبحت الآن رئيساً تنفيذياً.
ويضيف "يجب أن تبهرني لأعطيك الوظيفة. إن ريادة الأعمال ليست الحل للعاطلين عن العمل، إنه تغيير الفكر الذي تحتاج إليه للوصول إلى طريقك. أما إذا أردت أن تكون موظفاً أو رائد أعمال، فأنت بحاجة في النهاية إلى إقناع رئيسك أو عميلك وكسب ثقتهم للعمل معك.
أسرار النجاح
وعن سر نجاح رواد الاعمال وتجربته الشخصية يكشف الجوف بأن التصميم والإصرار من أهم أسرار النجاح في أي مشروع، حتى أكثر المشاريع غرابة وإثارة. فإما أن تحب ما تفعله أو لا تفعله على الإطلاق. أقيس نجاحي بمقدار الدروس المستفادة والوقت الذي قضيته؛ فمثلاً إذا كنت ستقضي 40 ساعة فقط في الأسبوع، فلا تعتقد أن ذلك سيحدث فرقاً في عملك.
وعن تجربتة يقول "أبدأ يومي في الخامسة صباحاً، وأنتهي عندما ينتهي العمل في ذلك اليوم. وأعمل لما يقرب من 75 ساعة في الأسبوع، وهذه هي الطريقة التي كسبت فيها الخبرة من جميع مشاريعي.
مشاريع مستقبلية قيد البحث
وعما يحمله في جعبته للمستقبل، عبّر الجوف عن رغبته في مواصلة تطوير "باي تابس" فبرأيه أن الخدمات المالية والتكنولوجية، تمثل حقبة جديدة وقطاعاً واسعاً. ويتوقع أن "باي تابس" لديها الكثير من العمل والتغيير في المنطقة، لاسيما بعدما حصلت على بعض الأفكار الكبيرة الأخرى التي مازالت قيد البحث. وساق الأمثلة كإقامة مشاريع خضراء ومبادرات إعادة تدوير، وبناء نظام لتعليم ريادة الأعمال.
وفي كلمة أخيرة للشباب، أوضح الجوف بأن "الأوقات الصعبة لا تدوم، ولكن البقاء يكون للأقوياء فقط".
وأضاف "أعتقد أن المال ليس وحده من سيجذب الأفكار أو الأعمال، فقد قال كثير من الناس إننا بحاجة للمال لبدء عملٍ ما، ولكنني أعتقد أنه العكس تماماً، فقط ابدأ العمل وسوف يأتي المال إلى بابك مباشرة".