عائلة العليّان: بدأت بالتوابل وانتهت بصناعة البترول والماركات العالمية
إدارة وأعمال 17 فبراير 2020
• مؤسس العائلة سليمان العليّان، نشأ يتيم الأبوين وبدأ العمل موظفاً في شركة نفط بأجر زهيد جداً.
• رهنت العائلة منزلها لتتمكن من تأسيس «شركة المقاولات العامة» وتفوز بأول مناقصة من "أرامكو"، ثم توالت المقاولات.
• مجموعة العليّان أسست عام 1947، وبدأت شركة نقل بري تعمل في إطار بناء خطوط التابلاين لنقل النفط.
• شاركت في تأسيس أول شركة لتوليد الكهرباء في السعودية، وأول شركة سعودية لتسويق غاز البروبين.
• تمتلك أسرة العليّان اليوم الكثير من الماركات العالمية، ولها حصة كبيرة في مت لايف، وفيرست بوستون وأمريكان إنترناشيونال غروب.
• تشير الأرقام المتداولة إلى أن ثروة العائلة وصلت إلى 12,9 مليار دولار العام الماضي.
• أهم ما ربى المؤسس أولاده عليه هو الابتعاد عن البدخ، وعدم الحكم على الآخرين وفق المظاهر.
• لبنى العليّان تصدرت قائمة "فوربس" لأقوى سيدات الأعمال في العالم العربي، وكانت أول سيدة سعودية تصل إلى موقع مديرة تنفيذية ورئيسة بنك.
بدأت عائلة العيان السعودية في تجارة التوابل، قبل نحو مئة عام، ثم تحولت إلى المواد الغذائية، ومرت بظروف عصيبة حتى استطاع أحد أبنائها، وهو يتيم الأبوين أن يسير بخطوات ثابته في عالم الأعمال ليتحول من موظف بأجر زهيد، إلى أحد أثرياء المملكة برصيد يزيد على خمسين شركة، يجمعها مسمّى واحد "مجموعة العليّان العالمية".
تتركز استثمارات العائلة في الصناعة وتجارة التجزئة، والبنوك الاستثمارية والتمويل، والخدمات العقارية وتأجير المستشفيات وغيرها. ولقد تمكنت العائلة أن تحتل مركزاً بارزاً بين العائلات التجارية، ليس في المملكة، وحسب، بل في البلدان المجاورة أيضاً. ووصلت استحواذاتها إلى أوربا والولايات المتحدة، بعدد ليس قليل من الأصول العقارية، ما أوصلها إلى العالمية.
وتشير الأرقام المتداولة، إلى أن ثروة العائلة التي وصلت إلى 12,9 مليار دولار العام الماضي، تراجعت عام 2019، بمقدار 400 مليون دولار، لتستقر عند 12.5 مليار دولار. وتمتلك أسرة العليّان من الكثير من الماركات العالمية، ولها حصة كبيرة في مت لايف، وفيرست بوستون وأمريكان إنترناشيونال غروب.
أما ملكية مجموعة العليّان، فتعود إلى زوجة المرحوم سليمان العليّان وورثته (أبنائه): خالد وحياة وحذام ولبنى.
جذور العائلة
ترجع جذورعائلة العليّان إلى مناطق شمالي المملكة، واستقرت في الدرعية منذ مئات السنين، ومنهم الجد عبدالله بن موسى بن عليّان، من المصاليخ من المنابهة، من بني وهب من ضنا مسلم من قبيلة عنزة الوائلية، وهي من كبرى القبائل العربية العدنانية.
كان الجدّ عبدالله ذا علم وتوارث أبناؤه وأحفاده إمامة المساجد، منذ ذلك الحين إلى وقتنا، هذا ومن أبنائه الشيخ عبدالعزيز، والشيخ عبدالرحمن.
المؤسس نشأ يتيم الأبوين
ولد المؤسس الفعلي للعائلة التجارية سليمان العليّان، في مدنية عنيزة في القصيم عام 1918، ولم تكن حياته سهلة، والده كان يعمل في تجارة التوابل، ويتخذ من المدينة المنورة مركزاً له. لكنه أرغم على العودة إلى عنيزة، فبدأ بالإتجار بالمواد الغذائية في الأحساء والبحرين.
أرسل الأب ابنه الأكبر محمد، إلى البحرين، ليعمل هناك، ولكن وبعد وفاة الأب اضطر إلى العودة واصطحاب شقيقه سليمان الذي كان يبلغ الرابعة من عمره، آنذاك، بعد أن أصبح يتيم الأب والأم، في البحرين درس سليمان في المدرسة الأميركية، ثم مدرسة الهداية الخليفية، ثم الجعفرية. لكنه لم يكمل تعليمه الثانوي، وترك المدرسة ليبدأ بالعمل مبكراً.
الطريق إلى النفط
بدايات المسار الفعلي لصعود العائلة، ترتبط بالتحاق الشاب سليمان العليّان بسوق العمل، وتحديداً عام 1936 ، حيث بدأ العمل وهو بعمر 18 عاماً في شركة نفط البحرين بابكو، في منصب مراقب لقياس كميات الزيت، وذلك في حقل عوالي، وكان راتبه زهيداً جداً. قرر العودة إلى السعودية، وهناك عمل في شركة "أرامكو" التي كانت حينها تعرف باسم «كاليفورينا آربيان ستاندر أويل كومباني».
البداية كانت في قسم المحركات، ولاحقاً انتقل إلى منصب الاشراف على مستودعات قطع غيار السيارات والشاحنات، ليرقّى ويكلّف مسؤولية استيراد ما تحتاج إلى الشركة من الخارج. وهنا كانت نقطة التحول، إذ إن منصبه أكسبه خبرة كبيرة في التعرف إلى أساليب التجارة وتقوية لغته الإنكليزية. وبعد فترة منح وظيفة مترجم في قسم العلاقات الحكومية، وكان هو المترجم الرسمي للشركة، خلال زيارة الملك عبد العزيز لمنشآت النفط في الظهران.
ولادة مجموعة العليّان
بعد تجربة العمل الوظيفي في شركات النفط، قرر مؤسس العائلة سليمان العليّان تأسيس عمله الخاص، فكانت ولادة مجموعة العليّان سنة 1947، بدأت شركة نقل بري تعمل في بناء خطوط التابلاين لنقل النفط، وفي 1954 أطلق سليمان العليّان شركة تجارة عامة، وطورت نشاطها مع الطفرة النفطية، ليشمل المطاعم، وصناعة الأغذية، والورق، والبلاستيك، فضلاً عن التأمين، التي تطورت لتصبح أكبر شركة تأمين وإعادة التأمين في المنطقة.
وللمجموعة شراكات عدة، مع شركات عالمية من أبرزها كوكاكولا، وبرغر كينغ، وبكتل. وتستثمر العليّان في كريديه سويس، حيث رفعت حصتها إلى 3.6 % للأسهم المسجلة و3.4 % سندات إلزامية قابلة للتحويل.
فرصة ذهبية
الفرصة الذهبية أمام عائلة العليّان، لاحت له عام 1947، عندما طرح مشروع التابلاين لنقل النفط من السعودية إلى صيدا في لبنان، فطرح على "أرامكو" اعتماده لمقاولة عمليات النقليات. ولكن العائق كان أمام سليمان العليّان، انه لا يملك شركة، فقرر رهن منزل العائلة الذي كان قد اشتراه قبل فترة قصيرة، وأسس «شركة المقاولات العامة» مع أخيه عبد الله.
حصلت العائلة على أول مناقصة من "أرامكو"، ثم توالت المقاولات الأخرى، بعد أن أثبت سليمان العليّان، بأنه كفوء وبارع جداً فيما يقوم به. البدايات كانت الأعمال الإنشائية، ثم شاركت العائلة في تأسيس أول شركة لتوليد الكهرباء في السعودية، وأول شركة سعودية لتسويق غاز البروبين.
وفي عام 1954، أسست العيان شركة أخرى لتسويق المواد الغذائية وهي «شركة التجارة العمومية»، ثم شركة ثالثة تختص بأعمال التأمين وإعادة التأمين في الشرق الاوسط وهي «شركة المشاريع التجارية العربية»، وشركة رابعة متخصصة في النقليات وهي "شركة النقليات العامة".
لكن العليّان لم يحصروا أنفسهم في الإطار العربي، فقرروا التوسّع، وتمكنوا في الستينات من الحصول على وكالات حصرية لمنتجات عالمية، مثل «كمبرلي كلارك» وجنرال فودز وكرافت، وكولجيت، وبالموليف، ونستلة، وبرغر كينغ، وكوكا كولا وغيرها.
أثرياء المملكة
تملك عائلة العليّان الكثير من الاستثمارات، عبر شركة العليّان السعودية الاستثمارية المحدودة، 16.95 % من رأس مال بنك ساب البالغ 15 مليار ريال، في حين تملك 21.73 % من رأس مال البنك الأول الذي يبلغ رأس ماله 11.4 مليار ريال. ومن المرجّح أن يكون قرار مؤسسة التأمينات الاجتماعية مؤثراً في الاندماج، حيث تملك 9.74 % من بنك ساب، و 10.50 % من البنك الأول.
وتعدّ عائلة العليّان ضمن العائلات الأكثر ثراء في العالم، حيث تدير حالياً استثمارات بمليارات الريالات، داخل المملكة وخارجها، بشركة "العليّان الاستثمارية".
كفاءة الأولاد
بطبيعة الحال، أولاد سليمان العليّان لم يكملوا المسيرة فحسب، بل كانوا على قدر توقعات والدهم الذي توفي عام 2002. وكما هو واضح من سيرهم الذاتية، فهم لم يُعيّنوا لأن والدهم يملك الشركات، بل تنقلوا في مناصب عدة، في مؤسسات لا علاقة لها بشركة الوالد، وهو ما يظهر وبوضوح مبدأه في النجاح..التعلم والخبرة أولاً ثم المناصب. ولعل الأهم هو ما ربى أولاده عليه، هو الابتعاد عن البدخ وعدم الحكم على الآخرين وفق المظاهر.
ولنبدأ بلبنى العليّان التي تصدرت قائمة "فوربس" لأقوى سيدات الأعمال في العالم العربي، وكانت من ضمن لائحة أقوى 100 سيدة أعمال في العالم، بفضل قيادتها شركة "العليّان للتمويل" التي هي الذراع الاستثمارية لمجموعة العليّان القابضة.
وهي الابنة الصغرى لسليمان العليّان، حاصلة على شهادة جامعية في الهندسة الزراعية من جامعة كورنيل في نيويورك، ومن ثم تحصلت على الماجستير في المالية من جامعة إنديانا الأميركية. وكانت أول وظيفة لها في بنك "مورغن غارنت" بنيويورك من عام 1979 إلى عام 1981، وعادت إلى الرياض عام 1983، وهناك بدأت مسيرة العمل في مجموعة والدها، وبعد تخلي أحد مساعديه عن منصبه، حلت لبنى مكانه، بتشجيع من والدها وإحاطة منه، حيث صقلت شخصية سيدة الأعمال، وتعلمت من نجاح والدها الكثير من الخبرات. وبعد ست سنوات في منصب المساعد، ارتأى الوالد أنها اكتسبت من الخبرة ما يمكنها من تحمّل مسؤولية إدارة شركة العليّان المالية، فسلّمها منصب الرئيس التنفيذي، لتكون بذلك أول امرأة سعودية تصل إلى هذا المنصب الإداري الرفيع في المملكة.
تعاضد الإخوة والأخوات
ولبنى العليّان، وبمنصبها رئيسة تنفيذية لشركة العليّان، أصبحت تشرف على نحو أربعين شركة تابعة للمجموعة داخل السعودية وخارجها، وتقود الأعمال بالتعاون مع بقية أفراد العائلة، فأخوها الأكبر خالد، يشتغل في إدارة المجموعة بالرياض، وشقيقتاها حذام وحياة، الأولى تدير مكتب نيويورك، والثانية تدير مكتب لندن.
وتكتمل الصورة
أما خالد، فهو رئيس مجلس إدارة البنك السعودي البريطاني، ورئيس مجلس إدارة مجموعة العليّان السعودية منذ عام 2002، بدأ حياته المهنية في وزارة المالية، وشغل مناصب مختلفة، قبل أن ينضم إلى العائلة في مجموعة العليّان.
حذام هي الرئيسة التنفيدية ورئيسة فرع شركة العليّان في الولايات المتحدة، وعضو في مجلس إدراة شركة «أي بي أم»، شغلت منصب رئيسة شركة كومبترول العقارية، وهي احدى شركات مجموعة العليّان. عملت في الاستثمار والخدمات المصرفية والتجارية في نيويورك ولندن. كما عملت في المجلس الاستثاري الدولي، ومجموعة بلاكستون، وشغلت منصب مديرة في شركة "مورغان أند ستانلي".
وحالياً ما تزال تعمل عضواً في الهيئات الاستشارية الدولية في منظمات كثيرة، منها معهد بروكينغر، ومركز كارنيغي وغيرهما. أما حياة، فهي عضو في مجموعة العليّان، ولعلها الأقل «نشاطاً» بينهم، كما أن المعلومات عنها شبه معدومة.
منتجع السمراء
قبل سنوات دخلت مجموعة العليّان، شريكاً في مشروع "منتجع السمراء" البالغة كلفته 200 مليون ريال، في منطقة حائل السعودية.
ومجموعة "العليّان للاستثمارات التجارية والصناعية والزراعية"، هي إحدى المجموعات الرائدة في منطقه حائـــل، وذات خبرة طويلة في التجارة والصناعة والزراعة، وتملك مجموعة رائدة في خدمة وتطوير المشاريع في منطقة حائل وضواحيها.
أصول عقارية في الغرب
استطاعت عائلة العليّان التي تعدّ واحدة من أكبر التكتلات في المملكة، أن تستحوذ في أوروبا والولايات المتحدة، على عدد ليس بقليل من الأصول العقارية ، ما عزز مكانتها عائلة اقتصادية بين دول الغرب. ومن هذه الأصول: في باريس تمتلك 8 عقارات، وفي ماريلاند، تمتلك 9 مجمعات شقق.
وإلى جانب ما سبق، فلقد استطاعت عائلة العليّان، أن تستحوذ على حصة كبيرة في شركة "اتحاد الخليج للأغذية والعصائر".
أما عن المشاريع المستقبلية للعائلة، فقد تنوي تطوير مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وتحويلها إلى مدينة ذكية.
استثمار في مصر
تواصل الشركة الاستثمار في مصر، عن طريق شركة "أواسس ايجيبت" التي تستثمر فيها نحو 200 مليون دولار وتم تأسيسها مع مجموعة ماجد الفطيم القابضة، وأوراسكوم تيليكوم. وتملك العليّان وماجد الفطيم 30 % من الشركة لكل منهما، بينما تملك أوراسكوم تيليكوم الباقي، وتعدّ هذه المرة الأولى التي ينشأ فيها تحالف بين 3 شركات بهذا الحجم في مصر.
لبنى العليّان رئيسة بنك
وقادت عائلة العليّان الثرية، ثالث اندماج مصر، في في السوق السعودية، على إثر إعلانين صادرين من البنك السعودي البريطاني "ساب"، والبنك الأول السعودي الهولندي، عبر الشقيقين، خالد الذي يرأس مجلس إدارة بنك ساب، ولبنى التي كانت تتبوأ منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في البنك الأول، فتحول اسمه إلى "ساب الأول"، واصبحت السيدة لبنى العليّان، رئيسة له في سابقة هي الأولى من نوعها في المملكة.