كيف تطور التفكير الإبداعي؟ إليك مراحله وأهم المعوقات
يربط معظم الناس بين الإبداع والمهام الفنية مثل كتابة الرواية أو الرسم أو التأليف الموسيقي، ولكن ليس بالضرورة أن يكون كل المفكرين المبدعين هم من الفنانين، حيث تتطلب العديد من الوظائف مهارة التفكير الإبداعي لما في ذلك في عالم الأعمال والتجارة والعلوم.
يعتبر التفكير الإبداعي تفاعلاً لعدة عوامل مختلفة عقلية، بيئية، اجتماعية وشخصية، ينتج عنها حلول مبتكرة للمواقف والمشاكل التي يواجهها الإنسان في مجالات الحياة المتنوعة. ويرتكز هذا المفهوم على عدة أسس هامة منها إدراك المشكلة وتحديدها والبحث عن الحلول المناسبة لها وإجراء التعديلات اللازمة في سبيل الوصول إلى أفضل النتائج بطرق غير تقليدية ومبتكرة.
يتم تعريف التفكير الإبداعي باعتباره وسيلة لمواجهة المشاكل وحلها من منظور مختلف وتجنب الحلول التقليدية والتفكير خارج الصندوق، وتتيح هذه العملية الإبداعية استكشاف جهات الاتصال المتعددة ومواجهة التحديات الجديدة والبحث عن الحلول المبتكرة، ويعتقد الكثيرون ومن بينهم رائد الأعمال ستيف جوبز أن تقنيات التفكير الإبداعي تعتمد بالدرجة الأولى على الخبرات المكتسبة في الحياة العملية.
كيف نطور التفكير الإبداعي
يكمن الاختلاف الوحيد بين الأشخاص المبدعين والأشخاص غير المبدعين في التصور الذاتي، حيث يجد الأشخاص المبدعون أن لديهم الحق في التفكير بكل حرية لخلق الأفكار الجديدة، ويتميزون بثقتهم العالية بقدراتهم على الإبداع، في حين لا يفسح الأشخاص غير المبدعين المجال أمام أنفسهم لابتكار الأشياء الجديدة كونهم لا يثقون بامتلاكهم القدرة على خلق أفكار مبتكرة.
وينصح الاختصاصيون في سبيل تعزيز القدرة على الإبداع، أن يقوم الأشخاص بالتراجع خطوة إلى الخلف والنظر إلى المشكلة على أنها فرصة لتحسين الوضع في العمل أو لزيادة الثقة بالنفس، فمتى استطاع الأشخاص القيام بحل المشكلة سيحصلون في النتيجة على منتج مبتكر أو خدمة جديدة.
أهمية التفكير الإبداعي
يعتبر التفكير الإبداعي عملية عقيمة بلا قيمة في حال لم يتم متابعته عبر مجموعة من الإجراءات التي تشتمل على تقييم الأفكار وتحسينها وصقلها وتسويقها، كما يجب أن يتم توظيف الإبداع بشكل فعال في تحقيق الأهداف والتقدم الوظيفي في العمل. ويستطيع أي شخص أن يمتلك مهارة التفكير الإبداعي من خلال اتباع طرق التفكير السليمة والمبتكرة، كما يمكنه الاعتماد على التصور واللغة والتعبير. ومن جهة أخرى، تلعب مهارة حل المشكلات دوراً هاماً في الإبداع كونها تساعد على ايجاد نقاط الضعف ومعالجتها، واستخدام الطرق المختلفة للوصول إلى حلول جديدة ومبتكرة.
يسمح التفكير الإبداعي للمديرين والمحللين وغيرهم من المتخصصين في أي مجال النظر إلى الأعمال برؤية مختلفة والتوصل إلى حلول وخدمات ومنتجات تميزهم في السوق، كما أنها توفر فرصة كبيرة للتفاعل مع العالم من دون الحكم على أنفسنا، ويزيد التفكير الإبداعي أيضاً في الوعي الذاتي لكونه يسمح لنا بالتعمق في داخلنا واكتشاف جوانب جديدة في أنفسنا لنكون أكثر ثقة بأفكارنا وأكثر فعالية في أعمالنا.
تنمية التفكير الإبداعي
أصبح حل المشكلات الإبداعي مهارة أساسية للقرن الحادي والعشرين كطريقة مبتكرة لمقاربة الأفكار وتحليلها، على الرغم من أن بعض الأشخاص قد يبدو أكثر إبداعًا من الآخرين، إلا أن هذه المهارة يمكن تطويرها باستخدام العديد من التقنيات والممارسات ومنها:
- العصف الذهني: تتضمن هذه التقنية التفكير في شيء ما وإسقاط جميع الأفكار التي تتبادر إلى الذهن بغض النظر عن أهميتها، وستبرز من بينها إحدى الأفكار التي ستكون مبتكرة وقابلة للتطبيق، ويعتبر العصف الذهني من أهم المهارات في تطوير التفكير الإبداعي وحل المشكلات لكونه يشجع على التفكير بطريقة مختلفة واستكشاف الخيارات التي يمكن تطبيقها.
- الخريطة الذهنية: بعد القيام بالعصف الذهني وتجميع الأفكار يجب رسم خرائط ذهنية لترتيب هذه الأفكار، والبدء بالتفكير بطريقة منطقية واستخدام الخبرات المتراكمة لوضع خطة منظمة لحل المشكلات.
- إعادة الصياغة: تركز إعادة الصياغة على على تحليل الموقف أو المشكلة نفسها من منظور مختلف وتعد من أهم التمارين لتطوير التفكير الإبداعي، وهي تعني تغيير إطار التفكير والنظر إلى المشكلة بطريقة مختلفة من أجل الوصول إلى نهج جديد ومبتكر في حلها، وتشمل تحليل المشكلة وإيجاد فرص جديدة وتوقع العقبات المحتملة.
- تصور المستقبل: يكمن الهدف من هذا التمرين في تدريب العقل على توقع المستقبل استناداً إلى المعطيات الحالية، وخلال هذه العملية سيحتاج المتدرب إلى إنشاء جسور من الحاضر إلى المستقبل للوصول إلى أفكار إبداعية تتغلب على الفجوات والمشكلات من أجل تحقيق الأهداف النهائية.
- تمثيل الأدوار: يساعد هذا التمرين على استكشاف المواقف من منظور مختلف وسيحاول الشخص التفكير في المشكلة من وجهة نظر شخص آخر، لذلك فهو بحاجة إلى إعادة صياغة الأفكار بطريقة مختلفة لرؤيتها بطريقة جديدة والتغلب على الأسلوب الشخصي لحل المشكلات، وتشجع هذه الطريقة على التوصل إلى حلول قد لا تكون نموذجية بالنسبة للشخص نفسه لكنها مفيدة في وصول إلى حلول إبداعية.
معوقات التفكير الإبداعي
يحتاج التفكير الإبداعي إلى بيئة هادئة للتفكير بطريقة مختلفة، وجميع المعلومات المتعلقة بالمشكلة لإيجاد الحلول لها، لذلك يوجد العديد من المعوقات التي قد تؤثر على التفكير الإبداعي ومنها:
- بيئات العمل شديدة التعقيد والتي تخلق بيئة متوترة لا تسمح للشخص بالتفكير.
- المطالبة بنتائج سريعة.
- زملاء العمل المزعجون.
- القواعد الصارمة التي تمنع جمع المعلومات الكافية أو تحد من قدرة الشخص على التواصل مع الآخرين.
- عدم وجود أهداف واضحة.
- الموارد المحدودة.
- الإجهاد التي يستنزف الطاقة والتركيز.
- الإجراءات الروتينية أو الأنظمة أو تحديد طرق أداء المهام.
- المخاوف التي تأتي بأشكال متعددة.
- النقد الذاتي أو التفكير السلبي.
- الغرور الذي يعيق التفكير الإبداعي عبر رفض وجهات النظر المختلفة.
مراحل التفكير الإبداعي
يتضمن التفكير الإبداعي أربعة مراحل وهي:
- التحضير: يتعين على الشخص في هذه المرحلة صياغة المشكلة وجمع كل المعلومات اللازمة لإيجاد حلول جديدة.
- التعمق في المشكلة: تتلاشى معظم الأفكار المتعلقة بحل المشكلة في هذه المرحلة ولكن يبقى التفكير اللاشعوري فعالاً وهنا يبدأ التفكير الإبداعي عندما يكون الشخص مشغولاً بممارسة أنشطة أخرى يبقى العقل الباطني يفكر بالحلول المبتكرة.
- الوضوح: تظهر الأفكار الإبداعية في هذه المرحلة بشكل مفاجئ وتبدأ الحلول بالتبلور والظهور كأفكار واقعية قابلة للتطبيق.
- التأكد والتحقق: في هذه المرحلة يقوم الشخص بالتحقق من صحة الحلول وقابليتها على التطبيق، ويتم تقييم الحل فإذا كان جيداً يتم اعتماده وإذا كان غير مرضٍ سيعود الشخص إلى التفكير مجدداً.
تطبيقات على التفكير الإبداعي
تتنوع فرص التفكير الإبداعي في مكان العمل من الموقف الفني الواضح إلى المستوى الفني العالي، وأي حل أو فكرة مبتكرة وجديدة تعتبر من نتائج التفكير الإبداعي:
- الإبداع الفني: لا يحتاج الشخص أن يكون فناناً ليرتب على سبيل المثال عروض البيع في متجر التجزئة لجذب أكبر عدد من الزبائن ولكنه يفكر بطريقة إبداعية، كما يوجد أمثلة كثيرة عن التفكير الإبداعي الفني في تصميم الشعارات أو كتابة نسخة إعلانية أو إنشاء العبوة لمنتج ما أو صياغة رسالة نصية لجمع التبرعات.
- الإبداع في حل المشاكل: يوفر حل المشكلات بطريقة إبداعية حلولاً مبتكرة بعيداً عن القواعد المألوفة، حيث يمكن طرح طرق جديدة لخفض استخدام الطاقة أو إيجاد طرق جديدة لخفض التكاليف خلال أزمة الميزانية أو تطوير استراتيجية دفاعية فريدة في القضاء، وتشمل أيضاً الخروج بإجراءات جديدة لتحسين الجودة، إعادة هيكلة نظام الملفات لتسهيل استرجاع المعلومات، اقتراح طريق مميزة لتحسين خدمة العملاء.
- الإبداع العلمي: يعتقد بعض الناس أن مجال العلم والهندسة يعيدة عن الإبداع على الرغم من أنها من أكثر المجالات استخداماً للتفكير الإبداعي مثل بناء نموذج بحثي لاختبار فرضية أو ابتكار برنامج كمبيوتر لأتمتة عملية الفوترة أو ابتكار تطبيقات جديدة على الهواتف الذكية أو اقتراح تغييرات سلوكية لمريض يعاني من زيادة الوزن أو إعادة تصميم الآلات على خط التجميع لتعزيز الإنتاجية في المصانع.