«اللحية»..لمحة عن تاريخها وعرض لأبرز الشخصيات السينمائية التي تزيّنت بها
عشرة أعوام مرت على انطلاق ذاك التحديّ، عبر منصات التواصل الاجتماعية وعنوانه "إطلاق اللحى في نوفمبر". وكان يدعو الرجال إلى التخلي عن الحلاقة مدة شهر، مع تخصيص المبلغ الذي يُوفّره من جراء هذه الخطوة، لدعم مرضى السرطان. اليوم وبعد مرور عقد على هذه الحملة التي بدأتها عائلة في مدينة شيكاغو الأميركية، ونجحت في مهمتها الإنسانية، صارت اللحى في صلب الموضة، وانتقلت من كونها رمزاً دينياً لدى بعض الناس، إلى ميزة يعتزّ بها الرجل العصري.
فبعدما أعجب الكثير من الرجال في العالم، بإطلالات عدد من عارضي الأزياء العالميين، منهم ديفيد غاندي باللحية، اتسعت دائرة هذه الموضة، وصارت تشغل الرجال، إلى حدّ لجوء عدد كبير منهم إلى زراعة الشعر في الوجه، بهدف الحصول على ذقن كثيفة. الحديث عن اللحى، يقودنا إلى استرجاع أبرز إطلالات الممثلين العالميين باللحى، في أعمال سينمائية وتلفزيونية، تركت بصمتها في أذهان المشاهدين.
إنما أولاً، لا بدّ من التذكير بأنه تاريخياً، كان للحى دلالات كثيرة. وهنا نظرة سريعة على تاريخها:
-البشر الأوائل استخدموها للدفء وترهيب الحيوانات. لاحقاً، صارت اللحى رمزاً للذكورية، وأحياناً تعبّر عن المكانة الفوقية للملوك.
-أيام الفراعنة، كان الفرعون وكبار القوم، يستخدمون لحى صناعية مصنوعة من الفولاذ أو المعدن، اعتقادا منهم بأن اللحى الأصلية، تتعارض مع النظافة الشخصية.
-الرجال في حضارات بلاد ما بين النهرين، اهتموا بلحاهم، واستخدموا لذلك زيوتاً أساسية طبيعية، لجعلها تنمو والحفاظ على صحتها. وقد صنعوا بها أشكالاً مختلفة، حتى أن بعضهم كالآشوريين، صبغوها باللون الأسود الداكن.
-في العصور القديمة، وفي بعض الحضارات كالهند، كانت اللحى الطويلة ترمز إلى الحكمة والكرامة. أما لدى الإغريق، فكانت علامة للشرف، حتى أنهم كانوا يصنعون منها حلقات مدورة ومجعّدة، فيما كان يرتكز العقاب على قص اللحى. إنما نحو عام 345 قبل الميلاد، أصدر الإسكندر الأكبر مرسوماً يمنع فيه الجنود من إطلاق لحاهم، خوفاً من أن يشدّهم بها العدو في ساحات المعارك. فتصبح عنصر مذلّة.
-الرومان القدامى، عملوا على تشذيب لحاهم وجعلها قصيرة، حفاظاً على النظافة، ومنعاً لانتشار البكتيريا والأمراض. فانتشرت صالونات الحلاقة في إيطاليا، بعدما سافر إليها حلاقون صقليون، أما المفكرون فحافظوا على لحاهم في هذه الفترة.
-في القرون الوسطى في أوروبا، كانت ترمز اللحية إلى شرف الفارس ورجولته وشجاعته. وظل الوضع على حاله مع بعض التبدلات في أشكال اللحى، حتى منتصف القرن السابع عشر، فباتت الذقن المحلوقة علامة التحضر. من جهته، أجبر إمبراطور روسيا بيتر الأعظم الروس على حلاقة ذقونهم، وفرض ضرائب على المخالف، بهدف مجاراة "التطور" الحاصل في أوروبا.
-ختاماً، كل حضارة وثقافة أعطت للحية نماذج معينة ودلالات، فبعضها شكل دلالة للتشدد الديني أو الإثني أو العرقي. ثم في ستينات القرن الفائت صار إطلاق اللحى من أسلوب الـ"هيبيز" غير المبالي. بعدها، أسهمت السينما العالمية في تغيير النظرة إلى اللحى، بشخصيات، تركت بصمتها في أذهان المشاهدين.
إليكم أبرز الشخصيات التي طبعت في الأذهان صورة الشاربين واللحية، سواء العصرية أو تلك التي تلائم أسلوب الرجل الرصين.
1-برادلي كوبر: في فيلم "American Sniper"، من إخراج كلينت إيستوود. أطل علينا كوبر في عام 2012 بدور القناص الأميركي الذي سجل أعلى رقم في عدد القتلى في حرب العراق لناحية القناصين. كوبر الذي أطل بزيّ عسكري، أطلق لحية "عفوية"، أي غير مشذبة ومتوسطة الطول. أسلوب يليق بالرجل العصري أيضاً.
2-برادلي كوبر: في فيلم "a star is born" (2018)، من إخراج كوبر نفسه، الذي أدى دور مغنٍّ، تجمعه قصة حب بشابة موهوبة في الغناء (الليدي غاغا). في هذا الدور، تمّ تنسيق الشعر الطويل لكوبر، مع لحية متوسطة الطول، لمنحه إطلالة رومانسية وغير مبالية في الوقت نفسه.
3-راسل كروو: في فيلم "Gladitor"، أدى دور جنرال روماني شجاع، يتحوّل عبداً في حلبة صراع، بسبب مؤامرة عليه. وقد أطل كروو بلحية رومانية قصيرة، زيّنت الخط الأسفل لذقنه.
4-ليوناردو دي كابريو: بعدما رأيناه حليق الذقن تماماً في فيلمي "ذا غرايت غاتسبي" و"ذا وولف أوف وولستريت"، أطل في فيلم "Django Unchained" باللحية الكثيفة في منطقة الذقن والشاربين، مع خط رفيع، يمتد إلى الاذنين. وكان يؤدي دور رجل شرير، يحتجز زوجة رجل أسود، على أنها عبدة له.
5-مارلون براندو: في الفيلم الشهير "العراب"، لا تزال صورته رجلاً للمافيا، ماثلة في الأذهان، خصوصاً في ذاك المشهد الذي ارتدى فيه بذلة تاكسيدو سوداء، وسلّطت الكاميرا الضوء على وجهه الذي تزيّن بشاربين رفيعين وقصيرين. أسلوب أعاد فيه براندو رسم صورة رجل المافيا في العصر الحديث.
6-كيت هارينغتون: في مسلسل "صراع العروش" لاقى هذا الممثل الذي أدى دور مقاتل يدعى جون سنو، شهرة واسعة، بفضل قدراته التمثيلية وجاذبيته. كما شكّلت اللحية القصيرة جزءاً من إطلالته الآسرة. وسرعان ما تشبه به الملايين من الرجال، وحاولوا الحصول على مظهر مشابه لهذه الشخصية.