رائد الأعمال ماجد بن أشعري..من عامل طوافة إلى رئيس واحد من اهم شركات التقنية
حوارات 21 ديسمبر 2019
• الدخول في أي مجال يجب أن يُبنى على دراسة مستفيضه وعمل محاكاه مع الواقع.
• شركتنا تقدّم حلولاً استشارية في نظم المعلومات الجغرافية والدراسات الاستشارية والحوكمه والتحول الرقمي.
• رؤية المملكة تشجيع ريادة الأعمال والمبتكرين لحلول المشكلات التي يعانيها المجتمع.
• أهم التحديات التي تواجه الهيئة العامة للمشاريع ضعف التمويل في بعض الأحيان وصعوبة الحصول عليه.
• رواد الأعمال يعانون صعوبات تمويلية وخطط التوسع بعد التأسيس.
• رواد الأعمال لا يعوزهم الابتكار، لكنهم يفتقدون للتدريب على إدارة أعمالهم.
بدأ المهندس ماجد بن أحمد أشعري، رحلته في عالم الأعمال من أحد مراكز التسوق الكبرى في الرياض، كان لا يزال فتى في الثالثة عشرة، واجه الكثير من العقبات وتمكن من تخطيها بأدوات أتقنها جيداً، وتتمثل في الصبر والثقة بالله والالتزام، وتحمل المسؤولية، فضلاً عما يمتلكه من مهارات الإدارة والتخطيط.
رغم بدايته الدراسية المتعثرة في كلية الهندسة، وحصوله على إنذار أكاديمي لسوء تحصيله العلمي، فإن شغفة بالتكنولوجيا وتقنية نظم المعلومات الجغرافية انتصر على تعثره الدراسي، فأصبح مهندساً مدنياً وشريكاً ورئيساً ومؤسساً وعضواً في كثير من الشركات المختصة بنظم التصميم والخدمات التقنية والاستثمار والتطوير العقاري، وحلول الرياضة والترفيه. يقدم المشورة والنصح لأصحاب المشاريع الناشئة، بحسب ما يروي في حواره لمجلة "الرجل"، واضعاً خلاصة تجربته أمام الشباب السعودي الطامح لبناء المستقبل.
البدايات والعقبات
متى بدأت في العمل وكيف؟
تخيل أنني بدأت في سن الثالثة عشرة! والدي، رحمه الله، زرع فيّ حب العمل منذ كنت صغيراً، حيث بدأت في العمل في أحد مراكز التسوق الكبيرة، وعرفت معنى الالتزام وتحمل المسؤولية، وكان لديّ شغف العمل، ثم انتقلت للعمل في خدمة حجاج بيت الله الحرام، فبدأت بالعمل في إحدى مؤسسات الطوافة.. تلك المرحلة صقلت الكثير من الأمور الشخصية في داخلي.
هل تركت الدراسة من أجل العمل؟
لا ابداً، كنت أعمل وأدرس، ونقطة التحول بالنسبة لي كانت قرار دخولي لكلية الهندسة، فقد كانت بدايتي متعثرة على مقاعد الدراسة.. أتذكر في أول سنه بالكلية حصلت على إنذار أكاديمي، لسوء التحصيل العلمي، فقررت وقتها التفكير جدياً في طريقة رسم مستقبلي المهني، لما بعد التحصيل العلمي، اكتشفت حينها بأن لديّ قدرة على الادارة والتخطيط، فكنت أحد العناصر المهمة في دراسات وأبحاث معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج؛ من هنا بدأت في رسم طريقي لعالم الأعمال والاستثمار.
وما أبرز الصعوبات التي واجهتها؟ وكيف تغلبت عليها؟
الصعوبات كثيره، في تلك الفترة أصيب والدي رحمة الله عليه، بعارض صحي ألزمه الفراش، فكانت لديّ مسؤوليات كثيرة تتوزع بين الدراسة والعمل ومسؤولية العائلة، علمتني الكثير وصقلت شخصيتي، قوة والدي في تحمل المرض علمتني معنى الصبر والثقة بالله. وكل شيء يحسن تخطيطه يسهل تنفيذه، خاصة أنني من أسره ليس لها علاقة بالتجارة، ثابرت على تحقيق هدفي، وكافحت من أجل الوصول إليه، فكانت جديتي في العمل واستغلال الوقت في التفكير والتخطيط من الدوافع التي أسهمت في تجاوز الصعوبات، ورضا الوالدين كان له أثر في كبير، في وضع الأشخاص المناسبين في طريقي، ولله الحمد والفضل من قبل ومن بعد.
الدعم والتمويل
ومن الداعم الأكبر لماجد أشعري؟
والدي رحمة الله عليه، علمني معنى الإخلاص والصبر والقوة، وحب العمل، ووالدتي، حفظها الله، كانت الداعم الحقيقي بعد الله سبحانه وتعالى، للوصول إلى ما أنا عليه الآن.
هل تتذكر أول رأس مال دخلت به عالم الأعمال؟
كانت لديّ سيارة أحببتها كثيراً، عند قراري البدء في دخولي العمل الخاص قررت بيعها واستخدام عائدها رأس مال، للبدء، بالإضافة للمدخرات المالية التي ساعدتني في الاستقلال المالي.
ومن أين حصلت على التمويل اللازم لمشاريعك؟
بداية كان التمويل من أشخاص مقربين بناء على ثقة متبادلة، كان بمجرد الحصول على أي مشروع نبدأ البحث عن ممولين، حتى بدأت الشركة تتوسع وأصبحت ذات رأس مال يخولها بالحصول على التمويل من القنوات التمويلية المختلفة.
نظم المعلومات الجغرافية
لماذا اخترت الاستثمار في نظم المعلومات الجغرافية ونمذجة معلومات المباني وتقنيات إدارة المرافق؟ وكيف جمعت بين التقنية والاستثمار في مجالي العقار والرياضة؟
الطفرة التي حصلت مطلع الألفية الثانية في التكنولوجيا في العالم، وتقنية نظم المعلومات الجغرافية - أحد التقنيات الحديثة التي تخدم دورة حياة المدن - ولّدت لديّ الحافز والشغف لإتقانها وتعلمها، فكانت فرصة جيدة للاستثمار على المستوي الشخصي والممارسة.
الجمع بين التقنية والاستثمار في العقار والرياضة، عملية إدارة أموال وتنويع مصادر الدخل وتوسع في الأعمال، وأي مجال نقرر الدخول فيه يتم بناء على دراسة مستفيضه في المجال ورسم الخطط وعمل محاكاة مع الواقع، خاصة بعد طرح رؤية 2030، حيث اصبحت الفرص ملموسه بشكل كبير.
كيف تحولت من موظف إلى مالك شركة CG ؟
كنت أعمل بالشركة منذ لحظة تأسيسها، فساهمت كموظف في بداية انطلاق الشركة وعملت بها وتدرجت بها وظيفياً، وفي عام 2012، أسست شركة "تسارع للتقنية" التي استحوذت عليها بعد ذلك شركة (CG) حتى أصبحت أحد الملاك الأساسيين فيها، فكانت رحلتي من موظف إلى أحد الملاك بهذه الشركة التي عملت بها، وهي مثل طفل صغير ترعرع ونشأ وكبر أمامي، ومازال أمامنا الكثير من الطموحات والإنجازات.
كيف حصلت على المركز التعليمي الأول المعتمد لنظم المعلومات الجغرافية في المملكة؟ وما أهم الدورات التدريبية والندوات المهنية التي تقدمها؟
بداية الشركة كانت مركز تقديم دورات متخصصة، وحصلت على كثير من الشراكات العالمية الداعمة لتكون متخصصه في هذا المجال، أما اليوم فالتدريب جزء لا يتجزأ من أعمال الشركة، فالخدمات المقدمة من الشركة متنوعة، أهمها تقديم حلول استشارية متكاملة في نظم المعلومات الجغرافية والدراسات الاستشارية والحوكمه والتحول الرقمي.
إننا نقدم الكثير من الورش المتخصصة مع شركائنا من الجهات الحكومية ونسعى لتوطين التقنية عبر مشاريعنا التي لها دور رئيس وشريك لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، ومن أولوياتنا في العمل تمكين وتأهيل فريق من أبناء هذا الوطن في مناصب قيادية داخل المنظومة.
إضافة إلى CG، أسست شركات تقنية متخصصة في دورة حياة المدن والاستثمار العقاري والترفيه والرياضة، ما أبرز تلك الشركات وأهم خدماتها؟
شركة نظم التصميم للاستثمار والتطوير العقاري مهتمة بقطاع الإسكان وبتطوير المنتجات السكنية المناسبة، لزيادة نسبة التملك، بما يتوافق مع الدعم الحكومي والتكامل مع البرامج المعدة من قبل وزارة الاسكان.
وكذلك الشركة العربية لحلول التقنية (ACTS ) مهتمة بكل ما يخص أعمال البيانات المكانية، وتطوير الأنظمة وحوكمة الأعمال.
شركة اتحاد حلول الترفيه والرياضة (ESAS ) مهتمة بالتعاون مع الغرف التجارية في الاستثمار الرياضي المجتمعي، ونسهم في تحويل الأفكار المجتمعية إلى مشاريع تطرح على مستثمرين وتكون شريك اساسي في تلك المشاريع، وكذلك تنظيم المؤتمرات في المسؤولية الاجتماعية للشركات في القطاع الرياضي والترفيه وجودة الحياة. وعلى المستوى الشخصي أعمل على دعم الشباب الطامحين في بناء مستقبل وظيفي، وتقديم استشارات لأصحاب المشاريع الناشئة.
كيف ترى ريادة الأعمال في المملكة؟ وما تقييمك للتجربة السعودية في المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
تعدّ ريادة الأعمال رافدًا مهمًا لأي نظام اقتصادي؛ لذا أصبح لها تأثير اقتصادي بارز، كما أمست اقتصادًا مستدامًا للدول المتقدمة؛ إذ نرى اليوم أصحاب المشروعات الناشئة، مصدرًا حقيقيًا لدعم اقتصادات دولهم، لاسيما في الدول المتقدمة؛ إذ تسهم مشروعات رواد الأعمال في أمريكا بأكثر من 50% من إجمالي اقتصادها القومي، و 60% في الصين، و70% في هونغ كونغ.
وتميزت تجربة المملكة، بالرغم من حداثتها، بتوفير بيئة ملائمة لنمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بتعدد جهات وصناديق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم المشروعات الخاصة بالمرأة ونموذج للأسر المنتجة، فضلاً عن منح قروض ميسرة دون فوائد، بجانب ترويج إنتاجات ومبتكرات رواد الأعمال الناجحة بإشراكهم في المحافل الدولية لريادة الأعمال، ودعم حصول بعضهم على جوائز تقديرية.
التحديات ومواجهة الفشل
ما العقبات والتحديات التي ترى أنها تحدّ من تطوّر بيئة ريادة الأعمال في السعودية؟
ساهمت هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، في تذليل الكثير من العقبات والصعوبات التي تواجه رواد الأعمال. ومازال لديهم الكثير من البرامج والمبادرات التي تعمل على دراسة الواقع وترجمته إلى تنظيمات وتشريعات، تسهم في تعزيز دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في السوق المحلي والعالمي.
ومن أهم هذه التحديات التي تواجه الهيئة، ضعف التمويل في بعض الأحيان، وصعوبة الحصول عليه، وما زال رواد الأعمال يعانون صعوبات كبيرة في الحصول على التمويل اللازم، لتأسيس مشاريعهم، والتوسع بعد مرحلة التأسيس، مما يضطر تلك الشركات إلى الحد من نشاطاتها والتأخر عن المكانة التي تستطيع الوصول إليها.
لماذا تفشل بعض الشركات والمؤسسات بعد مدة؟
هناك عدة عوامل وعناصر تؤدي بفشل الشركات الصغيرة والمتوسطة، منها ضعف التوجيه حيث إن رواد الأعمال في المملكة لا يعوزهم الابتكار أو الموهبة، إلا أنهم يفتقدون للتدريب الجيد على عدة جوانب من إدارة أعمالهم وإدارة مهاراتهم، ويفتقدون التوجيه المستمر، فيحدث أحيانًا أن تفشل أفكار رائعة في اجتذاب التمويل، بسبب ضعف في عرض الفكرة، أو أن تتوقف شركات ناشئة ذات مستقبل باهر، بسبب انعدام الكفاءة في الإدارة.
وهناك ضعف التخطيط أيضاً، حيث يرتكب معظم رواد الأعمال في المنطقة خطأ شائعًا، وهو أنهم لا يدركون أهمية التخطيط المالي على مدار سنوات مستقبلية، في حين يتوجب على أية شركة ناشئة أن تتمول بما يكفي للعمل مدة 18 إلى 24 شهرًا، وهي المدة التي تحتاج إليها الشركات عادة لجني ربح حقيقي، ويحرصون على توفير الأموال، للبدء، لا للنظر إلى المكانة التي يريدونها لشركاتهم الناشئة بعد عام أو عامين، ومن العوامل، كذلك، نقص المعلومات والمشكلات التسويقية.
تمكين الشباب السعودي
هناك من يعتقد بان هناك معاملة تفضيلية للاجنبي على حساب السعودي .. هل اصطدمت بشيء من هذا القبيل؟
الفرص مفتوحة أمام الشاب السعودي الطموح الذي يهتم باستغلال الفرص المبنية على رؤية واضحة المعالم، حيث إن رؤية المملكة 2030 جاءت لتمكين الشباب السعودي، فنحن كشباب جزء من الرؤية الطموحة، ونموّ الوطن بسواعد أبنائه، سيكون له دور حيوي في نموّ عالمي.
والدولة مهتمة برأس المال البشري، وتوطين المحتوي المحلي، ونقل المعرفة في شتى المجالات والتصنيع والخدمات اللوجستية والخدمات التقنية وغيرها من المجالات، الهدف من هذا الاهتمام، الحد من الاعتماد على الكادر الأجنبي، وفتح الطريق للشباب السعودي.
هل تعتقد أن ريادة الأعمال هي الحل السحري لمشكلة البطالة في المملكة؟
بالطبع ريادة الأعمال جزء أساسي من حل مشكلة البطالة، بحيث تعمل على خلق فرص وظيفية في ظل التشبع الوظيفي الحكومي، وما تنتهجه مملكتنا من تشجيع ريادة الأعمال وتقديم الدعم، سيسهم في خفض البطالة، ويعزز من دور مشاركة القطاع الخاص لبناء مجتمع حيوي وفعال واقتصاد مزدهر.
أين ترى ماجد أشعري مستقبلاً؟
خادم آمين للوطن، أردّ جميل العطاء السخي لهذه البلاد، وكان والدي، رحمة الله عليه، يحثني دائما ويتنبأ بأن يراني خادماً لهذا الوطن، وأعمل على رفعته وازدهاره، وأتمنى من الله عز وجل الإخلاص في العمل، وأن تسهم مجموعة شركاتنا في دعم الاقتصاد الوطني، وتكون شريكاً رئيسياً في تنمية هذا الوطن.
كلمة أخيرة لمجلة الرجل؟
خالص الشكر والامتنان لمجلة "الرجل" على دورها المهم والرائد في إبراز الصورة المشرقة والناجحة للرجل السعودي