عائلة العقيل جرير التجارية: انطلقنا من مكتبة صغيرة بالرياض واليوم بين الأغنى
● أول موظف عمل معنا من خارج العائلة كان يتقاضى 175 ريـالاً شهرياً
● بدأنا العمل في مكتبة جرير ولم نكن نعرف من أين نشتري البضاعة
● كنا نتعرف بالتجربة على أساليب العمل وكيفية تدقيق وإجراء الحسابات
● وضعنا كل ما نملك في المكتبة، اقترضنا المال من صديق وتركنا الوظيفة من أجل نجاح المشروع
● العائلة كانت أول من وقع عقداً لاستثمار محل لمدة 10 سنوات في السعودية
● راهن الجميع على خسارتنا لأن إيجار المكتبة كان كبيراً جداً إلا أننا واجهنا التحدي بالعمل الدؤوب
● لا نزال نعمل معاً يداً بيد، وهذا وقد تجسدت فينا روح الأخوة التي زرعها فينا الوالد منذ الصغر
● كنا أول من استخدم "الباركود" في المملكة وترجم معلومات المقاسات والتركيبات في اللوزام المدرسية والمكتبية
تمكنت أسرة العقيل التجارية التحول من عمل بسيط في نظر البعض إلى شركة كبرى، خلقت لنفسها نطاقاً مختلفاً واسماً متميزاً وعلامة فارقة في مجال كانت فيه المنافسة ضارية، فأصبحت علامة على المجال.
جهود عشرات السنوات انطلقت من مكتبة صغيرة في حي الملز في وسط العاصمة السعودية الرياض، لتثمر شركات مساهمة متعددة النشاطات، تتجاوز قيمتها السوقية ملايين الريالات، ولتغدو أعمال العائلة أيقونة في العمل المكتبي، ولتدخل بفضل هذه النجاحات قوائم الأغنياء، وتحتلّ المرتبة الرابعة عشرة، ضمن لائحة أغنى العائلات العربية لعام 2016، ويعمل فيها نحو 4 آلاف موظف.
من حرمة إلى الملز
بدأت رحلة عائلة العقيل جرير التجارية من (حلة القصمان) على أطراف مدينة الرياض، قريباً من البطحاء، بعد قدومهم إليه من مسقط رأسهم في (حرمة) التي تبعد 200 كم تقريباً شمال غربي الرياض.
وكان حلة القصمان في ذلك الزمان هو الموقع الذي يسكن فيه أغلب من يأتون إلى الرياض من القصيم أو الوشم أو سدير، كان خارج السور، قريباً من وادي البطحاء الذي تحول اليوم إلى أكبر شارع مميز في العاصمة.
سكنت عائلة عقيل في حلة القصمان، قبل أن تنتقل إلى حي الملز، الذي بدأت الدولة توزع فيه أراضي لسكنى الموظفين، مع توزيع قروض الصندوق العقاري للبناء فيه، وقد كان في منتصف الثمانينات حياً مقفراً، فلم يتحمل الآباء البقاء فيه، حتى عادوا إلى (الحلة)، ثم استقروا أخيراً في الملز، ومنها تأسست البداية التجارية للأسرة.
إنشاء المكتبة تجارياً
كان والد العائلة التجارية وكبيرها يعمل مديرا لمدرسة وقد زرع - رحمه الله - في نفوس أولاده الانضباط الثقة، ومن هذا المنطلق سعت العائلة لشراء مكتبة صغيرة اسمها مكتبة جرير، وفقاً لما يروية أحد الابناء رجل الأعمال عبدالله العقيل.
البداية الفعلية للنشاط التجاري لعائلة العقيل جرير ارتبط بالحصول على تلك المكتبة (جرير)، كان ذلك في عام 1974، بمفاوضة الأخ الأكبر الدكتور إبراهيم العقيل، وأجروا عليها بعض التعديلات البسيطة، وزودوها ببضاعة جديدة نقلوها من مكتبتهم القديمة (مكتبة الوعي) التي تشتهر في الصور بأنها أقدم صورة لمكتبة جرير.
وتقع مكتبة جرير التي أصبحت في عهدة عائلة العقيل عائلة جرير التجارية، قريباً من تقاطع شارعين رئيسين وسط حي الملز، أحدهما يحمل اسم (جرير) يقطع الحي من الشرق إلى الغرب، والثاني (الفرزدق) يأتيها من الجنوب إلى الشمال.
تولى الإخوة الأربعة (محمد، عبد الكريم، عبد السلام عبد الله، ناصر) العمل في المكتبة بعد دوام المدرسة، ونفذ ناصر أعمال الديكور بنفسه، فقد كانت ضمن الهوايات التي يجيدها، بينما عمل بقية الإخوة في بيع وشراء مستلزمات المكتبة.
عبدالكريم العقيل
أما الشقيق أكرم (عبدالكريم) فقد بدأ رسمياً من مكتبة الوعي العربي، وهو لم يبلغ العاشرة، كأصغر موظف حينها في الفريق.
على لسان عبد الله عبد الرحمن العقيل
اعتمدت عائلة العقيل جرير التجارية في البدايات على أبناء عائلة العقيل جرير فقط، وكان محمد أحمد مرشد العصار، أول موظف من خارج العائلة، في عام 1977، لقد استعانوا به لعدم قدرة الأبناء على التفرغ الكامل للعمل مع الدراسة والذهاب الى المدارس، كما يروي عبدالله العقيل.
ويقول عبدالله: "كوني المسؤول عن المشتريات والحسابات في (مكتبة جرير) فإن أول ما فعلته، حين صار عمري 19 عاماً أن فصلت حساب المكتبة عن حسابات الوالد لتنظيم الإدارة المالية".
ويتابع عبدالله موضحاً أن "المسؤول عن المعرض بيعاً وتنظيماً ومحاسبة كان أكرم، وكنا نتعرف بالتجربة إلى أساليب العمل وكيفية إجراء الحسابات، حتى أتينا بمحمد العصار ووظفناه بـ175 ريالاً، وتطورت الأمور حتى أصبحت أعرف من أين أشتري البضاعة".
أما أول موظف من داخل عائلة العقيل جرير ، فقد كان بلا منازع الشقيق الأكبر إبراهيم الذي بدأ العمل فيها 1974، وظل يعمل فيها حتى سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية (كان معيداً في الجامعة وسافر لتحضير الدراسات العليا)، فمسك الدفاتر أكرم العقيل الذي التفت إلى المكتبة بشكل أكبر وعمل على توسعتها، واقترض مبلغاً من المال من صديق له بصفة شخصية ليوسع العمل.
أما الشقيق محمد، فقد اضطر إلى ترك عمله في وزارة التجارة، ليتفرغ للمكتبة مع وضع كل ما يملكه فيها مع ناصر الذي عاد من أمريكا بشهادته إلى العمل التجاري العائلي.
طلب صاحب مكتبة جرير
مع انطلاقة العمل وانتظام دورته التجارية، طلب صاحب مبنى مكتبة جرير من عائلة العقيل جرير إخلاء المبنى، مع أنهم بدأوا في تلك المرحلة المبكرة في إنشاء شركة جرير للتسويق، ومكتبة جرير، ومكتب جرير للأثاث، ولم يرض صاحب المكتب بتجديد العقد، حتى مع زيادة المبلغ الذي عرضته عليه العائلة، فاضطروا إلى إخلاء المبنى واستئجار مبنى آخر، وكان الجميع يتوقعون لهم الخسارة والفشل، بسبب غلاء إيجار المبنى الجديد بكلفة 500 ألف ريـال سنوياً.
يقول رجل الأعمال عبدالله العقيل "الجميع راهنوا على خسارتنا، لأن الإيجار كان كبيراً جدا،ً إلا أننا واجهنا التحدي، بالعمل الدؤوب" وفي المحل الجديد تعلموا من الدرس الأول، فوقعوا العقد لمدة 10 سنوات، وكان أول عقد يوقع بمثل هذه الصيغة في السعودية عام 1980،
ووقعه عن عائلة العقيل جرير محمد العقيل الذي استمر في الالتزام بهذا العقد الذي أصبح بعد ذلك آلية متبعة في كل الشركات والقطاعات.
أصل شركة روكو
مع تطور السجلات التجارية لمكتبة جرير، قدحت فكرة إنشاء علامات تجارية خاصة باسم "روكو" عام 1980، وسماها عبدالله العقيل بهذا الاسم، لسهولة نطقه وكتابته، وبدأوا يستوردون البضائع تحت هذا الاسم، وأصبحت هذه العلامة التجارية تنافس "جرير" الأم، والجمهور ينقسم بين المكتبة الأساسية والعلامة الجديدة، وإن أراد أن يبحث عن منتج ثالث، اتجه إلى (رويال فالكون)، الذي كانت العلامة الثانية التي سجلتها جرير، ولكن ما أن يثبت المنتج نفسه وتظهر جودته، حتى يتحول إلى علامة روكو.
ومما يحسب لجرير في مرحلة متقدمة من عمرها، قيامها بترجمة المعلومات واستخدم "الباركود" في المملكة في الثمانينات، وترجمة المعلومات عن المقاسات والتركيبات إلى اللغة العربية في اللوزام المدرسية والمكتبية في المملكة، تفادياً للغش التجاري من المواد المترجمة.
الوالد يزرع "روح الأخوة"
يقول عبدالله العقيل: في كل ما أنجزناه نحن الإخوة من تطور في عملنا التجاري، كنا ولا نزال نعمل معاً يداً بيد، وهذا من فضل ربي علينا، وقد تجسدت فينا روح الأخوة التي زرعها فينا الوالد منذ الصغر.
ويضيف عبدالله عن والده، أنه كان يتصف بـ"الحرص على أن نكون متجمعين ومتعلمين ونحمل شهادات جامعية، وكان مشرفاً علينا وموجهاً لنا، ويعمل كل ما في وسعه لنرتقي بمستوانا العملي فنعرف علوم التجارة قبل أن نمارسها.
الجيل الثاني والتحول لمساهمة
يكشف عبد الله العقيل، أنهم وبعد افتتاح عائلة العقيل جرير لعدة شركات وزّعوا العمل، بحيث يكون كل واحد من الإخوة مسؤولاً عن شركة. ويضيف "بدأ العمل يتطور رغم أن بدايتنا صادفت الركود الاقتصادي الذي مرت به المملكة، مشيراً إلى أن أول مشروع قاموا به كان بكلفة 21 مليون ريـال، وأذكر أننا قد ربحنا ولله الحمد، ومنه عرفنا العمل وهذا في الواقع جزء من انطلاقة مكتبة جرير".
جرير التي ابتدأت في أحياء الرياض، أصبحت اليوم شركة كبرى، يشار إليها بالبنان، وتحول العمل من الجيل الأول إلى الجيل الثاني من الأسرة مع أعضاء الفريق الآخر من خارج الأسرة، وتحولت إلى شركة مساهمة سعودية ومن ثم إدراجها في السوق المالية السعودية العام 2003.
انتشار وتوسع عربي وعالمي
بلغ رأس المال المدفوع للشركة 900 مليون ريـال سعودي. وتعمل شركة جرير للتسويق بقطاعيها التشغيليين التجزئة والجملة داخل المملكة العربية السعودية، فضلاً عن دخولها أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعمل مكتبة جرير قسم التجزئة عبر 28 معرضاً منتشرة في 12 مدينة سعودية، إلى جانب معارض أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي، مثل فرعين في قطر، وفرع في الكويت وفرع في أبوظبي، بينما يعمل قسم الجملة عبر 4 معارض و6 مكاتب للبيع المباشر.
ولديها شركات استثمارية في كل دول الخليج، وجمهورية مصر العربية، وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وركزت في مجالات جديدة مثل الإستثمار العقاري.
وكانت الشركة أفصحت بنهاية العام الماضي، عن عدد المستثمرين وفقاً لحجم ملكيتهم في الشركة، حيث يمتلك 14 مستثمراً أكثر من 61% من رأس مال الشركة البالغ 90 مليون سهم.
تطور مجالات العمل
تعمل جرير على أن تكون أكبر دار نشر عربية في مجالات متخصصة، وتعدّ رائدة في ترجمة الكتب الإدارية التي رفدت السوق العربي بالمئات من هذه الكتب التي أصبحت علامة بارزة في واجهة جرير، فضلاً عن ساحة الكتب، حيث تمكنت جل القراء في المناطق التي افتتح فيها فروعاً.
وتعد شركة جرير للتسويق إحدى كبرى الشركات المساهمة المدرجة الرائدة في المملكة العربية السعودية، وتتمثل أغراض الشركة في تجارة الجملة والتجزئة في الأدوات المكتبية والمدرسية، وألعاب الأطفال، والوسائل التعليمية والمطبوعات، والكتب العربية والإنجليزية.
وتجارة أدوات الرسم والأدوات اليدوية ولوازم أجهزة الحاسب الآلي وتطبيقاتها، وتجارة أجهزة الهواتف النقالة ومستلزماتها، والأجهزة السمعية والبصرية، وأجهزة التصوير، وصيانة أجهزة الحاسب الآلي والادوات الإلكترونية.
وتعمل الشركة عبر قطاعين تشغيليين، هما التجزئة والجملة، وجميع معارض الشركة تحمل الاسم التجاري "مكتبة جرير"، ويقع المركز الرئيس للشركة في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.