كيف تجعلك قلة ثقتك بقدراتك شخصا ناجحا؟
لا يوجد أحد منّا لا يتعرض لموقف يدفعه إلى التكشيك في نفسه وقدراته، ما يجعله يفقد الثقة في نفسه وفي الهدف من وجوده في الحياة. وبالنسبة للأشخاص المترددين فإن الشك في النفس يعد عبئاً ثقيلاً. يبدأ الأمر عندما نبدأ في التشكيك بقدراتنا وإسهاماتنا، ما يتسبب في شعورنا بألم شديد، وإصابتنا بالكثير من المشاكل الصحية والتي تتنوع ما بين نوبات الهلع، أو الشلل وصولاً إلى عيش الكثير من المواقف المُحرجة. إلا أن الأضرار على المدى الطويل تكون أكثر سوءًا، خاصة وأن الشك في النفس يعوقنا عن تحقيق أهدافنا واستخدام كامل مهاراتنا ومواهبنا في الوصول إلى ما نحلم به.
الخبر السار هنا هو أن الشك في النفس قد يساعدك على تحقيق النجاح والازدهار، لكن عند إدارته بشكل صحيح، بإمكانه مساعدتك على الشعور بالرضا حيال نفسك، وتحسين أدائك، لاسيما وأنه يدفعنا إلى التشكيك في النتائج، وتجربة استراتيجيات جديدة، والتوصل إلى طرق جديدة لحل المشكلات، وجعلنا أكثر مرونة.
علاوة على كل ذلك، فإن الشك في النفس لا يساعدنا فقط على تحسين أدائنا، ولكنه يجعلنا شخصيات أكثر حكمة، ويحولنا إلى قادة وآباء وأصدقاء أفضل؛ لأننا نغدو أكثر تصالحاً مع أنفسنا، ونمعن النظر في المشاكل التي يتعرض لها الآخرون، ونضع أنفسنا في مكانهم.
أثناء التحدث عن الشك في النفس، فإن النصيحة الأكثر شيوعاً التي نستمع إليها تكون في أننا في حاجة إلى المزيد من الثقة بالنفس، والمزيد من التأكيد بأننا قادرين على القيام بأي شيء.
كيف تصبح أكثر ثقة بنفسك؟
لكن مشكلة الثقة تتمثل في أننا ربما نكون غير قادرين على اكتسابها وتعزيزها بداخلنا. في أحيان كثيرة، نحاول تعزيز ثقتنا بأنفسنا من خلال طرق رخيصة، فنعمل على تقويض الآخرين، والانتقاص مما يقومون به، أو مقارنة ما قمنا به وقدمنا بما قاموا به وقدموه، وغالباً ما تقودنا هذه الأمور إلى أن نغدو شخصيات شديدة الأنانية أو أن نُصاب باكتئاب شديد.
الشك في الذات أمر طبيعي، من الخطأ اعتقاد أنك الإنسان الوحيد الذي تواجه هذه المشكلة. أشهر الموسيقيين والجراحين البارعين وحتى الأشخاص الأذكى والأكثر إبداعاً ليسوا في مأمن من هذا الإحساس المُزعج والقاسي. وكانت المؤلفة الراحلة مايا أنجلو قد اعترفت منذ مرة أنها كتبت 11 كتابًا، وفي كل مرة كانت تقول لنفسها إن الناس سيكتشفون أنها لا تجيد الكتابة.
ومن أجل الازدهار والتألق، علينا أن نتعلم كيف نتعامل مع الشك في الذات، وألا نخاف من هذه المشاعر، بل يجب نقبله كفرصة طبيعية للنمو والتحسين من أنفسنا.
ما تأثير الثقة بالنفس علينا؟
على مدار العقود الماضية، أثبتت دراسات متعددة أن الثقة بالنفس لها تأثير إيجابي على رواتبنا، وعلى الرضا الوظيفي، وعلى نجاحنا بصفة عامة. لماذا إذا هو أمر شيء مهم لهذه الدرجة؟ يمكننا جميعاً تحديد الأهداف التي نريد تحقيقها أو العادات التي نود تغييرها، إلا أن أغلبنا يُدرك أن التخلص من الخصال السيئة في شخصياتنا ليس بالأمر السهل أو الهين، ولكن المشكلة التي يقع فيها أغلبنا تتمثل في أننا نريد أن نحصل على النتائج سريعاً.
وحسب الدراسات، فإن هناك مصدرين أساسيين لتعزيز ثقتنا بأنفسنا والتخلص من الشعور بالشك الشديد، الأول يتمثل في القيام بالأنشطة والأمور التي تؤكد لنا أننا قادرون على تحقيق النجاح، مثل الخضوع لأحد الاختبارات أو ممارسة رياضة مُعينة، أما الشيء الثاني، فيتمثل في التعرض لتجارب الأشخاص الآخرين، وهو ما يحدث عندما نرى أشخاص مشابهين لنا يحققون نجاحاً، ما يزيد من إيماننا بأنفسنا وبمهاراتنا وقدراتنا.
لا تنسَ الحديث الإيجابي
يمكننا تعزيز ثقتنا بأنفسنا من خلال شيء نقوم به بالفعل وهو التحدث. نحن لا نتوقف عن التحدث عن أنفسنا وعن المواقف الجيدة والسيئة التي نتعرض لها. يُطلق علماء النفس والباحثون على هذا حديثنا مع أنفسنا بهدف تعزيز ثقتنا بها "الحديث الذاتي"، وهو الطريقة التي تساعدنا على رؤية الأشياء بموضوعية أكبر، ويمكن أن تكون الموضوعية مفيدة في الكثير من الأحيان للتغلب على الرسائل السلبية التي نبعث بها إلى أدمغتنا، وتلك التي نتلقاها من العائلة والأصدقاء والمجتمع.
الحديث الإيجابي عن النفس وعلاقته بالكفاءة الذاتية كان موضع دراسات مُكثفة أجريت على مدار السنوات الماضية، وأظهرت أن الحديث الذاتي المُحفز يجعلنا أكثر فعالية ومهارة، كما أنه يُحسن من أدائنا.