التوازن بين العمل والحياة خرافة.. إليك ما يجب فعله
إذا كنت تفكر في ذلك، فإن التوازن ما بين العمل والحياة هو طموح غريب لحياة رغدة. إن التوازن يدور حول الركود: إذا كانت حياتنا متوازنة فهذا يعني (إذا توازنت!) -الآباء سعداء، الأطفال تمت رعايتهم، العمل منتهٍ على أكمل وجه- فإن فكرتنا المهيمنة ستكون بأن تصرخ "لا أحد يتحرك"، وأن تصلي للجميع ليبقوا مثاليين للأبد. وهذا الأمل الخاطئ يزداد سوءاً بسبب الفئات نفسها. فبهذا التقسيم يعني أن العمل سيئ، وأن الحياة جيدة، نحن نفقد أنفسنا في العمل، ولكن نجد أنفسنا في الحياة، نحن نبقى في العمل، ولكن نعيش الحياة. ولذلك فإن التحدي، حسب ما قيل لنا، هو تحقيق التوازن بين ثقل العمل وخفة الحياة.
ومع هذا فالعمل ليس عكس الحياة. فإنه بدلاً من ذلك يعد جزءاً من الحياة، تماماً كما تعد العائلة، وكذلك الأصدقاء والمجتمع والهوايات. كل هذه الجوانب من الحياة لها نصيبها من اللحظات الرائعة، والتي ترقى بحياتنا، كما أن الحياة لها حصتها أيضاً من اللحظات التي تجرنا للأسفل. وهذا الشيء نفسه ينطبق على العمل، وأيضاً عندما نفكر في الأمر على أنه حاجة سيئة متأصلة في الثقل، فإننا نغفل إمكانية حدوث أي تحسن.
وهذا يبدو أكثر فائدة، ومن ثم، لا تحاول موازنة الشيء غير القابل للموازنة، ولكن قم بمعاملة العمل بنفس الطريقة التي تمارس بها الحياة: من خلال تعظيم ما تحب. إليك هنا ما نعنيه بذلك.
فكر في السبب الذي يجعل شخصين بالضبط يقومان بنفس العمل يبدو أنهما يكتسبان القوة والفرح من لحظات مختلفة تماماً. عندما قمنا بمقابلة العديد من أطباء التخدير، فقد وجدنا أنه على الرغم من أن المسمى الوظيفي الخاص بهم ودورهم المهني متطابقان، فإن الإثارة والقشعريرة التي يشعرون بها في عملهم ليست كذلك. وهنالك طرف من الأطراف قال إنه أحب التشويق المتمثل في احتجاز كل مريض يحوم في نقطة محددة بين الحياة والموت، في حين هو يرتجف من "الضغط" المتمثل في مساعدة كل مريض على الحصول على صحة جيدة بمجرد اكتمال العملية. وهنالك أخرى قالت إنها كانت تحب المحادثات الجانبية قبل العملية، والحساسية الهادئة المطلوبة لإعادة المريض المخدر بلطف إلى الوعي دون الذعر الذي يصيب الكثير من المرضى. وهنالك أخرى أيضاً قد انجرّت في الغالب في تعقيدات عملية آلية التخدير نفسها، وقد كرست نفسها لتقوم بتعريف كل دواء وما يفعله بدقة. وكل واحد فينا، لسبب غير وجيه غير سبب صراع الكروموسومات لدينا، يستمد القوة من مختلف الأنشطة والمواقف واللحظات والتفاعلات.
فكّر في نشاطات حياتك المختلفة على أنها خيوط. بعضها أسود، وبعضها رمادي والبعض الآخر أبيض. ولكن بعض هذه الأنشطة يبدو أنها مصنوعة من مواد مختلفة. وهذه الأنشطة تحتوي على جميع مؤشرات الحب: قبل القيام بهم، فأنت تجد نفسك تتطلع إليهم، وأثناء قيامك بهم، فإن الوقت يتسارع وتجد نفسك في حالة تدفق، وبعد الانتهاء من القيام بهم، فأنت تشعر بالنشاط. فهذه هي خيوطك الحمراء، وإن البحث الذي أجرته عيادة مايو يشير إلى أن الأطباء الذين ينسجون بنية حياتهم باستخدام خيوط حمراء بنسبة عشرين بالمائة على الأقل هم أقل عرضة للتعرض للإرهاق.
إن أبسط طريقة لك يمكنك القيام بها هي القيام بقضاء أسبوع في حب عملك. وهذا يبدو غريباً، لكن كل ما تعنيه حقاً هو القيام باختيار أسبوع منتظم في العمل، وتأخذ لوحاً دائماً معك طوال الأسبوع بأكمله. وفي أسفل منتصف هذا اللوح، قم برسم خط عمودي لإنشاء عمودين، وقم بكتابة "أحببته" في أعلى أحد الأعمدة وعبارة "كرهته" في الجزء العلوي من العمود الآخر. وخلال الأسبوع، وفي أي وقت تجد نفسك فيه تشعر بأحد من علامات الحب التي تندرج بالضبط فيما كنت تفعله في عمود "أحببته". وفي أي وقت تجد نفسك تشعر بالعكس -قبل القيام بفعل شيء ما، فإنك تماطل، أثناء قيامك بفعل ذلك، والوقت يمر، وعندما تنتهي من القيام بفعل ذلك، فأنت تأمل ألا تضطر إلى القيام بفعل ذلك مرة أخرى- فقم بخربشة ما كنت تفعله بالضبط في عمود "كرهته".
ومن الواضح، أنه سيكون هنالك الكثير من الأنشطة في أسبوعك التي لا تتضمن أياً من اللوائح، ولكن إذا قضيت أسبوعاً في حب عملك، فبحلول نهاية الأسبوع سترى قائمة بالأنشطة في عمود "أحببته"، والتي تكون بشعور مختلف عنك وعن بقية عملك. فسيكون لهذه الأنشطة تكافؤ عاطفي مختلف، مما بخلق فيك شعوراً متميزاً وإيجابياً بشكل واضح، واحد الذي يجذبك ويرفعك.
وإن بحثنا يكشف عن (عينة عشوائية طبقية من السكان العاملين في 19 دولة) بأن 73 بالمائة منا يدّعي أنه لدينا الحرية في تعديل عملنا ليناسب قوتنا بشكل أفضل، ولكن فقط حوالي 18 بالمائة منا يفعلون ذلك. والتحدي الخاص بك، إذن، هو استخدام خيوطك الحمراء لتغير بذكاء، مع مرور الوقت، محتوى وظيفتك، بحيث تصبح تحتوي على المزيد من الأشياء التي تحب القيام بها، وأقل من الأشياء التي تتألم منها للهروب.
إن الفئات الأكثر فائدة لنا هي ليست "العمل" و"الحياة". ونحن لا ينبغي علينا أن نكافح لتحقيق التوازن فيما بين الاثنين. فبدلا من ذلك، فإن الفئات الأفضل هي "الحب" و"الكراهية". وإن هدفنا ينبغي أن يكون، شيئاً فشيئاً، أسبوعاً تلو أسبوع، هو عدم موازنة جميع الجوانب عمداً من عملنا تجاه السابق وبعيداً عن الأخير. ليس فقط لجعلنا ببساطة نشعر بتحسن، ولكن حتى يتمكن زملاؤنا، وأصدقاؤنا وعائلتنا جميعاً من الاستفادة منا عندما نكون في أفضل حالاتنا.
ونحن لا يمكننا دائماً القيام بما نحبه دائماً فقط. ولكن يمكننا دائماً أن نجد الحب فيما نقوم بفعله.