لا تخلط بين العدالة والانتقام.. هذه الاختلافات الرئيسية بينهما
يقولون "لا تسعَ إلى الانتقام وتعتبره محاولة لتحقيق العدالة". هناك التباس بين مفهومي العدالة والانتقام، وهو ليس غريباً بالنظر إلى تشابك الأمرين على مدار التاريخ، ولكن في حقيقة الأمر فإن هاتين الكلمتين يوجد بينهما فرق كبير. والكل متفق أن الانتقام أمر مؤذٍ لا يضر أحداً أكثر من صاحبه، على عكس العدالة التي تساعد على جعل العالم مكاناً أكثر جمالاً.
الفرق بين الانتقام والعدالة
ببساطة شديدة فإن الانتقام ما هو إلا رغبة شديدة في إلحاق الضرر وإيذاء الآخرين وإهانتهم بشكل مُتعمد. وهو من الغرائز الطبيعية المترسخة بنا، ويكون الغرض منه في أحيان كثيرة هو حماية نفسك من تكرار بعض الأعمال العدائية والتهديدات في المستقبل، لكن في بعض الأحيان يتصرف الناس بشكل انتقامي لأنهم لا يستطيعون القيام بأي شيء آخر بخلاف إلحاق الأذى بالآخرين.
في المقابل، فإن العدالة شيء نزيه يرتبط دائماً بالسلام النفسي، سوف تشعر بالأمان عندما تعلم أن الجميع، لاسيما النظام وكل من يحيط بك، يتفقون معك على أن الشخص/ الأشخاص المحيطين الذين ألحقوا بك الأذى يستحقون الحساب والعقاب على ما فعلوه. ولكن الانتقام دائماً ما يكون أحادي الجانب، ويتمحور حول ما تشعره به وما تريده، ولا تهتم أبداً بأي رأي آخر، فتصبح أنت المدعي العام وهيئة المحلفين والقاضي والجلاد.
تحقيق الصالح العام
الانتقام ناتج عن الكثير من العواطف وغالباً ما يكون أصحابُه أشخاصاً أنانيين، ولكن العدالة عقلانية تماماً. في كثير من الأحيان يكون الانتقام نابعا عن المشاعر السلبية التي تملأ الإنسان بسبب مروره بمواقف صعبة وتجارب أليمة، تهزه وتؤثر عليه سلباً، وقد يدفع الانتقام أصحابه إلى القيام بتصرفات منكرة، وإلحاق الأذى والضرر بالآخرين. في المقابل، فإن العدالة أمر منطقي وقانوني وأخلاقي، ترتبط بمعايير الإنصاف والمساواة الثقافية أو المجتمعية.
كما أن الانتقام بطبيعته أمر شخصي، ولكن العدالة غير شخصية كما أنها مُحايدة، كما أنها ظاهرة اجتماعية وقانونية. غالباً ما يكون الدافع وراء الانتقام هو القصاص والثأر بسبب الشعور بالألم الشديد والظلم، أو من أجل تحقيق إنجاز شخصي.
ارادت الانتقام منه لزواجه الثاني...فادعت انه ينتمي الى "داعش"
الانتقام حلقة مُفرغةولكن من ناحية أخرى، فإن العدالة الاجتماعية أمر غير شخصي، إنه يدور حول التصحيح الأخلاقي في المواقف التي يحدث فيها انتهاك للمبادئ الأخلاقية. تحقيق العدالة يساعد على جعل العالم مكاناً أفضل، كما أنها تصب في مصلحة الجميع، وليس طرفا واحدا أو عدة أطراف دون غيرهم.
تقوم العدالة على الافتراضات والاتفاقيات، وكافة الأمور الأخرى التي لها علاقة بالنزاهة والإنصاف والفضيلة. والغرض منها لا يكون الانتقام أو القصاص أبداً. لهذا السبب فإن التعطش لإراقة الدماء ليس له أي مكان في مبادئ العدالة.
الانتقام ما هو إلا حلقة مُفرغة لا تقود إلى أي شيء، ولكن بمجرد تحقيق العدالة فإنك سوف تشعر بالراحة والسلام النفسي ما يجعلك تُغلق هذه القضية تماماً. تذكر أن الانتقام عادة ما يولد المزيد من الانتقام، فهو لعبة بلا نهاية، لا يشعر فيها أي من الطرفين بالرضا.
ولكن على النقيض فإن الأشخاص الذين يسعون إلى تطبيق العدالة يلتزمون بقواعد الأخلاق والقانون. عادة ما تكون العدالة من صنع البشر أو المسؤولين، أي إن قواعد وقوانين العدالة غالباً ما تكون مرتبطة بجهة أو عدة جهات ليس لهم أي علاقة بأطراف النزاع.
الانتقام يؤذي صاحبه
في كل الأحوال، عليك التأكد من أن الانتقام لا يؤذي أحدا أكثر من صاحبه، لذلك عليك التخلص من رغبتك الشديدة في إلحاق الأذى بالآخرين، ويوجد العديد من الطرق التي تساعدك على ذلك، والتي من بينها التعبير عن مشاعرك وكتابة ما تشعر به في دفتر مذكرات، أو التحدث مع أشخاص مُقربين منك تثق بهم، أو ممارسة التأمل واليوجا، أو الرقص وسماع الموسيقى التي تفضلها، أو ممارسة تمارين رياضية.
وقبل أن تقوم بأي تصرف متهور أو فعل أهوج عليك أن تتأكد من أنك مُلم بكل التفاصيل ولديك كل الحقائق التي تدين الشخص الذي تريد الانتقام منه، وحاول أن تتبع حلول سلمية مثل إجراء محادثات وفتح نقاش مع الأشخاص الذين ألحقوا بك الضرر، قبل أن تقوم بأي فعل عنيف.